ميادة: ماليش شلة منذ صغرى لم أعرف مذاق الشلة، كنت طفلة وحيدة لأكثر من 12 عاما، والأكبر بين كل أطفال العائلة، أمضيت سنوات كثيرة بمفردى، أتسول اللعب مع ابن الجيران، ولأنى كنت أسمع كلام الكبار وأنفذه حرفيا كنت منبوذة وسط أصحابى.. ووجدت إشارات صد كثيرة منهم لأنهم يريدون من يشاركهم طباعهم.. بعدها أصبحت أخاف من الجماعة والشلة.. ولكنى عوضت ذلك فى الصداقات الثنائية.. ففيها شعرت بالأمان الذى لم أجده فى الشلة.. فكان لى حقوق أكثر وواجبات أقل، ومع الوقت تحولت الرهبة إلى كراهية حقيقية لفكرة الانخراط فى جماعة.. وآمنت بأننى كلما خففت من حمولتى البشرية فى الحياة صرت أكثر سعادة وحرية، ووجدتنى لا شعوريا خارج كل الأسراب التى مررت بها منذ دخولى مرحلة الشباب وحتى الآن، وتحولت المطيعة جدا إلى متمردة من الطراز الأول. أشاهد مسلسلات «فريندز»، «وديسبرت هاوس ويفز» وتنتابنى أحيانا الحسرة على متع الشلة المفقودة، ويتجدد سؤالى فى الوقت نفسه عن مدى نجاح مثل هذه العلاقات فى مصر، خاصة أننا لسنا بقدر المكاشفة والحرية التى تسمح بنمو وازدهار شلل كهذه. أحمد: كنت وحيداً فى الجامعة أنا طالب فى كلية الطب جامعة القاهرة.. ليس لى إلا صديق واحد.. عندما أصل الجامعة أبحث عنه.. ونجلس معا حتى ميعاد المحاضرة الأولى ندخل معا.. وفى «البريك» نقف معا.. أو نأخذ جانبا فى الكافيتريا ونأخذ الشاى بتاعنا.. ثم ندخل المدرج لنواصل اليوم الدراسى.. وكنت لا أذهب إلى الكلية فى اليوم الذى لا يذهب فيه.. وفى يوم حدث له ظرف طارئ ولم يأت.. أحسست فى ذلك اليوم أن الجامعة كئيبة.. قضيت اليوم وحيدا.. فأنا لا أعرف هنا أحداً غيره.. اكتشفت أن هذا أول يوم أحضر الجامعة بدونه منذ ما يقرب من عام!!. سألت نفسى فى ذلك اليوم: ماذا لو حول صديقى من الكلية؟! وجاءنى الرد من عند الله وأنا جالس فى حديقة الجامعة وجدت مجموعة بنات وأولاد واقفين يقولون: «كده شلتنا ناقصة اتنين.. فين الباقى يا جماعة؟».. فقررت أنه يجب أن أسعى للتعرف على أكثر من صاحب.. وعندما حرصت على التقرب إليهم وجدت ناساً مثلى يتقربون منى أيضا.. وعندما أتى صديقى شاركنى وتوسعت دائرة معارفنا وكونا شلة كبيرة وقبل نهاية العام كنا أكثر الشلل شهرة فى الجامعة. د. أبوزيد راجح : عمرى ما كان عندى شلة الدكتور أبوزيد راجح، الرئيس السابق لمركز بحوث الإسكان، قال «أنا عمرى ما كان عندى شلة فى حياتى، لأننى أراها عبارة عن مجموعة من الأصحاب متباينين فى القيم يجمعهم هدف أو مصلحة محددة كالتسلية، وإذا ما انتهى الغرض انفضت الشلة، لأن تجمعها وقتى، فلا يوجد ارتباط عضوى أو قيمى أو أخلاقى، على عكس الصداقة والتى تعنى اشتراك مجموعة من الأفراد فى نفس القيم الأخلاقية والإنسانية والأسس الحياتية، كالصدق والأمانة بالإضافة إلى تبادل التقدير الذاتى فيما بينهم، الأمر الذى يجعل فقد صديق فقداناً لجزء أساسى من الحياة». وأضاف «أنا لى أصحاب كثيرون، لا أطلق عليهم مصطلح شلة الأصحاب، لأن الصداقة تحتمل الاختلاف، والتنوع لكن الشلة لا تحتمل اختلاف الرأى، وإن خالفها فرد يخرج من دائرتها، وتعدد الصداقات بالنسبة لى تعنى تعدد جوانب شخصيتى، وأرى أنهم جميعا قريبون من قلبى وإذا غاب أحدهم أشعر بالحزن، وأقربهم هو المرحوم السفير تحسين بشير الذى تعرفت عليه أثناء دراستنا بأمريكا، ومنذ اللحظات الأولى لتعارفنا اكتشفت تقارب مواصفاتنا الإنسانية، وهناك المهندس فاروق ابراهيم زميلى بكلية الهندسة، والدكتورة شهيرة دوس، أستاذة الفلسفة بجامعة إنديانا بأمريكا، والمرحوم الدكتور لويس عوض» وقال «أنا لا ألوم الشباب لأنهم استبدلوا الشلة بالصداقة ومفهوم التجمع الشللى بدلا عن الصداقة الدائمة، لأنه ليس خطأهم وإنما خطأ الكبار والنظام الاجتماعى والأسرة، لأن أغلب الشباب ليست حياته قائمة على أسس معينة وليس له هدف يسعى إلى تنفيذه، ولا قدوة يسير على خطاها، فأصبح لا يجد صديقا حقيقيا، واستعاض عن ذلك بالشلة سواء لأداء غرض جيد أو سيئ».