أبرمت معاهدة القوات المسلحة التقليدية فى اوروبا في 19 من نوفمبر(تشرين الثاني) 1990 في باريس بين حلف الاطلسي ( 16 دولة) وعدد من أعضاء حلف وارسو(6 دول) ودخلت حيز التطبيق عام 1992. وكان هدف المعاهدة الاول عندما كانت المواجهة بين الشرق والغرب توشك على نهايتها، الحد من قدرات كافة الاطراف على شن هجوم مفاجئ او المبادرة بعمليات هجومية واسعة النطاق وتحدد المعاهدة حدودا عليا لنشر القوات المسلحة التقليدية في اوروبا والتي تشمل المروحيات الهجومية والعربات القتالية التي تحمل مدفعية والطائرات من خلال نظام التحقق والتفتيش المشترك. وقد اقترحت روسيا تعديل المعاهدة عام 1999 في اسطنبول للاخذ بالاعتبار نهاية حلف وارسو الذي كان يجمع الاتحاد السوفيتي مع حلفائه السابقين في اوروبا الشرقية مثل بولندا وبلغاريا والمجر. ورفضت الدول الاعضاء في حلف الاطلسي المصادقة على الصيغة الجديدة طالما لم تسحب روسيا قواتها من جورجيا ومولدافيا طبقا لالتزامات قطعتها في اسطنبول، وبقي الالتزام بصيغة المعاهدة الموقعة في باريس في 1990. ويعد ما يسمى بالتزامات اسطنبول والتي تمثل جزءا لا يتجزأ من معاهدة القوات المسلحة التقليدية في اوروبا بالنسبة للناتو احد الامور الرئيسية التي لا تروق لروسيا وترفض الدول الاعضاء في الناتو ان تصادق على المعاهدة المعدلة ما لم تف موسكو بهذه الالتزامات، بينما تعرب روسيا عن استيائها ازاء هذا الربط. ويأتي انسحاب روسيا من معاهدة القوات المسلحة التقليدية في اوروبا ليخدم قدراتها في استعراض قوتها في مجال السياسة الخارجية من خلال اعتراضاتها على خطط الاممالمتحدة بشأن منح الاستقلال لإقليم كوسوفو، والتي ترفضها موسكو من منطلق أن مثل هذه الخطوة سوف ترسي سابقة هامة بالنسبة للمناطق الاخرى التي تتطلع الى الاستقلال بما في ذلك بعض المناطق في الاتحاد الروسي. وأزال قرار بوتين القيود التي وضعتها معاهدة القوات المسلحة التقليدية في اوروبا على عدد القوات التي تستطيع روسيا ان تنشرها عند حدودها الجنوبية والشمالية وهو الامر الذي كان يسبب في الماضي سببا للقلق للدول المجاورة. وكانت المعاهدة تمنع روسيا من تمركز القوات في مكان واحد، والآن قد يؤدي ما حدث الى تغييرات كبيرة في ميزان القوى الاقليمي.