هذه الأيام المباركة التي يعيشها المسلمون في انحاء العالم ونفحات رمضان الايمانية التي تجوب العالم الاسلامي، تختلف الصورة لدي المسلمين في الغرب والمجتمعات الغربية الذين يحملون رسالة أخري مع احيائهم للشعائر الدينية وهي مهمة الدفاع عن الاسلام في مجتمعات سيطرت عليها فكرة العداء للإسلام وظاهرة الاسلاموفوبيا منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر . وقد كان لنا هذا الحوار مع نهاد عوض المدير التنفيذي لمركز العلاقات الاسلامية الامريكية (كير) وهو اكبر مركز اسلامي في العالم والذي تصدي مرارا لمحاولات الإساءة للإسلام عبر الطرق الرسمية والقانونية أمام تيار معاد لم يدخر جهدا في محاربة الاسلام والمسلمين في المجتمع الامريكي. سنبدأ حوارنا من حيث انتهت آخر المواجهات بين مركز العلاقات الاسلامية الامريكية ووزارة الدفاع (البنتاجون ) وحادثة الاهداف التي يتدرب عليها مشاة البحرية الأمريكية والتي تحمل آية الكرسي وصورة لفتاة محجبة . ما حقيقة هذه الحادثة؟ ارسلت خطابا لوزير الدفاع الامريكي واخبرته أن هذه الأهداف التي يدربون عليها الجنود الامريكيين تمثل إساءة كبيرة للمسلمين، وستتسبب في توجيه رسائل مسيئة وسلبية لكل من المتدربين والبلدان ذات الأكثرية المسلمة في العالم كما طالبته بإزالة تلك الأهداف المسيئة وتبديلها بأهداف أخري. وأؤكد أنه عندما تقع اية حادثة نتحرك فورا ونخاطب السلطات الامريكية ونطالبها بالتحقيق الفوري كما حدث من قبل في حادثة احراق المصحف الشريف في افغانستان. وهو الحدث الذي خلق ازمة كبيرة كان لها وقع سيئ في العالم الاسلامي كله واؤكد ان مثل هذه الحوادث تشعل غضب المسلمين وكراهيتهم لأمريكا. هل طالبت بوقف محاضر في احد مراكز التدريب الامنية قبل ايام؟ طالبت من وزارة الدفاع رسمياً وقف محاضر يدعي رضا كحليلي يدرس في "أكاديمية مكافحة التجسس" التابعة للوزارة بولاية ماريلاند الذي دأب علي خلط معاداته للإسلام بالمواد التي يدرسها. ومعروف عنه أنه كان في السابق عميلاً لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية داخل ايران . الصدمة بالنسبة لنا كانت ان أمثال هذا الشخص ممن يرون أن الإسلام هو العدو وان وجود مجتمع اسلامي في امريكا هو اكبر خطر هم أنفسهم من يعتمد عليهم المسئولون في تقديم معلومات عن الاسلام وتدريب رجالهم في الاجهزة الأمنية المختلفة وهو ما يؤثر بصورة سلبية علي السياسات والسلوك والاتجاهات والممارسات بكل مستوياتها داخل الدولة مما يترتب عليه استمرار حالة العداء للاسلام والمسلمين. مع استمرار هذه الحوادث والكشف عن قيام شرطة نيويورك بالتجسس علي المسلمين في الولاية قبل اشهر هل شعرت ان النظرة السيئة للاسلام والمسلمين من قبل المسئولين لازالت موجودة ؟ انا ارفض الربط بين الامرين لأن ما يجري علي الساحة الامريكية من الكشف عن برنامج التجسس الذي شرعت به شرطة ولاية نيويورك وكشفت عنه وكالة الاسوشيتد برس شئ مؤسف ومؤرق لنا كمسلمين أمريكيين.وكانت صدمة كبيرة لنا ان تقوم هيئة بوليسية بحجم شرطة نيويورك بمخالفة الدستور الامريكي وانتهاك الحريات وحقوق المسلمين المواطنين وغير المواطنين الذين لم يخالفوا القانون , فقط لأنهم مسلمين يتم التجسس عليهم . ونحن طالبنا من وزارة العدل الامريكية بالتحقيق في هذا الأمر .فقد تعودنا ان نسير في عدة اتجاهات الاتجاه القانوني والاتجاه السياسي واتجاه الضغط الشعبي الرافض للتعدي علي الحريات. وهذا الحادث يضرب علاقة الثقة التي يحتاجها المسئولون في نيويورك قبل المسلمين. كيف تصف واقع المسلمين في امريكا الآن مع تكرار هذه الحوادث ؟ بشكل عام ووفقا للعديد من الدراسات التي اجريناها مؤخرا واقع المسلمين هنا في تحسن مستمر حيث زاد عدد المراكز الإسلامية والمساجد التي وصلت إلي 2000 مسجد حتي الآن في الولاياتالامريكية وهو مؤشر واضح علي زيادة اعداد المسلمين ونمو مؤسساتهم وأننا أصبحنا جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع الأمريكي. هذا يصاحبه تحديات الكراهية ومحاولات الإقصاء من جانب الجماعات التي لم تتعايش مع الواقع التعددي الأمريكي وتحاول ان تقدم الإسلام والمسلمين علي أنهم عدو لهم وعامل خطر علي الأمن والمجتمع الامريكي. ويجب ان نعترف ايضا اننا نعاني من تلك الحملات المركزة والممنهجة. ما الدور الذي يقوم به مركز العلاقات الاسلامية الامريكي في الدفاع عن قضايا الاسلام في العالم؟ مجلس العلاقات الاسلامية هو مؤسسة معنية بشئون المسلمين الأمريكيين ولكننا لسنا منقطعين عن القضايا التي تهم العالم الإسلامي بما فيه محاولات تهويد القدس والاعتداءات المتكررة علي المسجد الأقصي. فقد شاركنا في عدة مؤتمرات تخص القدس الشريف. والمسلمون الأمريكيون يدينون أي إعتداء علي مركز عبادة سواء مسلما أو غير مسلم. ولقد ارسلت قبل أيام خطابا لحكومات بورما وبنجلاديش لوقف المذابح التي ترتكبها القوات في بورما في حق المسلمين المعروفين بالروهنجيا والسماح للمنظمات الدولية بالدخول للمناطق المنكوبة وتقديم المساعدات اللازمة لهم والتحقيق في هذه المذابح ..كما سبق ان ارسلت خطابا لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لوقف حمامات الدم في سوريا وحماية الأبرياء. ما الخطوات التي تتخذها كمدير تنفيذي لأكبر مركز اسلامي في العالم عندما تحدث واقعة معادية للإسلام والمسلمين في امريكا؟ نحن كمؤسسة مهتمة بالشأن القانوني نحاول أن نسلك السبل القانونية والسياسية كي تكون السيادة للقانون من ناحية وللدفاع عن المؤسسات الإسلامية من ناحية أخري ونحقق النجاح في حالات كثيرة لكننا نواجه مقاومة لا يستهان بها من أولئك الذين لا يرون للإسلام والمسلمين مكانة في الحياة والمجتمع الأمريكي. ورغم أنهم قلة إلا أنهم اصحاب صوت عال ولهم نفوذ قوي لا يستهان به وهو نفوذ مدمر ومؤذ لسمعة أمريكا ونسيج المجتمع الامريكي. هل تقصد اللوبي اليهودي بالقلة أصحاب النفوذ؟ لم أحدد هوية اللوبي ولكن أؤكد أنه لوبي متطرف من كل فئات المجتمع الدينية وغير الدينية له ايدولوجية ومدفوع بأجندة سياسية تحاول أن تعادي وتحارب وجود المسلمين في أمريكا ودائما ما يثير هذا اللوبي التوتر في العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين. في رأيك هل فشل الرئيس أوباما في تحقيق التقارب الذي وعد به في خطابه الشهير بالقاهرة بين أمريكا والعالم الاسلامي هو السبب في حدوث تلك الانتهاكات ضد الاسلام والمسلمين بين الحين والآخر؟ الأدق أن نقول أن اوباما لم يستطع أن يحقق ما وعد به المجتمع الأمريكي والناخبين الأمريكيين والعالم الإسلامي بل العالم أجمع الذي كان يتطلع إلي وجود قيادة ورؤية. أنا أعتقد أنه كان صادقا عندما تحدث في القاهرة ولكنه واجه مقاومة شديدة من جماعات الضغط التي لا تريد لهذا البلد أن ينجح في فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي فهم ينظرون لنا من منطق المطرقة وهو أن تنظر لكل شئ علي أنه مسامير وانك انت صاحب السلطة وصاحب القوة. وأتمني أن لا تنجح هذه الفئة المتطرفة التي لا تنظر إلي الآخر إلا من خلال منطق أنها صاحبة القوة في التأثير علي أي رئيس أمريكي. إذا أنت تؤيد الرأي الذي يقول ان السياسات الأمريكية واحدة مهما كان شخص الرئيس ؟ إلي حد ما والدليل علي ذلك اننا إذا غيرنا الرئيس او الشخص الذي يقود الولاياتالمتحدة من البيت الأبيض لا يعني ذلك أننا غيرنا النظام أو النهج السياسي لأن هذا يحتاج إلي وقت طويل.وهذا ليس عذرا للرئيس أوباما كي لا يتخذ إجراءات وخطوات جدية تجاه المسلمين لكننا نتفهم أننا نعيش الآن في ظل حملة انتخابية حاسمة. هذا يدفعنا للحديث عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجري في نوفمبر القادم..هل تتوقع فوز اوباما؟ اعتقد أن نجاح اوباما سيجعله يقدم علي عمل اصلاحات في السياسة الأمريكية تجاه المسلمين في الداخل وعلي مستوي العالم وسيكون امام مسئولية كبيرة أمام العالم الاسلامي وإذا لم ينجح أوباما وكانت هناك سيطرة للجمهوريين علي البيت الأبيض والكونجرس اعتقد انهم سيواجهون الأمر بشئ من المنطق لأن المتغيرات في الشرق الاوسط والربيع العربي والنهضة العربية كلها تفرض نفسها علي كل من يتعامل معها بأن يحترمها ويقدر موقفها ويغير من سياساته ويحمي مصالحه من خلال إتخاذ سياسات عاقلة تحترم حقوق الآخرين ولا تستخدم منطق العلوية. من سينتخب العرب والمسلمين رئيسا لأمريكا أوباما أم رومني؟ من الصعب الاجابة علي هذا السؤال الآن فرغم ان اغلب المسلمين انتخبوا اوباما في الانتخابات الماضية إلا اننا هذه المرة سننظر بنظرة موضوعية لكلا المرشحين وندرس برنامجهما جيدا فيما يتعلق بالقضايا التي تهمنا مثل الاسلاموفوبيا وقضية الحريات المدنية والنظرة للعرب الامريكيين والعلاقات بين امريكا والعالم العربي والاسلامي ومساندتهم للثورات العربية والحكومات الوليدة. ولقد دشنا حملة بعنوان "صوت المسلمين" هدفها زيادة عدد المسلمين المشاركين في الانتخابات القادمة وتشجيع من يريدون التطوع في الحملات الانتخابية وتسجيل اكبر عدد من المسلمين الأمريكيين في كشوف الناخبين عبر موقع المركز. في النهاية حدثنا عن دعوة الإفطار الجماعي التي ينظمها المركز واصبحت تقليدا في كل المراكز الاسلامية في امريكا؟ منذ انشاء المركز ونحن نشجع المسلمين الأمريكيين علي الحديث مع جيرانهم وتعريفهم بالمناسبات الدينية مثل رمضان والعيدين وقمنا بدعوة كل المراكز الاسلامية بتبني فكرة الافطار الجماعي بين المسلمين وغير المسلمين وتدريبهم علي الاعداد الجيد لهذه المناسبة لأنها طريقة مباشرة للوصول للامريكيين وتعريفهم بالصورة الصحيحة للإسلام بعيدا عن ما تبثه وسائل الإعلام من اخبار مشوهه تسئ في اغلبها للمسلمين.