يستلهم المخرج الفلسطيني كامل الباشا أحداث الثورات التي تشهدها بعض الدول العربية لدمجها مع مسرحية (محطات مارتن لوثر كينج)، ويقدمها برؤية فلسطينية، يشارك فيها ممثلون أمريكيون وفلسطينيون. ويجمع الباشا في المسرحية التي كتبها الأمريكي كليبورن كارسون بين التمثيل والغناء والفيديو، ويدمج فيها اللغتين العربية والإنجليزية، مع ترجمة في كلا الاتجاهين لبعض الجمل. وبدأت، مساء أمس الثلاثاء، أول عروض المسرحية برؤيتها الفلسطينية الجديدة على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس (الحكواتي). ونجح الباشا في إدخال رؤيته الفلسطينية للمسرحية الأصلية دون الإخلال بها، من خلال جعلها مسرحية داخل مسرحية، بحيث تتناول المسرحية وصول مخرجة أمريكية إلى الأراضي الفلسطينية لعمل مسرحية عن مارتن لوثر كينج بمشاركة ممثلين فلسطينيين وأمريكيين، ويتم ادخال العديد من الجمل التي تتحدث عن الواقع العربي والفلسطيني وسط التحضير للمسرحية. وقال كارسون الذي تعرف إلى كينج لأول مرة عندما كان في التاسعة عشرة من عمره لرويترز: "هذا العرض هو مسرحية في داخل مسرحية، لقد نجح المخرج كامل الباشا بطريقة خلاقة في عمل بعض الإضافات، لتكون هذه المسرحية التي تقدم للمرة الأولى بالشرق الأوسط، وتتناول الواقع الحالي". وأضاف، "أنا فخور جدا أن يقدم الفلسطينيون هذه المسرحية، وأنا واثق أن مارتن لوثر كينج سيكون فخورا، وهو يرى شابا فلسطينيا يقف ويعيد قراءة خطاباته، وما يميز عمل العرض هنا (في القدس) أن مارتن لوثر كينج كان مناضلا من أجل العدالة والحرية والمساواة، وكذلك الشعب الفلسطيني ما زال يناضل من أجل حريته". واغتيل كينج، وهو مناضل أمريكي من أصول إفريقية في عام 1968، بعد سنوات من نضاله، للمطالبة بإنهاء التمييز العنصري في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وحصل على جائزة نوبل للسلام في عام 1964، وينظر إليه كواحد من أهم الشخصيات التي دعت إلى الالتزام بتطبيق قواعد حقوق الإنسان. ويرفع الممثلون في المسرحية شعارات تنادي بالحرية، مثل "الشعب يريد إسقاط النظام"، إضافة إلى ترديد أحدهم تلك الكلمات التي قالها الرئيس الليبي معمر القذافي، "حارة حارة بيت بيت زنقة زنقة" بما يتناسب مع تسلسل أحداث الإعداد للمسرحية الأصلية (محطات مارتن لوثر كينج). ولا ينسى المخرج أن يقدم رؤيته لواقع الانقسام الفلسطيني والحراك الشعبي الذي تشهده الأراضي الفلسطينية، والاختلاف في المواقف السياسية بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة، ويقول أحد الممثلين، "الحديث عن النضال عند أبو مازن (عباس) مثل الحديث عن إنهاء الانقسام في غزة". ويقدم أحد المشاهد رؤية للعلاقات الفلسطينية الأمريكية من خلال حوار بين المخرجة الأمريكية والممثلة جورجينا عصفور، التي تؤدي دور زوجة مارتن لوثر كينج حين يرفض الممثلون الفلسطينيون في مشهد اغتيال الرئيس الأمريكي جون كنيدي لف جثمانه بالعلم الأمريكي الذي كثيرا ما يحرقه الفلسطينيون في مظاهراتهم. وأوضح الباشا أن ما قدمه في هذا المشهد يعبر عن ضميره، مع أن ذلك قد لا يعجب الممول الأمريكي لمسرحيته، وقال لرويترز بعد العرض: "ليست مهمتي تحسين الصورة الأمريكية، ولكن مهمتي كمخرج التعبير عن ضميري، وما يقدمه هذا المشهد هو الواقع، وتمول القنصلية الأمريكية في القدس المسرحية. ويستعرض الممثل رمزي مقدسي الذي يؤدي دور كينج في المسرحية مهاراته الخطابية، ويقدم أمام الجمهور مجموعة من الخطب المهمة التي ألقاها كينج في المسيرات وأمام مؤيديه، ترافقه لقطات فيديو تبثها شاشة معلقة على خشبة المسرح لكينج وهو يخطب. وقال مقدسي لرويترز بعد العرض: "أعود إلى التمثيل بعد سنوات من الانقطاع، وقد تدربنا على هذا العرض لما يقارب الشهرين، وأنا سعيد به، ولكنني بحاجة إلى بذل مجهود أكبر لاستعيد طاقتي. العالم اليوم يحتاج إلى مثل هذه الثورات، وبالذات الولاياتالمتحدةالأمريكية". وقال القنصل الأمريكي العام في القدس، دانييل روبنستين، في كلمة له في حفل الافتتاح: "لنا شرف أن نكون جزءا من هذا البرنامج، هذه المسرحية هي تعاون وتبادل ثقافي مميز إضافة إلى إبراز مواهب فلسطينية وأمريكية لرواية أحد أكثر القادة البارزين في العالم". ومن المقرر أن تبدأ المسرحية التي تروي على مدار 105 دقائق المحطات المهمة في حياة مارتن لوثر كينج، وبعض إسقاطات الواقع العربي والفلسطيني عليها في عدد من الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية خلال الشهر الجاري.