أجري قسم شئون منطقة الشرق الأوسط بجامعة لندنية King's College دراسة ميدانية تحت إشراف د. يزيد صايغ عن الأوضاع في الضفة الغربية برئاسة رئيس الحكومة:»سلام فياض«، ومقارنتها بما يجري في قطاع غزة برئاسة رئيس الحكومة المقال:»إسماعيل هنية«. إنتهت الدراسة إلي أن الحكومة الفلسطينية الشرعية في الضفة الغربية تعمل أقل مما تعمل حكومة »حركة حماس« غير الشرعية في قطاع غزة! الدراسة ونتيجتها يمكن أن تجدا ترحيباً مدوياً من أجهزة الإعلام المروجة، والمهللة »عمال علي بطال« لحركة حماس مهما ارتكبت من أخطاء وخطايا.. فما بالنا إذا عثر هذا »الإعلام« علي وثيقة منسوبة لجامعة بريطانية تؤكد أن الحكومة غير الشرعية في غزة تنجز أعمالاً أكثر من حكومة السلطة الفلسطينية في رام الله. ويمكن أيضاً أن تلقي هذه النتيجة تنويهاً مستتراً أو واضحاً في الإعلام العربي المعادي للحركة الانفصالية التي ارتكبتها »حماس« باغتصابها السلطة في قطاع غزة، وقسمت الشعب إلي شعبين، أحدهما يسعي إلي السلام والآخر ينادي بالجهاد. لكن الذي تعجبت له أن صحيفة إسرائيلية Haaretz أفردت مساحة واسعة في عددها الصادر يوم الخميس الماضي لنشر الدراسة وإبراز نتيجتها! إن كل المؤشرات تشير إلي عداء وكراهية الإسرائيليين لحركة »حماس« وحكومتها في القطاع، واتهام قادتها بإيواء »الإرهابيين« الذين يتسللون لإطلاق »صواريخ« أو »قذائف« إيرانية الصنع، وهو ما أشعل حرباً وحشية، حقيقية، شنتها إسرائيل علي القطاع وكان ضحاياها مئات من الفلسطينيين المدنيين الأبرياء الذين ابتلوا بأشاوس حماس، الذين يحكمونهم بالحديد والنار. الإعلام الإسرائيلي لا يترك مناسبة إلاّ انتهزها لتحميل »حماس« مسئولية عرقلة مسيرة السلام مع السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، إلي جانب اتهامها بأنها »ألعوبة« في يد الحرس الثوري الإيراني كما هو الحال مع حزب حسن نصر الله اللبناني الجنسية والإيراني الهوي! إعلام إسرائيلي هذه توجهاته.. كيف تفرد إحدي صحفه Haaretz مساحة واسعة لنشر دراسة لجامعة بريطانية تؤكد أن إنجازات حكومة الحمساوي:»إسماعيل هنية« في خدمة شعب قطاع غزة أكثر من إنجازات حكومة الفتحاوي: »سلام فياض« في الضفة الغربية؟! وما مصلحة إسرائيل في تهليلها ل »حماس« الرافضة للسلام والتقليل من شأن »السلطة الفلسطينية« الساعية إلي تحقيق السلام العادل والشامل والدائم؟! قد يري البعض في هذا الموقف إثباتاً للمقولة القديمة التي ترددت حول الدور الرئيسي الذي لعبته المخابرات الإسرائيلية في تأسيس وقيام »حركة حماس« نكاية في المنظمة الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات! وقد يزايد معارضو »حماس« علي هذه المقولة القديمة بإعادتها إلي الحياة بدليل اهتمام الإعلام الإسرائيلي بالتهليل لحكومة »هنية«، والحط من قدر حكومة »فياض«! في حين يري البعض الآخر أن اهتمام الإعلام الإسرائيلي بالدراسة التي أشرف عليها أستاذ سوري/ فلسطيني د. يزيد صايغ لا يعني بالضرورة أنهم أي الإسرائيليين يمدحون حكومة »حماس« نكاية في حكومة »فياض«، وإنما الأهم بالنسبة لهم هو إقناع الرأي العام العالمي خاصة في الولاياتالمتحدة أن إسرائيل الحريصة علي تحريك عجلة دوران السلام مع الفلسطينيين لا تجد حكومة حقيقية تشاركها التحريك، لا في »رام الله« ولا في »غزة«! فحكومة »حماس« ترفض كما تردد إسرائيل التفاوض مع إسرائيل، ولا تقبل إلاّ بمحو إسرائيل من فوق الخريطة علي الطريقة الأحمدية الإيرانية. وحكومة »رام الله« تقبل التفاوض من أجل السلام لكنها لا تملك تفويضاً من كل الشعب الفلسطيني الذي انقسم إلي جبهات وحركات ومنظمات وكل واحدة منها تغني علي ليلاها.. وبالتالي فإلي أن تتوحد الصفوف، وتظهر حكومة فلسطينية حقيقية، قادرة، مسموعة، و مهابة من كل الفلسطينيين.. فإن عجلة دوران السلام ستظل متوقفة.. بلا حراك!