ماذا يحدث في مصر؟ ماذا يريدون من مصر ومنا؟ كل الدلائل والشواهد تقول إن الهدف هو انتكاس الثورة وأن يرتبط اسمها بانهيار الدولة المصرية وليس النظام الذي أسقطته. ليس خافيا دور هذه الأيادي الخفية التي تعمل علي التهديد وهز الاستقرار وتكريس الاعتقاد بأننا دولة غير مستقرة. إنهم لا يريدون لهذا البلد أن يلتقط انفاسه ليستعيد توازنه والمضي علي طريق الحرية والديمقراطية والازدهار الذي يحقق الحياة الكريمة والعزة والكرامة لشعبها.. إنهم يدركون ان تحقيق هذا الهدف يتيح لمصر الوقوف بصلابة ضد الأعداء ورد كيدهم إلي نحرهم. انهم يريدونها دولة ضعيفة متهالكة مفككة منقسمة. لقد استخدموا لتحقيق ذلك كل الأسلحة من عملاء وحملات إعلامية وعناصر مدسوسة تخدع وتضلل وأعمال بلطجة من أجل الوصول إلي تحقيق تفعيل مؤامراتهم. هل يستطيع أحد أن يفسر لي ماذا وراء تلك القلاقل التي تحدث كلما ظهرت في الأفق مؤشرات للأمن والاستقرار والتجاوب مع كل ما طالب به ثوار 52 يناير؟ لماذا هذه المناوشات والمظاهرات العشوائية الهوجائية الفوضوية التي تسعي إلي الصدام والتدمير التي شهدتها شوارع القاهرة خلال الساعات القليلة الماضية. أليس عجيبا أن تأتي هذه التحركات المريبة بعد صدور حكم القضاء الإداري بإلغاء نظام الحكم المحلي الذي أفسد الحياة العامة وجعل لكل خدمة يتم تقديمها إلي المواطنين ثمنا معلوما. هل هي محض صدفة أن تأتي هذه الأعمال في أعقاب استجابة القضاء لأحد مطالب ثورة 52 يناير؟ لا يمكن بالطبع لأي عاقل أن يفصل بين ما حدث في مسرح البالون و ميدان التحرير والهجوم علي وزارة الداخلية وبين ما أعلنه اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية بتحديد أول يوليو لاستكمال عودة الأمن إلي الشارع المصري بما يعني حماية الشعب وأمن الوطن حتي تدور عجلة الحياة والانتاج ويطمئن العمال علي حياتهم المعيشية ويضمن أصحاب الأعمال والمستثمرون مصالحهما. هذا التحرك المريب إنما استهدف بكل ملابساته تعطيل عملية النهوض بالاقتصاد لدفع مستوي معيشة المصريين ورفعتهم. يبدو أن جانبا من المتآمرين الحاقدين المتطلعين إلي تصفية الحسابات القديمة مازالوا غير قانعين بالمكاسب التي تحققت لهم بقيام الثورة.. تحت هذا الاحساس بالحقد الدفين فإنهم يسعون إلي الاستيلاء علي كل شيء في هذا البلد. وسط هذا الجو المثير للحزن خوفا علي وطني مصر أعود لأكرر ومن خلال متابعتي لتغطية بعض برامج »التوك شو« لهذه الأحداث المأساوية في القنوات الفضائية انها تتسم في إدارتها للحوارات مع ضيوفها ومع أفراد الجمهور بعدم الوعي وشبهة الكراهية لمصر. تجلي ذلك في عمليات الاستفزاز والتحريض ضد قيام الشرطة بواجباتها تجاه حماية هذا الوطن. إن هذا يدفعني إلي مطالبة القائمين علي هذه البرامج وأصحاب هذه الفضائيات بأن يتقوا الله في بلدهم وأن يعملوا علي التهدئة والحفاظ علي الوطن وليس الاثارة والتهييج وتشجيع الممارسات الإجرامية التي تضر بالأمن والمواطنين. مرة أخري أقول: ارحموا مصر وساهموا في إعادة بنائها لتعويض ما فات من سنوات عمرها. كونوا عونا للثورة ولا تكونوا معولا لهدم منجزاتها. إن ما سوف يصيب مصر سوف يصيبكم ولن تكون أمامكم فرصة للنجاة أو البقاء في مواقعكم إذا ما ضاعت وسقطت نتيجة أفعالكم غير المسئولة.. وفي هذه الحالة لن تلوموا سوي أنفسكم. وبهذه المناسبة فإنني أحيي المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي قراره بإقامة مباراة القمة الكروية بين الأهلي والزمالك رغم هذه الأحداث الموسفة التي شهدتها بعض ساحات القاهرة والتي استهدفت »التنكيد« علي الملايين من أبناء مصر بحرمانهم من سعادة متابعة هذا الحدث الرياضي. لا جدال ان هذا القرار يدخل في اطار التحدي والاصرار علي جدية التصدي لنزعات العدوانية التي تتعارض وتتناقض مع مصلحة الوطن وجموع المواطنين. ولا يفوتني أيضا توجية تحية اعزاز وتقدير للذين حضروا إلي الاستاد لمشاهدة المباراة رغم ما شابها من انفلات للاعصاب . ان التزامهم بالهدوء والسلوك الحميد وعدم الخروج علي النظام هو تعظيم للروح الرياضية والحرص في الحفاظ علي سمعة مصر أمام العالم. لقد برهنوا بهذا السلوك أنهم شعب متقدم يحكمه الولاء والانتماء الوطني. حان الوقت لأن ندرك بأن الرياضة مكسب وخسارة وهي في النهاية متعة جميلة وليست تعصبا أهوجا.. يتيح الفرصة للصيد في الماء العكر للاضرار بصورتنا الحضارية.