سعيد إسماعيل التاريخ ليس مكتوبا في الكتب والوثائق فقط.. إنه محفور ايضا في ذاكرة الشعوب التي تتوارثها الأجيال.. ولذلك لا يستطيع أحد، مهما كان شأنه، أن يغيّر، أو يبدل، أو يزيفّ، أو يمحو أحداثا أو وقائع عاشها الناس، حتي لوحاول. عندما قامت الثورة في مصر عام 2591، أعلن قادتها التزامهم بتحقيق اهداف ستة، تمثلت في القضاء علي الاستعمار، والاقطاع، وسيطرة رأس المال علي الحكم، وتحقيق الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. والذين يحاولون الآن النيل من ثورة 2591، وتشويهها واهمون لأسباب كثيرة.. أولها أنها كانت ثورة مصرية صميمة.. وثانيها أن قادتها كانوا وطنيين مخلصين، وثالثها أن الشعب التف حول اولئك القادة منذ اللحظة الاولي. صحيح أنهم لم ليتمكنوا من التغلب علي بعض المصاعب المعقدة التي واجهتهم، وعطلت مسيرتهم، لكنهم اجتهدوا، واستطاعوا أن يحققوا انتصارات كثيرة، غيرت وجه الحياة علي أرض مصر. وإذا كنا نسمع الآن من يتطاول علي هذه الثورة العظيمة، ويصف زعيمها جمال عبدالناصر بأنه كان عميلاً، وماسونيا، وديكتاتورا، فإن ذلك لن يقلل من ضخامة الإنجازات التي تحققت بفضل حكمة، وعبقرية، وجلد، وتصميم، وإخلاص هذا الزعيم ومن حوله.. ولن يسيء إليه أو يشوه صورته. عبدالناصر الذي قاد ثورة 32 يوليو استطاع أن يواجه الاستعمار العالمي وأن يتغلب عليه.. وحرر الفلاح من استبداد وجشع الاقطاعيين، وفتح ابواب المدارس والجامعات لأبناء الفقراء، وبني السد العالي، وأمم قناة السويس وساعد شعوبا في افريقيا علي التحرر، وقدم المال والسلاح للجزائر، واليمن، ورفع راية الدفاع عن فلسطين ضد الصهيونية، وقابل ما قابل من مؤامرات وعقوبات في سبيل ذلك.. إن الذين يتطاولون الآن علي ثورة 32 يوليو ويقللون من شأنها، ويتنكرون لأفضالها، سيحاسبم التاريخ، ولن يرحمهم!