الوفد 27/2/2009 من بين القضايا المثيرة للشفقة في المجتمع المصري، »قضية الرؤية« أي رؤية الأب أو الأم لأولادهما.. وهي ليست من قضايا اليوم بل قديمة ومستمرة عبر العصور والأديان.. وعندما تدخلت الحكومة لتنظيم هذه الأمور الحيوية سمحت للأب أن يري أولاده مرات محددة.. ولمدد محددة.. وإن اختلف مكان الرؤية. وبعد ان كان الأب يري أولاده في أقسام الشرطة منذ سنوات عديدة.. فإن الإجراءات والقوانين المعمول بها الآن تجعل للأب حق رؤية أطفاله في أماكن عامة.. منها ما كان يتم في مقار الاتحاد الاشتراكي أو كما يحدث الآن في مقار الحزب الوطني الحاكم.. والسعيد منهم ما تتم الرؤية لهم في الأندية مراعاة للأحوال النفسية للأطفال.. ** ومهما كانت سلوكيات الأم فإنها سوف تلقن أطفالها كل ما هو سيئ عن الأب لأنها لن تنسي لماذا تركها أو طلقها.. وهكذا يذهب الطفل لرؤية والده بعد عملية رهيبة من غسيل المخ تولتها الأم وربما الجدة أيضاً.. وإذا كان قرار الرؤية هدفه مصلحة الأبناء حتي لا يحدث لهم انقسام في الشخصية إلا أن مكان الرؤية سيلازم الأبناء مدي الدهر.. فماذا يحدث لو رفض الابن لقاء أبيه وسط هذا الجوهر المفعم بالآلام؟! ** والحل في رأيي هو أن نسمح للأب باصطحاب ولده ليعيش معه طوال اليوم، ويذهب معه إلي أي مكان.. حتي ولو كان المنزل الجديد للأب، فالمفروض أن يعيش الأبناء الجو الأسري السليم.. وليست »الشحططة« بين تعدد أماكن الرؤية. وبالمناسبة فإن من حق الأب أن يرافق أولاده في أي مكان للترفيه، في يوم الرؤية، بشرط أن تحسن النوايا.. بل وحتي النوم في بيته إذا تم الاتفاق علي ذلك.. لأن الهدف الأسمي هو توفير الجو العائلي للأبناء حتي يشبوا أسوياء.. وليس عندهم أي حقد حتي علي الآباء والأمهات.. ** وسيظل »مكان الرؤية« حجر الزاوية الحيوي في مستقبل الأبناء خصوصاً مع ارتفاع معدل الطلاق وتزايد معدل انهيار الأسر والعائلات.. ويأتي بعد ذلك نقطة تخيير الأبناء بعد انتهاء السن الشرعية للضم هل يبقون مع الأمهات إلي الأبد.. أم يلحقون بالآباء.. وتلك لها مخاطرها لأننا نعرف مدي ارتباط الأبناء بالأمهات طوال فترات الحضانة.. وهل يستمر الأولاد مع الأم حتي لو رغبت في الزواج من غير الأب؟! ** من تلك الزاوية تتشعب قضية النفقة.. وإذا كان الأبناء سوف يستمرون مع المطلقة الأم.. فلماذا ينفق عليهم الأب؟! تلك كلها قضايا غاية في الحيوية والخطورة.. لأنها تصب في النهاية في أن ينشأ عندنا أجيال ممن لم يعرفوا الهناء العائلي ولا الاستقرار النفسي. والمؤلم أن كل المشرعين رغم ان منهم آباء وأمهات وأجداداً.. لم يتنبهوا الي تلك القضية التي تصيب المجتمع المصري ككل في مقتل. وإذا كان البعض ينجح في استمرار الحياة إلا أن نفسية الأبناء تظل ممزقة.. لأنها تعطينا في النهاية ابناً يضرب أباه أو يطرد أمه من شقتها ليستولي عليها لنفسه وبالتالي أسرة ممزقة فلا الابن يرعي والده الذي لم يره الا في المناسبات،أو أمه التي أنفقت عليه وتولت تربيته ولكنه في النهاية يتحول الي انسان جاحد لا يعرف المعني الحقيقي للأبوة.. أو حتي الأمومة.. أي يتجرد مما كان المصري يفخر به علي مر الزمن، وهو الولاء للأسرة.. ومن لا ولاء لأسرته.. لا ولاء حتي لوطنه.. ** والخطر كله أن ينهار المجتمع.. ويضيع الوطن ليصبح هذا الوطن مجرد »مكان« يعيش عليه الإنسان بلا أي ولاء ولا أي عطاء.. والأمل أن نغير كل ذلك، إذا أردنا للوطن أن ينشأ أولاده أسوياء.. وهذا يكون بتشريع كامل يحمي الأسرة ويلزم الأب بالانفاق علي أولاده.. ويلزم الأم ألا تغسل مخ الأولاد. وأن نحفظ للأسرة البيت أو الشقة التي تظلل الكل. بدون ذلك لا أمل في مجتمع سليم..