الا لليل ان ينجلي.. والا للغيم ان ينقشع. في هذا السياق أقول: الا لهذه الفوضي أن تنتهي والا للامن والاستقرار ان يعودا إلي ربوع مصر المحروسة. لقد مضت ثمانية شهور علي ثورة 52 يناير التي من المؤكد أنها سوف تغير وجهة مصر. وبدلا من ان تكون هذه الشهور شهور مجد وفخار تتضافر فيها جهود الشعب المصري من أجل بدء عملية بناء شاملة.. نجد ان الانتهازيين والمتربصين تأمروا من أجل تحويلها الي سلسلة من المعاناة. انهم يقودون موجات من التحريض علي تعطيل الانتاج ووقف دوران عجلة الحياة.. وهكذا كتب علينا أن تشهد هذه الشهور سيلا من الالام والهموم التي تسودها مشاعر الخوف والهلع من الحاضر والمستقبل. ان من حق اي مصري ينتمي لهذا البلد وتهمه مصالحها ان يتساءل: ماهي الحكاية بالضبط؟ لقد ظل شعب مصر وعلي مدي عقود طويلة مضت فريسة للسطو علي حقوقه وضحية لانتهاك حرياته.. ولكنه رغم ذلك كان ينعم بالامن والأمان اللذين اصبحا مفقودين هذه الايام. لم يعد هناك أحد يعمل باستثناء الفئآت التي تعشق العمل وتهوي تأدية واجباتها ومسئولياتها تجاه الوطن في صمت. الا يوجد من يُولي أي اهتمام للمصلحة الوطنية. كثيرون وللاسف استحلوا أن ينهشوا في جسد هذا الوطن ويعملون باجتهاد علي تعطيل كل اوجه الحياة فيه. انهم لا يريدون أن يفهموا القيمة الحقيقية للثورة التي نجحت في انهاء سنوات من الفساد وسوء الإدراك الإداري والسياسي. كل الدلائل تشير إلي أنهم لا يريدون لمصر ان تلتقط انفاسها كي تبدأ مسيرتها نحو أقامة الدولة الديمقراطية الحديثة وان يسمحوا للاقتصاد القومي ان يتعافي لبناء تقدمها وازدهارها لصالح كل ابنائنا. السلوكيات والتصرفات تشير إلي أن هناك في هذا البلد من لا يريد اتاحة الفرصة لتجميع القوي وتوجيه الجهود لاصلاح ما فسد وبما يتفق مع أهداف ومطالب الثورة. لقد اصبح واجبا حتميا العمل علي تضميد الجراح والتخلي عن شهوة الانتقام والتشفي ليس مع الافراد وانما مع مصر الوطن بما لا يعطي الفرصة لما هو اهم. حان الوقت للفهم الصحيح لما هو في مصلحة مصر وأن نؤمن بأن الاعتصامات وتعطيل القطارات والطرق ومراكز الانتاج هو سلوك همجي وغير حضاري ولا يتفق مع الحرية ولا الديمقراطية التي ثرنا من أجلها. ان ما يجري هو بكل المقاييس تشويه للثورة ولصورة الشعب المصري الذي قام باشعالها وابهر العالم.. ما ذنب الوطن والمواطن الذي يتطلع للحياة الكريمة وبناء المستقبل لاولاده حتي يعانون من هذه الاعمال الهمجية التي لا يتحقق من ورائها سوي المزيد من الخسائر. أن من حق اي مجموعة من الشعب ان تتظاهر سلميا للاعلان عن مطالبها ولكن ليس من حقها مهما كانت المبررات ان يؤدي تظاهرها الي الاضرار باخوة لهم في الوطن سواء بمنعهم من مزاولة أعمالهم أو التوجه الي مستشفي للعلاج أو ألي المطار للحاق بطائرة تنقله إلي مقر عمله حيث يعمل من أجل لقمة عيش كريمة. لابد أن أقول وبالصوت العالي أن الفيض قد زاد عن حده. وأنه قد حان الوقت لاتخاذ أشد الاجراءات لوقف هذه المهازل التي تستهدف الحاق افدح الخسائر بالاقتصاد القومي. ان استمرار هذه الممارسات غير المسئولة سوف يترتب عليها في النهاية توقف الحياة نهائيا وتصاعد معدلات البطالة. ليس مطلوبا في هذه المرحلة التي تجري فيها محاولات اعادة بناء الدولة سوي المشاركة الايجابية والالتزام بالانتماء الوطني للمساعدة علي عبور الازمة حتي يجني الجميع ثمارها.