إذا كانت بدايات القرن الماضي سجلت تفوق أوروبا الاقتصادي خصوصاً بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وشهد نصفه الثاني بروز نجم الدولار والاقتصاد الاميركيين بعد تدهور الجنيه الاسترليني في نهاية الحرب العالمية الثانية، فإن العقد الأول في الألفية الجديدة يحمل طلائع بروز نجوم اقتصادية جديدة بدأت بأخذ اماكنها بين الدول ذات التأثير الاقتصادي، ما ينبئ بتغيير خريطة التوازنات العالمية مالياً واقتصادياً، وان كانت بعيدة كل البعد عن الحلول مكان الاقتصاد الاميركي الذي يتربع على خريطة العالم بناتج محلي يقدر ب 14 تريليون $، وهو رقم يساوي مجموع الاربع الكبار بعده في الترتيب أي اليابان 4.3 تريليون، المانيا 2.8، الصين 2.6، بريطانيا 2.3. فالمصطلح الجديد الذي أصبح يتداول على نحو واسع في الصحافة الاقتصادية المتخصصة وغير المتخصصة ويثير شهية المحللين للحديث عنه على شاشات التلفزة العالمية، ما هو الا مجموع الحروف الانكليزية الاولى للدول الاربع: البرازيل، روسيا، الهند، والصين. وان كانت الأخيرتان اشتهرتا بعدد سكانهما الذي يجاوز قليلاً ثلث مجموع السكان العالمي، الا انهما ايضاً تشتركان مع الأوليين في دخولهما في خانة الدول التي تحسب نواتجها المحلية بالتريليون$. فبحسب تصنيف البنك الدولي عن 2006 تحتل الصين المرتبة الرابعة، فيما تأتي البرازيل في المرتبة العاشرة ب 1.067 تريليون ، وروسيا في المرتبة الحادية عشرة ب 987 بليون$ تليها الهند مباشرة ب 911 بليون ( دخلتا خانة التريليون بنواتج 2007 بحسب تصنيفات أخرى). وعلى رغم ان عدد السكان في روسيا والبرازيل لا يقارن بالصين والهند، الا انه يظل كبيراً بالقياس الى دول العالم الأخرى. فالبرازيل تأتي في المرتبة الخامسة بعد الصين والهند واميركا واندونيسيا بعدد سكان يبلغ 190 مليون نسمة، فيما تأتي روسيا في المرتبة التاسعة في التصنيف ذاته على 143 مليوناً. وان كانت سجلت اكبر عدد في نمو طبقة أصحاب الملايين بين سكانها العام الماضي بزيادة بلغت 8500 مليونير جديد في عام 2007، فإن الدول الثلاث الاخرى كانت من اكثر الدول التي يتسارع فيها نحو هذه الطبقة في شكل كبير، بحسب تصنيف «سيتي برايفت بانك»، بالتعاون مع شركة العقارات «نايت فرانك» لعام 2007، ما يدل الى نمو الاعمال في هذه الدول. الا ان تصنيف البنك الدولي للدخول الفردية في العالم وضع مواطني تلك الدول في خانات دنيا. فالصيني لا يتجاوز دخله الفي $ سنوياً (المرتبة 130) ، والروسي في المرتبة 78 بدخل فردي قدر ب 5.7 ألف $، والبرازيلي في الدرجة 93 بدخل بلغ 4.7 الف$، ويقبع المواطن الهندي في اواخر القائمة (161 عالمياً) بدخل لا يزيد على 820 $في السنة. وبالعودة الي المصطلح الجديد، فقد شاع استخدامه كثيراً تارة للإشادة بالنمو الذي حققته هذه الدول خلال الاعوام العشرة السابقة، ومرة اخرى للتذمر من ارتفاع اسعار النفط والغذاء التي تعزى الى زيادة استهلاك هذه الدول الاربع. ومثال على ذلك ما قالته المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، ان ارتفاع اسعار الغذاء العالمي سببه ان الصينيين والهنود اصبحوا يأكلون ثلاث وجبات. وعلى رغم ان الحكم لا يزال مبكراً على البرازيل التي حجزت مقعدها العالمي بإنتاج البن والطائرات الصغيرة، وروسيا التي تشهد انفتاحاً اقتصادياً يعتبر سابقة، فإن الهند والصين اصبحتا مضرب المثل في ارادة النمو وتخطي الصعوبات. وبالتأكيد فإن العقد المقبل سيشهد تغييرات اقتصادية مهمة لمصلحة هذه الدول وبعيداً من مصالح الدول الصناعية الكبرى، خصوصاً اميركا ودول أوروبا.