حجز 187 كلغ في السداسي الأول من هذه السنة الصيف فصل التكالب على عمليات النهب نجاح القبضة الأمنية وضعف الرقابة البحرية الرقابة البحرية رهينة التدخلات المحلية طبرقةالتونسية لتجميع وتسويق مرجان القالة انعدام نشاط ''الحرفة'' بسواحل القالة كشفت مصادر أمنية متطابقة عن سوق بحرية لتهريب المرجان مدعمة بمخازن تحت الماء بعرض السواحل الحدودية ''كاب سقلاب''، شرق القالة، أين تلتقي القوارب التونسية لاستلام المرجان من عصابات محلية مختصة في نهبه بالطرق التدميرية. السوق البحرية موقع بديل، نتيجة نجاح القبضة الأمنية على الحدود البرية، واستغلال ضعف الرقابة البحرية على طول الساحل البحري من رأس كاب روزة، غرب القالة، إلى أقصى شرقها بالحدود البحرية كاب سقلاب، أين تتكالب عليها جماعات محلية مختصة بواسطة 70 قاربا صغيرا من زوارق النزهة وزوارق التضامن وقوارب ''الزودياك'' تحت تمويه صيد السمك. وهي التي تغادر مرافئ ميناء القالة ابتداء من السادسة صباحا مباشرة بعد دخول بواخر الصيد بأعالي البحار، حسب شهادات بحارة القالة، الذين يشكون تأثير تدمير الشعاب المرجانية على الثروة السمكية التي تتناقص بفعل خلل النظم البحرية، فضلا عن شهادات بعض أعيان سكان القالة الذين بحوزتهم تفاصيل عن خبايا نهب المرجان.. وكلها تؤكد النشاط المكثف والموزع على عرض السواحل من كاب روزا إلى كاب سقلاب بواسطة 70 قاربا صغيرا منها زوارق النزهة وزوارق وزارة التضامن والقوارب المطاطية من نوع ''زودياك''، وكلها تستعمل عمليات الجر بعمق الشعاب المرجانية بواسطة صليب حديدي مزوّد بالشباك. وكانت المصالح الأمنية قد فرضت حصارا مشددا في تطويقها للمحيط الحضري لمدينة القالة وبقية التجمعات السكانية الحدودية وكذا شبكة المسالك والطرق البرية الحدودية، كما أحبطت مصالح حراس السواحل السنة الماضية 5 عمليات في عرض السواحل الحدودية، وأوقفت شبكات مشتركة من جزائريين وتونسيين أثناء تعاملات التهريب بالخط البحري الحدودي. وهو الذي تحول بأحد نقاطه في عرض البحر، مؤخرا، حسب تحليلات أمنية، إلى سوق بحرية مدعمة بمخازن تحت الماء عبارة عن بالونات بلاستيكية عائمة مشدودة إلى قاع البحر تظهر تحت السطح بنحو ربع قدم بحري. حجز 187 كلغ في السداسي الأول من هذه السنة حجزت مصالح الأمن والدرك الوطنيين على الحدود البرية 187 كلغ من أحسن أنواع المرجان المستخرجة حديثا، كانت في طريقها برا إلى تونس، مع توقيف 125 شخص ضمن 24 قضية معالجة، ليصل مجموع المحجوزات، خلال الثلاث سنوات الأخيرة، إلى 892 كلغ. وحسب البيانات الأمنية، فإن عملية التهريب البرية تأخذ عدة طرق تمويهية كالرعي بالماشية أو جلب المياه من الينابيع المائية الجبلية على حزام الحدود.. كل هذه العمليات لها جماعات لوجستية وأطراف تآمرية تستفيد من غنيمة مردود النهب والتهريب، خاصة وأن معدل قيمة الكف الواحد في سوق التهريب لا يقل عن 12 مليون سنتيم، يضاف إليه امتياز صمت السلطات المحلية وخاصة الهيئات المحلية المنتخبة عن هذا النشاط بدوافع اجتماعية أمام ظاهرة البطالة والاحتياج الاجتماعي، في غياب قاعدة اقتصادية بالقالة وبلديات محيطها، بكونها منطقة بيئية تأوي مكونات طبيعية مصنفة كمحميات عالمية. الصيف فصل التكالب على عمليات النهب تفيد خبرة إطار في قطاع الصيد البحري بالقالة، بأن التكالب على نهب المرجان يزداد حدة في الفترة الصيفية، بفضل الأجواء البحرية الهادئة والمساعدة على نهب وجمع أكبر الكميات. ولم يستبعد محدثنا تغيير معبر تهريبه من البر إلى البحر، خاصة وأنه استشهد بالحركة المكثفة لزوارق الصيد الصغيرة ومعها زوارق النزهة و''الزودياك'' في حركة ذهاب وإياب باتجاه سواحل أقصى النقاط البحرية الحدودية الممتدة من شاطئ بوطريبيشة، شرق شاطئ الميسيدا، إلى كاب سقلاب، النقطة الحدودية الفاصلة مع تونس، وهي منطقة ساحلية صخرية غابية خالية من التواجد السكاني والحركة رغم تواجد وحدة لحراس السواحل. ويتوقع ذات المتحدث ما يتداول محليا عن سوق بحرية عرض الساحل الحدودي تنشط فيها التعاملات التجارية بين عصابات نهب المرجان وأشخاص تونسيين يستلمون البضاعة مقابل الدفع بالأورو، بما يعادل 12 مليون سنتيم للكيلوغرام. نجاح القبضة الأمنية وضعف الرقابة البحرية أجمع الاقتصاديون المحليون المهتمون بالثروات الطبيعية على نجاح القبضة الأمنية، خلال السنتين الأخيرتين، في تطويق كل المنافذ البرية لتهريب المرجان والقضاء على مخازنه السرية بالوسط الحضري والريفي، وتفكيك عشرات العصابات المختصة برا وبحرا، بما فيها كشف هوية الأطراف المتواطئة التي كانت وإلى سنوات طويلة تسترزق من هذا النزيف الاقتصادي. وفي مقابل ذلك، سجل الاقتصاديون المحليون ضعف الرقابة البحرية على نشاط ترسانة من الزوارق والقوارب الصغيرة التي تملأ يوميا عرض السواحل تحت تمويه نشاط الصيد البحري، يضاف إليها التعامل المحلي مع نهب الشعاب المرجانية بمفهوم السياسة الاجتماعية، خاصة حماية عشرات الشباب من مخاطر ''الحرفة''، وفرض الصمت المحلي على استرزاقهم من المرجان.. في غياب برامج تنموية واقتصادية بالمنطقة المحاطة بالمحميات الطبيعية العالمية، والتي تمنع إقامة نشاطات صناعية اقتصادية. الرقابة البحرية رهينة التدخلات المحلية جمعنا لقاء غير رسمي بضابط ينتمي إلى مصالح حراس السواحل، فضّل عدم ذكر اسمه، تحدث باستماتة، مدافعا عن مخطط الرقابة البحرية سواء ما تعلق بحماية الثروات البحرية والسواحل أو مكافحة الهجرة غير الشرعية. وفي جانبها المتعلق بالمرجان، تأسف محدثنا للمعوقات التي تحدّ من مجهودات حراس السواحل وخاصة التدخلات المحلية التي تستعمل السياسة الاجتماعية تدفعها ضغوطات الشارع.. ومن ذلك، أوضح إعاقة تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بحركة ورسو الزوارق الصغيرة الصيدية والمستعملة للنزهة، والتي يفتقر أغلبها للرخص والوثائق الرسمية لها ولتجهيزات القياسات البحرية. هذه العوامل مجتمعة أخلّت بالنظام العام لقواعد الإبحار وفرضت الفوضى العارمة، والتي يستحيل تكييفها مع مسعى السلطات المحلية الإدارية والمنتخبة في مزاوجتها بالسياسة الاجتماعية المنتهجة على عامل العاطفة على حساب القانون. وتساءل محدثنا، في الأخير، كيف لأطراف أخرى أن تنتقد ضعف الرقابة البحرية في ظل هذه التناقضات. طبرقةالتونسية لتجميع وتسويق مرجان القالة خلال جولة قصيرة ليومين قادتنا إلى مدينة طبرقةالتونسية، 30 كلم شرق القالة، وبدافع الفضول الإعلامي، وبفضل مساعدة صديق من ذات المدينةالتونسية، ترصّدنا تحركات شحن المرجان على الخط البحري الساحلي، محاولة مستحيلة أمام المراقبة الصارمة التي تعج بالمخبرين المدنيين. ومن حسن حظنا، وبالصدفة، التقينا شابا جزائريا، 38 سنة، من سكان القالة، أشار إلينا مرافقي الصديق التونسي بأنه متعامل في تهريب المرجان، فتجرّأنا وتحدثنا إليه على أساس أننا وسطاء تجاريين لمتعاملين من شمال إيطاليا، دخلنا لأول مرة مثل هذه المعاملة التجارية، وفهمنا في قرارة نفسه بأننا فريسة تجارية، ليطلب منا موعدا في صباح اليوم الموالي الذي ينتظر مع أول ساعة من فجره قدوم زورق مطاطي محمّل ب64 كلغ من المرجان لفائدة 5 شركاء تونسيين وجزائريين عبَرت ليلا حدود المياه الإقليمية ورست تنتظر الفرصة المواتية لدخول أحد مرافئ الجنوح بسواحل طبرقة. وحتى يستحوذ على صفقتنا، كشف بأن مخازن تجميع مرجان القالة بهذه المدينة نفدت فيها الكمية قبل أسبوع. وفي ذات المدينةالتونسية، تهامست أفواه نشطاء البحر ومترصدي وصول مرجان القالة، بأن حراس السواحل التونسية أوقعوا جماعة ''خميس الصفاقسي'' عرض السواحل الغربية للمدينة وبحوزتهم 17 كلغ من مرجان القالة دون رخصة تجارية. انعدام نشاط ''الحرفة'' بسواحل القالة سجلت في بداية سنة 2006 أولى عمليات الهجرة السرية، انطلاقا من سواحل وميناء القالة في 4 عمليات، جاءت كرد فعل بعد الحركة الاحتجاجية نهاية شهر ديسمبر 2005 لصغار البحارة من فئة الشباب، والتي تسببت في أحداث شغب وصدامات مع حراس السواحل أثناء قيامهم بفرض تطبيق جملة من الإجراءات على أصحاب القوارب الصغيرة، وانتهت بإحالة الكثير من الموقوفين على المحكمة العسكرية بقسنطينة. وبعد تدخلات عديدة للسلطات المحلية لتهدئة الأوضاع وتركيزها على مراعاة الواقع الاجتماعي لشباب المنطقة، اختفت نهائيا تهديدات عشرات الشباب والبطالين من مختلف الأعمار على الهجرة السرية. ولم تسجل المصالح الأمنية ولا مصالح حراس الشواطئ أية محاولة للحرفة على شواطئ القالة رغم قربها من السواحل الإيطالية، كما لم تسجل أية محاولة على بقية شواطئ الولاية. وفسرت هذه الحالة، بإجماع المهتمين، بالبديل المطروح الذي يوفر مداخيل هامة ويقي الجميع من مخاطر الهجرة السرية. وهو بطبيعة الحال الاسترزاق من نهب وتهريب المرجان مع صمت السلطات المحلية وتدخلاتها لمهادنة بسط اليد المشددة، وتخفيف الحبكة الصارمة مع فتح العين اليمنى وتغميض العين اليسرى في سياق سياسة محلية لها بعد اجتماعي يضمن الاستقرار لشباب المنطقة.