"هل هناك طريقة للوقاية من مرض الزهايمر؟"، هذا هو السؤال الرئيس الذي ناقشه المؤتمر الدولى لجمعية الزهايمر فى باريس، والذي جاءت الإجابة عليه بأنه من الممكن أن تكون هناك طرق وقاية تعطى أملا ًإلى الملايين القلقين بشأن إصابتهم بمرض الخرف المبكر فى يوم ما. ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اليوم، دراسة جديدة أجراها باحثون بجامعة كاليفورنيا بولاية سان فرانسيسكو الأمريكية، وناقشها المؤتمر، وتقدر عدد حالات أمراض الزهايمر التي ترجع لسلوكيات أو ظروف بعينها هى: قلة النشاط البدنى، والتدخين، والاكتئاب، وانخفاض مستوى التعليم، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة ومرض البول السكرى. واستخدم الباحثون نموذجاً رياضياً للتوصل إلى أن هذه السلوكيات والشروط المذكورة آنفا، وكلها يمكن تعديلها، هى المسئولة عن نحو نصف حالات الزهايمر- التى تقدر بحوالي 34 مليون حالة في أنحاء العالم. ورأى الباحثون أنه إذا ما تصدى الناس لهذه المخاطر -مثلاً عن طريق ممارسة الرياضة والإقلاع عن التدخين وزيادة التعليم وفقدان الوزن- يمكن منع عدد كبير من حالات الزهايمر. ويقدر الباحثون الحد من انتشار عوامل الخطر بنسبة 10% من الممكن أن يمنع 1.1 مليون حالة فى جميع أنحاء العالم، والحد من عوامل الخطر هذه بنسبة 25% من الممكن أن يمنع ما يزيد عن 3 مليون حالة. وأشار الباحثون إلى أن الكلمة الفعالة خلال المؤتمر كانت "ممكن" وليس هناك حتى الآن دليل علمى على أن أياً من عوامل الخطر هذه فى الواقع يسبب مرض الزهايمر إلا إذا تبين لهم ذلك، وحينها يمكن للتحليل الجديد الذى توصل إليه الباحثون أن يعتبر كوصفة عملية للوقاية من المرض. وقالت الدكتورة كريستين يافى، أستاذة الطب النفسى وعلم الأعصاب وعلم الأوبئة: "هذه الأبحاث ليست نهائية، نحن نفترض أن هذه السلوكيات والظروف هى نوع من العلاقة السببية للتعرض للخرف المبكر والزهايمر، ولكن ما لم نملك تجربة مؤكدة تثبت ذلك فنحن فقط لا نعرف". ولكن فى الوقت الذى من الممكن أن يكون الخبراء فيه قد استنتجوا هذا الافتراض الذى توصلت إليه الدراسة، لم يستنتجه كل شخص آخر. وجاءت بعض العناوين بأشياء تبدو أكثر تأكيداً مثل: "سبعة أشياء يمكنك القيام بها لمكافحة مرض الزهايمر" و"سبع خطوات لمنع مرض الزهايمر". واقترحت الدكتورة لورا فراتيجليونى، مدير مركز أبحاث الشيخوخة فى معهد كارولينسكا فى ستوكهولم بالسويد، فى مقالة افتتاحية لها مرفقة بالدراسة نشروا سويا فى مجلة (لانسيت نيورولوجى) العلمية المتخصصة فى الأمراض العصبية، أن التقرير ذو قيمة، لكنها قالت بأن التقديرات يمكن اعتبارها مجرد تقديرات نظرية حتى إجراء أبحاث أكثر صرامة. وأضافت فراتيجليونى: "نتمكن من تحديد بعض عوامل الوقاية من مرض الزهايمر المحتملة، لكننا لانملك الرد النهائي لأننا لانملك دراسات تجريبية". وفى الواقع، يعد البحث عن الوقاية من الزهايمر فى مراحله الأولى. فلم يعد يعتبر الخرف من أعراض الشيخوخة الطبيعية إلا بعد الثمانينات. وقد تكون الدراسة حول الوقاية من الزهايمر معقدة ومكلفة، وبشكل خاص التجارب العشوائية التى تقدم أقوى الأدلة.فمثل هذه التجارب تتابع الناس لسنوات عديدة ويعد عزل عوامل الخطر لكل فرد- فصل السمنة عن ارتفاع ضغط الدم والسكرى والتغذية وقلة النشاط البدنى- هو التحدى. واستنتج المعهد الوطنى للجنة الصحية من خبراء بلا مصلحة شخصية فى ابحاث الزهايمر العام الماضى، أنه لايوجد دليل واحد ذى جودة علمية معتدلة يزود الجمعية بأى عامل أو شرط قابل للتعديل ( مثل المكملات الغذائية أوالمستحضرات العشبية أوالعوامل الغذائية أوالأدوية الموصوفة وغير الموصوفة أوالعوامل الإجتماعية أو الإقتصادية أوالظروف الطبية أوالسموم أوالتعرض للعوامل البيئية) يصحبه انخفاض فى مرض الزهايمر. ووجدت اللجنة أن معظم الأبحاث اشتملت على دراسات رصدية ومراقبة، مبينا أن المصابين بمرض الزهايمر وغير المصابين كان لديهم بعض الصفات المعينة مسبقا، ولكن ليس عما إذا كانت هذه الصفات طارئة. ووجدت اللجنة أيضا أن الاستنتاج الأقوى هو أن عشب الجنكة بيلوبا لايمنع مرض الزهايمر. وهناك دليل معتدل بأن كلا من فيتامين E والأدوية، التى تسمى مثبطات الكولين وتستخدم لعلاج أعراض الخبل، لم يقللوا مخاطر الزهايمر. وهناك دليل معتدل أيضا بأن الجين ApoE4 يزيد بشكل ملحوظ مخاطر الزهايمر، وكذلك علاج سن اليأس مع هرمون الاستروجين والبروجستين. وكانت الأدلة لصالح أو ضد أى عامل مسبب لمرض الزهايمر فقيرة، غالبا بسبب أن الدراسات والأبحاث كانت ضئيلة وتستخدم تعريفات مبهمة أو متغيرة أو أنها لم ترصد بدقة ماكان يفعله الناس القائم عليهم الأبحاث. وقالت الدكتورة مارثا دافيجلاس رئيسة اللجنة وخبير فى الطب الوقائى فى جامعة نورث ويسترن الأمريكية: "ناقشنا لساعات وساعات وساعات كيفية صياغة التقرير، وذلك لأننا من المؤكد لم نكن نريد التقرير أن يكون الناقل للأخبار السيئة، ولكننا أردنا الجمهور أن يدركوا فى هذا الشأن أن لاشئ ممن يبيعه الناس لهم ثبت له الكفاءة فى الوقاية من مرض الزهايمر". واستبعدت الدكتورة يافى وزميلتها ديبورا بارنز عوامل الخطر مثل التغذية أو رياضة المخ لأنهم يعتقدون أن البحث لم يكن جاداً بما فيه الكفاية. وقدر نموذجهم فى الدراسات الذى أجرهاباحثو جامعة كاليفورنيا، قوة الأبحاث الحالية ومدى انتشار عوامل الخطر. ففى الولاياتالمتحدة، قدر بأن 1.1 مليون من حالات الزهايمر -21% - قد تكون مرتبطة بقلة النشاط البدنى، 50% للإكتئاب، 11% للتدخين، 8% إلى ارتفاع ضغط الدم فى منتصف العمر، 7% للسمنة، 7% إلى انخفاض التعليم، و 3% لمرض السكرى. واختلفت التقديرات لعوامل الخطر فى جميع أنحاء العالم لأن بعض السلوكيات والشروط الواردة فى الأبحاث هى أكثر شيوعا مما كان عليه فى الولاياتالمتحدة، حيث شكلت نسبة 19% إلى انخفاض التعليم- بما يكافئ 6.5 مليون حالة فى جميع أنحاء العالم، 13% لقلة النشاط البدنى، و 2% إلى السمنة.