النائب العام يصدر قرارًا بإضافة اختصاص حماية المسنين إلى مكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    "تضامن النواب" توصي عدم الكيل بمكيالين واستخدام حقوق الإنسان ذريعة الأهداف سياسية    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية: يجب على الشركات المصرية استغلال الصناعات البيلاروسية للتصنيع المشترك    نائب محافظ سوهاج يتفقد سير العمل بالمركز التكنولوجي لخدمة المواطنين    وفاة نجل رئيس مجلس النواب الليبي    القسام تنشر مشاهد لاستهداف جرافة إسرائيلية    تقرير مغربي: عقوبات جديدة ضد اتحاد العاصمة بعد الانسحاب أمام نهضة بركان    تويتر الآن بث مباشر مباراة الهلال والاتحاد في نصف نهائي كأس الملك    خالد الغندور : الأهلي يقترب من حسم صفقة نجم الزمالك    حالة الطقس غدا الأربعاء 1-5- 2024 بوادي النطرون    النزهة الأخيرة.. انتشال جثة طفل غرق أمام أصحابه بمياه النيل في أطفيح    فصول في علم لغة النص، كتاب جديد للدكتور أيمن صابر سعيد    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    جلطات لقاح أسترازينيكا- جمال شعبان: لا تحدث إلا لهؤلاء    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    15 مايو.. أولى جلسات محاكمة 4 مسئولين كهرباء في حريق ستوديو الأهرام    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    أمير الكويت يصل مطار القاهرة للقاء السيسي    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    تفاصيل زيارة وفد منظمة الصحة العالمية لمديرية الصحة في أسيوط    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    قواعد صارمة من مدرب ليفربول المنتظر بعد أزمة محمد صلاح وكلوب    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    «التنمية الشاملة» ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة بالأقصر (تفاصيل)    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    ماذا فعل "أفشة" مع كولر في غرفة الملابس بعد عدم مشاركته؟.. والمدرب يرفض معاقبته    وزير التجارة والصناعة يرافق رئيس الوزراء البيلاروسي خلال تفقد الشركة الدولية للصناعات    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكتوبر    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    حفل زفاف على الطريقة الفرعونية.. كليوباترا تتزوج فى إيطاليا "فيديو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استطلاع احتكم للنصوص:
أفضل الكتّاب
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 12 - 2010

من يستحق البقاء في الذاكرة الأدبية من الكتاب الجدد؟ من قدم ما يؤهله لذلك؟ ما أفضل النصوص التي كتبت في السنوات العشر الماضية؟ هل هناك جيل جديد يكتب الرواية والقصة والمسرح والشعر، أم أن هناك نصوصاً جيدة لا تنتمي إلي جيل محدد؟ أم أن علينا الانتظار لسنوات أخري حتي نقيم هذه التجربة!؟
كانت هذه دوافعنا لإجراء استطلاع للاستعانة بكبار النقاد والكتّاب وبعض الفاعلين في الحياة الثقافية لرسم تصور عن عشر سنوات مضت. جاءت أغلب نتائج الاستطلاع لتؤكد وجود كتّاب عابرين للأجيال، وهناك اتفاق علي وجود نصوص روائية جيدة، وعودة للقصة القصيرة مع ذكر عدد محدود من الشعراء!
أغلب الآراء غلبت فكرة حداثة الكتابة عن فكرة الجيل.. وإن كان السؤال نفسه طرح جدلاً واسعاً حول فكرة الجيل.. لهذا ننشر في الصفحات التالية خلاصة عشر سنوات، مع حيثيات الاختيار، دون أن نقسم الآراء في خانات "مع" فكرة الجيل أو "ضدها"، ليتوصل القارئ بنفسه إلي الحكم النهائي.
ثلاثة شروط للخلود
د.صلاح فضل
الأعمال التي أري أنها تستحق أن تبقي في ذاكرة القراء ، وضمير الأدب العربي هي كثير مما أنتجه الكثير من المبدعين، روائيين وشعراء وقصاصين، خاصة تلك الأعمال التي نالت جوائز كبري أو رشحت لها.. وكذلك الأعمال التي صرخ الناس، عند خروجها من الترشيحات للجوائز، لأنها تستحق الفوز، حيث أري أن الجوائز العربية الكبري، ومنها البوكر العربية علي سبيل المثال، لها دلالة هامة خاصة أنها مؤشر ومعيار للقيمة الأدبية والجمالية ودليل علي إمكانية استمرار هذه الأعمال في ذاكرة الأدب.
كما أنني في حالة تقييمي لحصاد الأدب المصري في السنوات العشر الماضية لن أميل إلا لإبداعات كبار الكتاب، من أدباء الستينيات.
أما الكتّاب الشباب، فأنا أعتبرهم واعدين، وفي طريق التحقق، ولكن ما قدموه لا يرقي لكي نعتبرهم يمثلون جيلاً جديداً، قليلة هي الأعمال التي ترقي لأن تكون عملاً أدبياً خالداً. الكتاب الذين ظهروا في السنوات العشر الماضية أمامهم جهد طويل كي ينجزوا ما سيتيح لهم التواجد في الساحة الأدبية وتاريخ الأدب كذلك. وإن كان بعضهم أهل لذلك، فقط عليهم أن يشحذوا مواهبهم، وتقوية إنجازهم.. أقول حكمي هذا وأنا قد قرأت أغلب هذه الكتابات الجديدة، وما كتبته عنها يمكن أن يصدر في ثلاثة كتب نقدية.
هناك أيضا ثلاث ظواهر ثابتة في العقد الأخير. اثنتان حملتهما رياح الشهرة في مدي قصير لانفجار روايتهما في الواقع الإبداع في الداخل والخارج وهما علاء الأسواني من ناحية (لاشك أن إثارته للمشاكل جزء من أهميته كظاهرة)، ويوسف زيدان من ناحية أخري. (يمثل ظاهرة لافتة جدا). الظاهرة الثانية شاعران أثبتا نفسيهما في الشعر، لتأكد جدارتهما، وهما أحمد بخيت، وأحمد حسن. أما الظاهرة الأخيرة فهي تتمثل في وعدين نقدييين أحدهما بدأ في التحقق، والثاني يشق طريقه بصعوبة، وهما هيثم الحاج ووائل فاروق..
هذه الأسماء الستة أعتبرها من أبرز حصاد العقد الذي مضي من القرن الجديد.
امهلونا 10 سنوات أخري
خيري شلبي
من رأيي أن أفضل الأعمال التي نشرت خلال الفترة الماضية رواية ميرال الطحاوي "بروكلين هايتس"، ومجموعة إيهاب عبد الحميد "قميص هاواي"، ورواية ياسر عبد اللطيف "قانون الوراثة"، وأيضا رواية محمد صلاح العزب "سيدي براني"، وأخيراً رواية خالد البري"رقصة شرقية".
وجاء تفضيلي لهؤلاء لأنهم كتّاب موهوبون وتتميز نصوصهم بخلقهم آفاقا جديدة للأدب المصري ولديهم إمكانية كبيرة للاستمرار، ولديهم مساحة كبيرة للذات في نصوصهم، وعن تكوينهم لجيل حقيقي فهذا سؤال تصعب الإجابة عليه حاليا، ولكنهم يحتاجون إلي 10 سنوات أخري ليكونوا جيلاً بمعني الكلمة مع إنهم يناقشون كبريات القضايا من خلال أدب غنائي أو ملحمي كما عند أحمد صبري أبو الفتوح في ملحمته عن "السراسوة" ومعظمهم أتابع أعمالهم متابعة جيدة من خلال الجرائد والمجلات الدورية.
ميرال وأمنية
بشير السباعي
أظن أن فكرة الجيل قد تكوّنت بالفعل في السنوات العشر الأخيرة، لكنني لست متابعاً جيداً لهذا النتاج الواسع لذلك لا أستطيع أن أحكم عليه ومن المميزات التي أراها في هؤلاء الانتماء الحميد لتقليد الرواية الواقعية وأنا أشجع هذا النوع.
ويبدو أن هذا الجيل شديد الاهتمام بالقضايا الكبري، وأري أن هناك أسماء محددة قد استمرت، وسوف تستمر، وخصوصا أن لهم أعمالاً سابقة لافتة ومهمة وأعتقد أن عطاءهم الإبداعي سيستمر وهناك أيضا أسماء مهمة ولكن في حدود متابعتي وقتي لا يسمح لمتابعة هذا السيل من الكتّاب لأنني أضع في أوليات إهتماماتي النتاج الثقافي الغربي فالحقيقة من الصعب إيجاد الوقت لمتابعة الصادر بالعربية. لهذا فإن من أفضل الكتّاب الجُدّد الذين قرأت لهم، ميرال الطحاوي في روايتها "بروكلين هايتس"، وذلك لأنها جمعت فيها بين تجربتي الطفولة والصبا وتجربة أخري وهي الغربة وأعجبني أنها تمتلك مستويات متعددة للحكي وخصوصا إننا بإزاء شخصيات متباينة وكثيرة واختيارها لنبرة الأسي التي تتناسب كثيرا مع العالم المعاصر، كما أن لديها لغة جذابة تكاد تكون شعرية. وأيضا أمنية طلعت في روايتها "طعم الأيام" والتي تتميز بتماسك النص الروائي بشكل مدروس لحد بعيد وأيضا تعدد الأصوات والشكل الدائري للحكي والواقعية ويبدو لي أن التقليد الواقعي سوف يتواصل لزمن طويل، وأخيرا مكاوي سعيد في"مقتنيات وسط البلد" والذي رأيت إنه تناول فيها هذا الالتقاط المرهف لملامح شخصيات مقيمة وإن كانت عابرة في وسط البلد من خلال بورتريهات لهذه الشخصيات نسجت بشكل شفاف وفي الوقت متعاطف معها.
الجيل الجديد
د.محمد عبد المطلب
هناك العديد من الكتّاب، والنصوص، التي ظهرت في الفترة الماضية، أذكر منهم، دون تحديدهم في أجيال، هدرا جرجس وروايته "مواقيت التعري"، ومي أبو زيد في روايتها "ليست مرآة واحدة" (التي لم تصدر بعد)، ومحمد محمد مستجاب في روايته "قرية ليس بها رجل"، ومن الجيل السابق هناك ميرال الطحاوي في روايتها "بروكلين هايتس".
أسباب تفضيلي لهؤلاء إنهم يمتلكون تقنية السرد الأساسية ويعرفون كيفية توظيفها في التعبير عن قضاياهم الخاصة وأيضا توظيف الأقنعة داخل نصوصهم وكثير منهم يعبرون عن الواقع الحاضر وخاصة اهتمامهم بالمهمشين في المجتمع أمثال المرأة والفقراء والمعوقين فكثير من هذه النصوص تناولت هذه القضايا ببراعة وأظن أن مكاوي سعيد يجلس علي عرش هؤلاء، ولكنني أري أن هؤلاء قد غابت عنهم الركائز الأساسية التي تتميز بها الفنون عامة وخاصة أني أري حاليا النصوص تُقلّد بعضها البعض وأن كثيراً من الجوائز المهمة تذهب للكتّاب الذين يخترقون السقف الثقافي العربي والديني ومن الواضح أن بعض هذه الجهات تخترق الثقافة العربية الدينية، وأرجو من الجيل الجديد ألا يجري وراء هذه الظاهرة والفساد وهناك ظاهرة أخري أراها في هؤلاء وهي قدرتهم علي المثابرة وامتلاكهم للغة امتلاكا جيدا وإدراكهم لفنية الأداء، والجيل الجديد حقيقة أوسع في الثقافة وأقدر علي مواجهة الحقائق وأجرأ في اقتحام الممنوع وأعتقد أن هذا الجيل ابن شرعي للجيل السابق عليه لأنني علي يقين من أن الثقافة كلها تعتمد علي التراكم لا الانقطاع.
الحس الأنثوي
د. سيد البحراوي
لانستطيع أن نرصد في السنوات العشر الاخيرة جيلا حقيقيا له اتجاهات واضحة للكتابة فظهور عمل أو عملين للكاتب لايضيف جديداً ولا يعني أن هذا الكاتب قدم رؤية مختلفة فالحكم يكون بتكرار النشر وتراكم الاعمال، ولكن لانستطيع أن نغفل بعض الكتّاب الذين قدموا اعمالاً جادة خلال السنوات العشر الماضية مثل رواية محمد إبراهيم طه "دموع الإبل"، أحمد الملواني "زيروس يجب أن يموت" ، أما في مجال القصة القصيرة فهناك مئات النصوص التي تنشر علي ورشة القصة علي موقع"بص وطل"، التي أشرف عليها، اكتشفت وجود كتاب قصة جيدين مثل هيثم الوزيري ، شيماء زاهر ، محمد عبد المنعم ابراهيم وغيرهم الكثير، لكن كل هذه الاسماء لا تشكل جيلاً.
هناك فقر في المعايير النقدية وفساد في النشر سواء كتب أو مواقع الكترونية نظراً لكثرتها بشكل أتاح لكل من يرغب بالكتابة أن يقدم اعماله وكتاباته بشكل قد يضر عملية الابداع لأنها قد تكون محاولات فردية لاتستحق النشر ..هؤلاء الكتّاب مشتتين في الحياة ، ولكن الإنجاز الأهم يكمن في الحس الأنثوي العميق الذي ظهر في الفترة الأخيرة، مع تزايد عدد الكاتبات.
من ناحية أخري لايوجد اتصال بين هذا الجيل وبين القضايا الكبري فهو لايساهم في تفاصيل الحياة اليومية، لكن القضايا كامنة في داخل الكتابة، متمثلة في القلق والضياع والهروب والفانتازيا والخيال العلمي وغيرها من الطرق والوسائل التعبيرية.
لم تظهر لهؤلاء الكتاب نصوص حقيقية قبل نشر أعمالهم، ولكن بعد صدور كتابات متفرقة لهم اتجهوا الي نشر اعمالهم في الجرائد والمجلات ، ودائما كانت "أخبار الأدب" سباقة في نشر أعمال لهؤلاء الكتّاب الجدد.
راية الذات
محمد سليمان
من الصعب تحديد ما يسمي بظاهرة الجيل الجديد في العشر سنوات الأخيرة..فقد كان هناك ترسيخ للكتّاب الذين ظهروا في التسعينيات الذين تأخر نشر أعمالهم، مثل روايات "قانون الوراثة" لياسر عبد اللطيف، "الفاعل" و"لصوص متقاعدون"لحمدي أبو جليل، وجمال مقار في رواية "كتاب الودعاء".. أو كتّاب جدد ثبتت أقدامهم باعمال مثل رواية محمد صلاح العزب "سرير الرجل الايطالي" أو"وقوف متكرر"، ورواية أحمد العايدي "أن تكون عباس العبد".
أما في مجال الشعر لم تصدر دواوين شعرية جديدة إنما نشرت دواوين ل عمر حاذق، وايهاب البشبيشي، وصلاح عبد الله الأنور، ومحمود قرني، ومن الصعب أن نحكم عليها الآن فنحن بحاجة الي أن نرصد ملامح معينة والي تراكم النشر لاصدار حكم موضوعي لأن هؤلاء الكتّاب قد يتوقف بعضهم بعد فترة قبل أن يصبح صاحب بصمة حقيقية.
فتح التدوين آفاق واسعة للكتابة علي الرغم من أنها تمثل خطر داهم علي الإبداع لأنها لا تخضع لأية رقابة، فكل كاتب يكون رقيبا علي نفسه، وعلي كتاباته، مما يؤدي إلي تنوع الآراء والأفكار ويفتح سقفا متسعا لحرية الرأي والتعبير من هنا أصبحت المدونات سلاحاً ذا حدين أولهما مفيد لأنه يتيح للقاعدة الأعرض من الكتاب والمثقفين الفرصة للتعبير عن أنفسهم، والحد الآخر ضار لأن المدونات بحاجة الي من يراقب ويتابع هذة الكتابات والكاتب نفسه بحاجة الي خبرة فنية، كما أن عليه أن يحتك بالآخر ويحاور ويقرأ ويتابع في الوقت نفسه.
عملي في مجال التحكيم في المسابقات الشعرية جعلني الاحظ أن كل جيل له أفق جديد/ ويري الأمور بشكل مختلف، ولكي يصبح هذا الجيل صاحب بصمة مختلفة فإنه يحتاج إلي وقت كي تكون لدية القدرة علي الرصد والتدوين وتقديم ما لم نستطع أن نرصده، فهذه البصمة لن تتكون إلا بتكرار النشر وتقديم المزيد من الاعمال حتي تتكون ملامح جديدة نستطيع من خلالها الحكم. لاتوجد قضايا كبري وأخري صغري هذه أكذوبة فالقضايا الصغري عندما يتناولها المبدع تتحول إلي قضايا كبري ، وفي معظم اعمالنا الإبداعية لم تغب هذه القضايا ، فالأزمة تدفع الكاتب للبحث علي الاشكال الابداعية المختلفة .
الذات هي الراية المرفوعة في العشر سنوات الماضية ولكنها ليست راية معلقة في الفراغ، إنما هي متصلة بالواقع، وبالتالي لم ينشغل الشعراء الجدد بقضاياهم فقط، وإنما تطرقوا إلي القضايا الأخري كذلك.
مسألة الجيل
محمد فريد أبو سعدة
لا أعتقد بمسألة الجيل هذه ، ولا أتصور أن مصر- دون العالم كله - تغير كتابها كل عشر سنوات!
في تصوري أن الكاتب يحتاج إلي هذه السنوات العشر للتكوين أساسا ً ، ثم مثلهم علي الأقل ليقول شيئا ً جديدا ً !
عندما بدأ القول بجيل السبعينيات كان الستينيون يقدمون أفضل ما لديهم، وبالمثل يقدم السبعينيون منذ التسعينات أفضل ما لديهم.
وراء هذا التجييل فكرة الازاحة ، وفكرة قتل الأب ، وهي في مجموعها ضد التعدد والتنوع ، ضد الحرية وديموقراطية الابداع والتلقي ، لقد فهموا قتل الأب لا عن طريق امتلاكه واستيعابه، وتبني تصورات جديدة، ناتجة من الحوار معه ، بل فهموها بوجوب ازاحته وقتله معنويا باغفاله، وترويض ذاكرة الجماعة علي نسيانه، فكانوا ظهيرا ً جماليا ً لفكرة "الفرقة الناجية" عند المتطرفين من السلف الصالح !!
لا أستطيع تسمية أفضل الكتاب ، فضلا عن وضع حيثيات هذا التفضيل، ثم مميزات نصوصهم ، هذا مجال النقد والنقاد، وشهادتنا نحن الكتاب، عن بعضنا البعض، لابد مجروحة أو في سبيلها لأن تكون كذلك!!
لا شك أن مساحة الذات في الكتابات أصبحت كبيرة منذ حرب اكتوبر ، منذ افتقاد المصريين لمشروع القومي ، ومنذ الطنطنة بسقوط الايديولوجيات الكبري، والقول بنهاية التاريخ ، وعدم اليقين الذي لازم من فقدوا قناعاتهم السياسية والاجتماعية والثقافية، ولم يعد امامهم من شيء يثقون به سوي وجودهم ، فصاروا يقيسون العالم علي ذواتهم لأن ذواتهم هي الحقيقة الوحيدة التي يطمئنون إليها ويوقنون بها.
امتدادات التسعينيات
د.شريف يونس
أنني سأتحدث عن من قرأت لهم فقط لكي لا أظلم أحدا ومن المؤكد يوجد الكثيرون ومن هؤلاء ياسر عبد اللطيف في روايته"قانون الوراثة" والشاعرة إيمان مرسال في ديوانها الأخير"جغرافيا بديلة"، ومن رأيي أن الذين ظهروا في السنوات العشر الماضية لم يكونوا جيلا حقيقيا حيث كنت أري جيل التسعينيات متمرداً علي القضايا الكبري وأعلن صراحة فشل هذه القضايا لأنها فشلت في اقناعه ونري أنه رفض بقايا جيل الستينيات وما يميز أولئك الكتاب الجُدد عن الأجيال السابقة عليهم هو اختراقهم لمناطق جديدة في الكتابة لم تكن متاحة من قبل، كما أنهم كتبوا بشكل مختلف ووضعوا بشكل واضح عوالم موجودة في الحياة الاجتماعية كان لابد أن تكون مختفية في ظل القضايا الكبري، وأري أيضا وجود الذات بشدة في كتاباتهم وأحيانا تكون قريبة من مقتطفات معينة من تجارب مروا بها وتحدثوا عنها.
كتّاب الدار
محمد هاشم
أنني أري أن هناك العديد من الأسماء الشابة التي لمعت أسماؤهم في السنوات العشر الأخيرة، بسبب نصوصهم المتميزة، وأذكر منها ياسر عبد اللطيف"قانون الوراثة"، حمدي أبو جليل"لصوص متقاعدون"، إيهاب عبد الحميد"عشاق خائبون"، ياسر عبد الحافظ"بمناسبة الحياة"، منصورة عز الدين"متاهة مريم"، ميرال الطحاوي"بروكلين هايتس"، خالد البري"الدنيا أجمل من الجنة"، أحمد زغلول الشيطي"ورود سامة لصقر"، مصطفي ذكري"مرآة 202"، ياسر إبراهيم"بهجة العمي".وأري أن هؤلاء يعكسوا ملامح جيلهم وأكثر تعبيرا عنه وكل واحد منهم فارس منطقة بالقدر الذي يجعله رائدا في كتابته وأهم ما يميز كتاباتهم هو لغتهم الجديدة الحية ووجود الذات بصورة كبيرة ويعتبرون أن أزماتهم الشخصية جزء من الأزمة العامة ومن رأيي أن هذا الجيل سيستمر وسيحتل مساحات أكبر يوم بعد أخر.
التخلص من الذات
مكاوي سعيد
أذكر من الكتاب إيهاب عبد الحميد وروايته "عشاق خائبون"، محمد الفخراني في روايته"فاصل للدهشة" وأفضلهما لامتلاكهما أدوات كثيرة في السرد الروائي ولديهما إستعداد كبير للتطور وعموماً جميعهم كتاب حقيقيون ويصفون الواقع كما هو ولديهم مساحة كبيرة للذات وأتمني أن يتخلصوا منها لأنها زائدة لديهم ولكن من الصعب التنبؤ بهم كجيل لأنهم مازالوا في طور التكوين.
نصوص جيدة
د.حسين حمودة
سأتكلم عن نصوص لا عن الكتّاب الذين ظهروا في السنوات العشر الأخيرة، كل هؤلاء الكتّاب لهم نصوص معروفة فالحديث عن النصوص لا ينتهي.. في البداية هناك نص محمد المخزنجي "حيوانات أيامنا" ، رواية محمد ابراهيم طه "دموع الإبل" ، نوفيلا سيد الوكيل "شارع بسادة"، رواية مكاوي سعيد "تغريدة البجع" ، رواية منصورة عز الدين "وراء الفردوس" ، رواية عزت القمحاوي "مدينة اللذة" ،رواية منتصر القفاش "مسألة وقت"، نص حسام فخر "حكايات أمينة" ، رواية هالة البدري "المنتهي"، رواية رشيد غمري "الجبانات" ، رواية هدرا جرجس "مواقيت التعري"، ورواية بهاء طاهر "واحة الغروب".
من ناحية أخري تجربة الأجيال قابلة دائما للتساؤل حولها، حيث إن كل جيل ينفرد بتجربة إبداعية مختلفة عن الأجيال التي تسبقه ، فكل جيل ينفرد بسمات وخصائص تميزه، أن هذا الجيل ينتمي الي اعمار متنوعة حيث أن بعضهم بدأ الكتابة في وقت متاخر نسبيا، لكنهم قدموا أعمالاً متميزة ومتنوعة، كما أن هذا الجيل يمثل تجربة فنية جديدة يقترن بتجربة متميزة وبصوت قصصي أو روائي شديد الخصوصية ، يمثل إمتداداً لكل من سبقوه وأنا لا اوافق علي فكرة الانقطاع في مسيرة الأدب فهذا الجيل لاينفصل عن الاجيال السابقة بل يمثل امتداداً لمسيرة الابداع الفنية، ولكن باسلوبه الخاص وتفكيره وخبراته المختلفة.. لايكون مجرد ناقل أو مكرر إنما يصل إلي درجة الابداع الحقيقية، التي تجعل منه ومن كتاباته تجربة ابداعية متميزة ومتفردة. اعمال هذا الجيل متصلة بعالمنا وأنا لا أوافق علي
أن هناك قضايا كبري وأخري صغري مادمنا نتحدث عن هموم الانسان الحقيقية فلا يوجد انفصال بينها.
طبعا الذات حاضرة في كل هذه الاعمال في مساحات كبيرة تستطيع أن تستوعب بداخلها الآخرين، وربما تستطيع أن تستوعب العالم كله، هذا جزء مما يجعل الاعمال إنسانية الطابع ويمنحها جزءاً من قيمتها الإبداعية.
جيل في الرحم
د. يسري عبد الله
لقد حملت السنوات العشر الأخيرة آفاقا جديدة وواعدة للكتابة المصرية والعربية، تشكلت في رحم الابداع المصري ، وتخلقت من جديد ، حيث رأينا نصوصا إبداعية تعبر عن تنوع خلاق لا ينفصل عن السابق انفصالا تاما وإن حوي خصوصية لافتة في طروحه الإبداعية. نرصد ذلك من خلال أعمال الكتّاب الجدد في مجال الرواية ومنهم: محمد الفخراني "فاصل للدهشة" ، هاني عبد المريد "كريالسيون" ، محمد صلاح العزب "وقوف متكرر" ، الطاهر شرقاوي "فانيليا"، ياسر عبد الحافظ "بمناسبة الحياة"، حمدي الجزار "سحر أسود"، شريف عبد المجيد "خدمات مابعد البيع"، مجوعة علاء أبو زيد "الحافة"، محمد رفيع "أبهة الماء"، إيهاب عبد الحميد "قميص هاواي"، هيثم خيري "رابعهم كلبهم". وفي مجال الشعر : ديوان محمد أبو زيد "طاعون يضع ساقا فوق الاخري"، سالم الشهباني "القطة العميا".
تميز هذا الجيل بآليات مختلفة في الكتابة نظراً للظروف التي انتجت فيه، هذه الكتابات تمثل تعبيرا جماليا في سياق سياسي وثقافي واجتماعي مختلف عن الجيل السابق، لانه لم يلتق علي علم، ولم يتوحد علي مشروع مثل جيل الستينيات ، ولم يتعرض للانتصار والخديعة مثل جيل السبعينيات، هذا الجيل ابن ظروف مختلفة، ورؤي غائمة، الكتابة لديه لم تنفصل عن الواقع، عبرت عنه بطريقة مختلفة، يعيد انتاجها من خلال عناصر ذاتية وهامشية ، الكتابة عنده ليست مثل الكتابات السابقة.هناك كتّاب داخل هذا الجيل يعبرون عن مشاريع ابداعية تخصهم، وملامح يمكن أن تلمسها، وأمام تنوع واختلاف في نفس الوقت، وبما أن الاهتمام يجب أن يكون بالنصوص، وليس بالشخوص، فمن المهم حدوث مراجعة نقدية تجاه الزخم الابداعي الموجود ، فهناك كسل نقدي من النقاد الذين تعرضوا لهذه النصوص ، لذلك نحن بحاجة الي رؤية نقدية موضوعية تقيم هذه المشاريع وتحدد أفقها.
هناك حضور للمقولات الكبري عند هذا الجيل لكن الاختلاف في الكيفية وليس في الطرح، آليات تقديم القضايا الكبري اختلفت حسب رؤية ونظرة واتجاه كل كاتب من هذا الجيل، لكن لم يكن هناك انفصال عن طرح القضايا الكبري من خلال اعادة انتاجها مرة اخري بطرق مختلفة.
مساحة الذات حاضرة فالسمات دائما موجودة في الكتابة لدي معظم النصوص والأجيال، ولكن الاختلاف في التقديم ، ليس مهما ماذا نقول؟ ولكن المهم كيف نقول؟ كما أن النصوص كلما انحازت إلي التجريب والإدهاش كانت أكثر بهاءً..
كانت أخبار الادب سباقة في نشر نصوص لهؤلاء الكتاب المنتمين لهذا الجيل وتهتم بالقاء الضوء علي هذه المحاولات الجديدة .
الجميع يشارك
د.عماد عبد اللطيف
لقد أتيح لي في السنوات الأخيرة أن أحكِّم عددًا كبيرًا من المسابقات الأدبية في فروع الإبداع المكتوب. وإحدي النتائج التي خرجت بها من هذه التجارب أن الساحة الأدبية في مصر تشهد فورانًا إبداعيًا في معظم المجالات. وأبرز ما في هذا الفوران، أن كل الأجيال الأدبية الحية تسهم فيه بدءًا من جيل الستينيات _الذي أصبح من ينتمون إليه في العقد السابع أو الثامن من عمرهم- وانتهاءً بجيل العقد الأول من القرن العشرين، ممن يتهادي معظم من ينتمون إليه في عشرينيات عمرهم الذهبية. ومع ذلك فإن ما يسهم به الشباب في هذا الفوران ربما كان أضعاف ما تقدمه الأجيال الوسيطة والمتقدمة كميًا (وهل أجرؤ علي القول نوعيًا أيضًا؟!).
كل حكم بالأفضلية لابد أن يشوبه قصور؛ لأنه غالبًا ما يكون نتاج استقراء جزئي للواقع. وتزداد صعوبة القول بالأفضلية في مجال الأدب الذي يكون تأثير الاعتبارات الإنسانية والشخصية في الأحكام المتعلقة به أكبر من تأثير المعايير العلمية أو الأكاديمية المحايدة. وتقترب هذه الصعوبة من الاستحالة إذا كان الواقع الذي نتحدث عنه بالغ الثراء والتعقد، كما هو الحال في واقع الإبداع الأدبي بمصر في الوقت الراهن. ومع ذلك فإن هناك كتابات ما إن يقرأها الإنسان حتي تنحفر في ذاكرته، ولا يستطيع التملص منها. وبعض هذه الأعمال هي ما يمكنني أن أتحدث عنه؛ دون حكم بأفضليتها علي غيرها من الأعمال، أو بأفضلية من كتبوها علي غيرهم من المبدعين.
فمن بين قائمة كبيرة من الكتابات التي أثارت إعجابي الشديد أذكر ثلاثة أعمال لثلاثة كتاب نشروا أهم أعمالهم في السنوات الخمس الأخيرة. العمل الأول هو "ابتسامات القديسين" لإبراهيم فرغلي وهي رواية بديعة، مكتوبة بلغة شعرية بالغة الرهافة، ومُحمّلة برؤية إنسانية تنحاز للتعايش في مقابل الكراهية، وللمحبة في مقابل الموت. العمل الثاني مجموعة قصصية بعنوان "كشري مصر" لقاص من أبرز كتاب القصة الإدريسيين (إن صحت النسبة إلي المشروع الإبداعي ليوسف إدريس) هو حسن كمال. ونصوص المجموعة التي تقدم مشاهد من الحياة اليومية من القاهرة المعاصرة تنحاز إلي البناء التقليدي للقصة القصيرة، لكنها تستخدم ببراعة متناهية تقنيات المفارقة اللغوية والموقفية لتوليد سيل متواصل من الدهشة. والقصص التي قمت بتدريس بعضها لطلابي بجامعة القاهرة تتسم بالإحكام الشديد في بنائها وتنحاز للغة بالغة الاقتصاد من ناحية، وتروِّج لمشاعر إنسانية بالغة النبل من ناحية أخري. أما العمل الثالث فهو مجموعة قصصية أخري (ألسنا نعيش عصر ازدهار القصة القصيرة؟!) هي مجموعة محمد الفخراني "قبل أن يعرف البحر اسمه". وهي مجموعة تستعيد طزاجة الأسطورة، وتضفرها مع واقع الحياة. المجموعة التي تشبه ترنيمة في محبة الكون، تستخدم لغة يتراقص فيها المجاز، وتتمايل علي وقع موسيقي صوتية بالغة الرهافة، ربما كانت تجليًا لموسيقي الكون التي تعزفها كائنات تعيش حياتها مفعمة بالانسجام.
مفهوم الجيل مفهوم قلق، علي الرغم من أنه شائع الاستخدام. لذا أنا أنحاز إلي مفهوم الظاهرة الأدبية، التي لا تحكمها اعتبارات زمنية بقدر ما تحكمها اعتبارات جمالية. ومن هذه الزاوية نحن أمام عدد من الظواهر _اشترك في إنتاجها مبدعين من أجيال مختلفة- مثل ازدهار القصة القصيرة، وظاهرة روايات الفئات المهمشة، وظاهرة الأعمال الأدبية المصوَّرة، وتعاظم ظاهرة الأعمال الأدبية رفيعة المستوي المكتوبة لأنواع دراما تليفزيونية جديدة مثل السيت كوم، وظاهرة ازدهار الجماعات الأدبية وتعاونها البيني.
يمكنني القول باطمئنان شبه نسبي أن أعمال القاص الاستثنائي محمد المخزنجي _القليلة للأسف- هي من أكثر الأعمال تأثيرًا في نفسي من حيث درجة الاستمتاع بها، والتعلم منها، وتقدير ثرائها الجمالي المدهش. وقد قرأت كل مجموعاته القصصية مرات لا حصر لها. وأثناء سفري خارج مصر عادة ما أحمل أحد أعماله لتؤنسني في الغربة، حتي لو كانت غربة أيام معدودة. فالقاص الذي يقطِّر لغته بقدر ما يقطِّر تجاربه، يترك في نفس قارئه طاقة هائلة علي مواصلة الحياة والاستمتاع بها. وقصصه التي تتعاطف دومًا مع قيم الحرية والخير والعدالة، ترسم صورة للإنسان بوصفه كائنًا قادرًا علي تغيير العالم، وإن كان يعوزه الكثير من الفهم والتعاطف. أما كتابته عن "أشياء العالم"؛ فإنها تضفي علي الكون طابعًا أسطوريًا، تتلاشي فيه حدود الزمان والمكان، وتزول فيه الفواصل بين الحيوان والإنسان والجماد. والقيمة الأساسية التي يحملها الكون الذي يستكشفه ويبنيه عبر اللغة هي قيمة التعايش الحميمي بين الكائنات من ناحية، والرثاء الصادق لما يؤول إليه عالمنا المعاصر، بفعل غباء بعض البشر وتعجرفهم من ناحية أخري.
تنوع أنماط الرواية
د.سامي سليمان
أنني أري إنه في العقد الماضي ظهر عدد كبير من الكتاب الشبان الذين استفادوا كثيرا من الوسائل الحديثة ومن تجارب الأجيال السابقة والانفتاح علي الآداب الغربية وقدم هؤلاء الشبان عددا كبيرا من الكتابات القصصية والروائية، وقد برزت بينهم أسماء كثيرة وهم علي سبيل المثال لا الحصر حمدي الجزار"سحر أسود"، أسماء شهاب الدين"المرأة الأولي"، هدرا جرجس"مواقيت التعري"، محمد الفخراني"قبل أن يعرف البحر اسمة"، طارق إمام"هدؤ القتلة"، إيهاب عبد الحميد"قميص هاواي"، ياسر عبد اللطيف"قانون الوراثة"، هدي توفيق"مقطع من الصمت"، محمد علاء الدين"إنجيل آدم".
تكشف أعمال هؤلاء عن سعيهم إلي التنويع في تقنيات الكتابة مما يظهر في تنوع أنماط الرواية في الميل إلي تفتيت المشاهد والتعمق في العوالم الداخلية للشخصيات الروائية والقصصية ومرونة الانتقال السردي بين الأزمنة والتنوع في أنماط اللغة ما بين اللغة الشعرية و التقريرية واستثمار الإمكانيات الجديدة لوسائل الاتصال والسعي لتقديم كتابة تستجيب للإمكانيات الجديدة التي إتاحتها وسائل الاتصال، وتشكل كتابات هؤلاء الكتاب إبداعا مرتبطا باللحظة الراهنة في حياة المجتمع المصري وإن كان الملاحظ أن العلاقة بين هذه الكتابات والواقع ليست مباشرة وهذا ما يفسر ما توصف بها كتابات هذا الجيل أحيانا من غياب القضايا الكبري من كتاباتهم إذ تستطيع كتابات هؤلاء أن تعكس عديدا من جوانب التغيير العميق في المجتمع المصري وإن كانت المساحة التي تحتلها الذات مساحة كبيرة في الإبداع ولكننا نستطيع بشيء من التعميق في التحليل أن نكتشف أن حضور الذات لا ينفي انعكاس التحولات الاجتماعية في كتابة هؤلاء ولا تستطيع التنبؤ بالمسارات التي ستذهب وراءها كتابات هذا الجيل في العقد القادم لأن بعضهم قد يستطيع تجويد أدواته أو الوقوف علي منطق جديدة في الخبرات الإنسانية والحياتية أو التفكير في أشكال كتابية جديدة تحقق للكتابة الروائية والقصصية قدرة أكثر علي الجمع بين تجويد تقنيات الكتابة من ناحية وإمكانية تصوير قضايا كبري أو تحولات مهمة من ناحية أخري حين إذ نستكشف أن بعض هؤلاء سيحقق بعض هذه الأماني وأن بعضهم الأخر ربما يواصل الكتابة بذات الطريقة التي ألفها وستكون هذه اللحظة هي المناسبة لبداية تبلور جيل جديد.
منار عبد الخالق
لميس عبد الجواد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.