تختزل مسرحية فلسطينية على مدار 55 دقيقة حكاية الفلسطينيين منذ اللجوء، وحتى قيام السلطة الفلسطينية. يقدم الممثل المسرحي الفلسطيني اسماعيل الدباغ منفردا هذه الحكاية في مونودراما مسرحية "الاحداث الاليمة في حياة ابو حليمة" عن قصة الشاعر الفلسطيني طه محمد علي "ما يكون"، ومن اخراج الاسباني جاكوب امو. بدأ الممثل الدباغ عرضه المسرحي ليل الخميس على خشبة مسرح "وسينماتك القصبة" في رام الله بالضفة الغربية على وقع نشرة اخبار تقدمها مذيعة لا يسمع سوى صوتها، وهي لديها مشكلة في نطق الحروف "الجيش الفلسطيني يجتاح ناتانيا بسبب استمرار شاس اطلاق الصواريخ على رام الله..." ويطل الدباغ على جمهوره بملابس داخلية لتبدأ الحكاية التي تحمل المسرحية اسمها "الاحداث الاليمة في حياة ابو حليمة" التي تقدم صورة سوداوية للواقع الفلسطيني منذ النكبة الى اليوم. يروى ابو حليمة (الدباغ) حكايته في المخيم بعد هجرة أسرته عام 1948، وكيف بقي حتى بلغ عشر سنوات من العمر دون أن تكون أسرته قادرة على شراء حذاء له. ويضحك ابو حليمة الجمهور كثيرا من خلال تمكنه من استخدام كل حركات عينيه، ويديه، ورجليه وهو يروي اول قصة حب له مع حذاء شاهده في فاترينة احد المحلات في المخيم، ولم تكن لديه القدرة على شرائه. يقول ابو حليمة "ثاني يوم شفت ابن المختار لابسها (الحذاء) حسيت انو اغتصبها مني." ويواصل ابو حليمة سرد حكايته مع الحذاء مقدما صورة بائسة لاوضاع الفلسطينيين في المخيمات، وكيف اشترى حذاء بعشرين قرشا، حيث كانت فردتا الحذاء لنفس القدم اليمين. وينتقل ابو حليمة بعد ذلك في عرض درامي لا يخلو من التراجيديا والكوميديا يوضح كيف التحق بصفوف الثورة من اجل ان يحقق حلمه بالعودة الى فلسطين. يروي ابو حليمة بعض المواقف عن معاملة اللاجئين الفلسطينيين الذين توزعوا على مخيمات في الاردن، وسوريا، ولبنان، وكيف كان الجميع ينظر اليهم نظرة دونية على انهم هجروا بيوتهم. ويستبق ابو حليمة الاحداث بعد ان يلبس بزته العسكرية قبل عودته الى ارض الوطن بعد توقيع اتفاقية اوسلو ليعرف الجمهور انه كان يمسح حذاء احد الضباط في الجيش الذي كان به دون الاشارة الى ذلك الجيش باي دولة "نكسونا نكس بعد الحرب" في اشارة الى ما يطلق عليها النكسة اثر هزيمة العرب عام 1967 . وعندما يعود الى ارض الوطن يقول لابن خاله انه عقيد ويقبل ان يعيش في هذه الكذبة دون ان ينسى ان يقدم صورة ان الحواجز مازالت قائمة "حسيت والجندي (الاسرائيلي) بفتشني على الحاجز اني عريان." يذهب ابو حليمة بعد تقاعده من الخدمة العسكرية مباشرة بجمهوره الى مدينة القدس التي قرر العيش بها بعد ان تمكن من التسلل اليها ليقدم صورة معتمة عن واقع مدينة لا يمكن للفلسطينيين ان يدخلوها الا بتصاريح من الجانب الاسرائيلي. يقول ابو حليمة "ما قدرتش ارجع على يافا، دخلت على القدس تهريب، سكنت بيت حسونه (ابن خاله) اللي هاجر لكندا، وترك الدار." ويضيف "شباب صغار بشربوا خمرة وحشيش قلتلهم شو بدوا يقول عنكم سيدنا عمر بن الخطاب وصلاح الدين لو شافوكم من خرم التاريخ، قالوا لي بدنا نسكر خرم التاريخ في قطنة." ويستحضر ابو حليمة في مسرحيته الفلاحات اللواتي يراهن كل من يزور القدس، وهن يبعن الخضر والفاكهة على الارصفة، ويقول "شفت الفلاحة بتنضرب، وعملت حالي مش شايفها. ما بقدر اعملها ايشي." واضاف "بطلنا نتحمل والمشكلة فينا بالدرجة الاولى. الخلل منا رغم مظلة الاحتلال. لدينا فساد ثقافي وفساد مؤسسات." وتابع "أرى في كل فلسطيني رئيسا، وهذه المسرحية رسالة موجهة الى كل فلسطيني عنده وفاء، وبعد عرض الافتتاح في القدس الشهر الماضي مجموعة عروض هذا الشهر ستقدم في رام الله." قال الدباغ انه سيشارك في مسرحيته في ايام عمان المسرحية في العاصمة الاردنية، وسيقدم مجموعة من العروض في اوروبا.