بأي دليل تخرج المرأة علي وجه الأرض في قناة فضائية وتوجه كلمة للعالم.. وماذا عن هذه المرأة من العلم لتقدمه.. العلم هو «بتاع الرجالة بس».. مع احترامي لأي ست، أي امرأة مهمة صعدت هي عامية ومقلدة، أي امرأة علي الإطلاق، علشان ما حدش يقول إن أنا أقصد واحدة بعينها.. مافيش امرأة دارسة العلم علي أصوله.. العلم هو بتاع الرجالة فقط. ممكن تقعد تعمل مجلس خاص تتحدث فيه.. ممكن تعمل مدرسة.. أو معهد علمي فقط.. لأن الجهل فاش في النساء، فأي معلمة تقعد تعمل مجلس علم تقول لها كلمتين تهدي بها كثيرات. إن قوة ملاحظة المرأة ضعفت.. فغباء النساء سببه أن الأمهات لم يربين بناتهن تربية سليمة. ثم تلفت الشيخ إسحاق الحويني - قائل هذا الكلام الغريب - حوله وتساءل ساخرا وهو في بيت من بيوت الله التي يلجأ إليها الناس إما للصلاة أو للاستزادة من علم وفقه عالم جليل غزير في علوم الدين وثقة يأنس الناس لكلامه لأنه يخشي الله كما قال المولي عز وجل.. هل فيه هنا سيدات.. ولما اطمأن استمر في هجومه غير المبرر علي النساء. الشيخ إسحاق الحويني إمام أحد المساجد بمنطقة مصر القديمة وأحد الدعاة السلفيين الذين يقدمون أنفسهم بأنهم امتداد لآل البيت، وقد أطلق قذائفه العدائية ضد المرأة أمام جمع من الجمهور الكبير الذي جاء ينهل من بحر علم هذا العلامة، الشيخ الفاضل لن يتبرأ من هذا الحديث المسجل علي المواقع الإلكترونية بالصوت والصورة. أما بعد كاتبة هذا المقال هي ابنة شيخ جليل من شيوخ اللغة العربية والفقه الإسلامي ونحن ثلاث بنات شقيقات و«أبي» نشأته كانت ريفية استقت أصولها من نبع العادات والتقاليد والأعراف التي تعود إلي صحيح الدين والعقيدة، لكن الصحيحة دون تجاوز أو مبالغة أو تحريف لصحيح الدين وروحه السمحة الداعية للعلم والتقدم لا للانغلاق. كان أبي حريصا علي تعليمنا والدفع بنا نحن البنات إلي التفوق فجعلنا فخورات بكوننا فتيات.. «ليس ذكرا أم أنثي، إنما من يجبر الناس علي احترامه». ولهذا دهشت لحديث الشيخ إسحق الحويني عن النساء بهذا الشكل الغريب.. وكأن المرأة كمالة عدد بينما يقول المولي عز وجل «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون».. ويقول أيضا في الحديث الشريف: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلي البر وإن البر يهدي إلي الجنة.. ولا يزال الرجل يصدق ويتحري الصدق حتي يكتب عند الله صديقا»، هكذا علمنا المولي عز وجل وحبيبه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وكانت آخر وصية له عن النساء ثلاث مرات متتالية في خطبة الوداع «أوصيكم بالنساء خيرا.. أوصيكم بالنساء خيرا». النساء شقائق الرجال، في قول آخر للرسول الكريم، ويا شيخ إسحق فمن المفروض أنك أعلم بالناس بوصايا الرسول الخاتم. فلماذا لا تقول للناس إن القرآن الكريم رسم للمرأة شخصية متميزة قائمة علي احترام الذات وكرامة النفس، وإن الإسلام يعامل النساء بعدل، فالنساء مثل الرجال تماما في الحقوق والواجبات، فهن نصف المجتمع، لكن الله رفع الرجال عليهن درجة، كما جاء في سورة النساء «الآية 34» «الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم». فكلمة القوامة معناها الإمامة في الصلاة والقيادة في الحروب، ليس لأن الرجال أحب إلي الله من النساء، لكن لأن الصلاة فيها سجود، فكيف تسجد المرأة أمام رجل يصلي خلفها، وهذا الأمر للحفاظ علي كرامتها وعزتها، أما غير ذلك فهم متساوون في الحقوق والواجبات حيث ساوي بينهم في حق التملك. قال الله تعالي: «للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن»، ولماذا لا تقول للناس إن الله ساوي بينهم في الجزاء أيضا في قوله تعالي: «إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيماَ» «الأحزاب: 35». ولماذا تخفي اهتمام خطاب السماء بالمرأة وأن بالقرآن 250 آية قرآنية تبحث في شئون المرأة، وأن بالقرآن ست سور قرآنية باسم المرأة بشكل مباشر وغير مباشر.. مما يلغي الاعتقادات التي تهمش دور المرأة في المجتمع كلام المولي عز وجل وأحاديث الرسول الكريم التي نعتبرها دستورا نسير علي أحكامه. كيف تقول يا شيخ إسحق إن المرأة هي الغباء والجهل بعينه وأنها لا يمكن أن تصل إلي أي درجة من العلم وعندك نماذج من الأمثلة المبهرة للمرأة الذكية الخلاقة منذ عهد الرسول وأيامنا هذه إليك: السيدة خديجة بنت خويلد زوجة الرسول - رضي الله عنها - والتي كانت ساعد الرسول الأيمن في نشر الدعوة الإسلامية. السيدة عائشة بنت أبي بكر هي زوجة الرسول الثانية لها دور فعال في خدمة الإسلام من خلال نقلها لأحاديث الرسول «صلي الله عليه وسلم» وهي المرأة التي تخطت حدودها كامرأة كانت معلمة الأمة الإسلامية بأكملها، فكانت - رضي الله عنها- من أبرع الناس في القرآن والسُنة والحديث والفقه.. وتميزت في النقطة البحثية بثلاث نقاط وهي: علمها وتعليمها.. والسيدة المفسرة المحدثة.. السيدة الفقيه.. وقال رسول الله الكريم: «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء». السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب زوجة الرسول الثالثة: وهي التي عكفت علي المصحف تلاوة بتفهم وتدبر وحفظت القرآن الذي أودعه عندها الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فحفظت الأمانة ورعتها، وحفظت القرآن من التحريف. في المقابل هاتان عالمتان مصريتان حصلتا علي أعلي الجوائز العلمية العالمية: وهن نماذج من العصر الذي نعيشه وأنت أيضا: الدكتورة نجوي عبدالمجيد أستاذة علم الوراثة بالمركز القومي للبحوث والحاصلة علي جائزة لوريال يونسكو من فرنسا عام 2002 عن أبحاثها في علاج الأطفال المعاقين جينيا بسبب زيجات الأقارب الكثيرة في مصر ونشرت مقالات عن دور مضادات الأكسدة في تحسين سلوك هؤلاء الأطفال، بالإضافة إلي دراسة أخري رائدة أعدتها في التسعينيات من القرن الماضي مع فريق من المهندسين الإلكترونيين المصريين لتطوير برامج الحاسوب متعدد الوسائط قادر علي جذب انتباه الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وحثهم للتفاعل مع محيطهم، مما يساعد علي تطوير قدراتهم العقلية وتحسين مستوي معيشتهم، أما النموذج الثاني فهي د. كريمات السيد، حصلت علي جائزة لوريال يونسكو 2003 في العلاج بالبلورات أو الكريستال «علم البينيا» وهو علم يحدث ثورة في عالم صناعة الدواء ويساعد في اكتشاف الحمض النووي لدي الإنسان، كما أن علم البلورات يدخلنا في علاقة خلل التركيب الذري للمواد في تكوين حصاة الكليتين. وعندك أيضا يا شيخ إسحق الدكتورة عائشة عبدالرحمن «بنت الشاطئ» صاحبة الدراسات القرآنية مثل التفسير البياني للقرآن الكريم.. والإعجاز البياني للقرآن.. وتراجم سيدات آل البيت النبوي ومنها «بنات النبي، نساء النبي، أم النبي السيدة زينب، وعقيلة بني هاشم، السيدة سكينة بنت الحسين. ثم تطرقت إلي الغزو الفكري من خلال «الإسرائيليات في الغزو الفكري» ونص رسالة الغفران لأبي العلاء المعري والخنساء الشاعرة العربية الأولي.. وبحثها في قضية الحرية الشخصية الإسلامية. ود. سهير القلماوي وهي أول مصرية التحقت بالجامعة وأول مصرية تحصل علي الماجستير في أدب الخوارج في العصر الأموي، وحصلت علي الدكتوراه من السوربون عن كتاب «ألف ليلة وليلة»، وأول مصرية تحصل علي أستاذية في الجامعة المصرية .1956 وتولت رئاسة قسم اللغة العربية في جامعة القاهرة.. وكانت ممثلا للشعب في مجلس الأمة عام .1959 وغير هؤلاء السيدات النابهات اللاتي تعلو هاماتهن جنبا إلي جنب مع الرجال. لقد خرجت علينا يا شيخ إسحق الحويني في القرن الواحد والعشرين الذي خرج فيه جموع المصريين رجالا ونساء دون تمييز لرفض الذل والفساد.. لتسخر من والدتك ومن ابنتك ومن أختك وأنهم هم الجهل والغباء بعينه.