تطرح علينا كل كتابة جديدة سؤالا مبدئيا يتعلق بما الجديد الذي تقدمه هذه الكتابة علي مستوي الخبرة الإنسانية وعلي مستوي الكتابة الإبداعية بشكل عام، سواء كانت كتابة شابة أو مخضرمة، من كاتب أو من كاتبة. لكن بشكل ما أو بآخر يصببح السؤال أكثر إلحاحا في حال كون الكتابة أنثوية أي خارجة من كاتبة ذ ربما لأننا مازلنا بعيدين بشكل ما أو بآخر عن تلك الكتابة الأنثوية والتي يمكن أن يكتبها رجل أو أنثي ذ ومن ناحية أخري لان هناك رغبة عامة ذتحمل شبهة ذكورية ذفي رؤية الي أين وصلت التجربة الانثوية المصرية في صناعة تجارب فنية تخصها وتبتعد فيها عن حدود القصة التقليدية التي تبدو فيها الانثي بريئة حتي السذاجة ويغتالها رجل لا يمتلك مشاعر سوي الرغبة في الإقتناص. يطرح ديوان "مثل شفرة سكين" ل"نجاة علي" الصادر حديثا عن دار النهضة العربية البيروتية هذه الأسئلة وأخري حول التجربة الأنثوية في الكتابة. حيث تظهر الذات الأنثوية عبر قصائد الديوان تحمل مرارة بالغة تكونت بعد براءة دمرها الرجال باختلاف أشكالهم عبر نصوص الديوان. نحن أمام تنويعة جديدة علي حكاية الفتاة الساذجة التي ترغب أن تكون "مثقفة" والمثقفين "الذكور " الذين يرغبون في صيد الأنثي الجديدة الأمر الذي يتحول فيما بعد إلي مرارة هائلة تواجه بها الذات الشاعرة العالم. منذ القصيدة الأولي "ساعي البريد" يبدو الوعي "الثقافي" حاضرا في صنع التشبيه الرئيسي في القصيدة (...دون أن تعرف/أنها صارت تشبه/ ببؤسها/"ماريو" ساعي البريد) صاحب التشبيه هو بطل فيلم المخرج الانجليزي مايكل ريد فورد "ساعي البريد" فنحن أمام ذات تري أشباهها في السينما العالمية هذا الوعي المفارق هو الذي يرسم لنا ملامح "المثقفة" التي تتحرك بين قصائد "شفرة سكين". وتبدو لعبة الفتاة الساذجة والمثقف الذئب مباشرة في قصيدة "ضرورة أن تعرف فرويد ولاكان" حيث كانت أفكار المثقف "مزعجة" أفسدت رأسها، بينما كانت تحدثه "ببلاهة" عن أبيها، بينما يده ذ المثقف "الذئب"- تحكمان الحصار حول"جسدها" الهدف النهائي من الحديث حول فوريد ولاكان، وتظل الفتاة تبحث عن أبيها وأخيرا تتقاسم الخيبة وتتبادل الخسارة مع أشباهها في البارات القديمة.. المرارة الحالية هي التي تسترجع تلك الذات القديمة التي كانت (كتلميذ خائب طبعا) أو في مكان آخر "معتوهة" وتجعل المكان الحالي التي انتهت إليه الفتاة هو البارات القديمة ومقاهي الأنترنت التي تكلم فيها (أشباحا/ تصدقهم/وتشاركهم البرودة و الكذب).. تتجمع هذه المرارة ولكن بهدوء في النص الأخير "قبور زجاجية" حيث تبقي الرغبة في البحث عن الأب حتي لو كان البحث في الحفرة التي دفنته فيها، الاب الذي يبدو في قصائد الديوان هو الرجل الاقل تعرضا لللوم ربما لأنه مات مبكرا تاركا اياها تبحث عنه في السماء. تبدو بوادر مصالحة في النص الأخير ف "الإنسان يا أخوتي لا يمكن أن يكون مجرد آلام) ولا يزال بصيص أمل في أن تجد ردا علي الأسئلة التي تتكرر بإلحاح. قصائد "مثل شفرة سكين" لم تتحرك تخارج حلقة اللعبة التقليدية بين الأنثي الساذجة والمثقف الذئب إلا قليلا، رغم أن اللعبة بالتأكيد يمكن تتخذ أبعادا أكثر إختلافا وعمقا.