جلال دويدار سعدنا وسعد معنا العالم بالسلوك الحضاري للشعب المصري والمتمثل في ممارسة واجبه الوطني لاختيار رئيسه الجديد. تم ذلك بحرية تامة ومن خلال صندوق الانتخاب الذي يعد الوسيلة التي يعترف بها العالم المتمدين لتحقيق الديمقراطية. كان الدافع لسعادتنا الاحساس بأننا بدأنا خطواتنا لبناء الدولة العصرية المتمدينة واننا اصبحنا قريبين من امل الاستقرار الذي افتقدناه طوال الشهور الماضية. سيطر علينا الاعتزاز والفخر بمصريتنا بعد ان لمسنا ذهول العالم لإنجاز الجولة الاولي من عملية انتخاب الرئيس الجديد بهذه الروعة التي عكست حضارية الشعب المصري. واكدت انه جدير بالثورة التي قام بها طلبا للاصلاح والتغيير. كان من المفروض ان يتصاعد هذا الفرح بعرس الديمقراطية بعد فرز الاصوات في صناديق الانتخاب والتي تمت بشفافية ونزاهة بشهادة الداخل والخارج. لقد كان جميع السادة المرشحين لمنصب الرئاسة في مقدمة الذين اشادوا بسير العملية الانتخابية وهم يتابعون النتائج اولا بأول في اللجان الفرعية للانتخاب ولكن يافرحة ماتمت فقد تبين ان من بيننا من هم ضد دخولنا عالم الديمقراطية من خلال صندوق الانتخاب. لقد هان علي هؤلاء ان يسعد ويفرح الشعب المصري بعائد سلوكه الحضاري. جاءت الصدمة بعد الاعلان الرسمي لنتائج تصويت الجولة الأولي للانتخابات بتحرك مريب من جانب بعض المرشحين ومعهم قطاعات من مؤيديهم . حددوا هدفهم في العمل علي اثارة فتنة ارهابية اساسها الفوضي والهوجائية لتشويه صورة مصر وشعب مصر. تجمعوا وتجمهروا في ميدان التحرير ليس لسبب سوي رفضهم للنجاح في اتمام المرحلة الأولي للانتخابات بصورة مشرفة لكل المصريين من كل النواحي. لم يكن من تفسير لما قاموا به من سلوك اجرامي وتوجوه بحرق المقر الانتخابي للفريق أحمد شفيق الذي حصل علي أصوات ما يقرب من 6 ملايين مواطن مصري شريف.. سوي انهم لا يحترمون قدسية صندوق الانتخاب ويسعون الي ديموقراطية تفصيل مثل القوانين التي يصدرها مجلس الشعب الاخواني . لقد برهنوا بهذا السلوك الهمجي الذي قوبل باستياء عارم من كل العالم الذي كان يتابع تجربتنا وكذلك من الغالبية الشعبية ومن بينهم الكثيرون من المعارضين للفريق شفيق. أرادوا أن يؤكدوا انهم لا يعترفون بديمقراطية صندوق الانتخاب وانما تسيطر عليهم نزعة ديمقراطية التخريب والتدمير وعدم حب مصر. ان ما اقدموا عليه يشير الي انهم لا يمكن ابدا ان يكونوا دعاة لهذه الديمقراطية التي يعرفها كل العالم بل المؤكد انهم وبرفضهم لرأي الأغلبية يؤكدون أنهم مازالوا عبيدا للديكتاتورية. لا جدال ان شعب مصر قد عاش ليلة أمس الأول في مأتم بعد ان تابع هذه الممارسات المخزية المناهضة بكل المقاييس للحرية التي دعت اليها ثورة 52 يناير. لقد روعهم هذا المسلسل الكابوسي الذي ايقظهم من الحلم الذي عاشوه والذي تجسد فيما قامت به التجمعات المسُيرّة بفعل فاعل لاغتيال حلم الديمقراطية والحياة المستقرة باعتبارهما محور تطلعات الشعب المصري. انهم وبهذا الموقف يؤكدون انهم لا يريدون ان يكون صندوق الانتخاب وبأصوات الناخبين حكما لاختيار رئيس مصر لمدة اربع سنوات . كان بامكانهم في ظل هذه الديمقراطية اذا ما فشل الرئيس المنتخب في تحقيق ما يتطلعون اليه ان يختاروا غيره بعد هذه السنوات الاربع .. وفي هذه الحالة كانت الاغلبية ستؤيدهم وتساندهم. هل ماحدث هي الديمقراطية وهل هذا هو الاصلاح والتغيير الذي سعت اليه مصر وثورتها ؟!. في هذا المجال لا يخفي علي أحد أن هذه الممارسات الفوضوية الهمجية لا هدف من ورائها سوي تخريب مسيرتنا نحو الاستقرار والتقدم وبناء دولة الأمن والأمان. ان ما تم ارتكابه في حق مصر خلال الساعات الماضية يجعلني اردد المثل الشعبي الذي يقول: »جت الحزينة تفرح ملقتلهاش وللاسف مطرح«.. والله دائما هو الحامي وفوق كيد الكائدين.