كل الدلائل والمواقف علي الساحة الدولية تشير بما لا يدعو إلي أي شك أن العالم كله أصبح يقف في جانب بينما إسرائيل بتطرفها وعنصريتها وتحديها للقوانين والمواثيق الدولية تقف وحدها في الجانب الآخر. وانطلاقا من هذا الواقع فإنه من حق المجتمع الدولي ان يتساءل: أين تكمن المشكلة الماثلة في عدم التوصل إلي السلام المأمول الذي يحقق أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط ذات الحساسية السياسية والاقتصادية؟ إن متابعة التطورات تؤكد ان هذه المشكلة تتركز في عدم فاعلية ممارسة الضغوط علي إسرائيل بتأثير ميوعة الموقف الأمريكي الذي من المفروض ان يكون مقتنعا تماما بأن إسرائيل هي العقبة الوحيدة في طريق السلام. ان واشنطن وللاسف تخلت عن دورها ومسئولياتها واختارت التهاون في التصدي لنزع فتيل الألغام عن طريق التوصل إلي هذا الهدف. إنها وبدلا من أن تمارس ضغوطها علي إسرائيل استجابة لرغبة المجتمع الدولي نجدها وبصورة تدعو للشفقة والسخرية تستسلم لضغوط إسرائيل واللوبي الصهيوني. من الطبيعي ان يثير هذا التخاذل الشكوك حول حقيقة الموقف الأمريكي وعما إذا كان توجهاته تعود إلي عدم القدرة علي مواجهة هذه الضغوط الإسرائيلية الصهيونية أم ان ما يجري من ممالئة لهذا التعنت الاسرائيلي يتوافق ورغبة استراتيجية أمريكية تخدمة مصالحها. ان أحدا لا يستطيع القول بأن واشنطن وعلي ضوء ما تملكه من أوراق ونفوذ تجاه إسرائيل لا تستطيع العمل علي تمرير اتفاق سلام يراعي القوانين والقرارات الدولية ومشروعية الحقوق الفلسطينية. لا يمكن أبدا أن نصدق أن هذه الادارة الامريكية وأي ادارة اخري لا تملك القدرة مهما قيل عن الهيمنة الصهيونية إذا ما أرادت دفع إسرائيل إلي التجاوب مع متطلبات واستحقاقات السلام العادل. يكفي من دولة القطب الواحد ان تقدم علي رفع حمايتها ودعمها العسكري والمالي عن هذا الكيان العدواني الذي أصبح يمثل عبئا ثقيلا علي علاقاتها العربية والدولية.. لاجباره عن القبول بتوجهات السلام. إن اتخاذ أي بادرة ايجابية نحو الزام اسرائيل بوقف سياستها الاستيطانية علي الأرض الفلسطينية المحتلة يعد مؤشرا ايجابيا علي احترام واشنطن لقرارات الشرعية الدولية ولحقوق الإنسان ولوعودها التي كثيرا ما تشدقت بالدعوة إلي تبنيها. كل الآمال مرهونة ومعقودة في مفاوضات السلام بموافقة إسرائيل علي تجميد الاستيطان غير المشروع بما يفتح الطريق أمام التطرق إلي ايجاد حلول للقضايا الأساسية الأخري. ماذا تنتظر واشنطن لممارسة دورها انطلاقا من دورها الراعي لهذه المفاوضات. إن الدول الاوروبية وباعتبارها حلفاءها الأساسيين. ومن خلال الاتحاد الأوروبي أعلنوا في بيان رسمي منذ ايام موقفهم بكل وضوح الرافض للاستيطان الذي تعول عليه إسرائيل من أجل مواصلة سياساتها الاستعمارية التوسعية العنصرية في المنطقة العربية. ان ما جاء في هذا البيان ليس بالشيء الهين ولكنه خطوة مهمة جدا تستند إلي أن هذا الاتحاد يمثل الشريك الاقتصادي الأول لمنطقة الشرق الأوسط خاصة إسرائيل، كما انه يعد الممول الرئيسي اقتصاديا للسلطة الفلسطينية ومتطلبات اقرار الأمن والاستقرار في المنطقة. يأتي هذا التوجه العالمي دعما لجهود التوصل إلي اتفاق للسلام. باعتباره محورا أساسيا لإجهاض نزعات التطرف التي تقود إلي العنف المستمر والناتج عن الشعور بالظلم واليأس. لم يعد خافيا ان اصرار اسرائيل علي المضي في سياسة العداء للسلام انما يكعس اعتقادها الخاطيء بأن التوتر والصراع هما اللذان يمدانها بالحياة ويضمنان لها البقاء. ومع غياب إرادة السلام لدي هذا الكيان سوف يعمل البلطجي »نتنياهو« إلي استخدام ورقة استمرار عمليات الاستيطان سعيا إلي نسف أي أمل في التوصل الي السلام الدائم العادل. من هنا فإنه من الضروري ان يستثمر الجانب الفلسطيني تصاعد الرفض العالمي لعنصرية إسرائيل القائمة علي تفضيل الاستيطان علي السلام لمواصلة الضغط علي إسرائيل والولايات المتحدة. هذا يتطلب عدم الرضوخ لأي محاولات التفاف حول حتمية وقف الاستيطان ولابد ان يوضع في الاعتبار أن أي تنازل في هذه القضية سوف يتبعه مسلسل لا ينتهي من التنازلات التي تقضي تماما علي مبدأ قيام الدولة الفلسطينية. جلال دويدار [email protected]