القتوات الدينية أن كانت إسلامية أو مسيحية خلقت أجيالاً من المتشددين الذين أخذوا هذه القنوات منابر لهم لبث أفكارهم المدمرة بين الشباب وفي ظل التجاهل الإعلامي لهذه الظاهرة فعلي المختصين أن يصدروا تشريعات تحد من هذه القنوات إن كانت دينية متشددة أو إباحية حتي تسيطر علي الفوضي الإعلامية قبل أن تدمر وتخرب عقوب الشباب• أمتلأت السماوات الإعلامية بالعشرات من القنوات الفضائية الدينية التي تعكس صورة الدين المتطرف سواء كان الدين المسيحي أو الإسلامي، وأصبحت مصدراً للفتاوي المتشددة والتي قد تدفع بالشباب لارتكاب جرائم العنف والسييء أن تلك الفتاوي تصدر عن أشخاص غير معروفين أو مشهود لهم بالعلم أو الثقافة الدينية فأصبح كل من قام بإطلاق لحيته وارتدي جلباباً شيخاً يصدر الفتاوي كما يشاء، ويتحدث في شتي القضايا الدينية الشكلية والفرعية، ويتجاهل القضايا التي تمس جوهر الدين وتدعو إلي التسامح وتدفع بالمجتمع للأمام• ولأن قوانين الطبيعة تؤكد أن لكل فعل رد فعل مساوياً له في المقدار ومضاداً له في الاتجاه فكان أمراً حتمياً أن نجد عشرات القنوات الغنائية التي جاءت علي النقيض التام من القنوات الدينية، وامتلأت بالإسفاف والبحث عن الإثارة وهو الأمر الذي يدعونا للتساؤل عن الهدف الأساسي وراء انتشار مثل هذه القنوات؟ وأين ميثاق الشرف الإعلامي الذي يجب أن تلتزم به؟ وكيف يمكن مواجهة هذه الفوضي الإعلامية المدمرة؟ معايير وضوابط وحول الضوابط والقوانين التي تحكم نشاط هذه القنوات الفضائية يقول د• محمود خليل الاستاذ بكلية الإعلام: إن القوانين التي تحكم نشاط القنوات الفضائية الخاصة التي يملكها رجال الأعمال هي القوانين العادية التي تقتضي عدم بث ما يتنافي مع الآداب العامة، فضلاً عن عدم المساس بالوطن أو النظام ومراعاة قدسية الأديان، ولكن المرونة في تطبيق هذه القوانين تجعل أي رجل ثري يمتلك رأس المال يقوم بإنشاء قناة فضائية ولأننا في عصر الأقمار الصناعية لا نستطيع أن نضع قيوداً ملزمة لأصحاب القنوات أو حتي نعترض علي ما تعرضه هذه القنوات الفضائية ولا نقوي علي إيقافها، خاصة أن معظم هذه القنوات نجحت في استمالة عدد كبير من المواطنين لأنها تلعب علي وتيرة إثارة المشاعر الدينية• ويؤكد د• محمود خليل: أن هدف نسبة غير قليلة من ملاك هذه القنوات يتمثل في تحقيق أعلي عائد ربح لأنها تأتي في سياق الأنشطة الاقتصادية والتجارية التي يستثمرون أموالهم فيها، والأساس هو النشاط التجاري والاقتصادي، ولذلك يلجأون لكل الوسائل من أجل تحقيق الربح، مما أدي إلي تحول السماوات الإعلامية إلي فوضي، فظهرت القنوات الدينية المتخصصة سواء القنوات الإسلامية أو المسيحية والتي تحولت إلي بوق يغرس الفكر الديني المتطرف في نفوس الشباب• ويوضح د• خليل: أنه في الوقت الذي يقبل المسئولون علي النايل سات بث أي قناة فضائية مهما كانت خطورة الرسالة الإعلامية التي تقوم بتوجيهها نجد القمر الصناعي العربي عرب سات يرفض بث قناة مثل القناة الفرنسية الدولية لأنها قامت بعرض فيلم جنسي وهذا ما يرفضه ملاك هذا القمر أما القمر الصناعي النايل سات فقد تحول إلي جمعية تعاونية تبحث عن الدخل المادي مهما كان مصدر هذا الدخل دون النظر إلي ما تعرضه القنوات المستأجرة• سحر وتفسير أحلام د• جهان رشتي عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقاً أكدت: أن مواثيق الشرف الإعلامي لم يعد لها وجود لذلك ظهرت القنوات الدينية المتطرفة وانتشرت برامج الفتاوي المتضاربة التي تشعرنا بأن المواطن المصري تمت برمجته وأنه لا يستطيع التحرك بدون الرجوع إلي الشيوخ، بالاضافة إلي انتشار قنوات السحر وتفسير الأحلام، التي تستخدم الدين في مجال الدجل والشعوذة، وتحول الأمر إلي مجرد شكل من أشكال التجارة لأن هذه القنوات تربح من خلال الإعلانات ورسائل الموبايل• وأضافت د• جهان: أن الإعلام الديني كان في فترة من الفترات يواجه قيماً وعادات متخلفة ولكن الأمر اختلف الآن وأصبحت القنوات الدينية تقدم فكراً متطرفاً يغذي الكراهية الدينية بين أتباع الأديان المختلفة وكان المفترض أن يتم مواجهة هذه القنوات من خلال إشاعة الفكر الديني المعتدل، وتم بالفعل إنشاء قناة التنوير لهذا الغرض ولكن للأسف أصبحت مجرد قناة ثقافية وعجزت عن تحديث الفكر الديني• وأشارت إلي أن الإصلاح الديني يتطلب إعلاماً دينياً مستنيراً فلا يوجد حل أمامنا إلا أن نطرح خطاباً دينياً معتدلاً ونحاول توضيح فكرة عمق الأديان• إعلام فقهي وحول أزمة الإعلام الديني في مصر أوضح نبيل عبدالفتاح مساعد مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أن أجهزة الإعلام الديني في مصر ساعدت علي تزايد النزعة التعبوية لمستهلكي المادة الإعلامية الدينية، وترويج أبعادها السياسية والعقائدية والنزاعية بين أبناء الأديان والمذاهب بعضهم بعض تحت مظلات ذات الدين أو المذاهب أو المدرسة الفقهية، وساعدت أجهزة الإعلام الديني أيضاً في اتساع النزعات السجالية والازدراء الديني ومن ثم نمو الكراهية علي أساس ديني والمساهمة في تنميط المعرفة والوعي الديني شبه الجماعي واتساع سوء التفاهم بين أهل وأتباع الأديان والمذاهب في المنطقة عموماً في مصر بين المسلمين إزاء المسلمين، وبين المسيحيين إزاء المسيحيين كما أن الإعلام الديني الفضائي ساهم في ازدياد الذم ونشر الكراهية وعدم التسامح• وأشار نبيل إلي أن الإعلام الديني الفضائي في مصر يتسم بعدد من السمات السلبية منها ضعف بعض مستويات الكادر الإعلامي الذي عمل في حقل الإعلام الديني، من حيث التكوين المهني أو الثقافة والتخصص الديني، والنزوع السلفي المحافظ، والميل إلي التشدد تحقيقاً للنفوذ وبروز مقدمي برامج من رجال الدين المتشددين ذوي تكوين ديني أصولي لا هوتي وفقهي إسلامي• أكد نبيل عبدالفتاح أن الميل السجالي في الخطابات الدينية علي الفضائيات يعتبر إحدي استراتيجيات تعبئة غالب الجمهور والرواج بين بعض عوام المتدينين ذوي المزاج الديني المتشدد، واقترح نبيل بعض المقترحات من أجل تطوير الإعلام الديني، منها إعداد تقرير سنوي حول الإعلام الديني ورؤية تقويمية تعدها بعض مراكز البحث الاجتماعي والسياسي أو بعض المنظمات الأهلية المعنية بعدم التمييز بين المواطنين لأسباب دينية أو مذهبية ويركز التقرير علي تناول نقدي وأكاديمي ومهني لمستويات الممارسة المهنية• فوضي البث أما الكاتب أسامة أنور عكاشة فيؤكد أن إيقاف فوضي البث الفضائي لا يتم إلا من خلال صدور تشريعات دولية بحيث يكون هناك ترشيد لهذه القنوات التي تذيع التطرف أو تلك التي تذيع العري، خاصة إن ظهور القنوات الدينية التي تروج للتطرف الديني وتلعب علي إيقاظ المشاعر الدينية، أدت إلي ظهور قنوات غنائية تحرض علي الرذيلة وتعكس الإباحية الجنسية واعتقد أن ظهور هذين النوعين من القنوات الفضائية يمثل وجهين لعملة واحدة وأصبحت هذه العملة هي السائدة خاصة بعد إنصراف الجماهير عن القنوات الأرضية التي تمتلكها الحكومة التي لها توجهات سياسية• ويطالب عكاشة الجهات التي تمتلك الأقمار الصناعية أن تسيطر علي هذه الفوضي الفضائية قبل أن تدمر وتخرب عقول الشباب•