دبلوماسية "أمانو" أم كاريزما "مينيتي"؟ ماذا لو لم يحسم الفوز من أول جولة؟ "البرادعي".. 12 عاما من المناوشات إعداد: إيمان التوني التنافس بين الدول الغربية الصناعية الكبرى والدول النامية على منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية "IAEA" يحتدم مع فشل أعضاء مجلس محافظي الوكالة – 35 عضوا - في حسم الفائز من المرشحين الرئيسيين الياباني "يوكيا أمانو" والجنوب إفريقي "عبد الصمد مينيتي" خلال التصويت السري الذي جرى الخميس 26 مارس/ آذار 2009، لخلافة المصري "محمد البرادعي" الذي شغل هذا المنصب على مدى 12 عاما تمثل 3 ولايات متتالية، تنتهي الأخيرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009. وقبيل الجولة الانتخابية الأولى، كان "أمانو" متقدما على "مينيتي" بواقع 10 أصوات مقابل 6 أصوات، إلا أن المرشح الياباني لم يحقق أغلبية الثلثين اللازمة لفوزه - وتعادل 24 صوتا من أصل 35 - وكان 6 من المندوبين لم يقرروا مواقفهم بعد. دبلوماسية "أمانو" أم كاريزما "مينيتي"؟ ويشترك المتنافسان اليابانيوالجنوب إفريقي في خبرتهما الطويلة بموضوعي خفض الانتشار النووي ونزع الأسلحة. "يوكيا أمانو" – البالغ من العمر 62 عاما – يشغل حاليا منصب ممثل اليابان في الوكالة الدولية. وكان قد ترأس مجلس محافظي الوكالة الذرية لمدة عام ما بين سبتمبر/ أيلول 2005 إلى سبتمبر/ أيلول 2006. أما "عبد الصمد مينتي" – البالغ من العمر 69 عاما – فيمثل جنوب إفريقيا بمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوصفه نائب المدير العام بوزارة الخارجية في بلاده. وهو ناشط سابق بمجال مكافحة التمييز العنصري. "يوكيا أمانو" و"محمد البرادعي" وفي تصريحات صحفية، تعهد "أمانو" – المعروف بتحفظه - باستعمال التفويض الممنوح له لاتخاذ إجراءات مسبقة ضد الذين يقومون بعمليات الانتشار النووي ودعم الاستخدامات السلمية للطاقة النووية عبر تعاون فني "بطريقة متوازنة". وقال إنه في حال فوزه سينتهج "سياسة محايدة" تتعامل بنزاهة مع المسائل المثيرة للجدل، ومن بينها ملف البرنامج النووي الإيراني. وأضاف أنه ينحدر من دولة عرفت عمليات القصف النووية - في هيروشيما وناجازاكي - مؤكدا التزامه بالعمل على منع الانتشار النووي. في حين تعهد "مينتي" – المعروف بمواقفه السياسية الواضحة - بإتباع نهج يتسم بالمساواة. وقال إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية "بطبيعتها لها دور سياسي" حيث إنها ترفع تقارير لمجلس الأمن. وأشار إلى أن بلاده لديها خبرة في التكنولوجيا النووية لكنها في الوقت نفسه دولة من الجنوب، ما يسمح بتجاوز هذه الدول كل الحواجز والعمل من أجل الإجماع. وبينما ينظر إلى "أمانو" على أنه مرشح الغرب القريب من الولاياتالمتحدة، والمتحفظ الذي سيبعد الوكالة عن التسييس، خلافا ل"مينيتي" الذي تتطابق مواقفه مع الدول النامية بشأن القضايا النووية، وبفوزه يصبح مديرا آخر يتصف بالجرأة السياسية مثل "البرادعي"، إلا أن المرشح الياباني لا يتمتع بالكاريزما، على عكس منافسه الجنوب إفريقي الوسيط البارع طلق اللسان والذي يتمتع بشخصية جذابة ومهارات اتصال أفضل. من جهة أخرى، اتفق المتنافسان على أنه من غير المرجح أن يؤدي حمل العمل الزائد بالنسبة للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى زيادة ميزانيتها بصورة كبيرة، برغم إعلان الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" عن مضاعفة الولاياتالمتحدة لمساهماتها. وقال "مينتي" إنه "في ظل الأزمة المالية الحالية - وعلى الرغم من أن ثمة بلدانا ستزيد من مساهماتها بدرجة ما - فإن على المرء أن يتحلى بالواقعية وألا يتوقع انهمار الأموال على الوكالة". وكان كل من المرشحين استعرضا خطة عملهما للنهوض والارتقاء بالوكالة الذرية إلى مستوى تجاوز التحديات والعقبات التي تواجهها في المرحلتين الراهنة والمقبلة في حال فوزهما بمنصب المدير العام، وأكدا تعهدهما بالعمل من أجل تطوير الوكالة وتكريس استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية والتنموية والطب والصحة والتغذية وإدارة المياه وتوليد الطاقة الكهربائية وتأمين الوقود النووي ومكافحة الإرهاب النووي وتعزيز الأمان النووي ولما فيه مصلحة البشرية جمعاء. ماذا لو لم يحسم الفوز من أول جولة؟ ووفقا للنظام الأساسي للوكالة الدولية، ففي حال حصل أي من المرشحين على أغلبية ثلثي أصوات مندوبي الدول الأعضاء في مجلس المحافظين ال35، تكون النتيجة قد حسمت لمصلحة الفائز من أول جولة انتخابية. "عبد الصمد مينيتي" بينما في حال حصول المرشحين على أصوات متقاربة، فسيتم إعادة الاقتراع السري لمرة ثانية، وفي حال عدم حصول أي من المرشحين على أغلبية الثلثين في المرة الثالثة، فستبادر رئيسة مجلس المحافظين – وهي مندوبة الجزائر "طاووس فيروخي" - إلى فتح باب الترشيح أمام مرشحين جدد، حتى نهاية أبريل/ نيسان 2009، على أن يتم الاتفاق على عقد اجتماع طارئ لمجلس المحافظين خلال مايو/ أيار 2009، على أن يتم اختيار مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحلول يونيو/ حزيران 2009 علي أقصي تقدير، لتصدق علي تعيينه جميع الدول الأعضاء بالوكالة - وعددها 145 دولة - في سبتمبر/ أيلول 2009. ومن بين الأسماء المرشحة للدخول في السباق على منصب المدير العام للوكالة الدولية - نتيجة عدم الحسم بين المرشحين "أمانو" و"مينيتي" - المفاوض المخضرم السابق في معاهدة منع الانتشار النووي الأرجنتيني "روجيليو بفيرتر" مدير اللجنة التقنية الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، و"تيبور توث" رئيس منظمة معاهدة حظر التجارب النووية، والمندوب التشيلي بالوكالة "ميلينكو سكوكنيتش"، ووزير الخارجية النرويجي "يوناس جار شتور" رئيس مجلس المحافظين السابق، والفنلندي "أولي هاينونين" نائب المدير العام لشئون الضمانات، لخبرته في معالجة الكثير من المسائل النووية المثيرة للجدل في كوريا الشمالية والعراق وإيران وسورية. "البرادعي".. 12 عاما من المناوشات وكان "محمد البرادعي" المدير العام الحالي للوكالة الدولية للطاقة الذرية تولى منصبه منذ عام 1997. وحاز خلال توليه لهذا المنصب على جائزة نوبل للسلام لعام 2005. "محمد البرادعي" وفي عهده، نشطت الوكالة الدولية خلال تحقيقاتها في المزاعم بممارسة أنشطة لإنتاج أسلحة نووية في العراق أثناء حكم الرئيس الراحل "صدام حسين" – الذي أعدم في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2006 – وقد اصطدم "البرادعي" بالصقور في إدارة الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش" وانتقد احتلال العراق عدة مرات. كما تولت الوكالة خلال فترته، مراقبة وقف برنامج إنتاج الأسلحة النووية في ليبيا، وخطوات مماثلة في كوريا الشمالية، التي طردت مفتشي الوكالة وقامت بتفجير نووي تجريبي. كما أجرت الوكالة الدولية – في عهد "البرادعي" أيضا - تحقيقات بشأن وجود برامج نووية عسكرية في كل من إيران وسوريا.