يقع "بئر الخضة"- كما تعارف الناس على تسميته- في ساحة معبد (مدينة هابو) الفرعوني غرب مدينة الأقصر بصعيد مصر. وإذا أردت مشاهدة هذا البئر؛ فإنك تدخل من بابه، ثم تنزل درجا على جانبيه نبات الحلف، وكأنه عسكر تشريفة، ثم تواجه عند آخره عتبات يكسوها ماء راكد. وهذا البئر مغطى كله بالأحجار، وتوجد فتحة في سقف البئر يتسلل منها شعاع نور يبدد بعض ظلامه المرعب، وفى شقوق ذلك البئر تعيش الخفافيش الكبيرة، وربما وأنت تنزل الدرج يلتصق بوجهك خفاش هائج. وهناك عقيدة تترد بأن المرأة التي لا تحمل تؤخذ إلى (بئر الخضة)، وهناك ينزل معها رجلان من الرجال الأشداء، وتجلس قرب الماء، وبجوارها الرجلان للامساك بها؛ خشية أن تسقط في البئر ويعهد لشخص بالخارج أن يلقى من فتحة البئر حجرا ثقيلا. وما إن يلقى الحجر في الماء حتى يحدث دويا عنيفا، ويبلل الماء المتناثر من اصطدامه بالماء وجه المرأة؛ فتصرخ من الرعب وبعدها يصيبها الحمل. وهذا ما كشف عنه الباحث والمؤرخ عز العرب عبد الحميد ثابت في بحث اجتماعي حديث، ومما يرويه ثابت في بحثه المثير أنه قيل إن كثيرات جربن زيارة هذا البئر وأنجبن، وان إحدى النساء حكت له أن ابنتها حار الأطباء في أمرها، وأقروا بالتحاليل والتقارير الطبية أنها وزوجها سليمان طبيا، وانه ليس هناك موانع طبية للحمل؛ فلما زارت (بئر الخضة) حملت وأنجبت. ويلعب الخيال الشعبي دورا بارعا في خلق كثير من الحكايات الشعبية حول هذا الموضوع؛ فقيل إنه تسكن هذا البئر روح فرعونية، وأن البعض رآها في الليل تتجول في منطقة البئر، وهى ترتدي ملابس فرعونية وتمسك إبريقا وطست من ذهب، وإنها لا ترى إلا في الليالي القمراء فقط. تفسير عبد الحميد ثابت والذي رآه ثابت أن المرأة عند تهيئتها للجلوس في أعتاب درجات (بئر الخضة) في هذا الجو المخيف المرعب؛ فإنها تكون أشبه بالمنومة مغناطيسيا. فهذه الأجواء المشبعة بالروحانيات داخل البئر تحمل أسرارا وذبذبات روحية غامضة قادرة على إحداث ظواهر غريبة قد تبدو كالخوارق والمعجزات. وأشار إلى أنه كثيرا- أيضا - ما نسمع أن امرأة حملت بعد أن نامت في قبر مهجور، وأن هناك احد الأضرحة في مدينة قوص التابعة لمحافظة قنا بصعيد مصر إذا دارت المرأة حوله سبع مرات عند غروب الشمس عشية يوم الاثنين قد يحدث الحمل. (د ب أ)