تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    وزير الصناعة الإيطالي: نرحب بتقديم خبراتنا لمصر في تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة    أسعار الذهب في ختام تعاملات الخميس 25 أبريل    غدًا.. قطع المياه عن نجع حمادي لمدة 12 ساعة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    بعد خسارة الرجال والسيدات بكأس الكؤوس.. يوم حزين لكرة اليد الأهلاوية    محافظ الإسكندرية يستقبل الملك أحمد فؤاد الثاني في ستاد الإسكندرية الرياضي الدولي    حملات مكثقة في أحياء الزيتون وحدائق القبة لإزالة الأشغالات    تكريم المخرجة هالة جلال بمهرجان الإسكندرية الدولي للفيلم القصير    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    عضو «مجلس الأهلي» ينتقد التوقيت الصيفي: «فين المنطق؟»    4 أبراج فلكية يحب مواليدها فصل الصيف.. «بينتظرونه بفارغ الصبر»    محمد الباز: يجب وضع ضوابط محددة لتغطية جنازات وأفراح المشاهير    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: هذا ما ينقص الزمالك والأهلي في بطولات أفريقيا    التنمية المحلية تزف بشرى سارة لأصحاب طلبات التصالح على مخالفات البناء    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    لماذا حذرت المديريات التعليمية والمدارس من حيازة المحمول أثناء الامتحانات؟    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    جوائزها 100ألف جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة بحثية علمية بالتعاون مع قضايا الدولة    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    أنشيلوتي يعلن موعد عودة كورتوا من الإصابة    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    هشام نصر يجتمع مع فريق اليد بالزمالك قبل صدام نصف نهائي كأس الكؤوس    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    النيابة العامة في الجيزة تحقق في اندلاع حريق داخل مصنع المسابك بالوراق    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب 42 مليون جنيه خلال 24 ساعة    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة النساء ضد التيارات الدينية المتطرفة
إنهم يرمون الم رأة بهذه الاتهامات :
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 12 - 2011

هذا الملف من أكثر الملفات التنويرية حساسية، لأنه يمس نصف المجتمع ، إن لم يكن كله، بتعامله مع مكونات شخصية المرأة المصرية بثوابتها ومتغيراتها، بعيدا عن شخصنة الأمور، من هنا تأتي خطورة التصريحات والآراء والمؤتمرات والمنتديات التي يطلقها الكثير من المنتمين للإسلام السياسي المتشدد في العديد من الجماعات الدينية، خاصة التيارات السلفية، ضد المرأة وأقلها ارتداء البنطلون حتي في البيت، وجلوس المرأة علي الكرسي حرام! وهي الفتوي الأحدث التي انتشرت علي الانترنت وأثارت الاستياء العام، وهم ينكرون عليها الإشتغال بالعلوم الدينية، ويعلنون أن »العلم للرجال فقط، لأن الجهل فاشي في النساء« كما يقول د.أحمد الطيب أحد القيادات السلفية.. ويقولون إن »الذي يراد أن يحدث في مصر هو إعادة تركيب المجتمع علي الأجندة الغربية في العقيدة والأخلاق والفكر والسلوك، وأن تعدد المرأة الأزواج بدلا من أن يعدد الرجل الزوجات وأن نقبل البغاء ونرفض الزواج، وأن يذهب حجاب المرأة ليعم السفور والعري«!. كما جاء في كتاب »حقيقة ما يحدث في مصر« الذي وضعه د.محمد سعيد رسلان أحد السلفيين هذا إلي جانب اتهامات شتي.
في مواجهة هذه الهجمة ثارت شرائح كثيرة ومتنوعة من النساء:عالمة الدين والأستاذة الجامعية والفقيهة والباحثة والكاتبة والناقدة والمبدعة والفنانة، وتجلت ردود أفعالهن في الغضب الموضوعي المتمثل في التأكيد علي أن عصر الحريم انتهي، وأن هؤلاء المتشددين يريدون النساء جواري لهم وسبايا، وأنهم جاءوا بأفكارهم الوافدة لإفساد الثقافة المصرية الوسطية، ولم يقدموا للوطن ما يفيده ، ويطالبنهم بالبحث في حلول المشاكل الحقيقية الكبري التي يعاني منها المجتمع بعيدا عن المسائل الشخصية في اللحي والجلباب والنقاب.
و(أخبار اليوم) إذ تفتح ملفات التنوير في ضياء استراتيجيتها الصحفية المستنيرة والمنيرة، إنما تقف علي مسافة واحدة ومتساوية من جميع الأطراف، وتتخذ زاوية الرصد عبر مراياها الطبيعية حتي تعكس المشهد بحيادية وأمانة، وطرح الرأي والرأي الآخر، بعيدا عن الإثارة، إلا إثارة الوعي بثقافة الأسئلة والسؤال نصف الجواب
لعبة السلفيين والجواري
مجموعة من النساء المنقبات يهرولن في الشارع في محيط إحدي الدوائر ويهتفن تحت اللافتات الداعية الي انتخاب ممثلي التيارات الدينية خاصة السلفية مرددات: »لا تنتخبوا المرأة، لا تنتخبوا الناقصة العقل والدين«!!
ما أن بدأت الحرف الأول من سؤالي حول دلالة هذا المشهد، فإذا بالدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر تستبق وتقول:»خلصوا علي المرأة.. أنجبتهم فأكلوها!«.
ثلاثة أمور تسترجعها د.آمنة من ذاكرة التاريخ، الأمر الأول: أن المرأة في ظل العدل الإلهي كانت مبايعة عندما تمت مبايعة سيدنا محمد رسول الله تحت ستار الظلام، اثنتان بين اثنين وعشرين رجلا في الفترة التي كان المسلمون الأوائل محاطين بجبروت الكفار والمشركين. والأمر الثاني : أن المرأة شاركت في الغزوات جندية ضربت أروع الأمثل في البسالة والفداء وتحمل الصعاب الحربية، وأذكر هنا بموقف نسيبة بنت كعب وزوجها وأولادهما الأربعة عندما تواري أحد المقاتلين ورآه رسول الله فقال له: أعط ما في يدك من رمح وقوس لأم عمارة!وهناك أم هانئ أخت الإمام علي رضي الله عنه، أجارت أحد المشركين ومنحته حق اللجوء السياسي، فغضب الإمام علي فذهبت الي سيدنا رسول الله شاكية، فقال لها: أجرنا من أجرت يا أم هانئ، أما الأمر الثالث: نجد فيه المرأة »شيخة« لكبار علماء الأمة، مثل السيدة نفيسة كانت شيخة للإمام أحمد بن حنبل، وابن قدامة صاحب موسوعة المغني يذكر» تلقيت العلم علي عدة شيخات« وابن الجوزي شيخ الحنابلة يقول »بموت شيختي شهدة بنت أحمد البغدادي نقص علم العراق في رواية الحديث والخط الجميل، والإمام الذهبي موسوعة الإسلام في عصره يذكر إنه لم يعرف عن امرأة كذبت في رواية الحديث في الوقت الذي ساق أكثر من مائة رجل كاذب، لقد أوردت في كتابي »المرأة المسلمة بين عدل التشريع ودوافع التطبيق« أكثر من خمسين شيخة في جميع العلوم من الحديث والتفسير والفقه علي كل المذاهب.
أفسدتم ثقافتنا الوسطية
وفي دهشة مقرونة بالألم تقول د. آمنة نصير:حين ينكر هؤلاء السلفيون مكانة المرأة المعاصرة كباحثة وعالمة أقول:ماذا نفعل نحن النساء العالمات بهذه الأستاذية بعد أكثر من ربع قرن في البحث والتحصيل والإشراف علي رسائل الدكتوراه والماجستير، نحن في مرحلة لا بد أن ننتبه الي هؤلاء القوم ممن لقبوا أنفسهم بالسلفية، وقد قلت لهم: أنتم استلبتم مصطلح السلفية ولم تعطوا حق المصطلح علي السلف الصالح، أتيتم بثقافة دول الجوار التي مازالت تخفي المرأة، وتقمع الحياة الطبيعية للمرأة، وأدمنوا الازدواجية في ديارهم وخارجها، وجاءؤا إلينا فأفسدوا فسحة الحضارة الجميلة، والثقافة الوسطية المتوازنة، فالطبيعة المصرية لا تعرف التشدد، جاءوا فأطلقوا ألسنتهم التي لا تعرف حرمة العلم، ولا أمانة الكلمة، عبارات خالية من أية لياقة، ولا أي فكر إسلامي صحيح، ولم يقدموا للوطن ما يفيده في أي مجال، بل وزعوا عبارات مثل الجواري والسبايا، وأعلنوا إنكار قيمة المرأة العالمة والمتعلمة والطبيبة والمهندسة والأستاذة والمستشارة من اللواتي ملأن الكوكب الأرضي في مصر وأوروبا وأمريكا.. للأسف أوسعتم دائرة الحرام حتي اختنقنا وكأننا عدنا الي عصر الجاهلية الأولي، جعلتمونا سبايا، وحرمتم علينا العلم، ونظرتم الينا علي أننا وعاء تأخذو ن منه ما تشاءون علي قدر ثقافتكم وما تعرفونه من هذا الأمر، ثم بعد ذلك كبلتم المرأة بهذا الغطاء من رأسها إلي إخمص قدميها، وأعدتم المرأة إلي ثقافة العهد القديم التي وفدت إلينا من التوراة، سفر التكوين وإصحاح (38.24) وشريعة اليهود هي التي تحتوي علي هذا المطلب لشكل المرأة اليهودية، ونجد في كل تفسيرات اليهود سواء التلمود، أو الجمارة، الاهتمام بالنقاب، حتي أن موسي بن ميمون مفسر الشريعة اليهودية يعد المرأة التي تخرج من دهاليز البيت دون غطاء للرأس أو الوجه بأنها زانية، وجاء هذا الموروث من اليهود وحمله العرب عندما اختلطت الثقافات.
ثم جاء الإسلام فأعطانا »روشتة« في سورة النور:الاحتشام وغض البصر، فلم يرفض النقاب ولم يقبله، ولو أراد الإسلام فرض النقاب لقال تعالي وليضربن بخمرهن علي وجههن، بدلا من قوله تعالي »وليضربن بخمرهن علي جيوبهن« ولكن الآية ليس فيها نص علي تغطية الوجه، ومما يؤكد المقصد الإسلامي قوله تعالي: »قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم« لقد زحف النقاب إلينا من العمالة المتوسطة الثقافة التي ذهبت إلي دول النفط، والذي يعد النقاب فيها مطلباً أساسياً نتيجة للموروث والعرف وتشبث الرجل في هذه المناطق بإغلاق شكل المرأة لمزيد من الغيرة، ووضعها في موضع بعيد عن الرؤية والتعرف عليها، ونحن في مصر نختلف عنهم، فنحن لنا حضارتنا، وثقافتنا، ومن المؤسف أنه في مصر الآن ينتشر هذا الأمر بشيء من التحدي نتيجة للقنوات الفضائية التي تروج لهذا الفكر المتطرف، والمرأة وجدت بغيتها بهذا الأمر لأنها وجدت »برستيج« خاصاً بها في أنها تقلد نساء النبي صلي الله عليه وسلم، وقد أحاطت نفسها بهذا السياج لرغبة نفسية، وسيكولوجية نسائية تتمسك بها المرأة لأنها تشعر بقوتها في مثل هذه الحالة، فالمنتقبة تجد فيها القوة والخشونة والتحدي كأنها تتحداك، وكثير من أصحاب النفوس الضعيفة اندسوا تحت النقاب وأوجدوا حالة من ضياع الأمن في المجتمع. وختاما أقول لكم : دعوا هذه الثقافات الوافدة التي أدخلتموها علي الشعب المصري فأفسدتم طبيعته الوسطية، وارحمونا يرحمكم الله.
إنهم يخترعون شرعا جديدا
قبل أكثر من ثلاثين عاما وأثناء عرض فيلم »أريد حلا« الذي لعبت بطولته السيدة فاتن حمامة، عن قصة الكاتبة الكبيرة »حُسن شاه« سألت العالم الإسلامي المشهور»الشيخ محمد أبو زهرة« بعد أن شاهد الفيلم: هل وجدت فيه أي خروج علي الشريعة الإسلامية؟ قال لو فيه أي شيء احنا كنا ح نسكت لك!«.
تتذكر حسن شاه هذا الموقف من العالم الكبير وهي ترقب ما يجري علي الساحة الآن من صراع محموم وصراخ مذموم ازاء موقف التيارات الدينية من المرأة الذي يصل الي حد الغضب اللفظي أكثر من الغضب الموضوعي، ممثلا في فتوي أبي اسحاق أحد السلفيين في الأسكندرية: »إن دخول كلية الحقوق حرام، ولا يجوز الحكم بالأحكام الوضعية إلا في بعض الأحوال الشخصية، أما الحكم في دماء الناس وأعراضهم فحرام «(هكذا!).
هي تقول:أنا درست في كلية الحقوق جامعة الأسكندرية ثم جامعة القاهرة، وكنت الأولي علي دفعتي وتعلمت علي أيدي أساتذتي د. محمد فرج السنهوري، والشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ عبد الوهاب خلاف »ما يحلمشي الحويني ولا غيره أن يدرس علي أيديهم« ولو لم أدرس الشريعة دراسة متقنة ما كنت لأجرؤ علي كتابة هذا الفيلم، فالإسلام يحترم المرأة المسلمة، أعطاها حقوقها في زمن كانت محرومة من كل شئ في بلاد وامبراطوريات أخري.
تتساءل أيضا: ما المرجعية التي يستند إليها هذا الرجل فيما يقوله؟ أنه وغيره يضعفون حديث السيدة عائشة »خذوا نصف دينكم عن هذه الحويراء« حتي لو كان ضعيفا ففي حياة الرسول الكريم مشاهد وشواهد علي تقديره للمرأة، وهل يعلم هذا الرجل أن ماركيل كانت ترأس دول الاتحاد الأوروبي وهي الآن مستشارة ألمانيا؟ لم يفكر أحد هناك أن يقول لها مثل هذا الكلام الفارغ، هل يذكر »تاتشر« رئيسة وزراء بريطانيا؟ ماذا يقول هذا الرجل في وزيرة الدفاع الأسبانية التي تستعرض الجيوش وهي حامل، وطيرت وكالات الأنباء صورها في كل أنحاء العالم؟ أيعلم أن المرأة تقدم أعظم ابداع إنساني وهي تبدع إنسانا بالحمل والولادة؟ هل يفهم واقعة سيدنا عمر بن الخطاب الشهيرة:» أصابت امرأة وأخطأ عمر«؟ هل يدري أن رئيس ليبيريا امرأة؟ هل يدرك أن مخ المرأة - علميا- أكثر من مخ الرجل في القدرة والصبر واحتواء التفاصيل؟ وهل.. وهل.
تضيف متحسرة:إن من أسباب تخلفنا أن طاقات المرأة الهائلة لا تزال مهدرة لأنها محبوسة في البيت، ومن ثم يزداد تعجبها من السلفي حازم شومان، قبل يومين، وهو »يدعو للشباب أن يزوجهم الله مثني وثلاث ورباع، وتتزوج الفتيات، ويتفرغن لمنازلهن، وتنتهي فتنة النساء« أية فتنة هذه؟ لماذا تنشغلون بمثل هذه الأمور، أنصحكم الإنشغال بالعلم، وحل المشاكل الاقتصادية، والبطالة والفقر وعذابات سكان العشوائيات، كيف ل 11 مليون فتي وفتاة بدون زواج أن يتحملوا هذه المعيشة؟ لابد أنكم تريدون زيادة عدد أطفال الشوارع، وأن يجلس الرجل ويرسل زوجاته شغالات في البيوت، ويعيش هو عالة عليهن يستولي علي فلوسهن، اتركوا الرجل يتزوج أربعا و»يورينا شطارته«!!.
زواج الإخوان بالأخوات
وإن تعجب فعجب في منظور حسن شاه ما قاله صبحي صالح القيادي الإخواني وهو يدعو الإخوان ألا يتزوجوا إلا أخوات! إنه يخترع شرعا جديدا غير شرع الله! تماما مثلما قال صلاح أبو اسماعيل عندما سأله الزميل مجدي الجلاد ما إذا كان أنه يفضل لابنه أن يتزوج فتاة علي خلق رفيع أم فتاة محجبة، فقال: »آتي له بواحدة محجبة«! هل رأيتم المفاضلة والمقارنة: الحجاب أم الخلق ؟!.
لا تريد الكاتبة الكبيرة أن تسترسل في هذه الأمور التي يثيرها السلفيون والإخوان وغيرهم من الجماعات فهي مضيعة للوقت والجهد، وهي عزلة يخلقونها حول أنفسهم، إننا في ثورة مجتمع أكبر وأخطر من مثل هذه الصغائر، وقد تجاوزنا هذه الأطروحات قبل مائة عام، هذه الثورة تريد أناسا يستطيعون مواكبة الاستنارة في العالم، فالناس هناك يكتشفون كواكب ونجوما وهؤلاء عندنا مشغولون بقطعة قماش، ولم نسمع يوما من شيوخنا الكبار وأساتذتنا في القانون والشريعة أن التفتوا الي الحجاب أو النقاب ولو كان الأمر كذلك لكانوا نصحونا فلا الشيخ أبو زهرة ولا الشيخ الباقوري ولا أقرانهم، لقد شاركت المرأة المصرية في ثورة 52 يناير واستشهدت في أول يوم ، وتشارك في العمل والانتاج، متواصلة مع الأجيال الثورية النسائية في المنظومة المصرية علي اختلاف مساراتها.. ثم تتساءل حسن شاه: أبعد كل هذاالمشوار التنويري يريد هؤلاء أن يرجعونا الي الوراء.. هذا لن يحدث أبدا!.
صوتنا أخطر من مليون حزب
بعد أن شاهد الشيخ محمد متولي الشعراوي مسرحية »دماء علي أستار الكعبة«علي خشبة المسرح القومي عام 8991جلس معه نجوم المسرحية وقال لهم:»بارك الله فيكم وفي عقولكم وفي أصواتكم أنتم ناس بتنوروا الطريق للناس« .
تتذكر الفنانة الكبيرة سميحة أيوب هذه المشهد مع عالم دين مستنير يقدر الفن ويثمن الفنانين، وهي تناظر ه بما يجري الآن من هجمة شرسة ليس فقط علي الفن ورموزه وليس فقط علي المرأة ومكانتها بل علي كل شئ في المجتمع، وتري أن هؤلاء »مرضي نفسيين« علي حد وصفها، وبدلا من النظر علي أن المرأة عورة، وقضية المايوهات التي تشغلهم، يقولون لنا ماذا هم فاعلون لرغيف العيش، ومستقبل الشباب، والنهضة، وغيرها من القضايا الكبري والملحة، اناس في العالم حولنا صعدوا الي الكواكب والنجوم، وهؤلاء يعيدوننا الي أيام الجاهلية، ياليتهم يمسكون ألسنتهم قليلا، ويفكرون في هموم المجتمع، لأن »شكلنا بقي وحش قوي قدام العالم«.
المرأة لاتنفصل عن السياسة بالمعني الواسع، السيدة التي تربي أولادها وتخرج رجالا أليست هذه سياسة؟ المرأة المصرية ارتقت أعلي المناصب والدرجات العلمية فهي قاضية ووزيرة وسفيرة وعالمة ورئيسة جامعة وعميدة كلية ومهندسة ومدرسة وطبيبة وفنانة وكاتبة، إنها في كل مكان تعطي وتبدع، وأنا فخورة بكل إمرأة حفرت طريقها في الصخر.
وكل أعمالي سياسية، تنتقد النظام: »كوبري الناموس« و»سكة السلامة« و»السبنسة« و»الخديوي« و»دماء علي أستار الكعبة« وغيرها من الأعمال التي تعالج عذابات الناس ومشاكل المجتمع بكل أطيافه، فالفنان عندما يقف علي منبر ثقافي، خاصة إذا كان محبوبا، فكلمته وصوته أكثر تأثيرا من مليون حزب من هذه النوعية من الأحزاب والجماعات.
التحرر ياسادة ليس معناه الإباحية، كما يدعي هؤلاء، والأبواق التي تندد تسبب إحباطا لشحنة المجتمع وتعطله بعضا من الوقت، لكنها لن تستمر ولن تدوم، وما عليهم الا أن يبحثوا عن »حتة أرض معزولة« فهم لن يستطيعوا أن يعودوا بنا الي عصر الحريم، وقد قرأت فتاواهم الأخيرة في المرأة وأري انها »نكتة« وهي دليل علي سقوطهم الفكري، فهم لا يفكرون إلا بغرائزهم، ويسقطونها علي الآخرين خاصة »الناس الغلابة«.
الاتهام للمرأة فأين الرجل؟
وقف السلفي أبو إسحاق الحويني صارخا زاعقا مستنكرا:»واحدة قاعدة أمام الكاميرا علي الفضائية تخاطب ملايين الناس في العالم..بأي دليل تخرج؟ ماذا عند هذه المرأة من العلم حتي تقدمه؟ إنما العلم للرجال »بتاع الرجالة وبس« وأي امرأة مهما صعدت هي مقلدة وعامية، ما فيش امرأة قادرة علي دراسة العلم علي أصوله، الجهل فاشي في النساء«(!).
تبتسم الفقيهة الباحثة د. خديجة النبراوي التي وضعت علي رفوف المكتبة عشرات المؤلفات المرجعية والموسوعية في الفكر الإسلامي المستنير مثل: موسوعة حقوق الإنسان، ومحمد الرحمة المهداة، وموسوعة قراءة عصرية للأحاديث النبوية في خمسة مجلدات ، والمرأة المسلمة ودورها في النهضة الحضارية، والمرأة في الإسلام حرية أم عبودية، وغيرها من الدراسات الأكاديمية التي تطفئ الظمأ المعرفي تقول: أساس الأفضلية في الإسلام هو العمل الصالح الذي هو مناط التقدير، وتكتفي بالسؤال الإستنكاري: أين هذا القول من قول رسول الله:» من قال أنا عالم فهو جاهل« ؟! ما يحدث من قبل أصحاب هذه الأفكار والدعوات إنما هوعودة إلي ما قبل »الجاهلية الأولي« و»رِدة « ليست من عامة الناس إنما ممن يعتبرون أنفسهم علماء وشيوخا، فإذا امتدت الظلمات انحسر النور، والعكس صحيح، فالتعميم ينتج حكما خاطئا وهل ننسي موقف سيدنا موسي والعبد الصالح والعلم.
ولما سألتها : كيف يكون لدينا كل هذه المؤسسات والجامعات والهيئات والمنظمات والتاريخ الطويل للمرأة ثم نري »عملية خنق« لها كأنها متعمدة؟ قالت: لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، وهناك موقفان في الخمسين عاما الأخيرة بدءا من ثورة 2591 حيث اختفت قيم ووظهرت مفاهيم جديدة حاربت الاسلاميين، لدرجة أن الدين أصبح يخاف منه، وجاءت دعاوي العلمانية وفصل الدين عن الدولة، مع أن الدين جاء ليقيم الدولة، لكننا رحنا نقلد الغرب بشكل آلي، وساعدت المرأة نفسها في هذه المشكلة بالفهم الخاطئ للحرية، والاهتمام بالشكليات في الموضة وممارسة البعض لكثير من أنماط الحرية غير المنضبطة بضوابط الشرع، فتولد لدي الإسلاميين انطباعات عامة عن المرأة»وأن كل النساء كده« وبالتالي شددوا علي المرأة، في حين أن الإسلام وسطي »وكذلك جعلناكم أمة وسطا« لا إفراط ولا تفريط، فلا نكبتها ولا نطلق لها العنان، وإنما نعطيها الفرصة للمساهمة الإيجابية في بناء المجتمع،
قلت:من يمنحها ذلك؟ قالت:المجتمع كله بكل أطيافه، الي جانب صقل الروح وتهذيب الوجدان والنضج الفكري، فهي تحتاج اهتماما خاصة لأنها صانعة الانسان »وهي دي شوية«فالمرأة التي تهز العرش بيمناها تهزه بيسراها، كما قال نابليون، انها موهبة لا يقدر عليها الكثيرون فكل شئ يبدأ بالمرأة.
عن أي امرأة يتحدثون؟
والقضية في منظور د. خديجة النبراوي تنبع من »الميزان« فإذا اختفت الموازين الحقيقية في الحياة، ونسي كل من المرأة والرجل دوره الإيماني، كما أرسته شريعة الإسلام الخالدة، فهنا تختلط الأمور وتتوه المعاني السامية في خضم الحياة المتلاطمة أمواجها،وهذا ما حدث فعلا والشواهد كثيرة.انها تقول :المشكلة أن السفليين وكل الإسلاميين ينظرون الي المرأة علي أنها نسخة واحدة، فليس هناك إمرأة واحدة، هنا أنواع من المرأة، يجب التعامل معها، ومصلحة المجتمع حيثما دارت المصلحة
وتتساءل عن أي امرأة يتحدثون؟ لابد أن يسألوا أنفسهم هذا السؤال، هناك نوع من النساء اذا لم تعمل تنحرف فكريا، من أجل ذلك دعا قاسم أمين لخروج المرأة في كتابيه»تحرير المرأةعام 9981، و»المرأة الجديدة عام 0091 ، لكنه أخطأ في النظرة الأحادية، مثل أصحابنا، كان ينبغي أن تكون المنظومة المجتمعية متكاملة بتفجير الطاقات الكامنة لفاعلية المجتمع والمرأة جزء منه فالمجتمع يحتاج الي كل النوعيات من الرجال والنساء.
ثم تنظر الي الأجواء النسائية الراهنة وتقول:تعيش المرأة هذا الزمان ازدواجية رهيبة تزلزل كيانها وتحرمها من ثبات خطواتها وأمن نفسها، وتلك الازدواجية نابعة من الصراعات التي تواجهها حيث تتنازعها التقاليد الشرقية من جهة، وزيف المدنية الحديثة من جهة ثانية، والاتهامات التي توجه لديها من جهة ثالثة؛ فتجد المرأة نفسها في تيه الصراعات لا تعرف كيف تحدد ملامح نفسيتها بملامح واضحة، وكيف تعيش حياتها بخطوات ثابتة.كل من يحاول أن ينال من الإسلام، ويلصق به التهم الباطلة، فيما يخص مكانة المرأة، لم يعرف أن الرسول جاهد في الله حق جهاده ليعلي تلك المكانة، ويزيل ما علق بها من أدران الجاهلية والظلم، وواصل ذلك الجهاد حتي الرمق الأخير من حياته الشريفة، حيث ظل يوصي بالنساء خيراً، حتي في أحرج لحظات يمكن أن يمر بها الإنسان، وهي لحظة الموت.
فليعلموا جيداً أن الإسلام حرر المرأة الحرية الكاملة، لخلق مجتمع حر كريم، قادر علي تحمل تبعات الرسالة، وأداء الأمانة، والرقي بالأمة الإسلامية، رقياً يليق بعزتها وكرامتها، ورسالتها في الحياة.يكفي المرأة فخراً أن سيدنا آدم عندما كان بمفرده في الوجود، لم يكن يعرف للحياة طعماً، رغم أنه كان في الجنة، ويتذوق معني القرب والمعية مع الله، ولكنه اشتاق إلي أنس المرأة المعنوي، ومشاركتها له في هذا الوجود.ويكفيها فخراً أن لها اليد الطولي في إمداد البشرية بمعين لا ينضب من الذرية، مشاركة مع آدم.ويكفيها فخراً أن الله جعل نبياً من أنبيائه، هو المسيح عيسي بن مريم، تنفرد بإنجابه امرأة، اصطفاها الله وطهرها، واصطفاها علي نساء العالمين، ويكفيها فخراً أن الحج يقتفي فيه الرجال سلوك امرأة عرفت ربها حق المعرفة، وتزوجت رسوله وخليله سيدنا إبراهيم، وأنجبت رسولاً كان صادق الوعد هو ابنه إسماعيل، ومن سلالته الحبيب المصطفي، إنها السيدة هاجر التي سعت سعياً حثيثاً بين الصفا والمروة، بحثاً عن قطرة ماء تنقذ بها حياة ابنها، جهاداً لتنفيذ أمر ربها في عمارة الكون، وتحقيق التنمية، ويكفيها فخراً أن الإسلام شرع لها من الحقوق، ما جعلها تطاول به عنان السماء، وارتوت منه النساء عزة الكرامة والحرية التي أخرجتهن من عصور الظلمات والاستبداد. نجد أعداء الإسلام اليوم يوجهون له الطعنات بعدما ضعف المسلمون، وتبلبلت عقولهم، وتشتتت أفكارهم، عن معاني دينهم السامية، نجدهم يوصمون الإسلام بأنه أزري بمكانة المرأة (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا)
بلا ضوابط شرعية
تقول د. خديجة النبراوي: إن شريعة الإسلام لم تهمل أي حق من حقوق المرأة المعنوية منها والمادية، ولكن الفارق أن الحضارة الغربيةلا يهمها إلا الحقوق المادية، ليس هذا فقط بل تبحث عن تلك الحقوق بلا ضوابط شرعية، أي في ضوء التحرر من كل القيود، وهذا هو الفارق الكبير بين حقوق الإنسان في كل من شريعة الإسلام والقوانين الغربية، وتري أن في كثير من القضايا التي يشغلون المرأة بها الآن جدلا عقيما.. لماذا؟ إنها تشرح: إن الإسلام أعطي للمرأة حقوقها السياسية والاجتماعية مما جعلها تشعر بحتمية المشاركة مع الرجل في كل المجالات بدافع الاهتمام بمصير الأمة.
وتلقي د. خديجة النبراوي قفازها الفكري المدثر بثقافة الأسئلة في وجوه كل من يسئ للمرأة:لماذا المرأة بالذات التي يوجه إليها أصبع الاتهام بأن الإسلام أزري بمكانتها وهو سبب تخلفها؟ ولماذا لم توجه تلك الزلزلة العقائدية إلي الرجل بنفس القوة التي توجه للمرأة؟ ولماذا استسلمت المرأة المسلمة لتلك الأوهام واستراح معها المجتمع كله لهذا الاستسلام؟ هل لأن في ذلك راحة للرجل في قيادتها حيث تصبح أكثر استكانة وخضوعًا؟ أم أن المجتمع كله أصبح يميل إلي الخمول والاستكانة فلم يعد استسلام المرأة أمرًا يثير الانتباه؟ إلي متي سنظل في موقف المتلقين لسهام الأعداء واتهاماتهم لديننا نحاول رد تلك الاتهامات علي استحياء مما يستنفد جهدنا؟ ولماذا لا نتحول إلي موقف الناقدين لتصرفاتهم، المعتزين بدينهم، ومستعلين به علي كل نظريات عصرنا، فنحقق الفلاح المقصود في قوله تعالي: (وقَدْ أَفْلَحَ اليوْمَ مَنِ اسْتَعْلَي).هناك أسئلة عديدة تضيق بها الصدور ولا يتسع المجال هنا لسردها، ولم يعد لدي الأمة وقت للتساؤلات، ولكن يجب أن تحول طاقاتها إلي إيجابيات فنحقق الحرية المطلوبة لأمتنا، ونحمي أنفسنا من كل الأعاصير التي تحاول أن تزلزل عقيدتنا وإرادتنا.
هجمة تتارية علي المرأة والمجتمع
في المهاد الفكري لمسرحية »نساء بلا أقنعة« تقول الكاتبة فتحية العسال: بطن تشيل وصدر يرضع، تستقبل المادة الخام لتنجب بني آدمين، زمان وفي قلب العالم كان الإثنان »الرجل والمرأة« اسم الإنسان، فرقت بينهم الطبيعة والظروف، واستأنس هو الحيوان ،ثم المرأة حتي أدخلها ضمن ملكياته فنزلت من علي عرش الحياة.
كانت هذ المسرحية تعرض علي المسرح عام 2891 بينما مؤلفتها تتعذب خلف قضبان السجن، وظلت فتحية العسال تكافح من أجل حرية المرأة ولا تزال بمؤلفاتها (01 مسرحيات و85 مسلسلا و51 سهرة درامية) لكنها الآن مصدومة فيما يحدث للمرأة داخل منظومة المجتمع الثوري
تقول: لا أستطيع الحديث عن المرأة دون الحديث عن المجتمع، فالإثنان يتعرضان لمرحلة العودة الي الوراء، وأبرزها إنكار وجود المرأة في هذا المجتمع، تلك المرأة التي شاركت في كل الثورات المصرية حتي أحدثها 52 يناير، ووقفت بجانب الرجل، وكان هناك تماثل في العدد بين الشباب (فتيان وفتيات).
وتتساءل في دهشة:إذن كيف نعود بالمرأة الي البيت؟ كي يضعون مكان صورة المرأة وردة في سباق الترشيح للانتخابات، ويكتبون بدلا من اسمها»حرم فلان...«؟ :ما هذه الهجمة التتارية؟ لقد خرجت المرأة من عباءة الأنثي لتكون إنسانا تقف في وجه هؤلاء التتاريين الذين لا يرون منها الا النصف الأسفل، ولا يستطيعون رؤية الرأس والدماغ.
وحزن الكاتبة فتحية العسال يشتد ازاء إنكار »المرأة الإنسان« فالمرأة في منظورها ليست مجرد أنثي، إنها إنسان تساهم في بناء هذا المجتمع، وتقف شامخة أمام الإدعاءات بأنها لا تصلح لصنع القرارات، لا إنها في دائرة صنع القرار منذ ألوف السنين، ولم يحدث أنها استعبدت في عصر من العصور، كما يحدث الآن من ثم تواصل استنكارها: هل نسي هؤلاء حركة التاريخ، كيف لا تسفر الانتخابات إلا عن عدد قليل من النساء؟ استحالة أن تمضي الحياة بالرجل دون المرأة ، ولا المرأة دون الرجل، وعندما نضع المرأة في المرتبة الأدني فمعني ذلك أننا نكسر المجتمع، وإذا كانوا يقولون إن المرأة نصف المجتمع ، فأنا أقول هي كل المجتمع ، فمن ذا الذي يربي الزعماء والقادة الذين يقودون العالم؟ ولحظة أن ثارت مصر كلها في 52 يناير 1102 نزلت الي ميدان التحرير لأهتف علي المنصة: »عاشت الأمهات اللي أنجبتكم، وعاشت الأمهات اللي ربتكم« وهتفت أيضا لكفاح الشعب المصري، ولإسقاط النظام، إن أبناء 52 يناير هم فروع من شجرة الشعب المصري وكفاحه المستمر من أجل التحرر والاستقلال، وهم أبناؤنا وبناتنا الذين ضحينا من أجلهم، ومن أجلهم جميعا أقول لكل من يسعون لشد المجتمع الي الوراء: إحترسوا!.
لا تدمرونا معكم
لحقت المهندسة هدي بزوجها في امريكا لتعمل مهندسة، وكلما حان موعد الصلاة قامت لتأديتها في مكتبها، الأمر الذي أثار استغراب رئيسها فسألها: هل أنت مسلمة حقيقية؟ فأنت ماهرة ومتدينة ومحافظة ومتحضرة، ولما استفسرت منه عن مصدر الاستغراب؟ قال لها: لأن الصورة لدينا عنكن مشوهة عكس ما نراه منك..
أما هذه المهندسة فهي ابنة الدكتورة عاليا المهدي العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وهذا الموقف تنطلق منه للتعليق علي ما يلحق المرأة المصرية الآن من الجماعات الدينية، والتيارات المتطرفة منها، إنها تقول: أين نحن اليوم من حركة التنوير القوية التي بدأها قاسم أمين للمرأة قبل أكثر من مائة عام؟ أين نحن من الأميرة فاطمة اسماعيل التي تبرعت بأرضها لتأسس جامعة القاهرة؟أين نحن من مشاركات المرأة السياسية في بداية القرن الماضي؟ إن مصر برجالها ونسائها كافحت طويلا، وقدمت تضحيات غالية لنصل الي ما نحن فيه من تقدم، فلماذا نتراجع عن هذا التوجه، نحن ندمر أنفسنا بأيدينا، من خلال هذه الدعوات المتخلفة من قبل التيارات الدينية المتزمتة، هل هم يظنون أنهم أكثر علما، وأفضل فكرا من رسول الله، صلي الله عليه وسلم؟ لقد أكرم الرسول الكريم المرأة في عشرات المواقف السامية، السيدة خديجة كانت سيدة أعمال، وفي غزوات الرسول كانت المرأة بطلا، ولها أدوارها، وذاكرة التاريخ مليئة بمئات الشواهد.
أدوات العصر يستخدمونها بالمفاهيم الضيقة، والأفضل لهم أن يركبوا الجمال ويذهبوا ليجلسوا في الصحراء التي أنتجت ثقافتهم السلفية، والسلف منهم براء، ولا داعي للعيش معنا، علي طريقتهم في إقصاء الآخر، ألا يعلمون أن عصر الحريم انتهي؟ وأن ضيق الآفق في التعامل مع المرأة مرفوض؟ وأنهم بهذه التصرفات والأقوال والأفعال يرجعوننا آلاف الخطوات للوراء؟
ردة في التفكير
تخلف في الفكر، وسوء تعامل مع الأدوات المعرفية الحديثة.. من أجل ذلك تطالب د. عاليا المهدي بالحجر علي عقولهم هؤلاء المتحدثين في وسائل الإعلام، ومحاصرة أفكارهم المتطرفة، وادعاءاتهم للبطولات الزائفة، فالخطورة في تصورها تأتي من أن البسطاء من الناس يصدقون هذا الكلام الفارغ من المضامين الرفيعة للدين ، والدين يسر لا عسر، عليهم أن يجربوا أن يكونوا مسلمين حقيقيين، احترموا الغير، فالدين المعاملة، كيف تكون الديمقراطية حراما وكفرا، وأنتم تلهثون في الانتخابات، للحصول علي مقاعد في مجلس الشعب؟ أليس هذا نفاقا؟ كيف تستغلون النساء في الإدلاء بأصواتهن ثم تحقرون من شأنهن أليس هذا تناقضا؟.
ولما سألتها عن الفعل المضاد لمثل هذه الهجمات المتوالية، قالت: لن نسكت، فهذه بلدنا ، وما يقولونه تخاريف، وعليهم أن يعودوا الي عصر الجمل والحصان، ولن نسمح لهؤلاء أن يوقفوا مسيرة المرأة التي بدأت علما وتعليما وثقافة وصحافة وفكرا ونورا، قبل مائة عام، نبوية موسي، هدي شعراوي، سيزا النبراوي، سهير القلماوي، ليلي عفت، صفية زغلول، عائشة التيمورية، بنت النيل، عائشة عبد الرحمن، أمينة السعيد، فاطمة موسي،أم كلثوم، وسنواصل هذه المسيرة ببث الوعي في شرايين المجتمع وعقله ووجدانه، برجاله ونسائه وشبابه وأطفاله، لابد أن نتحسب نصيب الأجيال القادمة من الوعي والحراك السياسي والاجتماعي والتنويري، إن من يحب بلده لا يقدم علي مثل هذه السلوكيات البالية والأفكار الهدامة للعقلية المصرية عامة ولدور المرأة الذي يريدون الانتقاص منه، وهذا مستحيل.. مستحيل.
لن تغتالوا مصر
عندما تتجلي مناسبة إسلامية تتبادر علي الفور الأفلام الأربعة التي قدمتها الفنانة القديرة ماجدة، مثل ظهور الإسلام وهجرة الرسول وغيرها، ومن ذا الذي ينسي فيلمها »جميلة بوحريد« الذي شغل الرأي العام العالمي عن ثورة الجزائر، وفضحت فيه وحشية الاستعمار الفرنسي وكان مساهمة بالصوت والصورة في عملية تحرير الجزائر .. أليس كذلك الفنانة ماجدة؟
قالت: وقدمت أفلاما طرحت قضايا اجتماعية مثل قضية تحرير المرأة في فيلم »الحقيقة العارية« وقضية الزواج المبكر وخطورته في فيلم »أين عمري« وكانت الشرطة تنظم المرور أمام سينما ريفولي أثناء عرض فيلم»المراهقات« الذي كان ثورة عن تلك المرحلة الحرجة والخطرة، وأعمالها الأخري التي جسدت كفاح المرأة وطنيا واجتماعيا ونفسيا ووجدانيا مثل »العمر لحظة« وروائع النصوص العالمية مثل »الغريب« عن» مرتفعات ويزيرنج« و»هذا الرجل أحبه« وغيرها من عشرات الأعمال الفنية لأعمال نجيب محفوظ ويوسف إدريس وأحسن عبد القدوس وغيرهم، وقدمت هذه الأعمال كواجب وطني وفرض عليّ لبلدي كمواطنة مسلمة ملتزمة، وكفنانة تتعامل مع الفن كرسالة سامية.
ولذلك تري الفنانة ماجدة في حالة استغراب من تلك الدعوة الغاشمة التي تسعي الي عودة المرأة الي البيت، بعد مائة عام من الاستنارة، شارك فيها رائدات مصريات في كل اتجاه، نشهد في عام 1102 هذه الهجمة الشرسة ضد المرأة ودورها في المجتمع الذي لا يمكن أن يحلق طائره إلا بجناحي الرجل والمرأة،
وتتعجب الفنانة ماجدة: كيف يريدون للمرأة أن تجلس في بيتها بعد مشاريع النهضة التنويرية من كبار المثقفين، وبعد مئات الأعمال الفكرية والثقافية لمشاهير الأقلام، وبعد مشاركات زملائي من الفنانين والفنانات، لقد أثبتت المرأة المصرية وجودها وحققت ذاتها في كل المسارات، ونجحت نجاحا باهرا في كل طريق شقته وفي كل مجال خاضته، ولا تزال مستمرة في عنفوان عطاءاتها المختلفة والمتنوعة.
تؤكد الفنانة ماجدة إنه لا يمكن للمجتمع في عموميته أن يستجيب لمثل هذه الدعوات السلبية التي تشده الي الوراء، خاصة فيما يتعلق بالمرأة وهناك تجارب مماثلة شهدتها إيران حين أغلقت المرأة علي نفسها ثم تراجعت في سياستها، وهناك في تركيا يطبقون مبدأ الدين لله والوطن للجميع، فلماذا لا نستفيد من تجارب الآخرين؟.
وأبدا.. كلنا لن نسمح باغتيال مصر العظيمة، ولن تتمكن أية قوة أو أي فرد من تمزيق حبلها الذي نعتصم به، ولا تفكيك رباطها إلي يوم الدين.
لن نسكت
فاجأ »عبدالمنعم الشحات« المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية الكاتبة الصحفية فريدة النقاش بسؤاله: متي سترتدين الحجاب؟! فبادرته إجابتها الفورية: لما تحلق ذقنك حدث ذلك في الورشة التي نظمها مركز رؤي للدراسات والبحوث عن »التيار السلفي ومستقبل الديمقراطية«.
تقول فريدة النقاش:السلفيون وغيرهم من التيارات الدينية يريدون أن يجرجروا الناس الي موضوعات هامشية بالإستغراق في أمور شكلية، وهذه إستراتيجيتهم علي المدي البعيد، فهم يشغلون المجتمع المصري باللحية الطويلة والجلباب القصير، وكلها مشاغل سخيفة وشخصية تبعدنا عن الحقيقي والموضوعي من المشاكل، وهذه لها جذورها فالسلفيون هم نبت مزروع قسرا في بيئتنا المحلية بفعل أصحاب ثروات النفط إياهم، القادمين من العصور الوسطي بل ومن القبور، وتحالف الإخوان المسلمون مع كل من السلفيين والتيارات الدينية الأخري من أجل هدف صريح هو قطع الطريق علي الثورة والحيلولة دون تطور الأوضاع في اتجاه بناء الدولة المدنية التي هي موضوعيا دولة علمانية ينفصل فيها الدين عن السياسة وذلك استمرارا وتطويرا لشعار ثورة 9191 الوطنية الكبري »الدين لله والوطن للجميع« فمصادر السلفية تريد الانتقام من تأثيرات »محمد علي« الذي قضي علي الوهابية عام 8181 وأوصل مصر الي مستوي رفيع ومتقدم، الآن.. لن نسكت، فمصر أكبر من أن تستسلم لمثل هذه المحاولات.
من أين لهم هذا؟
وتندهش فريدة النقاش: من أين لهم كل هذه الأصوات؟ إن »الناس قرفانة من السلفيين« (باعترافهم في تصريحاتهم قبل أيام) لابد أن هناك لعبة، وستنكشف، وأتصور أن كل القوي الديمقراطية من ليبرالية وعلمانية واشتراكية وتجمعية ووفدية وغيرها لابد أن تتجمع لتضع خطة لمواجهة هؤلاء التتار الجدد.
تقول أيضا، وهي مهمومة: لأن المرأة هي عنوان تقدم أي بلد في العالم، فهم يرون أن المرأة مجالها الحقيقي خلف النقاب، داخل البيت، ويرون أن الوقت غير ملائم لطرح قضية المرأة وهذه مقولة مضللة، لأن كل الأوقات ملائمة ما دامت المشكلات جوهرية، وقضية المرأة جوهرية، لكن المرأة في منظورهم دائما »عورة لابد من إخفائها« وكائن متدني لابد من الوصاية عليه، فالمرأة لا ترأس رجلا، وفي برنامج الإخوان المسلمين الولاية لا تجوز لا للنساء ولا للمسيحيين(!). ونحن لدينا في حزب التجمع رؤيتنا المستنيرة للمرأة ودورها في المجتمع، وعلينا تفكيك الأصول التي بنيَ عليها هذا التراكم البغيض الذي نراه ضد المرأة وإنسانيتها، وحتي لانسمح لمجتمعاتنا أن تتحول إلي غابة كل من يجد له ثأراً يأخذه بيده، وقد وجدوا أنه من السهل ضبط حياة النساء والسيطرة عليهن باسم الدين، ما أدي إلي إزاحة النساء إلي موقع المواطن من الدرجة الثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.