إذا كان صحيحا ان منظمة التحرير الفلسطينية قد قررت وقف الاستيطان كشرط لمواصلة المفاوضات مع اسرائيل.. فانها بلا شك تستحق الاشادة آملين في ان يكون ذلك مقدمة لانهاء الانقسام والتوصل إلي موقف عربي يعكس ارادة عربية موحدة في مواجهة العدوانية الاسرائيلية.. من ناحية اخري وكما توقعت قبل وبعد ما يسمي بالمفاوضات المباشرة فقد اثبتت الاحداث انني كنت علي حق في تشاؤمي فيما يتعلق بنتيجة هذه العملية التي حملت منذ البداية مؤشرات الفشل. لم أتجن علي الحقيقة عندما ذكرت ان الولاياتالمتحدة صاحبة مبدأ الدولتين- ومن واقع تهاونها- غير جادة علي الاطلاق في العمل علي انجاز مهمة السلام. يتعاظم هذا الاحساس علي ضوء ما تناقلته وسائل الاعلام والتصريحات المعلنة عن فشل المبعوث الامريكي ميتشيل في تحقيق أي اختراق لمشاكل استمرار المفاوضات علي اساس وقف الاستيطان الاسرائيلي علي الارض الفلسطينية والذي يعد بحكم المواثيق الدولية غير شرعي . هذه المحصلة تثير الشكوك حول حقيقة موقف واشنطن.. تأكيدا لما هو سائد بأنها هي التي تقف وراء التعنت الاسرائيلي وتعطيها الضوء الاخضر لاستمرار احتلالها للأرض الفلسطينية والعربية. ما يقال عن هذا الفشل الامريكي ليس سوي دعوة للضحك والسخرية علي اساس انه لا يوجد احد في هذا العالم ان يصدق ان تكون لدي واشنطن نية حقيقية في تحقيق السلام ولا تستطيع ان تفرضه علي ربيبتها اسرائيل. ليس من تفسير لهذا الواقع الهزلي سوي ان الجانب الامريكي له مصلحة في استمرار الاوضاع علي ما هي عليه تفعيلا للاستراتيجية التي تقول ان مصالح اسرائيل هي مصالحها وانها في سبيل ذلك لا مانع من ان تضغط علي العرب من اجل القبول بالاستيلاء علي اراضيهم والبناء عليها للمستوطنين اليهود المستوردين من كل انحاء العالم. كيف بالله يمكن الاقتناع بتعامل الولاياتالمتحدة بهذا الاسلوب الارضائي النفاقي في مواجهة اصرار عصابة البلطجي نتنياهو علي الاستمرار في بناء المستوطنات رغم انه عمل غير قانوني وغير شرعي؟!. يا فرحتي باعتراف بعض رموز الادارة الامريكية بعدم قانونية الاستيطان والاعلان عن ذلك في كل مناسبة ولكن العبرة بما يجري بالفعل علي الارض والذي يجد تشجيعا من التخاذل الامريكي الذي يجعلنا جميعا نقول في صوت واحد »اسمع كلامك يعجبني اشوف امورك استعجب«. هل تريد واشنطن ان تقول للعرب المخدوعين الغائبين عن الوعي انها لا تستطيع ان تأمر اسرائيل بما تريد حقا لصالح السلام العادل الذي يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية. يكفي لواشنطن ان تعلن فقط عن وقف المعونات والسلاح وحماية الفيتو في مجلس الامن لتجعل الدولة القائمة علي شعب من المستوردين من كل انحاء العالم تدور حول نفسها. اضافة الي كل هذا فان حالة العجز التي اصبح عليها العرب كل العرب وبلا استثناء سواء كانت جامعة عربية او لجنة متابعة تجعلنا نقول ان للاسرائيليين حقا فيما يفعلون وان للامريكيين كل الحق في كل ما يتخذون من مواقف. كل الدول تؤكد ان العرب اصبح لا حول لهم ولا قوة وانهم لا امل في ان يفيقوا من غيبوبتهم والتنبه الي كل ما يهدد وجودهم وكيانهم. انهم في حالة استسلام وغير قادرين علي اتخاذ موقف واحد موحد يمكن ان يدعو العالم الي احترامهم. من الطبيعي ان تنعكس كل هذه التناقضات العربية سلبا علي الفلسطينيين اصحاب القضية الذين أعجزهم الانقسام والتشرذم واصبح حائلا بينهم وبين استئناف الكفاح والنضال الذي لن يكون له وجود في غياب وحدتهم. إلي ان يأتي الفرج من عند الله وتتغير احوال العرب والفلسطينيين فانه ليس هناك ما يقال سوي.. عوضنا علي الله.