فى كتابه «حكايات عن عبدالناصر» يقول عبدالله إمام إن عبدالناصر حينما كان يعيش فى منزله بمنشية البكرى لم تحط به أى مظاهر تقريبا «عندهم جناينى ومربية وطباخ وخادم ومائدة للطابق الأول وهذا شىء عادى بالنسبة لعائلة متوسطة بها سبعة أفراد، وهناك خادمان آخران تدفع أجرهما الحكومة، يخدمان فى الحجرات التى يستعملها الرئيس فى المهام الرسمية، وعندما يسافر ناصر فى الأعمال الحكومية، يركب إحدى السياراتين الكاديلاك السوداوين الحكوميتين الموضوعتين تحت تصرفه، وهو لا يستعملهما اطلاقا فى الرحلات الشخصية، وكانت سيارته الأوستن السوداء قد أصابها العطب بعد الثورة بعامين وفى ذلك الوقت اشترى سيارة فورد فستقية اللون». والداخل إلى البيت من بابه الرئيسى يجد على يساره ملعب تنس، وعلى يمينه مبنى جديداً من الحجر به أرشيف ناصر ومكتبه، وتزين واجهة المنزل 30 أصيص زرع، وخلف المنزل توجد مساحة خضراء واسعة بها صفوف من الأشجار، وفى ركن بعيد تحت أكبر شجرة توجد عدة كراسى ومنضدة وقاعدة من الحجر وفى هذا المكان غالباً ما يعمل ناصر فى أيام الصيف المعتدلة وإلى جانبه تليفون منفصل. وعند دخول ضيف ما إلى المنزل يقتاده الخادم الحكومى إلى صالون طوله مثل عرضه 20 قدماً، وتوجد فى جانب بعيد من الغرفة مدفأة فوقها رف عليه ثمانى صور، عليها توقيعات أصحابها، وتحيطها براويز فضية، وهى لرؤساء سابقين، منهم هيلاسلاسى، تيتو، شوين لاى، وسوكارنوا، ونهرو، ورومولو، وإلى اليمين على كومودينو صغير فوقه رخامة، يوجد فوقها برواز به صورة كبيرة جداً ل«نكروما» رئيس وزراء غانا السابق، وهؤلاء التسعة كانوا أفضل الشخصيات لدى ناصر من العالم الخارجى. ويوجد مكتب ناصر فى الطرف الآخر من الصالة المقابل للصالون، وهى منطقة محرمة لا يسمح بدخولها للخدم أو الضيوف أو أفراد العائلة، أو أصدقائه المقربين، وكانت حجرات نوم العائلة خلف الصالة والمكتب، ومع إضافة طابق ثان تحولت الغرفة إلى مكتب وصالون للسيدات وحجرة طعام، وفى حجرة نوم ناصر العلوية تليفونات وجهاز راديو قوى، وكان يستيقظ فى السابعة صباحا، ويغتسل ويحلق ذقنه ويتناول إفطاره، المؤلف من الشاى والجبنة البيضة واللبن والفول المدمس، ثم يقرأ الصحف وفى الظهر عند الغداء فى الثانية والنصف تقريباً تستطيع السيدة زوجته أن تجلس، معه فالتليفونات من الخارج ممنوعة، والمنزل خال إلا من الخدم، ووجبة الغداء تتألف من خضر وجبنة ونادراً ما يوجد اللحم، وبعد انصراف أخر ضيف وقراءته آخر تقرير ورده على كل التليفونات يذهب إلى غرفة نومه متأبطا الصحف ويدير الراديو المجاور إلى سريره وينام ساعتين. وكانت مشاهدة الأفلام تريح أعصابه وكان يأخذ السيدة قرينته مرة أو مرتين فى الأسبوع إلى السينما. كما أقام شاشة سينما فى ملعب التنس، وأثناء الأزمات كان يشاهد ثلاثة أفلام فى سهرة واحدة. وكان أولاده يسهرون معه لمدة ساعتين - يوم الخميس - ليشاهدوا الأفلام مع أبيهم، وكانوا يحبون الأفلام العنيفة، وعندما يذهبون للنوم كان يشاهد الأفلام التى يحبها،وكانت أسعد أوقاته التى يذهب فيها مع أسرته للقناطر، وكان يحب الموسيقى منذ كان يسجلها فى الجرامفون لدى جده وجدته، ويذكر أنه ألقى القبض على خاله بسبب مجاملته إمرأة فرنسية فى القاهرة، كانت فى ورطة وتوسط لها - خاله - رغم مخالفتها القانون.