أخيرا تنبهت الدولة إلي الدور الهدام الذي قامت وتقوم به بعض القنوات الفضائية التليفزيونية ضد أمن واستقرار مصر. هذا الأمر حاولنا ان نلفت النظر إليه في العديد من المقالات خاصة بعد اندلاع ثورة 52 يناير. ان ما كانت تبثه هذه القنوات من سموم وجهالة اعلامية سواء كانت متعمدة أو غير متعمدة كان لها أثر سلبي علي ما كان يجب أن تحققه الثورة من انجازات لصالح مصر وشعب مصر. ان اخطر الأدوار التي قامت بها هذه الأجهزة الإعلامية التي استغلت مناخ الحرية إلي درجة التسيب هو انها عملت علي نشر الفوضي والانفلات الأمني والشعور بالبلادة وعدم المبالاة تجاه المصالح الاستراتيجية الوطنية. انها وبدلا من ان تنشر الوعي ضد التسيب والبلطجة والاجرام فتحت أبوابها لكل رموز هذه المحاولات تحت دعوي ممارسة حرية التعبير وما هي بحرية تعبير وإنما حرية تدمير لهذا الوطن. إن ما أقدمت عليه هذه الفضائيات إن دل علي شيء فإنما يدل علي الرغبة في التكفير عما ارتكبته من خطايا وممارسات وتبريكات لكل مفاسد ما قبل الثورة. انها حاولت بهذا التطرف في المواقف - إلي درجة عدم التفرقة بين ما هو في صالح هذا الوطن وما هو في غير صالحه - ان تغطي علي الكثير من الاخطاء التي ارتكبتها في الماضي. انها لم تتمكن من ان تضع حدا بين ما هو في صالح الثورة وبين ما هو ضد ما يؤدي الي نجاحها وتحقيق أهدافها في الاصلاح والتغيير نحو الاحسن والأفضل وليس إلي الأسوأ. إن ما كانت تقدمه ومازالت تقدمه هذه القنوات من برامج.. خاصة ما يسمي ب »التوك شو« دفعت بهذا الوطن إلي المجهول وجعلته فريسة للانتهازيين المتربصين بالثورة وركوب موجتها سعيا إلي المغانم من كل نوع. لا يمكن اعتبار ما قدمه هذا البعض من الفضائيات الموتورة بأنه يستهدف مصلحة مصر وصالح شعب مصر وإنما هو يدخل وللاسف الشديد في اطار تعمد خدمة أجندات بعينها سواء كانت لصالح قوي داخلية أو خارجية. يمكن القبول ببعض الاعذار الخاصة بطبيعة الذين يقدمون تلك البرامج في هذه الفضائيات التي أعنيها نتيجة افتقادهم للحرفية والوعي السياسي والحس الوطني ان بعضهم يفتقد أيضا الي الخبرة وهو ما يجعلهم يمارسون العمل الاعلامي باعتباره »لعبة« للهو دون ادراك وتقدير لمسئولية ما يترتب علي سوء ادائهم وعدم توافر الثقافة الوطنية لديهم. ليس هناك ما يقال بعد ما أعلن بالأمس عن اتخاذ الاجراءات القانونية ضد هذه الفضائيات التي اكتشفوا انها تتسبب في زعزعة الاستقرار والأمن لهذا الوطن سوي أن أقول: صح النوم أيها السادة!! ان ما جري في مصر المحروسة علي مدي الشهور السبعة الماضية من استهتار بمقدرات الثورة وأهدافها تم اختزاله في عمليات الاثارة وتشجيع الارهاب والتطرف. لقد تبنوا ما يسمي بالفوضي الخلاقة تحت شعار الدعوة إلي الحرية والديمقراطية وما هو إلا مسايرة لما كانت تدعو إليه الاجندات الخارجية والدعاوي التي سبق ان روجت لها وزيرة خارجية امريكا السابقة كونداليزا رايس في عهد غير المأسوف عليه بوش الابن ربيب الصهيونية العالمية. لقد انحرفت هذه الفضائيات المريبة بالأهداف السامية لثورة 52 يناير الداعية للانتقال بمصر إلي عصر من الاصلاح السياسي والتقدم في جميع الميادين واستبدلتها بعمليات الترويج والتشجيع لهذه الفوضي الخلاقة. لا جدال ان مصر قد فقدت شهورا - مازالت ممتدة - من أجل أن تلتقط أنفاسها وتستطيع أن تتمكن من نجدة الغالبية الساحقة من ابنائها من براثن البلطجة والاجرام الذي يهدد حياتهم وأمنهم ويؤدي إلي وقف مسيرة الوطن.. والبركة في الفضائيات اياها. وللحديث بقية