أمانة الشؤون القانونية المركزية ب"مستقبل وطن" تبحث مع أمنائها بالمحافظات الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    ننشر التشكيل الجدبد لرؤساء الغرف الفرعية للشركات السياحية    جلسة مباحثات بين وزير البترول ورئيس "إنرجين" لبحث تعزيز التعاون في مجالات الغاز    دون إصابات.. الهلال الأحمر يتدخل فورا لإغاثة أسرة تضررت من حريق بالعريش    ترامب وستارمر: غزة تواجه "كارثة إنسانية" والوضع أصبح "مروعًا"    عبد الحميد معالى: "لم أتردد فى قبول عرض الزمالك"    عاجل.. أحكام رادعة علي 37 متهم بقضية الجوكر.. تعرف عليها    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    "كلنا جنبك وبنحبك".. نجوم الفن يواصلون دعمهم ل وفاء عامر    وزير الثقافة يفتتح معرض الإسكندرية للكتاب    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    «الأعلى للإعلام» يُلزم 3 مواقع بسداد غرامات مالية بسبب مخالفة «الضوابط والمعايير والأكواد»    موسكو تبدأ رحلات مباشرة إلى كوريا الشمالية وسط تراجع الخيارات أمام السياح الروس    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    كمال حسنين: كلمة الرئيس السيسى كانت "كشف حقائق" ومصر أكبر داعم لفلسطين    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    تجديد حبس متهم بقتل سيدة وسرقة 5700 جنيه من منزلها بالشرقية بسبب "المراهنات"    الغرف التجارية: تطوير قطاع العزل والنسيج خطوة نحو استعادة مكانة مصر الرائدة    التحقيق في وفاة فتاة خلال عملية جراحية داخل مستشفى خاص    فريق جراحة الأورام بالسنبلاوين ينجح فى استئصال كيس ضخم من حوض مريضة    تفاصيل حسابات التوفير من بنك القاهرة.. مزايا تأمينية وعوائد مجزية بالجنيه والدولار    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    البربون ب320 جنيهًا والقاروص ب450.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم في مطروح    غرفتا الملابس الجاهزة والصناعات النسيجية تستقبلان وفدا صينيا لبحث فرص الاستثمار في مصر    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    إجلاء أكثر من 3500 شخص مع اقتراب حرائق الغابات من رابع أكبر مدن تركيا    الإسكان تُعلن تفاصيل مشروعات محافظة بورسعيد    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    «الصحة» تحذر من الإجهاد الحراري وضربات الشمس وتوجه نصائح وقائية    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    وكيل الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في غزة مدمرة    وزراء خارجية الآسيان يدعون تايلاند وكمبوديا لوقف إطلاق النار فورا    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    كل عبوة مساعدات مجهزة لتلبية احتياجات الأسرة في غزة لمدة 10 أيام    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    منطقة الإسماعيلية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الثانوية    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    الكرتي يترك معسكر بيراميدز ويعود للمغرب    ثروت سويلم: ضوابط صارمة لتجنب الهتافات المسيئة أو كسر الكراسي في الإستادات (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعوة حب
طابور الصحافة!
نشر في الأخبار يوم 11 - 07 - 2012

الدنيا في بلدنا.. أصبحت طوابير.. طوابير.. ونحن ننتقل من طابور لطابور طوال ساعات العمل والإنتاج والابداع.. ابتداء من طابور الطابونة وأنابيب البوتاجاز.. والوقفات الاحتجاجية.. وأكياس رمضان.. وحتي طابور الصحافة.. الذي يقف فيه عدد من الزملاء يتقمصون شخصيات رؤساء التحرير!
يتقمصون شخصيات بشارة تقلا وانطون الجميل وأميل وشكري زيدان ومحمد توفيق دياب وعبدالقادر حمزة وطه حسين وروزاليوسف وأمينة السعيد ومصطفي وعلي أمين ومحمد التابعي وفكري أباظة وحسين فهمي واحسان عبدالقدوس وموسي صبري ويوسف السباعي ورشدي صالح.. الخ.. كل هؤلاء والعشرات ممن هم علي شاكلتهم.. لم يقفوا في الطوابير.. يحملون الملفات التي تحوي ما نشروه من أعمال، من أجل الحصول علي وظيفة رئيس التحرير في صحيفة تملكها الحكومة بسبب بسيط هو انه في هذا الزمان البعيد لم تكن الحكومة تمتلك الصحف.. ولم يكن هناك مجلس شوري.. يختار من بين الصحفيين.. من يصلح للتحدث بلسانه والدفاع عن هفواته وتغييب المواطنين عما يجري في الوطن.. كان القارئ هو صانع النجوم.. وهو صانع الصحيفة.. وممولها وهو الذي يستطيع الارتفاع بصحيفة لعنان السماء وأن يهبط بأخري إلي الحضيض ودفعها لإغلاق أبوابها.. باعتباره صاحب الكلمة وصاحب القرار.
كان القارئ في مصر.. هو مالك الصحف.. وهو صاحب قرار الاستمرار أو الغلق.. وهو الذي يحدد درجة الكاتب في بلاط صاحبة الجلالة.. ومصداقية الصحيفة فيما تنقله اليه من أخبار.. وهو الذي يحكم علي كفاءة الإخراج الصحفي.. والمراجعة والتصحيح.. والترجمة.. وكفاءة العاملين في قسم الأخبار والحوادث والقضايا.. والفن.. والخ.
كان القارئ في مصر.. هو الذي يختار الحكومات وهو الذي يسقطها.. وبالتالي فقد كان من الطبيعي أن يختار نجوم الصحافة.. ويحدد درجاتهم ومكانتهم.. ومن ثم فعندما اندلعت ثورة 32 يوليو 2591 المجيدة كانت الصحافة المصرية مشحونة بالنجوم.. وبالعناصر الوطنية التي تعبر عن التعددية السياسية.. وكانت تشكل ست مدارس صحفية متنوعة.. ويملكها أصحابها.. كانت في مصر مدرسة الأهرام الصحفية.. ومدرسة »دار الهلال« ومدرسة »روزاليوسف« ومدرسة أخبار اليوم.. علاوة علي عدد كبير من الصحف والمجلات الحزبية والخاصة التي تتناول الموضوعات التي لا تتناولها الصحف الكبري.. مثل سباق الخيل علي سبيل المثال.. في ليلة 32 يوليو 2591 لم تكن مصر تعرف الصحافة الحكومية ولا الصحفي الذي ينطق بلسان أصحاب السلطان.. ولم تكن الحكومة تتدخل في الشئون الخاصة للصحف.. إلا في حدود قوانين النشر.. المعمول بها في تلك الأيام.. كانت الصحف في ليلة 32 يوليو 2591.. عبارة علي أدوار عليا يقيم بها أصحاب وملاك الصحف.. وهم من كبار نجوم المجتمع.. وأدوار متوسطة وسفلي تعمل بها مجموعة كبيرة من النجوم في فروع الصحافة المختلفة.. مثل المحررين والكتاب وسكرتارية التحرير والتصحيح والمراجعة.. والمندوبين في المصالح والسفارات والوزارات المختلفة الخ.. وكل مجموعة تعمل في حدود اختصاصها.. ولم يكن من المتصور ان يتطلع احد المندوبين للمناصب التي يشغلها أصحاب وملاك الصحف. إلا بعد أن يقطع طريقا طويلا من الابداع في عمله وقدرته علي إدارة مساعديه.. واقتناعهم بكفاءته.. في ليلة 32 يوليو 2591.. لم يخطر ببال قادة الثورة المجيدة.. المساس بأوضاع الصحف.. باعتبارها حرفة.. لها مواصفات معقدة وقيادات من ألمع نجوم المجتمع وأكثرهم قدرة علي التأثير والإقناع.. ولم يكن بين الزعيم جمال عبدالناصر أو غيره من قادة الثورة.. أي عداء.. لا.. مع أصحاب الصحف.. ولا مع كبار كتابها.. الأمر الذي عكس التوافق بين الثورة وصحافة تلك الأيام.. التي تعاملت مع الثورة بمقتضيات الحرفة وأصول المهنة.. واطلاع القارئ علي ما يجري في البلد.. واستقبل اللواء محمد نجيب كبار نجوم الصحافة.. في اليوم التالي لاندلاع ثورة يوليو.. وجري بين ضباط الثورة.. ونجوم الصحافة حوارات سادتها المودة وإبداء الإعجاب.. ولم يظهر علي السطح في تلك الأيام ما يكشف عن خلافات بين الثورة والصحافة.. بل ان العكس هو الذي حدث.. وأبدي الحاضرون تأييدهم للثورة وملاحظاتهم التي استقبلها الضباط بالاحترام.
لا أود أن أطيل في هذه المرحلة التي سادها الود بين جمال عبدالناصر ومصطفي أمين وإحسان عبدالقدوس.. والتي تحمل المستندات الدالة عليها العديد من المواقف الإنسانية المذهلة، لأنتقل إلي ما بعد ذلك من دسائس ومكائد ومعلومات كاذبة ومفبركة.. كان يتعجل أصحابها الجلوس فوق مقاعد نجوم الصحافة.. والإطاحة بهؤلاء النجوم وتأميم ممتلكاتهم.. لتصبح في حيازة من يتعجلون الحصول علي ثمار الثورة.. ولو علي أجساد زملاء كبار في بلاط صاحبة الجلالة!
وفقا لما بين يدي من مستندات.. حظي مصطفي أمين بالنصيب الأكبر من الدسائس.. أذكر منها علي سبيل المثال ان مصطفي أمين سافر إلي بيروت في أغسطس 6591 وأودع بنك أمريكي ثلاثة آلاف جنيه نقدا وعدا.. كما اودع مبلغا مماثلا لدي صحفي لبناني وهو الاستاذ سعيد فريحة صاحب مجلة الصياد.. وهذه أول واقعة تهريب وهي خروج الصحفي مصطفي أمين من مطار القاهرة بمبلغ ستة آلاف جنيه دون أي تفتيش أو سؤال دون إذن رسمي من إدارة النقد لإخراج هذا المبلغ الضخم.. وحاول تأليف شركة صحفية مع سعيد فريحة ونجله وزوجة سعيد لإصدار جريدة بأموال مشتركة من الطرفين في لبنان وكانت الحصة التي سيساهم بها الطرف المصري مبلغ مائة ألف جنيه.. الخ.
هذه عينة من التقارير التي استهدفت إقصاء نجوم صاحبة الجلالة.. لفتح الطريق أمام قصار القامة من كبار المنتفعين الذين تصوروا ان ثورة يوليو 2591 المجيدة.. هي الباب السحري لإقصاء العمالقة وكبار النجوم من أجل عيون صحفي واحد.. ولا أود في هذه السطور الإشارة لما سجلته أوراق تلك الأيام عن إحسان عبدالقدوس علي سبيل المثال والتي قادته للسجن.. ولا عن غيره من أرباب المواهب النادرة!
المهم.. ان تعرض البعض من قصار القامة.. الذين كان يطلق عليهم مصطفي أمين الثعابين السامة.. للحياة الشخصية لنجوم الصحافة.. بيد أنها لم تسفر عن النتائج المرجوة.. ويبدو أن جمال عبدالناصر لم يتأثر بالغالبية العظمي منها.. ولم يعيرها التفاتا في تلك الحقبة المبكرة من تاريخ ثورة يوليو المجيدة.. بفضل نقيب الصحفيين في تلك الأيام الذي دافع عن كبار نجوم الصحافة.. دفاعا مستميتا.. وهو الذي قاوم فكرة »تطهير الصحافة« في تلك الفترة.. التحول بدأ سنة 7591 بفكرة جهنمية تتلخص في انه لا يمكن قيام الديمقراطية بغير صحافة ديمقراطية.. ولا يمكن قيام اشتراكية بغير صحافة اشتراكية.. ولا يمكن قيام صحافة اشتراكية بغير صحفيين وكتاب اشتراكيين.. وحينما كانت السلطة في أيدي تحالف الإقطاع والرأسمالية.. كانت الصحافة.. هي لسان حال الإقطاعيين والرأسماليين والاحتكاريين.. وحينما تنتقل السلطة لأيدي تحالف قوي الشعب الحقيقية وإلي أيدي الفلاحين والعمال والمثقفين والجنود.. كان ولابد ان تكون الصحافة.. امتدادا وانعكاسا لهذا الانتقال.. وأن تكون لسان حال العمال والفلاحين والمثقفين.. الخ.. آسف يبدو انني قد اطلت.. واختصارا للكلام أقول ان هذه الفكرة هي التي أدت لتأميم الصحف وتنظيم الصحافة.. ونقل ملكيتها للحزب الحاكم علي نحو ما كان قائما في الدول الاشتراكية.. المهم.. في الموضوع ان ثورة يوليو المجيدة.. لم تطلب من كبار العاملين.. ونجوم الصحافة.. التقدم بطلبات وقصاصات من الصحف.. لما كتبوه ونشروه.. من أجل الحصول علي مقاعد رؤساء التحرير.. كما يحدث الآن.. ولكن.. بما اننا في زمن الطوابير فقد كان من الطبيعي ان يقف كل راغب في مقعد رئيس التحرير.. في طابور أمام باب المجلس الأعلي للصحافة ومجلس الشوري.. يحدوه الأمل في الإطاحة بثقافة الموهبة.. وأرباب المواهب.. وأن ينضم طابور الصحافة لطوابير الطابونة وأنابيب البوتاجاز وأكياس رمضان.
وخلاصة الكلام.. ان طابور الصحافة.. هو فصل جديد من الحرب ضد الابداع والقضاء علي المبدعين.. وكل عام وأنتم بخير!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.