اسعار اللحوم اليوم السبت 23-8-2025 في الدقهلية    أسعار الفراخ البيضاء اليوم السبت 23-8-2025 في الدقهلية    محافظ المنيا: إزالة 518 حالة تعدٍ على الأراضي وأملاك الدولة    23 شهيدًا جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر اليوم    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    لجنة الاستئناف تحكم بثبوت مخالفة الهلال بعد انسحابه من السوبر السعودي    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة غزل المحلة ومروان عطية يتابع تأهيله    الزمالك يتظلم من قرار سحب أرض النادي ب 6 أكتوبر ويؤكد صحة موقفه    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    ضبط 124 ألف مخالفة متنوعة في حملات لتحقيق الانضباط المروري خلال 24 ساعة    ضبط 4 أطنان من الدقيق الأبيض والبلدي المدعم في حملات تموينية خلال 24 ساعة    مصرع وإصابة أربعة أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين بأسيوط    دينا الشربيني تشارك روبي الغناء بحضور كريم محمود عبد العزيز وزوجته    شيرين عبد الوهاب: ياسر قنطوش لا يمثل أي شئ لي قانونيًا    زيارة مفاجئة لوكيل صحة أسيوط لعددا من المستشفيات بحى غرب    ضبط 90 طن أعلاف حيوانية فاسدة داخل مصنع بالقليوبية    إنفوجراف| أسعار الذهب اليوم السبت 23 أغسطس    1350 مجمعا استهلاكيا يطرح 15 سلعة بتخفيضات ضمن مبادرة خفض الأسعار    تفعيل المشاركة المجتمعية لتطوير وصيانة المدارس واستكمال التشجير بأسيوط    «صحح مفاهيمك».. مبادرة دعوية خارج المساجد بمشاركة 15 وزارة    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    طلاب الثانوية الأزهرية الدور الثانى يؤدون اليوم امتحان التاريخ والفيزياء    تجديد حبس عاطل وشقيقته بتهمة جلب 3000 قرص مخدر داخل طرد بريدي    ضبط لحوم وسلع غذائية فاسدة وتحرير 260 محضرًا في حملات تموينية بأسيوط    موعد مباراة النصر والأهلي والقنوات الناقلة بنهائي كأس السوبر السعودي    اليوم.. اجتماع الجمعية العمومية العادية للإسماعيلي لمنافشة الميزانية والحساب الختامي    شباب في خدمة الوطن.. أندية التطوع والجوالة يعبرون رفح ويقدمون المساعدات لقطاع غزة    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : إلى أين!?    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    جامعة القاهرة تُطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    وزارة التعليم تكشف تفاصيل تطوير منهج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات    اتحاد العمال: بدء إنتاج السيارات وتشغيل وحدة الحديد والصلب خطوات نحو عصر صناعي جديد    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    وزارة الصحة تقدم 3 نصائح هامة لشراء الألبان    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    سعر طن الحديد اليوم السبت 23-8-2025 في أسواق مواد البناء.. عز بكام النهارده؟    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الحضيض» لمكسيم غوركي: الحياة بحلوها ومرّها
نشر في إيجي برس يوم 27 - 08 - 2011

هل مات مكسيم غوركي ميتة طبيعية أم ماتمقتولاً؟ سؤال لا يزال يقضّ مضاجع مؤرّخي الأدب ومؤرّخي الاتحاد السوفياتي السابق،وذلك بالتحديد لأن ثمة من المعطيات ما يقترح أن صاحب «الأم» و «الحضيض» إنما مات مقتولاًوسط أجواء محاكمات موسكو والتصفيات المذهلة التي أُجريت على هامشها. ذلك أن كاتب «الواقعيةالاشتراكية» الأكبر، وصديق لينين، ما كان من الطبيعي له أن يموت بذلك الشكل المباغت،وقد استقر في وطنه بعد تجوال طويل، وصار ينظر إليه على أنه الكاتب الأكبر في بلد الاشتراكيةالأساسي في العالم.
* من الصعب، طبعاً، في ضوء المعطيات المتوافرةحتى الآن، تأكيد أو نفي واحد من الاحتمالات المطروحة. لكن المؤكد هو أن العقود المثاليةمن الستينات، وكما لم يكن متوقعاً، دفعت بمكسيم غوركي إلى خلفية الواجهة الأدبية العالميةبعض الشيء، فلم يعد «على الموضة» وخفّت ترجمة أعماله، وصار من النادر لريبرتوار المسرحالعالمي أن يلتفت إلى مسرحياته. ومع هذا، من الصعب على القارئ أن يتصور أن مكسيم غوركيغير مهمّ في تاريخ الأدب العالمي، خصوصاً أنه ما إن تأتي صدفة ما على ذكر أعماله، حتىيتذكر الناس كيف أن هذه الأعمال ظلت، ولعشرات السنين، مصدر إلهام للكتاب والمسرحيينوالسينمائيين وغيرهم، بدءاً من الألماني برتولد بريخت، وصولاً إلى عشرات المبدعين العربالذين كان غوركي ملهمهم الأكبر.
* والمرء إذ يتذكر مكسيم غوركي هنا، تقفزإلى ذهنه على الفور روايته الكبرى «الأم» التي اقتبسها بريخت. غير أن العمل الذي ارتبطبه اسم غوركي أكثر مما ارتبط، كان من دون أدنى شك مسرحية «الحضيض» أو «أهل الحثالة»،التي لو دخلنا في تفاصيلها فسنجدنا أمام مصدر أساسي للكثير من الأعمال وصولاً إلى بعضشوامخ الأدب العربي كما كتبها نجيب محفوظ وتوفيق يوسف عواد وغيرهما. «الحضيض» المسرحيةالتي قدمت ألوف المرات وبعشرات اللغات على مسارح العالم، هي واحدة من أعمال مكسيم غوركيالمبكرة، إذ إنه كتبها عند نهايات القرن التاسع عشر، لتقدم للمرة الأولى في موسكو عام1902. ومن هنا يمكن القول إن «الحضيض» كانت أول مسرحية أسبغت على غوركي شهرته ومكانتهفي روسيا، كما في العالم لاحقاً. كما أنها افتتحت، إلى حد ما، مسرحاً «بؤسوياً» إنسانيّالنزعة، صار لاحقاً ثابتة من ثوابت المسرح في العالم.
* تدور أحداث «الحضيض»، إذاً، وسط تلك البيئةالتي كان غوركي يفضل الحديث عنها. بيئة المتشردين البائسين الذين بالكاد يعيشون، وبالكاديجدون قوت يومهم، أو مكاناً يؤويهم، ومع ذلك نراهم يتمسكون بالعيش وبحب الحياة ويقومونيومياً بألف بهلوانية وبهلوانية لكي يؤكدوا ذلك التمسك. المسألة في مثل هذه البيئاتلا علاقة لها، طبعاً، بالخير أو بالشر، أو بالمواعظ الأخلاقية. انها مسألة بقاء بحكمالضرورة، وحيل للوصول إلى البقاء. والأحداث هنا تدور حول المرابي العجوز كوستيليف الذيحول قبواً في بنايته إلى مهجع ليلي يقيم فيه الأفّاقون المشرّدون. ومن بين هؤلاء النزلاءيطالعنا على الفور ومنذ أول المسرحية فاشكا الذي يبدو متميزاً على الآخرين بقوته وذكائه،إلى درجة يصعب معها تصور أن ينتمي حقاً إلى هذا المكان. وفاشكا هو عشيق فاسيليسا، زوجةالمرابي، ظاهرياً، لكنه في الحقيقة حبيب اختها ناتاشا. فاسيليسا لا تكف عن محاولة اقناعفاشكا بقتل العجوز إكراماً لحبه لها. وفي النهاية يقدم فاشكا على الجريمة ويقتل المرابي،ولكن ليس كرمى لعيني الزوجة، إنما لكي يحمي ناتاشا من اضطهاد كوستيليف وزوجته لها ومنعنفهما في التعامل معها. ذلك أننا منذ البداية نكتشف كم أن الاثنين يكرهانها. وكمارأى النقاد دائماً، فإن الأحداث في «الحضيض» ليست الأكثر أهمية، المهم هو الأجواء وخصوصاًالحوارات التي تكشف عن تصادم الفلسفات والمواقف وتقاطعها. وهي حوارات وضعها غوركي علىألسنة الكثير من الشخصيات الثانوية والأقل ثانوية. فهناك العجوز لوقا الذي نكتشف أنهشريد وقديس في الوقت ذاته. فهو يعامل البشر جميعاً كأنهم أطفال، ويتمكن دائماً من الحصولعلى ثقتهم فيصبح أباً حقيقياً لهم، معطياً إياهم أملاً دائماً وحباً للحياة مفعماً.فنراه مرة يخفّف من آلام امرأة تموت، واعداً إياها بالدعة والسلام في الأعالي، ونراهتارة أخرى يداوي صغاراً ابتلوا بإدمان الكحول. ولكن بعد مقتل المرابي يختفي لوقا تماماًوتختفي معه كل ضروب الأمل والسكينة، وتموت الأحلام الكبيرة التي كان يبثها في ذهنياتالسكان.
* هذا المكان وسكانه ليسوا سوى محصلة للظلمالاجتماعي، وما الواقعية الاشتراكية التي تحيط بالنص سوى تشديد على هذا، ولكن من المؤكدفي الوقت ذاته أن غوركي إنما شاء عبر كتابته هذا العمل الأخاذ، أن يسبر أغوار النفسالبشرية في شكل إجمالي، وأن يسأل عن معنى وجود الإنسان في هذا الكون. ومن هنا، بدلاًمن التعامل مع «الحضيض» كمسرحية ثورية، تعامل معها المخرجون الأكثر ذكاء والأكثر اهتماماًبالشرط الإنساني ككل، بوصفها كناية عن العالم الإنساني كله، لأن المسألة فيها لا تعودمسألة طبقية أو صراعية، بل مسألة اسئلة عن أفعالنا ووجودنا كما عن الشر الكامن في دواخلكل فرد منا. وزاد من «جمال» هذا العمل - إن جاز الحديث عن أي جمال - كون العالم الذييصف غوركي بؤسه، يبدو في نهاية الأمر عالماً فاتناً ساحراً، لصيقاً بإنسانية الإنسان،حيث يتجاور الرعب مع المرح، والقتل مع الأمل، والفلسفة العميقة مع الصراخ الداعي إلىالنجدة، وفي هذا يمكن القول من دون أدنى تحفّظ ان مكسيم غوركي حتى وإن أبقى عمله المسرحيّالمبكر هذا ضمن إطار نوع بؤسويّ من الواقعية الاجتماعية - وهو نوع وسم على اية حالمعظم كتاباته، ولا سيما منها الكتابات المبكرة التي وضعها قبل ان يتحقق انتصار الثورةالبولشفية، التي كان ينتمي اليها قلباً وقالباً، لكنه ومن بعد انتصارها سيشعر انهافشلت في تحقيق وعودها -، فإنه جعل منها في الوقت نفسه مسرحية حافلة بالأبعاد الإنسانيةالتي تتجاوز الأيديولوجية الطبقية. صحيح اننا هنا امام شخصيات منسحقة طبقياً وأن الكاتبلا يفوته ان يتوسّع في الإشارة الى مسؤولية التفاوت الاجتماعي عن ذلك الانسحاق، إلاانه - أي الكاتب - ينحو من طرف خفي نحو بعد يذكّر بتولستوي ونظرته نصف الإنسانية/ نصفالأيديولوجية الى المسألة الاجتماعية. ولعل مسرحية «الحضيض» هذه تكاد تقف وحدها فيهذه المزاوجة مؤسسة لتيارات فنية ابداعية لن يكون من غير المنطقي القول انها ستتجسّدلاحقاً في اعمال مسرحية وسينمائية متقدمة طوال القرن العشرين تبدأ ببعض مسرحيات بريختالمبكرة لتصل الى اعمال مثل «عناقيد الغضب» كفيلم لجون شتاينبك (ولاحقاً لجون فوردكفيلم) ولا تتوقف عند الواقعية الجديدة في السينما الإيطالية. لكنّ هذه حكاية أخرىبالتأكيد. وفي اختصار، قيل دائماً عن هذه المسرحية إنها، خلف واجهتها تخفي حباً للإنسانلا حدود له، ورغبة في عيش الحياة والوصول إلى النور. وهذا كله تكاد تختصره عبارة لوقا:«إن الأحياء هم الذين يجدر بنا أن نحب».
* ولد مكسيم غوركي (وهو الاسم المستعارلألكسي مكسيموفيتش بيتشكوف) عام 1868 في بلدة نيجني - نوفغورود الصغيرة التي ستحمللاحقاً، بفضله، إسم غوركي. وهو حين أضحى كاتباً منذ مطلع شبابه آمن بالأفكار الاشتراكيةوالثورية وكرّس كتاباته لبحث القضايا الاجتماعية والدفاع عن قضية الشعب، ومن خلال ذلكطرح بقوة كل مبادئ الاشتراكية الواقعية. منذ طفولته تجوّل الفتى، وقد اصبح يتيماً،في انحاء روسيا ومارس الكثير من المهن. أما أعماله الأولى (من قصة قصيرة وقطع للمسرح)فقد نشرها بين 1892 و1901 بتوقيع «غوركي» الذي يعني «المرّ». وفي عام 1902 ظهرت مسرحيتاه«البورجوازيون الصغار» و «الحضيض» لتبلغ شهرته الذروة. ولقد أودت به نزعاته الثوريةإلى السجن إثر ثورة 1905. ثم نفي إلى كابري في إيطاليا، وارتبط بصداقة عميقة مع لينين،ولاحقاً كتب مذكراته وصار الكاتب الرسمي لروسيا الثورة. وهو مات في موسكو عام 1936في عز التصفيات الستالينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.