محيى عبدالرحمن رمضان كريم، جملة لها معني ومضمون عرفناه في الزمن الجميل، كنا أطفالا كبيرنا في العاشرة، وكنا نصوم نصف اليوم أو ثلثه، حتي إفطارنا كان في الخفاء، هكذا تربينا وتعلمنا.. كانت معاني الرضا والتسامح والتكافل الاجتماعي تتحقق كلها في أيام الشهر الفضيل رغم ان اكثر الناس كانوا من الفقراء، قيم جميلة ومشاعر نبيلة افتقدناها مع التكنولوجيا التي جعلت من العالم قرية صغيرة تختلط فيها الثقافات.. المسجد مقصدنا عقب الافطار، الامام حريص علي ارتداء افخر ثيابه ليؤم الناس في طهارة ظاهرة وأخري باطنة بخشوعه في الصلاة وبكائه اثناء التلاوة.. تميل الشمس للغروب فيكون كل رجل في بيته، وقبل أذان المغرب بنصف الساعة تتحول البيوت الي خلية نحل، الرجال مكانهم المضيفة، صوت التلاوة المنبعث من مذياع المسجد لمشاهير المقرئين في الاذاعة يخترق الآذان ويختلط بعصير الصبر علي الجوع والعطش في صوم اشد أيام السنة حرارة ليتخذ سبيله الي القلب عجبا فتهتز القلوب وتبكي العيون في لحظات روحانية يطرب لها طلاب التجليات.. ثلة من النسوة يحملن صواني الطعام الي المضيفة، يلتف الرجال حول مائدة مفتوحة لكل ضيف او عابر سبيل، بعد صلاة العشاء والتراويح يبدأ المقرئ في التلاوة حتي ينتصف الليل، وفود الزوار علي المضايف لا تنقطع، يتصافحون ويتعانقون في ود وتسامح، الخلافات تذوب.. اليوم أري البيوت خاوية، والمضايف للعزاء والمسلسلات الرمضانية حلت محل المقرئين، الصلاة تؤدي علي عجل أو تؤجل لمتابعة المسلسلات، أي زمن هذا؟ وأي بشر نحن؟! وماذا نقول لربنا يوم الحساب وقد أنزل علينا آيات تقول »يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ (19) لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الجَنَّةِ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ (20)«.