الإجازات المرضية تحولت الي أبواب مفتوحة أمام فئة معينة من الموظفين والعاملين سواء في الدولة أو في القطاع الخاص للتحايل علي القوانين والهروب من العمل باللجوء للتأمين الصحي وادعاء المرض للحصول علي إجازة مرضية واستغلالها في التحايل علي التزاماتهم ومواعيد حضورهم!! ومقار عملهم وغالبا في الاستفادة من الوقت بالعمل في أماكن أخري وقد ساعدهم علي ذلك حالة الإهمال والفوضي التي يعاني منها قطاع التأمين الصحي في ظل انعدام الرقابة حيث اعتمد أغلب الأطباء علي المجاملات والوساطة لمنح المريض إجازة لعدة أيام دون أن يتم توقيع الكشف الطبي عليه لبيان مدي أحقيته في الحصول علي إجازة مما يعطل مصالح العمل في كثير من القطاعات. الدكتور صلاح المغربي رئيس اللجان الطبية بهيئة التأمين الصحي أكد أن اللجان الطبية بهيئة التأمين الصح هي الجهة الوحيدة والمختصة بإصدار التقارير الطبية التي علي أساسها يتم منح المريض إجازة مرضية ولا يتم الأخذ بالتقارير الصادرة من المستشفيات الخاصة أو المراكز الطبية لعدم وجود مصداقية في منحها من تلك الجهات نظرا لأنها غالبا ما تصدرمنها إما للمجاملة أو بشرائها.. هناك عدد كبير من الحالات المرضية التي تعرض علي اللجان الطبية حيث تصل أحيانا الي 13 ألف حالة يوميا لطلب إجازات ولذلك فإن هناك لائحة وقانونا ينص علي تنظيم الإجازات المرضية لكل حالات العمليات والتدخلات الجراحية بحيث لا تزيد مدة أي إجازة مرضية من 5 الي 7 أيام مهما كانت الحالة ماعدا حالات فتح البطن وعمليات القلب المفتوح، حيث يتم منحها طبقا لحالة المريض والتي يقررها الطبيب أما حالات توسيع الشرايين وتركيب الدعامات فالإجازة فيها تكون 7 أيام وكذلك بالنسبة لحالات توسيع الحالب. الدكتور محمد نجيب مدير عام الإدارة العامة للجان الطبية بهيئة التأمين الصحي قال: لا يوجد حد أقصي للإجازات المرضية المسموح بها فالإجازة التي تمنح للمريض تأتي علي حسب الحالة المرضية فهناك أمراض وعمليات لا تحتاج لفترة إجازة طويلة مثل عمليات المناظير أما عمليات القلب المفتوح وتركيب الدعامات فهي تحتاج لفترة إجازة تتراوح ما بين أسبوعين الي شهر حسب نوع الوظيفة للمريض وحالته المرضية لذا فإن التشخيص يختلف من مريض لآخر ولا توجد قواعد ثابتة للحالات المرضية، فالمريض لا يمنح إجازة إلا بعد أن يعرض علي اللجان الطبية التي من خلالها يقوم أحد الأطباء المتخصصين بتوقيع الكشف الطبي عليه لتقرير حالته المرضية ومدة الاجازة التي يستحقها نظرا لأنه لا يأخذ بالتقارير الطبية الصادرة من المستشفيات الخاصة. وأضاف: ليس هناك استغلال لتلك الإجازات من قبل الموظفين إلا من فئة قليلة مزورة تعتمد علي علاقتها بأحد الأطباء فتستغلها في الحصول علي إجازة مرضية لعدة أيام لذا فإن اللجان الطبية التابعة للتأمين الصحي تعتبر تلك التقارير استشارية وتوقع الكشف علي المريض لتحديد أحقيته في الحصول علي الإجازة. الدكتورة سمية عبدالحميد مدير العيادات الخارجية بمستشفي 6 أكتوبر للتأمين الصحي قالت: لا أعتقد أنه يوجد استغلال من قبل الموظفين العاملين في الدولة للإجازات المرضية لأن تلك الإجازات لا تمنح للمريض إلا بعد أن يتم عرضه علي الطبيب المختص الذي يقوم بتوقيع الكشف الطبي عليه ومنحه الإجازة اللازمة له أما إذا كانت الحالة تستوجب منح المريض فترة راحة طويلة فهنا يتم عرضه علي اللجان الطبية التي تقرر مدة الإجازة. كما يحدث في حالات أمراض النساء والعظام وحالات التدخل الجراحي، فلائحة العمل تسمح للمريض بإجازة كحد أقصي شهرين فقط أما اذا كانت حالته المرضية تستدعي أكثر من ذلك فيتم تحويله للجنة عامة وقد تحدث بعض المجاملات من أحد الأطباء للمرضي، ولكنها تكون قليلة جدا فأي تقارير طبية صادرة من مستشفيات خاصة لا يتم الأخذ بها في التأمين الصحي حيث نعتمد علي توقيع الكشف الطبي لتحديد أحقيته ومدة الاجازة اللازمة للمريض. الدكتور عزمي شهدي مدير عام الشئون الطبية بهيئة النقل العام سابقا أكد أن التسيب والإهمال الموجود داخل هيئة التأمين الصحي حاليا يؤدي لزيادة عدد المرضي الحاصلين علي إجازات مرضية في الفترات الأخيرة، فبعض الأطباء العاملين في التأمين الصحي أصبحوا يعتمدون علي الورقة والقلم دون توقيع الكشف الطبي علي المرضي، كما أصبحت المجاملة عاملا رئيسيا في أغلب جهات العمل، فعندما يتقدم المريض بطلب إجازة تتم الموافقة عليه، ومن ناحية أخري نجد أن بعض أطباء التأمين الصحي لا يكونون مؤهلين في أغلب الأحيان حيث يقوم الممارس العام بمنح المريض إجازة مرضية دون عرضه علي الطبيب الاخصائي وهذا الأمر فتح الباب أمام الموظفين في الهيئات الحكومية وغيرهم في مؤسسات القطاع الخاص للجوء للإجازات المرضية كنوع من الهروب من العمل، فالموظف يري انها الطريق الوحيد للتخلص من روتين العمل مع المحافظة علي وضعه المالي فأدت العمالة الزائدة الي بقاء الموظفين لفترة طويلة بلا عمل ولا إنتاج مما جعلهم يفضلون استغلال الوقت في شيء مفيد وهكذا أصبح التأمين الصحي بمثابة هيكل ضعيف يحتاج لإعادة هدم وبناء نظرا لأن ترميمه كما هو عليه لن يؤدي لأي نتائج ايجابية فقد بدأ حاليا في الانهيار وبناؤه يتطلب أسس سليمة لكي يشعر المريض بالراحة عند دخوله مستشفيات التأمين الصحي. الدكتور محمد شرف رئيس المؤسسة العلاجية الأسبق قال: لا شك أن هناك استغلالا للإجازات المرضية من قبل الموظفين في الجهات الحكومية المختلفة وغيرها وذلك يرجع لعدة أسباب مثل كون جهة العمل غير مريحة بالنسبة لهم وبالتالي فإن الموظف هنا يشعر بأن العمل بالنسبة له عبارة عن سجن يقيد من حريته كما ان المنظومة الإدارية في مصر قائمة علي ضرورة التوقيع بالحضور والانصراف فإذا تعذر علي الموظف الالتزام بالحضور يوميا فإنه بالتالي يلجأ للحصول علي إجازة مرضية هذا فضلا عن أن هناك من يعمل في جهة أخري تدر عليه عائدا ماليا أكثر ربحا ويحتاج للتفرغ عليها فلا يجد أمامه سوي الحصول علي اجازة مرضية يقدمها لجهة عمله لضمان استمرار راتبه دون خصم وكل هذا يرجع الي زيادة عدد الموظفين الذين يشغلون أماكن بلا عمل طوال اليوم. ومن ناحية أخري نجد أن هناك مجاملات تحدث من قبل الأطباء من خلال توقيع الكشف الطبي علي المريض في عياداتهم الخاصة ومنح شهادات طبية تفيد بأن المريض يحتاج لفترة من الراحة ليستغلها المريض بتقديمها للتأمين الصحي وجهة العمل وهذه فئة قليلة من ضعاف النفوس لكنها موجودة بالفعل في مجتمعنا وتسمي »القلة المحترفة« هذا فضلا عن أن الحالات المرضية التي تعرض يوميا علي اللجان الطبية بالتأمين الصحي كثيرة جدا ولا تتيح لهم توقيع الكشف الطبي علي كل هذه الحالات في عدد قليل من الساعات لذا لا تتاح لهم دراسة القرار بطريقة سليمة ولذلك ففي أغلب الأحيان لا يتم توقيع الكشف الطبي علي المرضي الذين يريدون الحصول علي اجازات مرضية حيث يكتفي الأطباء بأخذ تاريخ المرض لتحرير إجازة للمريض مما يفتح الباب لحصول البعض علي اجازات مرضية لا يستحقونها وبلا داع للهروب من العمل، وهنا لا نستطيع أن نطالب بانضباط منظومة العلاج التي تعد ضمن المؤسسات التي تعاني من التخلف.