إبراهيم سعده توقفت أمس عند ما قاله الأستاذ الدكتور جمال مصطفي سعيد نقلاً عن أحد الباحثين الأمريكيين " ان الأمر الأساسي الذي كان يهم الناس أكثر من غيره آنذاك.. ليس الحالة الصحية الإجمالية للرئيس الأمريكي، ولكن كم يبلغ من العمر بالإضافة الي بعض الأشياء التي تبدو عديمة الأهمية". و يضيف د. سعيد قائلاً إن التدخين وهو ليس مرضا في حد ذاته كان من بين المآخذ التي اخذت علي الرئيس الأمريكي الحالي "أوباما" في الانتخابات الماضية، إن كان قد طغي علي ذلك أن منافسه "ماكين" كان مصاباً بالسرطان بالإضافة الي عمره الكبير (72عاماً) رغم أن محطة إعلامية ضخمة "فوكس نيوز" كانت تعتبر أن شفاءه من السرطان هو في الحقيقة ميزة كبيرة وشهادة رائعة لصالحه حيث تعني قدرة جسده العجوز علي تحمل اقسي الصدمات ويتمتع بالنشاط والحيوية حتي الآن.. وهو ماكان يراه مؤيدوه عاملا مهماً في منافسة خصمه "أوباما" صغير السن والمدمن علي التدخين. ويعود بنا الدكتور جمال سعيد إلي الانتخابات الرئاسية متسائلاً: " هل يحق للناخب في مصر أن ينظر بأهمية الي سن الرئيس القادم؟ وهل يجب عليه ان يربط الكفاءة بصغر السن وليس بكبرها؟ والأهم: هل تهمنا الصحة الاجمالية للرئيس المحتمل أم يجب ان يكون لدينا سجل أكثر تفصيلا من الوجهة الطبية الاحترافية؟". لم ينتظر طارح السؤالين سماع الإجابة عنهما فقد سارع قائلاً: [الإجابة القاطعة هي أننا يجب ألا نربط بين كبر السن والشيخوخة. وأؤيد هذا بالرأي العلمي القائل بانك اذا قارنت بين شابين في عمر 25سنة فغالبا ماستجد صحتهما متماثلة .. ولكن اذا نظرت الي شخصين تعديا الثمانين مثلاً فهما بالقطع مختلفان في حالتهما الصحية وقدرتهما علي الأداء. وقد استخلص العديد من الباحثين ان السن لايجب اطلاقا ان تكون احد العوامل المهمة، او المحددة، التي ترجح كفة مرشح علي الآخر علي عكس اعتقاد غالبية الناس. فالمرشح الأمريكي السابق "ماكين" رغم سنه الكبيرة كان يشتعل بالحماسة الواضحة التي تفوق حماسة الشباب]. ومبررات هذا الرأي يقدمها أستاذ الطب قائلاً: [إننا نعيش عصرا ارتفع فيه متوسط الأعمار الي حد كبير مع الابقاء علي الحيوية والنشاط عند حدها الأعلي . ولا ادل علي ذلك من انك ربما تحصل علي مرشح صغير السن في المفهوم العام يموت في العام التالي لولايته، وآخر كبير السن في المفهوم العام نفسه نراه يستكمل دورتين رئاسيتين بنفس النشاط الذي بدأ به. بل انني اري في حالتنا المصرية ان اكبر المرشحين الموجودين سنا هو بالإجماع العام اكثرهم نشاطا والأكثر من ذلك ان المرشحين اللذين تميزا بصغر السن لا يعرفهما الكثيرون من المصريين الناخبين ، بل ان واحدا منهم أعلن أنه ليس له برنامج إنتخابي وهذه كهولة وشيخوخة ذهنية تساوي القدرات الذهنية لمن هم في الثمانينات من العمر كما انها استهتار بالناخب وثقة فارغة في غير موضعها]. وعلي عكس رأي معظمنا يؤكد د. جمال سعيد أنه لا علاقة بين السن والصحة والكفاءة (..)، وأن بناء الاختيار علي أساس سن الرئيس هو إهانة بالغة وخاطئة للعملية الديمقراطية التي نحمد الله ان مصر بدأت فيها. ولنذكر دائما ان من بني المانيا المحطمة عقب الحرب العالمية الثانية كان المستشار العظيم "كونراد أديناور" وكان آنذاك في سن الثالثة والسبعين، وان رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي في فترة بناء الدولة "اليكسي كوسيجين" اختتم رئاسته للوزارة في سن 76، كما أن أعظم رؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية في العصر الحديث "رونالد ريجان" استلم عمله وهو في التاسعة والستين من عمره. ومرة أخري يعيدنا الكاتب إلي مصر فيقول: [ إذا كان المرشح للرئاسة يريد أن يقدم تقريرا عن صحته، ولكي يكون التقرير مفيدا فيجب ان يكون"مفصلا" وليس "اجماليا" كما ذكر بعض المترشحين الذين أفادوا بإصابتهم بمرض السكر مثلاً وكأن ذلك شئ عادي، وربما تافه، وهو طبياً غير ذلك بالطبع.. مع كل التقدير لمرضي السكر جميعاً. فلا يوجد مرض في الطب له تأثير ضار ومباشر علي كل الأعضاء الداخلية بلا استثناء كمرض السكر. ولذلك فإن الإصابة بالمرض في حد ذاتها لا يدل علي شيء طبي ذي معني يطمئن او يقلق بدون الإشارة الي مدي تأثر وظيفة الكلي مثلا، وكذلك الشرايين أو القلب. ولنا بما حدث لساقي الرئيس الخالد عبد الناصر من تأثر بمرض السكر والتدخين معه عبرة .. حيث اضطرته هذه الإصابة الي الدخول عدة مرات الي مصحة "تسخالطوبو" للعلاج طويل الأمد وهو بعد لم يتعد الخامسة والأربعين من عمره! وقد يكون موته في هذه السن الصغيرة نسبيا له علاقة بمضاعفات مرض السكر علي شرايين عضلة القلب ]. ويختتم الدكتور جمال سعيد مقاله الذي تلقيت نسخة منه قبل نشره قائلاً: [ وإذا قدر لي كطبيب محترف ان أناقش المرشحين للرئاسة عن حالتهم الصحية، فسوف اقوم بسؤالهم عدة أسئلة ذات دلالات مؤكدة نستطيع بعدها ان نحصل علي تقدير حقيقي ربما بنسبة مئوية عن حالته الصحية تفصيلياً وليس إجمالياً. فيهمني ان أعرف: هل يعاني سيادته من نوبات دوار؟ هل يتعاطي ادوية تزيد الدورة الدموية للمخ ؟ هل يتوتر بسهولة؟ هل لديه رعشة في اليدين ويعاني من صعوبة في النوم؟ هل يعاني من نوبات من الصداع المتقطع مصحوبة بتورم في الساقين وضعف تدريجي في الإبصار؟ واذا كان مريضاً بالسكر فكيف يعالجه؟ هل بالأقراص أم بالأنسولين؟ هل سبق دخوله في غيبوبة تسببت فيها زيادة أو نقصان نسبة السكر في الدم؟ هل مرض السكر هذا من النوع الأول شديد المضاعفات، أو من النوع الثاني الذي يمكن ترويضه بسهولة؟ هل اثر المرض علي قدميه أو علي وظيفة كليتيه؟ هل سبق واصيب بالالتهاب الكبدي بنوعيه المحددين " ب" و"سي "؟ وهل تنتابه اغماءات غير مبررة أو ضعف في الذاكرة ؟] هذه الأسئلة العديدة وغيرها.. يؤكد أستاذ طب القاهرة أهميتها الأساسية في تحديد الحالة الصحية التفصيلية. والإجابات عنها قد تشير بأعراضها الي امراض مزمنة خافية سينعكس تأثيرها علي قرارات الرئيس، وقد لا تمثل بالضرورة عائقا لتولي سدة الحكم، لكنها تحتاج الي ان نعرف ذلك من الآن لأن تأثيرها لايدركه عامة الناس، والأطباء يعرفون خطورته. ويا حبذا لو تم علي عجل تشكيل لجنة من كبار الأطباء لمقابلة المرشحين لسؤالهم الأسئلة السابقة وغيرها]. ومن جانبي أشكر الأستاذ الدكتور علي رسالته المهمة، وإن كنت أري انها تأخرت كثيراً، ومطالبته بتشكيل لجنة من كبار الأطباء مستبعدة الآن. فاليوم سيتوجه الملايين إلي صناديق الانتخاب ليختاروا الأصلح والأفضل لتولي رئاسة البلاد من بين ال 13مترشحاً ونتمني أن يكون متمتعاً بالصحة والعافية بغض النظر عن سنه الصغيرة أو الكبيرة.