الحب بعد المعاش

«العجوز المتصابى».. هذا اللقب نطلقه على بعض الأزواج بعد خروجهم على المعاش حينما يبدأون علاقات عاطفية جديدة، وعادة ما تكون مع فتيات تعدين سن الزواج أو سيدات أرامل أو مطلقات صغيرات السن، فنجده يهتم بالتواجد معهن فى النوادى أو المناسبات والاحتفالات العامة، ويهتم بمظهره بشكل مبالغ فيه ويميل إلى ارتداء الملابس الشبابية «كاجوال»،
وبالطبع فى ذلك الوقت تتهمه زوجته بالتصابى، والجنون أحياناً لأنه لم يراع سنه..! فلماذا يتجه بعض الرجال لمثل هذه العلاقات بعد الستين بالرغم من أنهم متزوجون ولديهم أبناء كبار وربما أحفاد؟!
عن هذا الموضوع تحدثنا إلى الدكتور أسامة رفعت إخصائى الطب النفسى فقال: إن توجه بعض الرجال بعد الستين، لإقامة علاقة نسائية أخرى بجانب حياته الأسرية القائمة قد يرجع إلى احتياجه للاشباع النفسى فى المقام الأول، فخروجه على المعاش يزيد قلقه من الشيخوخة ويشعر وكأن عليه أن يختار مقعداً فى زاوية منعزلة بالمنزل يجلس عليه منتظراً النهاية،
وكل هذا يدفعه إلى علاقات عاطفية جديدة لكى ينفى تهمة الكبر ويثبت أنه لا يزال شباباً، ومما يزيد من هذه الحالة أن يكون الأبناء قد كبروا وتزوجوا، ويعيش الوالدان مرحلة «العش الفارغ».
ويضيف د. أسامة، أنها مرحلة حرجة جداً لكل من الزوج الذى يبحث عادة عن استرجاع صباه مع فتاة صغيرة تعيد إليه شبابه، والزوجة التى ترى ذلك أو تحس به ولا تعرف ماذا تفعل؟
وينصح د. أسامة الرجال بأن تكون لديهم خطة واضحة المعالم لتنظيم حياتهم بعد المعاش، وأن يتم وضعها قبل التقاعد بفترة كافية، وهذه الخطة يمكن أن تتضمن أى نشاط يعود عليهم بالفائدة مثل إيجاد عمل يستثمرون فيه خبراتهم، أو التفكير فى الأشياء التى لم يكن لديهم وقت لعملها أثناء العمل ووضع الخطة للقيام بها، وبذلك يصبح التقاعد أو المعاش مصدراً للسعادة،
وعلى الزوجة أيضاً أن تزيد اهتمامها بزوجها وترتب لأعمال تجمعهما معاً كالمشاركة فى عمل خيرى أو التريض فى النادى، زيارة الأقارب، رحلات ترفيهية.. إلخ.
أما بالنسبة للرجال على المعاش الذين يبررون إقدامهم على علاقات عاطفية قد تصل للزواج بسيدات صغيرات فى السن، بأن زوجاتهم هن السبب لاهمالهن العلاقة الحميمية معهم بسبب تغير الهرمونات لديهن «لأنها كبرت»،ونجد بالفعل معظم النساء فى هذه المرحلة يعتبرن أنهن تعدين مرحلة العلاقة الحميمية ويكتفين بالمودة، ولسان حالهن: «هنعيش زماننا وزمن غيرنا»، وهو ما يغضب بعض الرجال ويشعرهم بأن زوجاتهم يجروهم إلى الشيخوخة قبل الأوان، وهنا يعلو صراخ الزوجة متهمة الزوج بالتصابى، ويتهمها هو بأنها «تدفنه بالحيا».
لكن حقيقة الأمر أن تلك كلها أفكار مغلوطة، فالعلماء أثبتوا أن ذلك غير صحيح وأكدت أبحاثهم أن «الجنس لا يصاب بالتجاعيد»، فلقد وجدوا أنه بالنسبة للمرأة لا تعوق السن اهتماماتها الجنسية أو تقلل من حيويتها، وذلك بشرط أن تكون صحتها العامة جيدة، وغير مصابة بمرض خطير،
وأكدت الدراسات أيضاً أن الثقافة المجتمعية هى التى تغرس فكرة أن العلاقات الحميمية بين الزوجين والرومانسية فى كفة وكبر السن فى كفة أخرى، وأنهما مثل الماء والزيت لا يختلطان،
ولكن ما اتفقت عليه الدراسات هو شىء واحد: أن أخطر الأشياء ليست هذه التغيرات الفسيولوجية التى من الممكن والسهل التغلب عليها، بل إنه فقد الاهتمام أو اللامبالاة الجنسية أو انعدام الرغبة أصلاً، التى أرجعوها إلى الأفكار التى تنتشر فى ثقافات الشعوب عن العجائز، والكلمة للأسف مشتقة من العجز!