أعاد مخرج فلسطيني السبت بث الحياة في مسرحية (بيت الدمية) بعد مئة وتسعة وعشرين عاما على عرضها الاول في العاصمة الدنمركية كوبنهاجن. قدم طاقم من الممثلين الفلسطينيين العرض الاول لمسرحية (بيت الدمية) للكاتب النرويجي هنريك ابسن بإخراج فلسطيني السبت على مسرح وسينماتك القصبة في رام الله بالضفة الغربية بمناسبة الاحتفالات بيوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من اذار مارس من كل عام. وقال المخرج الفلسطيني جورج ابراهيم مخرج مسرحية (بيت الدمية) بنكهة فلسطينية بعد عرض الافتتاح "عملية اخراج المسرحية الى العربية كانت شاقة وصعبة من حيث النص الذي كتب في ذلك الوقت (1879) باللغة النرويجية وهي بحسب النقاد لغة خشنة، عملت على قراءة العديد من الترجمات للنص الاصلي بالعربية والانجليزية ووصلت الى هذه النتيجة باللغة العامية لكي تكون سهلة على الجمهور." وقال ستين روسنيس ممثل النرويج لدى السلطة الفلسطينية في كلمة وزعت على الجمهور مع نشرة عن المسرحية "أكثر من غيره من الكتاب فان هنريك ابسن اجبرنا على التأمل بحقوقنا وقيمنا الاساسية فالصراعات الاجتماعية التي يواجهنا بها ما زالت قائمة الى يومنا هذا... ومسرحية نورا او بيت الدمية تظهر علاقة صالحة لكل زمان ومكان في افكار ابسن حول قضايا المرأة." والكاتب المسرحي النرويجي هنريك ابسن من مواليد مدينة سكين بالنرويج في عشرين مارس اذار 1828 تركت كتاباته أثرا في الحركة الادبية العالمية ومن اشهر مسرحياته (الاشباح) و(المطالبون بالعرش) و(كوميديا الحب) و(عروس البحر) و(عدو الشعب) و(البطة البرية) و(بيت الدمية). وأوضح المخرج ابراهيم ان ما تناقشه المسرحية قد يبدو غريبا مقارنة مع الوقت الذي كتبت فيه وقال "قد نفاجأ ان ما يحدث من سيطرة الرجل الكاملة على المرأة في ذلك الوقت (1879) ما زال يحدث اليوم في بعض ان لم يكن معظم الدول العربية فمشكلة المرأة هي ذاتها." واضاف "صراع الوجود والافضلية ما زال قائما ولن يحسم الا اذا تخلى عن كونه صراعا واتخذ صيغة مختلفة اساسها بسيط ألا وهو الحب الذي يوجد بذاته وتنتج عنه علاقة قائمة على التوازن دون الأفضلية." وعمل المخرج المسرحي ابراهيم على اختصار المسرحية الاصلية من ثلاث ساعات الى ساعة ونصف وقال "اختصرت المسرحية من ثلاث ساعات الى ساعة ونصف وكذلك اختصرت شخوص المسرحية الكثيرة للضرورة الفنية للمسرحية وكان ادخال اللغة الفنية الحديثة اليها عملية شاقة وصعبة." وتتناول المسرحية على مدى ساعة ونصف العلاقة بين الرجل والمرأة التي تتشابه في كل المجتمعات وان اختلفت الازمنة او اللغات فهو كما يقول المخرج "الصراع بين الرجل والمرأة بدأ منذ ادم وحواء وسيبقى موجودا." وتستند المسرحية الى شخصية رئيسية (نورا) التي تقدمها الممثلة الفلسطينية حنان الحلو لنمط العلاقة بين المرأة وزوجها القائمة على ان الرجل هو الآمر الناهي الذي يتدخل حتى في ما تأكل فنراها تأكل الشوكولاته خلسة عنه حتى لا يراها. وتتضمن المسرحية تقديم الممثلة الحلو عددا من الرقصات على انغام التشيلو بعزف حي من الموسيقية بيتنا الزبيدي في بداية المسرحية التي يظهر فيها الممثلون وهم يضعون أقنعة على وجهوهم تجعلهم يشبهون الدمى. وتتمحور قصة المسرحية حول امراة تحصل على قرض من مرابي دون علم زوجها لانقاذ حياته واجراء عملية جراحية وتعمل كل ما بوسعها لتسديد المبلغ دون علم زوجها وتستمر الحياة بين الزوجين دون ان تتضمن مناقشة امور جدية فيما بينهما. وتعرض المسرحية بشكل سريع قصة كرستينا الذي جسدته الممثلة منال عوض التي اضطرت لترك حبيبها المحامي كرستور ويؤدي دوره الممثل عماد فراجين والزواج من رجل ثري لكنه طاعن في السن من اجل ان تتمكن من توفير المصروف لاخوتها الذين كبروا وتزوجوا وتركوها وحيدة بعد ان مات زوجها لتعود باحثة عن ذلك الحب القديم. وتظهر المسرحية جوانب اخرى لعلاقات الصداقة بين المرأة والمرأة وهنا تكون غطاء لحب دفين يصرح به الرجل متى حانت الفرصة. وفي اللحظة التي كانت تفكر فيها الزوجة ان زوجها سيكون سعيدا بتضحيتها وما عملته لانقاذ حياته لا ان تثور ثائرته عندها يعلم بقصة القرض في عرض تراجيدي ينتهي بأن يطلب منها ان تنسى كل ما قاله وان تواصل الحياة معه. وتقدم هنا نورا نموذجا للمرأة التي تقرر ان تختار حياتها وان تخرج عن سيطرة زوجها الذي ترى فيه انه يحب نفسه فقط "الاف النسوان ضحوا بحياتهم علشان أزواجهم انت بتحب نفسك" وتتجه نحو الباب لتخرج منه وتقول انها ليست دمية. وقالت الممثلة الحلو بعد العرض المسرحي "موضوع المرأة عالمي وقصة نورا بتصير في فلسطين وفي كل انحاء العالم وهو ليس موضوع تقافة معينة موجود في الدول الشرقيةوالغربية." واضافت "المرأة ليست دمية تلبي رغبات الرجل فهي لها كيان وتقرر ماذا تفعل." ويرى الممثل خالد المصو الذي جسد دور الدكتور رانك صديق نورا "ان من حق المسرح الفلسطيني ان يتعرف على الثقافات الاخرى والاعمال المسرحية الموجودة في كل انحاء العالم." واضاف "عندما تقول نورا في المسرحية انها ليست دمية ليس الهدف تلقين الجمهور والا فلن يصبح ذلك فنا الهدف هو خلق حالة من الحوار في المجتمع حول علاقة المرأة والرجل في المجتمع الفلسطيني." وأبدت جوان بلاس مديرة المسرح الوطني النرويجي اعجابها بالعرض الفلسطيني لمسرحية ابسن وقالت لرويترز بعد العرض "العرض رائع ودافئ وتم اختصار القصة بطريقة ناجحة للعلاقة بين المرأة والرجل وهي واضحة للجمهور ايضا." وأضافت "ما قام به المخرج جورج ابراهيم خطوة جريئة وعمل عظيم وبث الحياة في النص لانه اذا اردت ان تمثل النص كله فانت بحاجة الى العودة الى زمن مختلف..احببت النسخة الفلسطينية من هذا العمل." ومن المقرر ان تقام جولة عروض لهذه المسرحية التي يرى فيها الجمهور انها تناقش قضية صالحة لكل زمان ومكان وقالت الشابة اعتدال عبد الغني بعد مشاهدتها العرض المسرحي "حبيت الموضوع لانه بركز على قضية المرأة والمشكلة نفس المشكلة من زمان حتى اليوم سواء كان المجتمع شرقيا او غربيا في نظرته للمرأة." واضافت "كنت مبسوطة ان في نهاية المسرحية قررت المرأة تبحث عن ذاتها وسكرت الباب وطلعت." (رويترز)