عمرو الدىب »الشللية« أفة مصر الأبدية، وصداعها المزمن الذي يؤرق سنيها، ويبطيء مسيرها دائماً، فتلك الظاهرة البغيضة تمتص الكثير من طاقات الجسد المصري، وتصيبه بالحمي الدائمة التي تجعل الضمير الوطني مشوشاً، والرؤية الجميلة غائمة، تحت ضغط هذه الأفة المستوطنة. وأذكر أنني كتبت مقالاً علي صفحات جريدة »الأخبار« منذ أكثر من عشرين عاماً رصدت عبره تلك الظاهرة المرضية، وتحدثت فيها عن انتشارها في حياتنا الأدبية إلي درجة وبائية أسفرت عن قلب الحقائق، وتزييف القيم الإبداعية، وتسييد أسماء ما كان لها أن تهيمن الا في ظل أجواء مرضية خانقة، والعجيب انه بعد نشر المقال بعقدين، تأملت المشهد فوجدت المرض يزداد استفحالاً وتوحشاً، وقد تطورت أشكاله وأساليبه، فلم يعد الأمر مجرد شلة من الأصدقاء الذين تعاهدوا معاً علي تحقيق مطامعهم مهما زيفوا من حقائق، وقلبوا من موازين، انما صار الأمر أشد شراسة وتنظيماً، فالشلة أصبحت مجموعة ضغط تشبه »اللوبيهات« الصهيونية المنتشرة في المواقع المؤثرة من العالم، والأهداف أضحت أكثر أنانية وأقبح طمعاً، والأساليب باتت أقذر وأحط، والضحية لم تعد مجرد فرد شاء قدره أن يقع في براثن فخاخ هذه المجموعة الإجرامية أو تلك، ولكن الأوطان ومصالحها صارت في كثير من حالات أنشطة تلك المجموعات الشللية هي المستهدفة، وفي سبيل الترويج لأفراد الشلة يهون كل شيء، الأوطان والقيم والحقائق، ولا عزاء للفرادي المساكين غير الملتحقين بشلة ما، أو قل عصابة إجرامية تعتدي علي الحقيقة، انها ظاهرة تنتشر كالسرطان، فأرجوكم تعاونوا في إيقافها. الشللية مرض خطير في حياتنا، يحيل الباطل حقا، ويبهت الحق محولا إياه إلي ركام!! ورغم انهم قالوا قديما في الأمثال: صديقك من صدقك.. إلا أن أعضاء شلة الأنس إياها وغيرها من الشلل »اللولبية« يفضلون مثلا من صنعهم هم لا يمت إلي الحكمة بصلة، وهو صديقك وعضو شلتك علي حق دائما، مهما كان مخطئا، ومهما بلغت درجة تجنيه علي الحقيقة، وهم يلقنون أعضاء الشلة وصايا أشبه باللائحة، أهم بنودها من أجل مصلحة الشلة كل شئ مباح، وكل الأمور قابلة للتفاوض، وعليك يا زميل الشلة ويارفيق الأنس أن تبتلع »الزلط« لحبيبك العضو الآخر، ويمكنك في سبيل ذلك أن تدوس علي كل القيم، وأن تبصق علي وجه الحقيقة!! وفي الختام علينا أن نقدم الاعتذار إلي المفكر المبدع العظيم الراحل الدكتور مصطفي محمود، لأن العنوان هو أحد عناوين إبداعاته التي لا تنسي.