صندوق النقد الدولي: الاقتصاد المصري يظهر مؤشرات على نمو قوي    سيارة تدهس حشدا أثناء مشاهدة عرض احتفالا بعيد الميلاد في هولندا (فيديو وصور)    مرموش: هذا ما طالبنا به حسام حسن بين شوطي مباراة زيمبابوي    بعادة جديدة على المنتخب، شاهد كيف احتفل محمد صلاح بالفوز على زيمبابوي    إلهام شاهين تتصدر جوجل وتخطف قلوب جمهورها برسائل إنسانية وصور عفوية    زينة منصور تدخل سباق رمضان بدور مفصلي في «بيبو»... أمومة على حافة التشويق    الحماية المدنية تجرى عمليات تبريد لحريق مخزن أخشاب فى مؤسسة الزكاة    هاني ميلاد: 70% زيادة في أسعار الذهب منذ بداية 2025.. والاضطرابات العالمية السبب    حين تضطر أم لعرض أطفالها للتنازل: ماذا فعلت سياسات السيسي بالمصريين؟    مواطن يستغيث من رفض المستشفي الجامعي طفل حرارته عاليه دون شهادة ميلاده بالمنوفية    في حادث مروع بكاليفورنيا، مصرع فينس زامبيلا مبتكر لعبة "كول أوف ديوتي" الشهيرة    أجواء شديدة البرودة والصغرى 12 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بعد ارتدائها البدلة الحمراء.. محامي ضحية ابنتها ببورسعيد يكشف موعد تنفيذ حكم الإعدام في المتهمة (خاص)    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    استشاري تغذية علاجية بالفيوم ل"أهل مصر": دودة الطماطم خطر صحي وآفة زراعية.. ولا علاقة لها بالقيمة الغذائية    مشروع قومى للغة العربية    نقابة أطباء الأسنان: أعداد الخريجين ارتفعت من 45 إلى 115 ألفا في 12 عاما فقط    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    رئيس هيئة المستشفيات التعليمية يُكرّم مساعد وزير الصحة للمبادرات الرئاسية    بالانتشار الميداني والربط الرقمي.. بورسعيد تنجح في إدارة انتخابات النواب    استغاثة عاجلة إلى محافظ جنوب سيناء والنائب العام    ترامب: سنواصل العمل على استهداف تجار المخدرات    مصرع شخص صدمته سيارة نقل أثناء استقلاله دراجة نارية فى المنوفية    استكمال الاختبار التجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي على منصة كيريو في محافظات الجمهورية يوم 23 ديسمبر    المؤبد والمشدد 15 سنة ل 16 متهماً ب «خلية الهيكل الإدارى بالهرم»    شعبة الاتصالات: أسعار الهواتف سترتفع مطلع العام المقبل بسبب عجز الرامات    بالصور.. مدير محطة حدائق الأهرام بالخط الرابع للمترو: إنجاز 95% من الأعمال المدنية    أمم إفريقيا - مؤتمر حسام حسن: كنت أحمل هم الجماهير في مصر.. وصلاح يصنع الفارق    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    أمم أفريقيا 2025| وائل القباني: منتخب الفراعنة قدم أداء جيدًا.. وهناك عيب وحيد    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    التطبيق يبدأ في يناير.. الجمارك ترد على 50 سؤالاً حول ال «ACI»    حماية القلب وتعزيز المناعة.. فوائد تناول السبانخ    القصة الكاملة لمفاوضات برشلونة مع الأهلي لضم حمزة عبد الكريم    ليفربول يعلن نجاح جراحة ألكسندر إيزاك وتوقعات بغيابه 4 أشهر    بعد 5 أيام من الزفاف.. مصرع عروسين اختناقًا بالغاز في حدائق أكتوبر    فرحة أبناء قرية محمد صلاح بهدف التعادل لمنتخبنا الوطني.. فيديو    محمد هاني: فوز مصر على زيمبابوي دافع معنوي قبل مواجهة جنوب أفريقيا    فولر ينصح شتيجن بمغادرة برشلونة حفاظا على فرصه في مونديال 2026    وزير الدفاع الإيطالي: روما مستمرة في دعم استقرار لبنان وتعزيز قدرات جيشه    فلسطين.. إصابة ثلاثة مواطنين في هجوم للمستعمرين جنوب الخليل    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    ليفربول يحتفل بأول أهداف محمد صلاح مع منتخب مصر فى كأس أمم أفريقيا    هيئة الدواء: متابعة يومية لتوافر أدوية نزلات البرد والإنفلونزا خلال موسم الشتاء    دراما بوكس| «المتر سمير» ينافس في رمضان 2026.. وأيتن عامر تعتذر    ستار بوست| أحمد الفيشاوى ينهار.. ومريم سعيد صالح تتعرض لوعكة صحية    «الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    جامعة قناة السويس تعتلي قمة الجامعات المصرية في التحول الرقمي لعام 2025    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استمرار نزيف العقول في العراق
نشر في أخبار مصر يوم 06 - 10 - 2008

جلس ناجي شاكر على فراش مهلهل بينما كانت زوجته وابنتاه يجلسن على آرائك رثة، وتكدست الكراسي داخل الغرفة، التي اشتملت على بعض الإشارات على طبيعة حياة الأسرة، فعلقت بعض الصورة الشخصية على حيطان الغرفة، وكان هناك جهاز تلفزيون وكتب، بالإضافة إلى مقتنيات بسيطة على رفوف علتها الأتربة. قامت العائلة ببيع كل شيء تقريبا، عدا منضدة يمكنها طيها وكراسي موجودة في المطبخ، حتى يتسنى لها الرحيل سريعا إذا ما جاء أحد لاستئجار منزلها المكون من طابقين في تلك المنطقة من بغداد التي تنعم بأمان نسبي. ففي الوقت الذي تحث فيه الحكومة العراقية مواطنيها على العودة ويؤكد فيه الجيش الأميركي على المكاسب الأمنية التي حققت في مختلف أنحاء العراق، ترغب عائلة شاكر في الرحيل، فهم يرون أن لا مستقبل هنا للعراقيين من أمثالهم، المتعلمين الأغنياء العلمانيين أو غير المسلمين. ويعد رحيل المواطنين مشكلة كبرى تواجه العراق، الذي يعاني من نزيف في العقول على مدى الخمسة أعوام الأخيرة والذي يكابد لجذب الحرفيين والمتعلمين للعودة إليه. وفي يونيو (حزيران)، قامت الحكومة برفع رواتب الموظفين المدنين بنسبة 50 إلى 75 في المائة لجذب الموظفين، مثل المدرسين والأطباء، على العمل لدى الدولة، وكان الكثيرون منهم قد سُرِّحوا في أعقاب الغزو الذي تزعمته الولايات المتحدة عام 2003 والذي أطاحت خلاله بصدام حسين. وتقول وزارة الهجرة والمهجرين العراقية إن عشرات الآلاف من المواطنين قد عادوا إلى البلاد منذ الخريف الماضي. ومع ذلك، فقد هاجر أكثر من 2.5 مليون عراقي، وما زال الأمر مستمرا، وتعتقد قيادات سياسية وتجارية أنه ستكون هناك حاجة إلى أعوام كثيرة قبل أن يتم تعويض الخسائر في المهنيين والحرفيين. ويقول مكتب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إنه سجل أعدادا على المعبر الحدودي الرئيس الذي يربط بين العراق وسورية في الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى يوليو (حزيران) من العام الحالي، وانه وجد أن عدد الراحلين يفوق عدد الوافدين ب7.200 شخص. ويقول البعض إن سياسة أميركية جديدة تفتح الباب أمام المزيد من اللاجئين العراقيين كل عام تسببت في تفاقم الأمر. ويقول رعد عمر، رئيس غرفة التجارة والصناعة العراقية الأميركية في بغداد: «يأتي ذلك بنتائج سلبية، فهم يحاولون بلوغ غايتهم من ناحية بأخذ العراقيين إلى الولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى، يحاولون تحقيق استقرار في العراق وتحسين الوضع الاقتصادي وغير ذلك، وهجرة العراقيين المؤهلين لن تساعد على تحقيق ذلك».
ويشير مصطفى الهيتي، عضو البرلمان ورئيس لجنة الصحة، إلى أن أكثر من 7000 طبيب قد تركوا العراق، من بينهم فعليا كل من لديهم خبرة تبلغ 20 عاما أو أكثر، مضيفا أن نحو 600 قد عادوا، ولكن ليس من بينهم المتخصصون المميزون الذين تحتاج إليهم البلاد. وفي وزارة التعليم العالي، تقول المتحدثة باسمها سهام الشجيري إن 6700 أستاذ جامعي قد غادروا العراق، عاد منهم 150 أستاذا فقط، فيما قُتل نحو 300 أستاذ. واعتاد شاكر تحقيق كسب جيد من خلال عمله في التخليص الجمركي، ولكنه اضطر إلى إغلاق محله بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 بسبب مخاوف أمنية. وقامت العائلة بتهريب ابنها خارج البلاد في عام 2005 بعد تعرضه لمحاولتي اختطاف. وعندما تنظر إلي سيارة العائلة تجدها مملوءة بآثار طلقات الرصاص في عمليات إطلاق نيران عشوائية في شوارع بغداد، كما لحق الدمار بمنزل العائلة في حادث تفجير سيارة. قال شاكر وهو يشاهد التلفاز: «لا يوجد من يدافع عن العدالة هنا، فأنت تعيش حسب ما توفره لك الفرصة المتاحة، ويمكن لأي شخص القيام بأي شيء».
ومع أن الوضع الأمني في العراق قد تحسن، ما زال الحرفيون أهدافا لعمليات اغتيال ينفذها متطرفون، ينظرون إليهم على أنهم موالون للغرب أو ملحدون. أضف إلى ذلك، فإن السلطة في العراق في أيدي الشيعة المحافظين، ولا توجد أية بوادر لتغيير هذا الوضع في أي وقت قريب».
وحتى عند انعقاد الانتخابات المحلية في بداية العام المقبل، والتي يُنظر إليها على أنها مفتاح للوصول إلى توازن في السلطة بين الشيعة والسنة والأكراد والآخرين، فإن الأحزاب الموجودة في السلطة في الوقت الحالي سوف تكون في القمة مرة أخرى، ويرجع ذلك إلى عدد مؤيديهم وقدرتهم على استمالة الناخبين الذين يتأثرون بالقضايا الدينية. وينتظر قانون انتخابي جديد الموافقة النهائية، ومن شأنه أن يعالج هذا الوضع عن طريق منع استخدام الرموز والصور الدينية خلال الانتخابات. ولا يشجع ذلك هذا السيناريو المسلمين المعتدلين من أمثال علي، الذي يبلغ من العمر 26 عاما وقد حصل على درجة طبية ويأمل في السفر إلى الولايات المتحدة، في ظل ضعف البنية التحتية داخل العراق وغياب الثقة في تحقيق استقرار داخله. يقول علي، الذي طلب عدم ذكر اسم العائلة حتى لا يتسبب ذلك في مشاكل بينه وبين صاحب العمل: «لا يوجد شيء مضمون، تلك هي المشكلة، فهنا كل شيء ممكن، ولكن بصورة سلبية».
ويقول أياد عبد العامر، وهو مهندس كهرباء: «حتى لو كان هناك أمان، فالخدمات غير متاحة، وهذا ما يجعل الحياة صعبة». ويضيف علي، وقد بدا الغضب عليه وهو يتحدث: «عند خطوط توزيع الغاز، تجد المواطنين جالسين هناك لساعات وساعات، كما لو كانوا موتى»، واصفا المشاكل المتنامية التي تواجه العراق بأنها مرض سرطاني في مرحلة متقدمة. وقد عاد أياد عبد العامر إلى العراق في ابريل (نيسان) بعد قضاء عام خارج البلاد، ولكنه لا ينوى البقاء في العراق، عاد لأن طلبه للحصول على تأشيرة عمل قد رفض في سلطنة عمان ولأنه يحتاج إلى إصلاح منزله الذي نالت منه قذائف الهاون قبل عودته بشهرين. كما عاد أحمد فرحان، الذي يعمل طاهيا في اسكتلندا، لأول مرة خلال 14 عاما هذا الشهر ولا يطيق الانتظار للرحيل مرة أخرى، ومع أنه من الشيعة، فإنه وجد جوا عاما من النزاع ولا يريحه مشهد رجال الشرطة المسلحين والجنود المنتشرين في زوايا الشوارع. يقول أحمد، تعليقا على فكرة أن العراقيين المتعلمين من أمثاله هو الأمل الأمثل لمواجهة نزيف العقول: «تلك معركة خاسرة». وتقول المتحدثة باسم وزارة التعليم العالي سهام الشجيري، إن الوزارة قد حصلت على مئات من رسائل البريد الإلكتروني تتضمن طلبات من أساتذة خارج العراق يريدون معرفة كيف يمكن لهم العودة إلى وظائفهم. ومع ذلك، شعر الهيتي بالتردد عندما سئل ما إذا كان سوف يشجع الأطباء العراقيين على العودة إلى وطنهم تحت الظروف الحالية، وقال: «لن أجيب بنعم مطلقا» وأضاف أنه يفضل الانتهاء من المنطقة المحمية التي يدعو لإنشائها قبل عودة الأطباء جماعة. «الحوادث يمكن أن تحدث في كل مكان، ولكن احتمال حدوثها في العراق أكبر كثيرا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.