تصاعدت حالة الاستقطاب الحادة التي اصابت المجتمع وقسمته إلي فصيلين أو فسطاطين متصارعين، نتيجة الخلاف الشديد والمشتعل بين القوي والتيارات والأحزاب السياسية حول قضية الاستفتاء علي مشروع الدستور الجديد، والذي تطالب فصائل جبهة الإنقاذ، التي تضم التيارات والقوي المدنية والليبرالية بتأجيله، بينما تتمسك الفصائل والجماعات والأحزاب ذات التوجه الديني من الإخوان والسلفيين والمتحالفين معهم، بضرورة إجرائه في موعده المحدد السبت القادم. وفي ظل هذه الحالة من الخلاف والانقسام رأينا كل طرف يحشد الجماهير والمناصرين في ميادين وشوارع مصر تأييداً لموقفه، وتأكيدا علي صحة ما يقول به من انه المعبر الوحيد والحصري عن ارادة الأمة، وأنه المتحدث الوحيد باسم الشعب، وأن موقفه وحده هو الصحيح، وموقف الطرف الآخر هو الخطأ. وهكذا رأينا وتابعنا مجموعة متوالية من المليونيات في ميادين مصر المختلفة بالقاهرة والمحافظات شملت ميادين التحرير، ورابعة العدوية، وأمام القصر الجمهوري، في القاهرة، بالاضافة الي العديد من الميادين في الأسكندرية والغربية والدقهلية، واسيوط، وغيرها من محافظات الوجهين البحري والقبلي، وكل هذه المليونيات تؤيد أحد الفصيلين وتعارض الفصيل الآخر. وكان ولايزال لافتا للنظر فيما رآيناه وتابعناه طوال الأيام والأسابيع الماضية ملاحظة تستحق التسجيل، وملمح لافت يستحق التوقف عنده بالتأمل والدراسة المتعمقة، في هذا الظرف التاريخي بالغ الدقة والحساسية، التي تمر به البلاد الآن، ومنذ فترة ليست بالوجيزة، والتي اتسم بالخلافات الحادة في وجهات النظر والرؤي بين القوي السياسية حول جميع القضايا الخاصة بالمسار الوطني. وهذه الملاحظة.. وذلك الملمح يتركزان علي الغيبة الواضحة والمؤكدة لدي طرفي الخلاف للتراجع عن موقفها أو تفهم موقف الطرف الآخر، أو التحرك نحو السعي لرؤية توافقية يرتضيها الطرفان، والعمل للتوصل إلي حد ادني من التوافق يحقق انفراجة في الأزمة ونزع للفتيل المشتعل. »وللحديث بقية«