اصح يانايم وحد الدايم ، السحور يا مؤمنين السحور، رمضان كريم وغيرها من نداءات شائعة يرددها المسحراتى من رمضان لأخر عبر التاريخ وسط سكون الليل بصوت جهورى يصل إلي آذان الصائمين النيام، ممسكاً بيده اليسرى طبلة، وبيده اليمنى عصا أو قطعة من الجلد يدق بها عند كل وقفة 3 مرات، وغالبا ما يصاحبه طفل أو طفلة تحمل مصباحاً لإفساح الطريق له وهو يردد عباراته المتميزة أو ينطق بالشهادتين بصوت أقرب إلي التنغيم منه إلي الحديث ثم يذكر اسم صاحب المنزل الذي يقف أمامه أو ينظر إليه من النافذة حيث كان يعرف أسماء كل سكان الحى من الرجال، فيردد: (أسعد الله لياليك يافلان)، ولاينطق أسماء البنات ،بل يقول: (أسعد الله لياليك يا ست العرايس)!. ولكن هناك تساؤلات حائرة تثار كل رمضان مثل من أول مسحراتى بمصر؟ و كيف تطورت طقوس ومظاهر المهنة ومحترفيها؟ وهل تراجعت فعلاً بعد ظهور وسائل الاعلام؟ مهنة شعبية فلكلورية بدأت تطوعية المسحراتي هو ذلك الرجل الذي يقوم بعملية التسحير أى بدعوة الناس كى يستيقظوا لتناول طعام السَحور ويبدأ جولته بين شوارع الحي بعد منتصف الليل حتى قبيل أذان الفجر منبهاً الأسر إلى موعد تناول وجبة السحور حاملاً طبلته الصغيرة وهي من فصيلة النقارات لها وجه من الجلد مثبت بمسامير وظهرها من النحاس المجوف وبها مكان مخصص لتعليقها منه، وهي نوعان "بازة" أى طبلة مسحر صغيرة أما الكبيرة فتسمى طبلة جمال نسبة الي صانعها، ومعها قطعة من الجلد أو الخشب للدق بها علي سطحها الجلدي. و كلمة مسحراتى اشتقت من السحور الذي اشتق بدوره من السحر وهو آخر الليل، وهى مهنة شعبية تعتمد على الكلمات والأناشيد والأشعار والطقوس الخاصة البسيطة. وقد ارتبط ظهور المسحراتي بحاجة الناس إلى من يوقظهم من نومهم في ليل رمضان حينما لم تكن هناك وسائل إعلام أو منبهات الكترونية ، وكانت الوسيلة الوحيدة المتاحة هي القناديل التي تعلق بين مآذن المساجد حتى يستدل من نورها على وقت الامتناع عن الطعام. وقد تعلق المصريون بالمسحراتي لأسباب كثيرة من أهمها أن المسحراتي ظهر بسبب العلاقات القوية أو الحميمة بين الناس في الحارات، فهذه الحميمية بين سكان الحارات في الفسطاط أدت إلى وجود من يتطوع لإيقاظ أهلها في ليل رمضان، وكان لكل حارة بالمدن المسحراتي الخاص بها. أما في الريف والقري ،فكان العمدة يتولي بنفسه ايقاظ أهل القرية للسحور أو يتم تقسيم شوارع القرية علي عدد من المسحراتية ويبدأ كل واحد عمله من ليلة رؤية هلال رمضان وحتي ليلة العيد. وفي بداية الأمر كان المسحراني يقوم بهذا العمل متطوعاً ولا ينتظر عليه مقابل مادى ثم تطور الأمر ليصبح مهنة يتقاضي صاحبها أجراً من أهل الشارع أو الحي الذين يؤدي لهم هذه المهمة في آخر الشهر الكريم ، فمع أول أيام فطرهم يطوف على المنازل ليحصل أجره والذي كان عادة من حلوى العيد مثل الكعك والبسكويت والملابس الجديدة ثم أصبح يأخذ نقوداً إلي جانب هذه الأشياء وغلب علي من يمتهنون هذه المهنة أن يكونوا من فاقدي البصر . ورغم أن مهنة المسحراتى أصبحت أشبه بالتراث أو الفلكلور الشعبي ، فمازالت بعض أصوات المسحراتية تجوب شوارع الريف والأحياء الشعبية في اصرارشديد علي المقاومة خاصة أن هناك من ينتظرها كل رمضان لإيقاظه في موعد تناول السحور. ومع الوقت تطور شكل المسحراتى من رجل يرتدى الجلباب والعمامة إلي شعراء وفنانين أدوا هذا الدور واشتهروا به في الإذاعة والتليفزيون مثل الشيخ سيد مكاوي الذى تغنى بأشعار المسحراتي للشاعر فؤاد حداد، ويعد أشهر مسحراتي في العصر الحديث بصوته العذب وابتهالاته التي تغذي الوجدان وتحث علي الفضائل وطبلته التي ترن "الرجل تدب مطرح ما تحب وأنا شغلتي مسحراتي في البلد جوال، طق ططقطق طق".