مدىحة عزب جميع التواريخ الزمنية الواردة في كتب السيرة المؤصلة للبعثة النبوية تؤكد أن عائشة تزوجت النبي وهي لا تقل عن الثامنة عشرة أعلم أن الرد علي دعوتك - من جانبي - قد جاء متأخرا بعض الشيء.. ولكن ريثما جاء موعد نشر هذه اليوميات .. وقبل أن تسارع وتكذبني يا شيخ سعد الأزهري ، أيها الداعية ، يا من طالبت بعدم تحديد سن الزواج بالنسبة للبنات والسماح بزواجهن بمجرد البلوغ حتي ولوكن في التاسعة من العمر تأسيا بالسيدة عائشة أم المؤمنين.. اسمعني أولا.. نعم .. عائشة لم تتزوج في سن التاسعة ، والرواية التي تقول إن النبي صلي الله عليه وسلم قد تزوج عائشة وهي بنت تسع سنين كانت أكذوبة كبري عشناها وعاشتها أجيال عديدة قبلنا وصدقناها إعتمادا علي رواية البخاري في صحيحه والمنسوبة ظلما إلي السيدة عائشة حيث قيل إنها قالت " إن النبي صلي الله عليه وسلم تزوج بي وأنا في السادسة وبني بي - أي دخل - وأنا في التاسعة " ، وهي الرواية الشهيرة جدا والتي كانت بابا ملكيا للتهجم علي نبي الإسلام وعلي الإسلام ذاته ، وفي المقابل كان المسلمون لا يملكون حيالها إلا الدفاع المستميت عنها ملتمسين الأعذار المقبولة وغير المقبولة في مسألة الزواج من طفلة في السادسة أوالتاسعة ، ورغم مجافاة هذه الرواية لكل أشكال المنطق والعقل إلا أن المسلمين كانوا ولا يزالون يصدقونها لا لشيء إلا لأنها جاءت في البخاري ، وكأن جميع ما جاء في البخاري قد حاز ختم الحصانة شأنه في ذلك شأن كتاب الله تعالي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. ندخل بقي علي الأدلة والبراهين التي تثبت أن السيدة عائشة لم تتزوج إطلاقا في سن الساسة ولا التاسعة .. وإنما كان زواجها في سن الثامنة عشرة.. بحساب التاريخ الزمني جميع التواريخ الزمنية الواردة في كتب السيرة المؤصلة للبعثة النبوية وأمهات الكتب ترد علي أحاديث البخاري وتؤكد أن عائشة تزوجت النبي وهي لا تقل عن الثامنة عشرة من عمرها، وقد برهنت علي ذلك عند حساب عمر السيدة عائشة بالنسبة لعمر أختها السيدة أسماء ، فكل المصادر التاريخية تتفق بلا اختلاف واحد بينها علي أن أسماء كانت تكبر عائشة ب 10 سنوات، والمعروف أن أسماء ولدت قبل الهجرة للمدينة ب27 عاما, ما يعني أن عمرها مع بدء البعثة النبوية كان 14 سنة، وذلك بانقاص 13 عاما من عمرها قبل الهجرة وهي سنوات الدعوة الإسلامية في مكة (27-13= 14 سنة)، وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها أكبر من عائشة ب 10 سنوات، إذن يتأكد بذلك أن سن عائشة كان 4 سنوات مع بدء البعثة النبوية في مكة, أي أنها ولدت قبل بدء الوحي ب 4 سنوات كاملة، ومؤدي ذلك بحسبة بسيطة أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما عقد عليها في مكة في العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان عمرها 14 سنة، لأن 4+10=14 سنة، وبشكل أكثر إيضاحا فعائشة ولدت عام 606 ميلادية، وعقد عليها النبي عام 620 ميلادية، وهي في عمر14 سنة ، وكما ذُكرت جميع كتب السيرة فقد بني بها بعد 3 سنوات وبضعة أشهر أي في نهاية السنة الأولي من الهجرة وبداية الثانية ، بما يوافق عام 624 ميلادية، فيصبح عمرها آنذاك 14+3+1= 18 سنة كاملة، وهي السن الحقيقية التي دخل فيها النبي الكريم بعائشة .. عام وفاة أسماء دليل آخر تؤكده المصادر التاريخية السابقة بلا خلاف بينها عندما ذكرت أن أسماء توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة ومثبتة عام 73هجرية، وهي مقتل ابنها عبد الله بن الزبير عند الكعبة علي يد الحجاج بن يوسف الثقفي، وكانت تبلغ في هذا العام من العمر 100 سنة كاملة، فلوقمنا بعملية طرح لعمر أسماء من عام وفاتها 73هجرية، وهي تبلغ 100 سنة فيكون 100 73 = 27 سنة وهوعمرها وقت الهجرة النبوية، الأمر الذي يتطابق كليا مع عمرها المذكور في المصادر التاريخية، فإذا طرحنا من عمرها 10 سنوات- وهي السنوات التي تكبر فيها أختها عائشة- يصبح عمر عائشة حين الهجرة 17 سنة، ولودخل بها النبي في نهاية العام الأول يكون عمرها آنذاك 17+1=18 سنة وهوما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة عائشة عند الزواج من النبي ، وما يعضد ذلك أيضا أن الطبري يجزم بيقين في كتابه ( تاريخ الأمم ) أن كل أولاد أبي بكر قد ولدوا في الجاهلية، وذلك ما يتفق أيضا مع الخط الزمني الصحيح، ويكشف ضعف رواية البخاري، لأن عائشة قد ولدت بالفعل في العام الرابع قبل بدء البعثة النبوية ، ليس هذا فقط بل ذكر ابن كثير في (البداية والنهاية) عن الذين سبقوا بإسلامهم : " ومن النساء أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة ، فكان إسلام هؤلاء في ال3 سنوات الأولي من عمر الدعوة ورسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو في مكة في خفية"، وبالطبع هذه الرواية تدل علي أن عائشة قد أسلمت قبل أن يجهر الرسول بالدعوة في عام 4 من بدء البعثة النبوية بما يوازي عام 614 ميلادية، ومعني ذلك أنها آمنت علي الأقل في العام الثالث ، أي عام 613 ميلادية، فلوأن عائشة علي حسب رواية البخاري الشهيرة ولدت في عام 4 من بدء الوحي, معني ذلك أنها لم تكن علي ظهر الأرض عند جهر النبي بالدعوة في عام 4 من بدء الدعوة، وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة، ولكن الحساب السليم لعمرها يؤكد أنها ولدت في عام 4 قبل بدء الوحي أي عام 606 مما يستتبع أن عمرها عند الجهر بالدعوة عام 614 كان 8 سنوات وهوما يتفق مع الخط الزمني الصحيح للأحداث. »لم أعقل أبوي« ولو صدقنا رواية البخاري, التي جاء فيها أن عائشة ولدت عام 4 من بدء الدعوة أي عام 614 ميلادية، فكأنها كانت رضيعة عند هجرة الحبشة، فكيف يتفق ذلك مع كلمة (لم أعقل أبوي) المنسوبة لعائشة أيضا في البخاري ، وكلمة " لم أعقل أبوي " لا تحتاج توضيحا، فهي تبين أن قائلتها كانت صبية صغيرة لم تستوعب الأحداث المحيطة بها جيدا ، ومعني ذلك أنه بالحساب الزمني الصحيح تكون عائشة في هذا الوقت قد بلغت 4 أعوام قبل بدء الدعوة + 5 قبل هجرة الحبشة = 9 سنوات ، وهوالعمر الحقيقي لها آنذاك .. أضف إلي ذلك أن الإمام أحمد قد أخرج في (مسند عائشة) : " لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون للنبي صلي الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ألا تتزوج، قال : من ، قالت : إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا, قال : فمن البكر قالت : بنت أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر "، وهنا يتبين أن (خولة بنت حكيم) عرضت البكر والثيب علي النبي (والثيب هي التي سبق لها الزواج ) فهل كانت تعرضهما علي سبيل جاهزيتهما للزواج، أم علي سبيل أن إحداهما طفلة يجب علي النبي أن ينتظر حتي تبلغ سن الزواج، المؤكد من سياق الحديث أنها تعرضهما للزواج فورا بدليل قولها (إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا ) ولذلك لا يعقل أن تكون عائشة في ذاك الوقت طفلة في السادسة من عمرها, وتعرضها خولة للزواج بقولها بكرا وهوما يؤكد أن عائشة ولدت قبل بدء البعثة النبوية يقينا .. » كنت جارية ألعب« المدهش أن البخاري الذي ساق لنا قصة زواج النبي عليه الصلاة والسلام من طفلة في السادسة من عمرها هوأيضا الذي يسوق لنا دليلا دامغا علي عدم صحة روايته الأولي في صحيحه ، فقد أخرج في (باب قوله تعالي: بل الساعة موعدهم والساعة أدهي وأمر) عن عائشة أنها قالت: أنزل علي محمد صلي الله عليه وسلم بمكة، وإني جارية ألعب " بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَي وَأَمَرُّ "، والمعلوم بلا خلاف أن سورة القمر نزلت بعد أربع سنوات من بدء الوحي أي بما يوازي عام 614 ميلادية، فلوصدقنا رواية البخاري الأولي تكون عائشة عند نزول السورة إما أنها لم تكن قد ولدت بعد أو أنها كانت رضيعة حديثة الولادة، ولكن عائشة تقول (كنت جارية ألعب) أي أنها كانت طفلة تلعب، فكيف تكون لم تولد بعد؟ ألا يؤكد الحساب المتوافق مع الأحداث أن عمر عائشة عام 4 من بدء الوحي والذي يوافق نزول السورة كان 8 سنوات وهوما يتفق مع كلمة (جارية ألعب ) . المناخ لا علاقة له بالبلوغ والغريب أننا نجد بعض المتخلفين يروجون مقولة غبية والمتخلفين الآخرين يصدقونهم ، فهم في رحلة البحث عن الأعذار التي جعلت النبي عليه الصلاة والسلام يدخل بطفلة في التاسعة من عمرها ، زعموا أن مناخ البلاد الحارة يجعل البنت تبلغ في سن مبكرة وهي طفلة دون العاشرة، وهذا كلام البلهاء والسفهاء ولا يصدقه إلا أبله وسفيه لأن البلاد الحارة وهي الجزيرة العربية ، مازالت حارة، بل إن الحرارة قد ازدادت أضعافا مضاعفة ، فلماذا لا نجد البنات فيها حتي الآن تبلغ قبل أوانها في السادسة أوالتاسعة، إن الحقائق العلمية تؤكد عدم وجود دور يذكر للمناخ في البلوغ المبكر.. ولكن هناك البعض ممن أصيبوا بالعمي الحيثي يقاومون بكل ما يملكون من قوة أي نور يأتيهم ليضيء ظلام ليلهم الطويل والممتد إن شاء الله.. الحقيقة إن كل ما استعرضته هنا من أدلة دامغة علي عدم صحة رواية زواج النبي صلي الله عليه وسلم من عائشة وهي طفلة في سن السادسة قد ساقها لنا الباحث المحترم والمجتهد إسلام البحيري جزاه الله عنا أحسن الجزاء، فقد خدم المسلمين أعظم خدمة حين بحث وفحص وتحمل عناء التدقيق والتمحيص في هذه القضية الخطيرة وأظهر لنا الحقيقية جلية مثل الشمس ، وبينما المفروض أن يقابل المسلمون هذا الجهد شاكرين .. فإذا بالأغلبية العظمي منهم ممن لا يزالون يقدسون الروايات ويقفون عند فكر الأوائل كسقف لا يجب تخطيه.. يهاجمون أي محاولة للتنوير ويفضلون البقاء مغمضي العيون والعقول.. لا يقبلون النقد أو الاستدراك علي ما قدمه الأوائل.. معتبرين أن كتاب البخاري وغيره ككتاب الله تماما لا ريب فيه ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم أيها الجاهلون ..