قبل أن يتحول اسم توت عنخ آمون إلى أيقونة عالمية تخطف أنظار الزائرين وتتصدر كتب التاريخ، كان هناك ملك آخر لا يقل عظمة، احتفظ الزمن بأسراره بعيدًا عن الأضواء لآلاف السنين، إنه الملك بسوسنس الأول، الذي خرجت كنوزه إلى النور بهدوء، لتحكي قصة مجدٍ ملكي لم يفقد بريقه رغم تقلب العصور. اقرأ أيضا | «قراءات جديدة في لغز فرعون الخروج» ندوة علمية بمؤسسة زاهي حواس في قصر الأمير طاز شارك موقع المتحف المصري بالتحرير اليوم صورة أرشيفية نادرة للقناع الذهبي للملك بسوسنس الأول، ذلك الأثر الفريد الذي عُثر عليه داخل مقبرته بمنطقة تانيس، عاصمة مصر في عصر الأسرة الحادية والعشرين. ويُعد هذا القناع من أندر وأجمل الأقنعة الجنائزية التي وصلتنا من مصر القديمة، إذ صُنع بالكامل من الذهب الخالص ليخلّد ملامح الملك إلى الأبد. ويتميز قناع بسوسنس الأول بدقة تفاصيله اللافتة، من ملامح الوجه الهادئة إلى العيون المصاغة بعناية، مرورًا باللحية الملكية ورمز السيادة، ما جعله القناع الوحيد الذي نافس قناع توت عنخ آمون في جمال التصميم وروعة التنفيذ، رغم أن شهرة الأخير طغت عليه لسنوات طويلة. ويمثل هذا القناع شاهدًا حيًا على الثراء الفني والحرفي الذي بلغته مصر خلال عصر الأسرة الحادية والعشرين، وهي فترة كثيرًا ما يُنظر إليها باعتبارها مرحلة انتقالية، إلا أن كنوز تانيس أثبتت أنها كانت عصرًا حافلًا بالقوة والثراء والابتكار. ويزين القناع الذهبي اليوم قاعات المتحف المصري بالتحرير، حيث يقف في صمت مهيب، يعكس عظمة ملك حكم في زمن معقد، واستطاع أن يترك بصمة خالدة لا تقل بريقًا عن أشهر ملوك الفراعنة. وقد التُقطت هذه الصورة الأرشيفية لتوثق لمعان الذهب الذي قاوم الزمن، وبقي شاهدًا على حضارة استطاعت أن تمنح الخلود معنى حقيقيًا، بعد أكثر من ثلاثة آلاف عام على صناعته.