لم تختلف برامج رمضان التليفزيونية هذا العام عن الأعوام السابقة، فنفس الحوارات والأسئلة والضيوف هم الذين يظهرون ويتحدثون في مختلف القنوات الفضائية التي تبحث عن الجذب والإثارة علي حساب المضمون والرسالة. غير ان أبرز ما في رمضان هذا العام هو بروز "شلل" الأصدقاء التي تتبادل المواقع والمنافع والمكاسب وتصنع من أفرادها نجوما ومشاهير، وكل من فيها يجادل الآخر ليحصل هو ايضا علي نصيبه من المجاملة لاحقا. فمقدمو البرامج التليفزيونية أصبحوا ضيوفا علي برامج زملائهم في عملية تبادل مستمرة للمواقع تسهم في مزيد من الانتشار لهم ومزيد من قيمتهم وتضفي عليهم أبعادا أخري تتجاوز حدود مكانتهم ودورهم كمقدمين أو معدين للبرامج التليفزيونية. وما أسهل ان يطلق كل واحد منهم علي الآخر الآن صفة "الإعلامي الكبير" أو "الإعلامي القدير"، وحيث لا ندري هل هو الكبير سنا أو الكبير مقاما أو الكبير علي طريقة أحمد مكي.. وحيث صارت الألقاب والصفات توزع وتمنح في اطار من صفقات المصلحة المتبادلة. و"شللية" التليفزيون هي نفس شللية الحياة العامة خاصة في شأنها السياسي والإعلامي، وحيث لا نجاح ولا دور ولا بروز لمن لا شلة له تستطيع تسويقه وتقديمه لذوي النفوذ الذين هم ايضا أعضاء في الشلة. و"الشللية" هي التي أفسدت كل شيء في المجتمع، فهي التي انقضت علي الكفاءات تتخلص منها وتمنع انتشارها وتشوه سمعتها، وهي التي أتت بنوعيات خاصة من المنافقين والخدم وحملة المباخر لتدفع بهم إلي الصفوف الأولي في صفقة تبادلية تستهدف تدعيم المواقع وتغيير العقول وتثبيت الواقع الذي يحقق لهم كل المكاسب والامتيازات. و"الشللية" سوف تزداد وتتوهج في الفترة القادمة مع وجود متغيرات جديدة في الحياة السياسية تدفع في اتجاه ظهور مراكز قوي جديدة مؤثرة ومختلفة، وهي شللية بدأت إعادة توزيع الأدوار وتغيير المواقف. والتفكير في المستقبل وتوابعه.. وهي شللية انتهازية كفيلة بالقضاء علي أي تفكير أو دعوة للإصلاح.. إنهم آفة هذا العصر وسبب كل تراجع للوراء لانهم بلا قيم أو مبادئ أو أخلاق.