انتخابات مجلس الشيوخ 2025، توافد المصريين على مركز الاقتراع في ألبانيا    المصريون في الرياض يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    جنوب سيناء تستعد لانتخابات الشيوخ ب15 مقرًا و18 لجنة فرعية    وزير قطاع الأعمال يزور طنطا للكتان ويلتقي محافظ الغربية وأعضاء النواب    النقل: استمرار تلقي طلبات تأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    المحكمة الدستورية العليا تقضي بعدم دستورية الرسوم المفروضة على رسو العائمات السياحية    وزير الإسكان يتفقد وحدات «سكن لكل المصريين» بمدينة برج العرب الجديدة    الجيش الأوكراني: استهدفنا منشآت نفطية في عدة مناطق بروسيا    رئيس عربية النواب: أهل غزة يحملون في قلوبهم كل الحب والتقدير لمصر والرئيس السيسي    كل ما تريد معرفته عن وديتي الأهلي غدا أمام منتخب الشباب وبتروجيت    وديًا.. العين الإماراتي يفوز على إلتشي الإسباني    استقبال شعبي ورسمي لبعثة التجديف المشاركة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    بعد اتهامه بالاغتصاب.. أول تعليق لمحاميه أشرف حكيمي    جوردون يتعاطف مع إيزاك: الناس تنسى أنك إنسان في هذا السيناريو    هايد بارك ترعى بطولة العالم للاسكواش للناشئين 2025 تحت 19 عامًا    صحة كفر الشيخ تحرر 302 محضر مخالفة للمنشآت الغذائية في يوليو    التحقيقات تكشف سبب وفاة طفل منشأة القناطر بعد العثور على جثته ببركة مياه    أمطار على 5 مناطق بينها القاهرة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    نقابة الموسيقيين تعلن دعمها للقيادة السياسية وتدين حملات التشويه ضد مصر    60 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم أحمد وأحمد في دور العرض المصرية    جامعة أسيوط تقيم ندوة بعنوان علم المناعة بين الأمراض الجلدية وأمراض الروماتيزم    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ب الشرقية    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات لعام 2024-2025    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    في 16 قرار.. تجديد وتكليف قيادات جديدة داخل وحدات ومراكز جامعة بنها    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    «يونيسف»: مؤشر سوء التغذية في غزة تجاوز عتبة المجاعة    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية وتبدأ المرحلة الثانية من التحول الرقمي    مدبولي يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء خلال يوليو 2025    مفاجأة.. أكبر جنين بالعالم عمره البيولوجي يتجاوز 30 عامًا    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    "صحة غزة": شاحنات تحمل أدوية ومستلزمات طبية ستدخل القطاع اليوم عبر منظمة الصحة العالمية    استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد من كل أسبوع بشارع قناة السويس بمدينة المنصورة    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    ابحث عن طريقة لزيادة دخلك.. توقعات برج الحمل في أغسطس 2025    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    الهيئة الوطنية للانتخابات: سفراء مصر بالخارج يدعمون التصويت    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة سواحل مدينة كوشيرو اليابانية    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا (فيديو)    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنوك العالم تستغيث من زلزال وول ستريت المدمر


القنبلة الموقوتة تتفجر في سبتمبر
خطة الإنقاذ.. هل تكون طوق النجاة ؟
انهيار أسواق المال.. وانتفاضة أوروبية
أعدت الملف: ياسمين سنبل
لم يكتف زلزال أزمة الائتمان التي وصفت بأنها الأعنف منذ الكساد العظيم عام 1929 بالإطاحة باعتى المؤسسات المالية بوولستريت بل امتد ليودى بأكبر البنوك وأسواق المال بأوروبا واسيا
وكانت شرارة الأزمة اندلعت في فبراير/شباط 2007 حين تزايد عدد العاجزين عن سداد قروضهم العقارية في الولايات المتحدة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة المفروضة على شراء العقارات، وأغرى ذلك شركات الرهن العقاري لتقوم بشراء ديون المقترضين مع زيادة الفائدة وبتسهيلات في الدفع، وقامت هذه الشركات بتقسيم تلك الحزم من القروض إلى أجزاء صغيرة وطرحها في صورة أسهم وسندات مؤسسية، وبيعها لكافة المؤسسات والشركات التي تبحث عن عائد إضافي، وعندما انهار السوق العقاري دون أن يتمكن المقترضين من تغطية قيمة الرهن أو بيع منازلهم فقدت تلك الأسهم قيمتها، وخسرت البنوك التي تحتفظ بها جزءا كبيرا من رأسمالها، وهو ما أدى في أغسطس/آب 2007 إلى تدهور البورصات أمام مخاطر اتساع الأزمة، وتدخلت المصارف المركزية لدعم سوق السيولة.
2008 .. بداية حزينة لعام جديد
وبدأت الأزمة تطفوا على السطح مرة أخرى خلال الربع الأول من عام 2008 حيث اجتاحت الفوضى أسواق المال في العالم على خلفية أزمة النظام المصرفي، فتحرك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) في إجراء استثنائي 22 يناير/كانون الثاني 2008 ليخفض معدل فائدته الرئيسية ثلاثة أرباع النقطة إلى 3.50% لدعم الاقتصاد الأميركي الضعيف في مواجهة الاضطرابات المتزايدة في أسواق المال العالمية.
وفي 17 فبراير/ شباط 2008 أصابت أزمة الرهن العقاري مؤسسة "نورثرن روك" - خامس مؤسسة مصرفية بريطانية في قطاع الإقراض العقاري- لتصبح أولى ضحايا الأزمة، فقررت الحكومة البريطانية الاستحواذ عليها بعدما فقدت أسهم البنك نحو ثلث قيمتها، وفاق حجم المبالغ المالية التي أقرضها المصرف المركزي البريطاني لمصرف نورثرن روك العقاري المتعثر 6 مليارات دولار بعد أن هزته أزمة السيولة.
ثم تبعه في 16 مارس/آذار 2008 إعلان "جي بي مورجان تشيز" شراء بنك الأعمال الأميركي "بير ستيرنز" بسعر متدن بنحو 236 مليون دولار ومع المساعدة المالية للاحتياطي الاتحادي، وكان بنك بير ستيرنز حصل على مساعدات مالية عاجلة من جي بي مورجان بالتضامن مع الاحتياطي الفيدرالي اثر أنباء انكشاف البنك الاستثماري على مخاطر قروض كبيرة.
وفي بريطانيا أعلن بنك "اليانس أند لايستر" في 14 يوليو/تموز عن شراء بنك "سانتاندر" الإسباني بقيمة 1.33 مليار جنيه إسترليني (1.66 مليار يورو) فقط مع زيادة رأسماله بواقع مليار جنيه إسترليني.
القنبلة الموقوتة تتفجر في سبتمبر
وبدأت حبات العقد تنفرط في سبتمبر، حيث شهدت الأزمة المالية تطورات خطيرة ومتلاحقة خلال شهر سبتمبر، وتعاقبت الأحداث مع إعلان مصارف إفلاسها واندماج البعض الأخر وانتقلت العدوى إلى الأسواق العالمية.
وطالت الأزمة أكبر وكالتين للتمويل العقاري بأعتي إقتصادات العالم، "فاني ماي" و"فريدي ماك" اللتين تملكان نحو نصف قروض المنازل الأمريكية بقيمة 12 ألف مليار دولار في 7 سبتمبر/أيلول 2008 حيث قررت وزارة الخزانة الأميركية وضع المجموعتين العملاقتين في مجال تسليفات الرهن العقاري تحت الوصاية طيلة الفترة التي تحتاجانها لإعادة هيكلة ماليتهما، مع كفالة ديونهما حتى حدود 200 مليار دولار.
وفي 15 سبتمبر/أيلول 2008 اعترف بنك الأعمال "ليمان براذرز" بإفلاسه ليستحوذ بنك "باركليز" على أنشطته الأمريكية، بينما اشترى البنك الياباني "نومورا هولدينج" الأنشطة في أوروبا واسيا والشرق الأوسط، في الوقت نفسه أعلن أحد أبرز المصارف الأميركية وهو "بنك أوف أميركا" شراء بنك آخر للأعمال في وول ستريت هو "ميريل لينش".
وفي محاولة لكبح جماح الأزمة اتفقت عشرة مصارف دولية على إنشاء صندوق للسيولة برأسمال 70 مليار دولار لمواجهة أكثر حاجاتها إلحاحا، في حين وافقت المصارف المركزية على فتح مجالات التسليف، إلا أن ذلك لم يمنع تراجع البورصات العالمية.
وفي 16 سبتمبر/أيلول 2008 أمم الاحتياطي الاتحادي والحكومة الأميركية أكبر مجموعة تأمين في العالم "أي آي جي" المهددة بالإفلاس عبر منحها مساعدة بقيمة 85 مليار دولار مقابل امتلاك 9.79% من رأسمالها، وكانت الشركة تواجه أزمة سيولة بعد أن تكبدت خسائر قدرها 18 مليار دولار في تسعة أشهر، فيما يرجع بالأساس إلى انخفاض قيمة اوارقها المالية المركبة المرتبطة بالرهون العقارية مع تعمق أزمة سوق الإسكان في البلاد.
ووسط حالة التخبط هذه واصلت البورصات العالمية تدهورها، فيما كثفت المصارف المركزية العمليات الرامية إلى تقديم السيولة للمؤسسات المالية.
وفي 18 سبتمبر/أيلول 2008 اشترى البنك البريطاني "لويد تي أس بي" منافسه "أتش بي أو أس" المهدد بالإفلاس في اتفاق بقيمة 12.2 مليار جنيه إسترليني (21.7 مليار دولار) ، في صفقة ستسفر عن ظهور بنك مهيمن للرهون العقارية والمدخرات، وحظيت الصفقة بتشجيع من الحكومة، وسط مخاوف من سقوط ضحية بريطانية جديدة لاضطرابات أسواق المال
وفى قرار مفاجئ قام كل من بنكي جولدمان ساكس ومورجان ستانلي -وهما آخر مصرفي استثمار رئيسيين في الولايات المتحدة- في 21 سبتمبر بتحويل وضعهما المالي والقانوني ليصبحا شركتين مصرفيتين قابضتين، الأمر الذي يخولهما من تلقي الودائع وأموال التأمين والضمان من المستثمرين، وستمكن هذه الخطوة المصرفين من جمع المزيد من الأموال من خلال افتتاح بنوك استثمارية، بالإضافة إلى إمكانية طلب الدعم المالي من قبل الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) في حال احتاجا له في المستقبل.
وفي سبيل إنقاذ واحد من أكبر 20 بنكا في أوروبا قررت دول "البنيلوكس" التي تضم بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج في 26 سبتمبر/أيلول 2008 تأميم مجموعة "فورتيس" المالية بعد محادثات طارئة مع رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه للحيلولة دون انتقال عدوى الأزمة المالية الأمريكية إليه، عن طريق ضخ 16.4 مليار دولار في مجموعة فورتيس المتخصصة في الأعمال المصرفية والتأمين ، وتبعه بيوم واحد عملية إنقاذ لمجموعة "دكسيا البلجيكية الفرنسية" ثاني مؤسسة نقدية في بلجيكا عن طريق ضخ 6.4 مليار يورو (9.18 مليار دولار) من الحكومة البلجيكية ومساهمين آخرين فضلا عن الحكومة الفرنسية وصندوق حكومي فرنسي.
ويأتي ذلك في الوقت الذي انهار بنك آخر هو "واشنطن ميوتشوال" للإقراض العقاري، ليشتريه بنك "جي بي مورجان تشيز" بمبلغ 1.9 مليار دولار بعد أن سحب المودعون منه مبلغ 16.7 مليار دولار خلال عشرة أيام.
وفي غضون ذلك أعلنت الحكومة البريطانية في 28 سبتمبر/أيلول 2008 تأميم بنك "برادفورد أند بينجلي" المتخصص في القروض العقارية ليصبح ثاني بنك تتحول ملكيته إلى الدولة خلال عام 2008 مع سقوط المزيد من الضحايا للازمة المالية في مختلف أنحاء العالم.
وبموجب هذا التأميم ستستحوذ على أنشطة الرهون العقارية للبنك التي تبلغ قيمتها 50 مليار جنيه إسترليني (92 مليار دولار)، وتبيع فروعه وأنشطة الودائع الادخارية لبنك سانتاندر الاسباني التي تبلغ قيمتها 20 مليار جنيه وشبكة الفروع.
أما في 29 سبتمبر أعلن بنك "سيتي جروب" الأميركي أنه يشتري منافسه "واكوفيا" -رابع أكبر مصرف في الولايات المتحدة- بمساعدة السلطات الفدرالية، ضمن موجة من الاندماجات في السوق الأمريكية، ولغايات تمويل هذه الصفقة ستجمع "سيتي جروب" عشرة ملايين دولار بإصدار أسهم عادية وستخصص الربح ربع السنوي للأسهم إلى 16 سنتا للسهم من أربعين سنتا بصورة فورية.
وبموجب الصفقة تحصل سيتي جروب على معظم أصول "واكوفيا" ومنها خمس مؤسسات إيداعات مع استثناء "أي جي إدواردز" وهي فرع كبير لسمسرة التجزئة اشترته عام 2007- وليس منها أيضا قسم إدارة الأصول "إيفرجرين".
وفي أيسلندا، أعلنت الحكومة شراء 75 % من راسمال "جليتينيز" –ثالث بنك بالبلاد- الذي يعاني نقصا بالسيولة بقيمة 600 مليون يورو.
وفى نفس الوقت بألمانيا افلت بنك "هيبو ريل استيت" المتخصص في الشأن العقاري من الإفلاس بفضل فتح خط ائتمان بقيمة 35 مليار يورو بكفالة الدولة بصورة رئيسية.
خطة الإنقاذ.. هل تكون طوق النجاة ؟
وفي محاولة (وفي مواجهة مخاطر انهيار النظام المالي) لإنقاذ ما يمكن إنقاذه سارعت الحكومة الأمريكية بتقديم خطة معده من قبل وزير الخزانة هنري بولسون لإنقاذ القطاع المصرفي بتكلفة 700 مليار دولار، لتطرح للتصويت أمام مجلس النواب والشيوخ.
وتوفر الخطة (مشروع القانون) – بحسب بولسون- الأدوات والتمويل الضروريين للمساهمة في حماية اقتصاد البلاد من التعثر التام، وتوجه لأسواق العالم رسالة قوية تؤكد إصرار الولايات المتحدة على الثقة والاستقرار إلى نظامها المالي.
ويهدف مشروع القانون إلى إحياء أسواق الائتمان العالمية والإقراض بين البنوك الذي تجمد مع ترنح مؤسسات مالية تحت وطأة أزمة الرهون العقارية.
وتقضي الخطة بتحريك مبالغ من المال تصل في مجموعها إلى 700 مليار دولار لشراء أصول المصارف التي تواجه صعوبات بسبب أزمة الرهن العقاري، كما تتضمن الخطة بندا تحصل بموجبه الشركات على تأمين في مواجهة هبوط الأصول بالإضافة إلى قدرتها على بيع الأصول إلى الحكومة.
وحول دور دافعي الضرائب، يتضمن نص الخطة فقرات تمنح مكلفي الضرائب حصصا في رأسمال المؤسسات المالية التي تشتري منها الدولة أصولا غير قابلة للبيع، وهذه الأصول يمكن أن تستعيد قيمتها فترة من الزمن.
ويجب أن تتأكد الحكومة من أن دافعي الضرائب استعادوا خلال 5 سنوات الأموال التي دفعت في إطار دعم المصارف، وفي حال لم يكف بيع الأصول التي حصلوا عليها تدفع هذه المؤسسات الفارق.
وستتخذ الحكومة إجراءات لتخفيف شروط القروض التي ستشتريها للتخفيف من أعباء المقترضين لشراء عقارات الذي يواجهون خطر مصادرتها.
ويمكن لمؤسسات أخرى غير المصارف الكبرى في "وول ستريت" مثل الجمعيات التعاونية المحلية وصناديق التقاعد والمصارف التجارية الصغيرة الاستفادة من عرض الحكومة شراء أصول هالكة.
وأخيرا تنص الخطة على تحديد سقف للتعويضات المالية التي تدفع لمسئولي المصارف التي تواجه صعوبات وهي مسألة شكلت محور مناقشات حادة بين إدارة بوش والديمقراطيين.
وعند طرح الخطة للمرة الأولى أمام مجلس النواب الأمريكي في 29 سبتمبر/أيلول تم رفضها بأغلبية 228 صوتا مقابل 205 صوت، مما تسبب في انهيار وول ستريت والبورصات الأوروبية في الوقت الذي واصلت فيه معدلات الفوائد بين المصارف ارتفاعها مانعة البنوك من إعادة تمويل ذاتها.
وهنا تعالت النداءات الدولية بسرعة التحرك لإقرار مشروع القانون لتجنب كارثة اقتصادية، في الوقت نفسه حذر بوش من أن الضرر الذي سيلحق ببلاده سيكون مؤلما وباقيا إذا لم يكن هناك تحرك حاسم.
من جانبهما دعا مرشحا الرئاسة الأمريكية السناتور باراك أوباما والسناتور جون مكين إلى بذل جهود عاجلة لإحياء خطة الإنقاذ محذرين من كارثة على المواطنين العاديين إذا رفض الكونجرس التحرك .
وأعلن أوباما ومكين أنهما يؤيدان رفع الحد الأعلى لودائع البنوك التي تضمنها الحكومة الاتحادية إلى 250 ألف دولار من 100 ألف حاليا من أجل إعادة الثقة ومنع سحب الودائع من البنوك التجارية.
وبعد يوم من رفض مجلس النواب الأمريكي خطة الإنقاذ المالي، تلقى السناتور الديمقراطي هاري ريد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ موافقة إجماعية من المجلس على تحديد موعد التصويت على النسخة المعدلة من الخطة التي يقول البيت الأبيض إنها ضرورية لتجنب كساد اقتصادي خطير، وأضيف إليها تعديلان هما إعفاءات ضريبية، وزيادة التأمين الاتحادي على الودائع المصرفية من أجل تحويل الرافضين إلى مؤيدين للمشروع.
ووسط تحذيرات من أن التقاعس عن التحرك سيهوي بالبلاد في هوة الكساد، وافق أكثر من 60 عضوا في مجلس الشيوخ على المشروع وهو ما يتجاوز الأغلبية المطلوبة لإرسال المشروع إلى مجلس النواب ليجري عليه تصويتا مرة أخرى، وهنا عاد الأخير واقر خطة الإنقاذ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2008 وسط ترحيب دولي.
واتفق الجانبان على أن إقرار الخطة امرا ضروريا لا يمكن التنصل منه خوفا من انزلاق البلاد في براثن الركود الكبير.
وبإقرار النص رسميا يكون الكونجرس والسلطات الأمريكية نجحا في أن يؤمنا تدخلا كبيرا للدولة في القطاع الخاص لاسابق له في تاريخ الولايات المتحدة قبل 6 أسابيع من الانتخابات الرئاسية.
انهيار أسواق المال.. وانتفاضة أوروبية
وبالرغم من إعلان الولايات المتحدة خطة إنقاذ بقيمة 700 مليار دولار إلا أنها لم تنجح في راب الصدع، وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2008 أعلنت ايسلند تأميم"لاندزبانكي"- ثاني مصارف البلاد- ثم تبعه بيومين قرار هيئة الرقابة المالية الأيسلندية الاستحواذ على بنك "كاوبتينج" أكبر بنوك أيسلندا بعد تعثره إثر أزمة الرهن العقاري التي تضرب مختلف دول العالم.
ويعد "كاوبتينج" ثالث بنك يتم تأميمه في أيسلندا منذ مطلع الأسبوع الأول من أكتوبر وفقا للقانون الطارئ الذي أقره البرلمان الأيسلندي الاثنين 5 أكتوبر 2008.
وفي العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2008 سقطت أول ضحايا الأزمة المالية في اليابان، حيث أعلنت شركة "ياماتو لايف" للتأمين على الحياة إفلاسها تحت وطأة ديون بلغت 2.7 مليار دولار.
وذكرت الشركة أنها استثمرت في صناديق تحوط وصناديق استثمار عقارية لتعزيزالايرادات فيما يناقض بشدة الاستراتيجيات المتحفظة التي تتبعها أغلب المؤسسات المالية اليابانية منذ انهيار أسعار الأصول في التسعينيات.
وشهدت أسواق الأسهم في أنحاء العالم أسوأ أيامها، ففي أسيا انهارت الأسواق وسجل مؤشر نيكي اكبر خسارة في يوم واحد منذ 20 عاما، وهوت البورصات الأوروبية عند أدنى مستوى لها في خمسة أعوام وتبعتها الأسواق الأمريكية، وانسحب هذا على البورصات العربية حيث سجلت بورصات الخليج انخفاضات حادة، وفقدت البورصة المصرية 19.7 % في أسبوع وكسرت حاجز 6000 نقطة لأول مرة منذ 3 أعوام، وقامت بنوك مركزية في كافة أنحاء العالم في أميركا وأوروبا ودول الخليج بتحركات منسقة لخفض أسعار الفائدة العالمية إلا أنها باءت بالفشل.
وهنا انتفضت الدول الأوروبية ودعا ساركوزي لعقد قمة طارئة لصياغة خطة عمل مشترك لمعالجة الأزمة المالية المشتعلة.
وفي ختام القمة، تعهدت الدول الأوروبية بتقديم 1.7 تريليون يورو (2.3 تريليون دولار) لدعم المصارف المتعثرة على مواجهة الأزمة المالية العالمية.
وأعلنت ألمانيا عن ضخ 400 مليار يورو (536.7 مليار دولار) ضمانات للبنوك ونحو 80 مليار يورو (107.3 مليارات دولار) لإعادة رسملة المصارف مما يسمح للحكومة لشراء حصص فيها، ومبلغ 20 مليار يورو (26.8 مليار دولار) لدعم ضمانات البنوك.
وأكدت المستشارة أنجيلا ميركل موافقة حكومتها على خطة إنقاذ للبنوك تتضمن تأسيس صندوق لإعادة الاستقرار إلى الأسواق.
وقالت فرنسا إنها ستقدم أموالا تصل إلى 360 مليار يورو (491 مليار دولار) تتضمن 320 مليار يورو (436 مليار دولار) لضمان إعادة تمويل البنوك، ومبلغا آخر بحجم أربعين مليار يورو (54 مليار دولار) لوكالة تدعمها الحكومة لتزود البنوك برؤوس أموال إضافية.
وقال ساركوزي أن حجم هذه الأموال هو المبلغ الأقصى الذي ربما لا يضخ كاملا في حال عودة الأسواق إلى العمل بشكل اعتيادي مجددا.
وأعلنت إسبانيا تقديم ضمانات بقيمة 100 مليار يورو (135 مليار دولار) في إصدار سندات بنوك خلال عام 2008 بعد وعد الحكومة بتقديم 30 مليار يورو (40.92 مليار دولار) لرسملة البنوك في وقت سابق من أكتوبر.
وأفادت هولندا أنها ستقدم ضمانات بقيمة 200مليار يورو (272 مليار دولار) للإقراض بين البنوك بعد تعهدها بمبلغ 20 مليار يورو لرأسمالة البنوك من قبل.
وقالت بريطانيا إنها ستقدم مبلغا يصل 37 إلى مليار جنيه إسترليني (63 مليار دولار) لدعم ميزانية ثلاثة من أكبر مصارف البلاد، وكانت أعلنت سابقا عن خطة بقيمة 50 مليار إسترليني (88 مليار دولار) لتأميم بنوك رئيسية جزئيا، ووعدت بتقديم 250 مليار جنيه (438 مليار دولار) قروضا للبنوك.
أما في إيطاليا فقد قال وزير المالية جوليو ترمونتي إن حزمة الإنقاذ المالي التي ستقدمها الحكومة للبنوك، ستبلغ الحجم الذي تحتاجه هذه البنوك دون تحديد مبلغ بعينه.
وأعلنت البرتغال رصد 20 مليار يورو (27 مليار دولار) لضمانات القروض بين البنوك مما يعادل نحو 12% من الإنتاج الاقتصادي السنوي للبلاد.
وفي السويد تخطط الحكومة لوضع تشريع لضمان الديون الجديدة للبنوك حتى نهاية عام 2009، ودعم البنوك بأسهم إضافية في رأس المال.
وفي النرويج -غير العضو بالاتحاد الأوروبي وهي خارج منطقة اليورو- تخطط الحكومة لعرض سندات حكومية جديدة بقيمة 350 مليار كرون (56.16 مليار دولار).
ثم جاء إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش عن خطة قوامها 250 مليار دولار لشراء أسهم في المؤسسات المالية الرئيسية بالولايات المتحدة, مؤكدا أن الخطوة لا تهدف إلى الاستيلاء على السوق الحرة ولكن للمحافظة عليها.
وستشمل الخطوة شراء حصص في تسع من كبريات المؤسسات المالية الأميركية -بقيمة 125 مليار دولار- أعلنت موافقتها على الخطة وهي "سيتي جروب" و"مورجان تشيز" و"بانك أوف أميرك"ا و"جولدمان ساكس" و"مورجان ستانلي" و"ويلز فارجو" و"بنك نيويورك ميلون" و"ستيت ستريت" و"ميريل لينش".
وبفضل خطط الإنقاذ التي تعهدت بها الحكومات على مستوى العالم لدعم البنوك المتعثرة واستعادة الثقة في النظام المالي، صعدت البورصات العالمية والخليجية على مدى يومين متتاليين ولكن هل يستمر هذا التعافي أم يحدث للسوق انتكاسة هذا ما ستبينه الأيام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.