د. أحمد عمر هاشم تحولت الفضائيات الدينية في الآونة الأخيرة إلي صداع في رأس النظام ومصدر إزعاج لما تتخذه من قرارات وسياسات.. وبدلاً من أن تتفرغ لدورها في الدعوة وتوضيح مفاهيم الدين الصحيح بلا تشدد أو مغالاة، ساهمت في نشر البلبلة وإثارة الزوابع والعواصف التي تهدد الأمن الاجتماعي، بما تبثه من فتاوي وآراء متشددة تزيد النار اشتعالاً كما حدث من جانب إحدي الفضائيات التي وجهت سيلاً من الاتهامات للفنانة إلهام شاهين مما دفعها للاحتكام للقضاء.. وأصبح السؤال المثار حالياً: من يملك ضبط إيقاع القنوات الدينية، والتصدي في الوقت نفسه لفوضي الفتاوي والتصريحات غير المسئولة.. وهل يمكن أن تكون قناة الأزهر الجديدة هي رمانة الميزان التي تملك ضبط الإيقاع؟! يقول د. عماد حسن مكاوي عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة: إن أي تطرف من أي نوع خاصة الفكري يمكن أن يؤثر علي طبيعة النظام، ويؤكد أن القنوات الدينية شعرت أنها حققت انتصاراً بعد وصول الإسلام السياسي للحكم وشعرت بمزيد من القوة، لكن ازداد تطرفها من خلال ما تصدره من فتاوي تنعكس آثارها علي المسئولين بصفة عامة خاصة أن المصريين لديهم نزعة دينية متوسطة بلا تشدد ولا مغالاة. ويضيف أن الحل يكمن في تغيير المنظومة بالكامل فلدينا للأسف نظام مفكك والمنظومة الإعلامية كلها تحتاج لإعادة تنظيم للتخلص من بقايا النظام السابق والتشريعات المقيدة للحريات ومن خلال هذا الإطار يتم تعديل القنوات الدينية ضمن غيرها من الفضائيات الأخري، فالأزمة أن المنظومة الإعلامية ما زالت تعمل بمنهج النظام القديم. ويري د. حسين أمين أستاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية أننا أصبحنا أمام أمر واقع وعلينا التسليم بالموضوعية فكل الجماعات والفصائل أصبح لها منفذها الفضائي فلابد أن نتعود علي التعددية لأنها أصبحت مفروضة ولا أحد بمقدوره إيقاف هذه القنوات، الغلق لم يعد مجدياً في ظل تواجد أقمار أخري إلي جانب الانترنت. ويوضح أن اختلاف الآراء من الطبيعة البشرية والمشاهد يجب أن يكون علي درجة من الوعي في تلقي الرسالة الإعلامية وانتقائها. وعن الميثاق الإعلامي يري د. أمين أنه لا يوجد ما يسمي بالضوابط حتي الغلق لم يعد حلاً، خاصة مع عدم التحكم والسيطرة علي المنافذ الأخري مثل الانترنت لذلك فالتنشئة الإعلامية هي الحل حتي يتمكن الشباب أن يواجه العصر الجديد بفكر مستنير وربما تكون هذه القنوات »شمت نفسها« في الوقت الحاضر، فالإسلام السياسي أصبح أمراً واقعاً في كل الدول العربية وهو ما يسمي بعصر التحول وسنجد فيما بعد كثيرا من المنتجات التي سوف تأخذ طابعاً إسلامياً. وينهي د. أمين كلامه قائلاً: وعموماً أي قنوات محرضة أو لها سمة التجني علي أشخاص أو مجموعات أو مؤسسات فلابد أن تتعرض للمساءلة بحيث لا تنجرف لأغراض سيئة. بينما يري د. أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق في قناة الأزهر هي الحل.. فهي قادرة كما يقول علي التصدي للمخالفات التي ترد عبر القنوات الأخري، لأننا نلاحظ أن القنوات التي يكثر فيها المتحدثون باسم الدين بعضها ليست ملتزمة بتقديم العلماء المتخصصين وهو ما يترتب عليه إحداث بلبلة بين الناس من جراء بعض الفتاوي غير الصحيحة التي ترد علي ألسنة غير المتخصصين، فقناة الأزهر ستمثل المرجعية الإسلامية ويطمئن الناس لها، فالإفتاء ليس مباحاً لكل من هب ودب معتمداً علي حفظ بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وبالتالي لا أمانع أن تتحدث القنوات الأخري في أمور الدين لكن بشرط ألا تدلي برأي في القضايا الشائكة والأحكام التي تحتاج إلي آراء متخصصة حتي لا تحدث فوضي الفتاوي. وعن الجهة المنوط بها تنظيم عمل القنوات الدينية أكد د. عمر هاشم أن هذه فعلاً أزمة، لأن هذه القنوات قطاع خاص فلكل صاحب قناة أن يأتي بمن شاء ليقول ما يشاء وبالتالي لابد من وضع حد لهذه الفوضي من خلال ميثاق شرف يلتزم به القطاع الخاص المملوك لأشخاص والعام المملوك للدولة وهذا الميثاق من شأنه الالتزام بسقف محدد لمنع غير المتخصصين من الفتاوي.. وكل قناة تخالف ذلك لابد أن يكون لها حساب لأن البث الفضائي اليوم أصبح يخترق الحدود ويدخل البيوت دون استئذان وبالتالي فالغلق هو الحل.