محمد على خىر أزمة الحكومة والبرلمان لن تكون الأخيرة، كما أن ما جري في ميدان العباسية لن ينتهي بمجرد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فالواقع يثبت يوميا أن جميع اللاعبين في المشهد السياسي من النخب السياسية والمثقفة والقوي والأحزاب السياسية والسلطات الرئيسية بالدولة قد فشلوا جميعا في إدارة الفترة الانتقالية. يكفي أن تلقي نظرة سريعة علي النتائج التي حصدها الشعب بعد مرور عام ونصف العام علي ثورته، فالدستور يواجه عقبات غير معقولة وربما ينتهي هذا العام دون أن ننجز دستورا يليق بالدولة المصرية بعد ثورة شعبها علي الطغيان والاستبداد، كما أن الانتخابات الرئاسية لم تبدأ بعد وان كنا في الطريق اليها بعد عدد قليل من الأسابيع، والأداء البرلماني للنواب الذين انتخبهم الشعب ليس علي المستوي المطلوب، كما أن عمليات الكر والفر التي تجري في الشوارع الرئيسية بالقاهرة والاسكندرية وما يسفر عنها من سقوط ضحايا ومصابين يتكرر باستمرار دون أن نصل الي الفاعل الحقيقي، حتي بات اللهو الخفي والطرف الثالث هو الذي يبحث عنه المصريون حتي الآن. ربما ينبغي هنا أن تراجع كافة القوي السياسية ومعها المجلس العسكري حساباتها قليلا خاصة أن مرور 18شهرا من عمر المرحلة الانتقالية كاف لتقييم ما جري، ودعوة المراجعة مطلوبة للجميع دون استثناء وأن يجري ذلك علي النحو التالي: 1-المجلس الأعلي للقوات المسلحة: هو الجالس علي كرسي رئيس الجمهورية والمتحكم في غالبية قواعد اللعبة السياسية حيث صاغ التعديلات الدستورية ثم الإعلان الدستوري الذي احتوي علي مواد مرتبكة تركت وراءها مشاكل في المرحلة الانتقالية مثل مواد 4 و28 و 60 ، كما أنه من المنتظر أن يغادر السلطة نهاية الشهر المقبل دون أن يظهر في الأفق ملامح صياغة دستور جديد للبلاد، فماذا سيفعل حينئذ، هل سيضيف مواد جديدة للاعلان الدستوري تنظم صلاحيات رئيس الجمهورية وبقية السلطات الرئيسية في الدولة أم سيدعو لإحياء دستور 71 أم سيلزم القوي السياسية بصياغة دستور جديد للبلاد خلال بضعة أسابيع او ما تبقي من عمر الفترة الانتقالية. أيضا مطلوب من المجلس العسكري أن يقدم للرأي العام نتائج التحقيقات في كافة الوقائع الدامية التي جرت في ميادين القاهرة وخلفت شهداء مثل أحداث محمد محمود وقصر العيني وماسبيرو وبورسعيد واخيرا ميدان العباسية، فرغم مرور كل تلك الشهور الا ان تحقيقا واحدا لم يتم نشره حتي الآن، رغم حرص كل عضو بالمجلس العسكري عقب كل كارثة بالاعلان عن فتح تحقيقات موسعة ثم تدخل الأدراج. 2-الاخوان المسلمين: وعندما فصلتها عن بقية القوي السياسية فهذا يرجع الي تأثيرها الأكبر في الحياة السياسية الآن فهي القوة الرئيسية في المشهد السياسي الراهن بعد المجلس العسكري كما أن حزبها الحرية والعدالة هو الذي يحتل 47٪ من مقاعد البرلمان أي يحقق الأكثرية النيابية، كما أن للجماعة مرشحها في الانتخابات الرئاسية وتنوي ترشيح نائب المرشد مهندس خيرت الشاطر رئيسا للوزراء، لكل ماسبق فإن الاخوان عليهم دور كبير في تلك الفترة الانتقالية لكن الصورة العامة في أذهان الناس عن الاخوان وحزبهم باتت سلبية للغاية بسبب سوء اداء الجماعة حيث تأكد للرأي العام رغبة الجماعة النهمة للتكويش علي كل مفاصل الدولة الرئيسية واجهزتها وقد جري ذلك في الدفع بمرشحي الاخوان علي كل المقاعد النيابية وكذلك من سيطرة علي الجمعية التأسيسية ثم انتهاء بالدفع بمرشح رئيسي واخر احتياطي في انتخابات الرئاسة مما أفقدها المصداقية لدي الرأي العام، كما أن أداءها الانفعالي وسياسة تصدير الأزمات (كل شوية) سحب كثيرا من سمعتها لدي المواطنين مثل ازمة سحب الثقة من حكومة الجنزوري والتي انتهت الي اعلان رئيس مجلس الشعب الاخواني د.سعد الكتاتني الي تعليق جلسات البرلمان علي غير رغبة غالبية أعضاء البرلمان من بقية الأحزاب. ظني أن الجماعة وحزبها بحاجة الي مراجعة مواقفها خلال ما مضي من عمر الفترة الانتقالية وربما ينتهي ذلك الي تغيير في اسلوب وسياسة تعاملها مع بقية القوي السياسية حيث ان شعبية الجماعة في تراجع كبير خلال الشهور القليلة الماضية ويذهب البعض الي انه حال اجراء انتخابات برلمانية قريبا فان الراي العام لن يحقق للجماعة نفس نسبة المقاعد النيابية التي حصلت عليها في البرلمان الحالي. 3- النخب السياسية والمثقفون وبقية القوي والاحزاب السياسية.هؤلاء جميعا خذلوا الشعب كثيرا وكان الامل معقودا عليهم لادارة المرحلة الانتقالية مع الاخوان والمجلس العسكري حتي يكون البديل الثالث بين القوتين الرئيسيتين لكنهم بحثوا سريعا عن تحقيق مصالحهم الشخصية والحزبية وتعاملوا مع الثورة كأنها مجرد تورتة كبيرة عليهم التهام أكبر قطعة منها، .لذا انتهينا جميعا رغم مرور عام ونصف العام علي حالنا الان فليس لدينا دستور او رئيس جمهورية متنخب كما ان الاداء العام للسلطتين التشريعية والتنفيذية ليس علي المستوي المطلوب. تقديري أن مراجعة القوي الثلاث السابقة لادائها وسياستها خلال الفترة الماضية من عمر المرحلة الانتقالية ربما يجعلنا نخرج مما نحن فيها من ازمات سياسية وارتباك سياسي لانظير له. قل يارب