وزير السياحة والآثار يشارك في الجلسة العامة الثالثة للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة بالرياض    عاجل- رئيس الوزراء يتابع الموقف المالي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي ويبحث سُبل تعظيم الإيرادات الاستثمارية    تصعيد إقليمي متعدد.. غارات إسرائيلية على غزة ولبنان ومحاولة دبلوماسية لفتح ممرات آمنة    بي بي سي تعتذر: سوء تقدير في تحرير وثائقي ترامب    عاجل.. تشكيل منتخب مصر الرسمي أمام إنجلترا في كأس العالم للناشئين    رسمياً.. تأجيل مباراة الأهلي وسموحة في كأس السوبر لكرة اليد    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو صادم بالشرقية    المتحف المصرى الكبير يعلن إستقبال 12 ألف زائر من المصريين والأجانب    إلغاء المئات من الرحلات الجوية في أمريكا في ظل الإغلاق الحكومي    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    جامعة كفر الشيخ تستقبل طلاب ريادة الأعمال الجدد وتكرم المتميزين    محافظ الإسكندرية يُدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 ويدعو للمشاركة الإيجابية    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    تشييع جثماني شقيقين إثر حادث تصادم بالقناطر الخيرية    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للإطمئنان على حالتهم الصحية ويوجه بالمتابعة اللحظية وتسخير كافة الإمكانيات الطبية    محكمة بباريس تعلن أن ساركوزي سيُفرَج عنه تحت المراقبة القضائية    بعد تصريحاته في الجزائر.. شاهد اعتذار ياسر جلال للمصريين: كنت غلطان    الأربعاء.. فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا فى مركز محمود مختار بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    3272 متقدما فى اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    اشتريت سيارة ووجدت بها عيبا فهل يجوز بيعها دون أن أُبين؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    فيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش    بدور القاسمي تشهد إطلاق كتاب الشارقة: عاصمة الثقافة    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    «درس أرنولد ومعانقة الذهب».. قصة ظهور زيزو الأول ضد الزمالك    بتكلفة 2.37 مليار جنيه.. وزير التعليم العالي يتفقد مشروعات جامعة الأقصر    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لسارقي الآثار بالشرقية    وزارة الصحة توفر الرعاية الطبية للناخبين أمام لجان الاقتراع فى الأقصر وأسوان    العرجاوي: إعفاء الصادرات المصرية من الجمارك الصينية خطوة استراتيجية لتعزيز الشراكة بين القاهرة وبكين    «غير مستقرة».. آخر تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي بعد نقله للعناية المركزة    لقاء الشرع بأشد الداعمين للكيان الإسرائيلي في واشنطن يثير الجدل، والنشطاء: بداية تنفيذ مطالب أمريكا    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    سحب 837 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    من المتحف الكبير لمعرض فى روما.. كنوز الفراعنة تهيمن على العالم    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    انطلاق برنامج «مشواري» لتنمية مهارات الشباب في الشرقية    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    سعر الذهب اليوم فى مصر يسجل 5420 جنيها للجرام عيار 21    وزير الصحة يلتقي وزيرة الشؤون المدنية في البوسنة والهرسك    نفذوا جولات استفزازية.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    الزمالك يترقب القرار الرسمي من فيفا لإيقاف القيد بسبب قضية ساسي    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    تيك توكر في مالي تُعدم علنًا بتهمة التعاون مع الجيش    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    السكة الحديد تعلن متوسط تأخيرات القطارات على الوجهين القبلي والبحري    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ندوة مجلة الجمعية الشرعية .. التواصل مع دول حوض النيل ضرورة شرعية
نشر في المصريون يوم 30 - 05 - 2010

نظمت مجلة "التبيان" ندوتها الشهرية والتى شملت مناقشة أزمة مياه النيل الأخيرة من جميع جوانبها السياسية والجغرافية والدينية وجاءت تحت عنوان: "مياه النيل- المشكل والحل" حاضر فيها كل من فضيلة الأستاذ الدكتور محمد المختار محمد المهدى. الرئيس العام للجمعية الشرعية- عضو مجمع البحوث الإسلامية والأستاذ الدكتور محمد نور الدين رئيس قسم الرى والهيدروليكا بجامعة عين شمس والأستاذ الدكتور على نبيه البحراوى الأستاذ بجامعة عين شمس وأدار الندوة الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر- مقرر هيئة علماء الجمعية الشرعية. فى مستهل حديثه أشار الأستاذ الدكتور محمد المختار المهدى إلى قدرة الله تعالى وإعجازه فى إنزال الماء من السماء وفى المقابل عجز الإنسان مواجهة الأحداث برغم ما وصل إليه من علم وتقنية وما أوتى من عقل مشيراً لقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِى تَشْرَبُونَ أَأَنتُم أَنزَلْتُمُوهُ مِن الْمُزْنِ أَم نَحْنُ الْمُنزِلُونَ لَو نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ } (الواقعة: 68- 70)، ويقول تعالى: {قُل أَرَأَيْتُم إِن أَصْبَحَ مَاؤُكُم غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَعِينٍ} (الملك: 30)، ويقول تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِن السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُم لَهُ بِخَازِنِينَ} (الحجر: 21، 22)، {وَجَعَلْنَا مِن الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ} (الأنبياء: 30). ويتحدث فضيلة الإمام عن نواميس الله تعالى وسننه فى تسليط حرارة الشمس على الماء ليخرج منه البخار الذى يتحول إلى سحب والتى لا تنزل رغم ثقلها فى أى مكان بل إن الله تعالى يقول فى هذا الشأن: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (البقرة: 164)، فالله تعالى هو الذى يسير السحاب وينزله حيث يريد ثم يجعل منه أنهاراً ومن هذه الأنهار نهر النيل. نهر من الجنة وقال فضيلة الإمام إن نهر النيل نهر مبارك رآه النبى [ فى السماء عند سدرة المنتهى فقد رأى النبى أربعة أنهار: نهران ظاهران ونهران باطنان فأما النهران الباطنان فهما من أنهار الجنة وأما الظاهران فهما النيل والفرات، مؤكداً أن الله تعالى إنما يبشر نبيه [ بأن منطقة النيل والفرات ستكون مسرحا لهذه الأمة المؤمنة بربها وأن هذين النهرين سيكونان مغذيان لمن يؤمن بالله {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِن حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} (الطلاق: 2، 3). وفى هذا الصدد يشير فضيلة الإمام إلى تشريع النبى [ لصلاة الاستسقاء والدعاء حينما يندر الماء ويبور الذرع حيث كان النبى [ يخرج مع أصحابه مستغيثاً بالله مرشداً لأصحابه أن يستغفروا الله ويتوبوا إشارة إلى أن ارتكاب المعاصى والذنوب يكون سبباً فى شح المياه وندرتها وأن التقرب إلى الله والتقوى يكون سبباً فى الخير والرزق.
* الماء نعمة ونقمة ويؤكد فضيلة الإمام أن الماء هو العنصر الأساسى للحياة وهو نعمة من نعم الله تعالى على الإنسان، فالإنسان لا يعيش إلا على الماء والطعام لا يأتى إلا من الماء {فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْباً وَفَاكِهَةً وَأَبّاً مَتَاعاً لَكُم وَلأَنْعَامِكُم} (عبس: 24-32). ويضيف فضيلته أن الماء كما أنه نعمة عظيمة للإنسان قد ينعكس الأمر ويكون هذا الماء نقمة وهذا يتضح فى قوله تعالى: {لَقَد كَانَ لِسَبَإٍ فِى مَسْكَنِهِم آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُم وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِم سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِم جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَىْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِن سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَل نُجَازِى إِلاَّ الْكَفُورَ} (سبأ: 15- 17)، وحينما كفر قوم نوح بعد أن مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين كان الطوفان، وجاء الطوفان من السماء والأرض {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَد قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} (القمر: 12، 13). * حق الجوار
وتطرق فضيلة الإمام إلى مشكلة مياه النيل المثارة حالياً فألقى باللوم على المصريين أنفسهم الذين ظلوا هذه الفترة الطويلة ينظرون لمصلحتهم فقط دون النظر لمصلحة جيراننا فى شريان حياتهم ومصدر الرزق الرئيسى للبلاد فأشار إلى أنه كان يجب على مصر أن تتعاون مع دول حوض النيل وأن تستثمر فى بلادهم من باب حق الجوار وتوزيع خيرات الأرض بإنصاف وعدالة موضحاً أن مياه النيل التى تروى الأراضى المصرية مصدرها هذه البلاد التى يعيش أغلبها فى جدب وفقر شديد، ولكن كما يضيف فضيلة الإمام فإن هناك دعوة أنانية قُطرية تقول مصر للمصريين وهذا جعل مصر تنصرف عن واجباتها التى أوجبها الله عليها. وفى هذا الصدد يرى فضيلة الإمام أن الفراغ الذى تركته مصر مع جيرانها استغله اليهود أعداء الأمة وتسللوا إلى هذه البلاد واستغلوا الفقر عندهم بتحريشهم على البلاد وأشار فضيلة الإمام إلى قصة "بئر رومة" التى كان يمتلكها أحد اليهود وكان يمنع المسلمين من الشرب منها بل وكان يبيع الماء بأغلى الأسعار، فنادى النبى [ فى أصحابه من يشترى بئر رومة ويجعل دلوه كدلاء المسلمين وله الجنة، فقام سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه وذهب لليهودى وقال له أريد أن أشترى منك هذه البئر فقال: إنى لا أبيع لمسلم أبداً فظل معه سيدنا عثمان إلى أن قال له بع لى نصفها، فتبيع الماء يوماً وأبيعه يوماً وأنا يوم، فوافق اليهودى فقال له: "بكم تبيعها" قال: "بمائة ألف" فقال له اشتريت فقال له اليهودى: البئر أفضل أم المائة ألف" فقال سيدنا عثمان: "بل البئر أفضل" قال: "إذن لا أبيعها لك" فظلوا إلى أن وصلت إلى ألف ألف درهم وكان هذا هو ما عند سيدنا عثمان ومع هذا اشتراها سيدنا عثمان لأن النتيجة أنه سيكون من أهل الجنة، ثم نادى فى المسلمين أن نصف هذه البئر لى وأنا أبيعها لكل المسلمين مجاناً فى اليوم الذى أمتلكه، فبدأ المسلمون يدخرون من المياه فى يوم عثمان فيأتى اليوم الثانى لليهودى فلا يجد أحداً يشترى حتى وصل الأمر بهذا اليهودى بأن قال بدرهم "يعنى الماء" فيقول له: سيدنا عثمان الدرهم كثير فيقول بنصف درهم فيقول ونصف درهم كثير، وظلت المسألة هكذا حتى لجأ اليهودى إلى رسول الله [ ليتوسط فى الأمر فقال لعثمان: اشتر، فقال أأمر يا رسول الله أم كرامة فقال له: بل كرامة، قال إنى إذن أشتريها بعشر وظن اليهودى أنها عشرة آلاف درهم فإذا بسيدنا عثمان يعطيه عشرة دراهم. وكان هذا من فطنة سيدنا عثمان بن عفان وفطنة المسلمين للتحرر من قبضة اليهود الذين يتحكمون فيما يملكون. وبعد سرده لهذه القصة التاريخية من السيرة النبوية التى تشير إلى مكر اليهود وكرههم للمسلمين وتشير كذلك إلى فطنة المسلمين وتغلبهم فى النهاية لا يستبعد فضيلة الإمام وجود مؤامرة تتم من خلف ظهر المسلمين الآن لأنه كما قال الله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مْوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُم لا يَسْتَكْبِرُونَ} (المائدة: 82). * إهدار المياه من جانبه أشار الدكتور محمد نور الدين إلى إهدار نسبة كبيرة من مياه نهر النيل وأن كفاءة استخدام المياه فى الزراعة تكاد تكون 50% خاصة وأن 85% من المياه الموجودة فى مصر يتم استخدامها فى الزراعة والباقى فى الشرب والصناعة، فإذا كانت قطعة الأرض مثلاً تحتاج إلى ألف م3 لدى الزرع يتم استخدام ألفى م3 وذلك بسبب تسرب المياه من المصارف وتبخرها، وانخفاض كفاءة مياه الرى يدل على استهتار كبير. ويرى الدكتور نور الدين أن المخاوف المصرية قد تتلاشى مع القليل من التنظيم والترشيد والإدارة الجيدة للمياه وإقامة مشاريع تستفيد من المياه المهدرة حيث يصل لمصر سنويا 55 مليار م3 من المياه، ومع بعض المياه الجوفية والأمطار وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى مرة أخرى تصل نسبة المياه فى مصر إلى 70 مليار م3. وأشار إلى أهم التحديات التى تواجه مصر فى مجال المياه ومنها زيادة الطلب باستمرار نتيجة زيادة عدد السكان وزيادة الرفاهية وارتفاع معدل الدخل وتوصيل المياه إلى جميع المناطق فى الدولة، كما أن تلوث مصادر المياه والاحتياج للبديل وتنمية الموارد المائية يحتاج للمال ولا يوجد موارد مالية تساعد على زيادة الموارد المائية مشيراً فى الوقت ذاته إلى التكلفة العالية التى تستلزمها مشاريع تحلية مياه البحر حيث لم تسمح التكنولوجيا حتى الآن بتوفير مياه بسعر اقتصادى.
* شريان الحياة وفى الوقت ذاته يؤكد نور الدين أن 98% من المياه فى مصر أساسها نهر النيل ويأتى نهر النيل من منبعين أساسيين الأول من الهضبة الاستوائية والثانى- ويمثل 85% من المياه- من أثيوبيا- الحبشة- فى ثلاثة أشهر فقط وهى أيام الفيضانات فى أثيوبيا وهى أشهر "يوليو وأغسطس وسبتمبر" ويأتى من الهضبة الاستوائية 15% على مدى العام، وتبلغ كمية المياه التى تصل لمصر عبر السودان 84 مليار م3 فى العام، وتحصل مصر عى 55 مليار م3 والسودان 18 مليار م3 و10% تتبخر من بحيرة السد العالى. وفى هذا الإطار يؤكد نور الدين أن مصر والسودان هما أكثر دولتين تستفيدان من مياه نهر النيل مشيراً إلى أن أساس المشكلة يكمن فى هذه النقطة ففى الوقت الذى ينزل فيه المطر فى هذه المناطق ويدمر البيوت ويموت الزرع والحيوانات فالمطر بالنسبة لهم أذى شديد لأنه يجرف التربة بينما هو يمثل خيراً كبيراً لدول المصب، خاصة وأن خمس دول من الدول العشر المشتركة فى حوض النيل تعد من أفقر دول العالم كله. ويشير الدكتور نور الدين أن المشكلة الحالية مع دول حوض النيل هى مشكلة سياسية تتعدى أن تكون مشكلة بسبب المياه فقط حيث إن هذه الدول فقيرة وتبحث عن التنمية مشيراً إلى أن بعض الجهات الخارجية تساعد هذه الدول بإمدادها بالأموال لإقامة مشاريع تساعد فى تنميتها وقد يكون من بينها مشاريع تحجب مياه النيل. * مخاطر مستقبلية ويقول الدكتور نور الدين إن إرهاصات أزمة دول حوض النيل بدأت منذ عشر سنوات تقريباً وكان من المفترض إيجاد حلول أو على الأقل إقامة مشاريع مشتركة بين هذه الدول إلا أنه خلال السنوات العشر لم يتم إنجاز شىء وكان شهر مايو 2010 هو نهاية المهلة وتم الاتفاق على 33 بنداً من أصل 36 بنداً وظلت ثلاثة بنود فى الاتفاقية قيد المشكلة وهى: 1- ألا تنشئ دولة من دول المنبع مشروع مياه يؤثر على كمية المياه التى تصل لمصر والسودان. 2- الاعتراف بالحقوق التاريخية للبلاد. 3- كفالة الأمن المائى. ولم تقبل دول المنبع بهذه الشروط وبالتالى تم رفض الاتفاقية كما يوضح الدكتور محمد نور الدين الذى حذر من أن استمرار الخلاف سيكون له توابع لن تظهر فجأة وإنما سيظهر أثرها ومخاطرها على المدى البعيد من 10 إلى 20 عاماً، لأن المشاريع الكبيرة تحتاج لوقت كبير لتنفيذها مطالباً بضرورة فتح مجالات التعاون بين دول المنبع والمصب ومعرفة مشاكلهم ومحاولة إيجاد حلول مشتركة بدلاً من تبنى حلول وقتية ومتسرعة تضر ولا تفيد. * عدالة التوزيع وخلال كلمته أوضح الدكتور على نبيه البحراوى أنه على الرغم من غزارة المياه فى دول حوض النيل إلا أن توزيع الأمطار ليس منتظماً ومتساوياً مشيراً إلى أن دولة مثل كينيا بها مناطق صحراوية جافة على عكس ما هو شائع عنها من أنها منطقة أشجار ونباتات وقد تضطر السيدات فى هذه المناطق من حمل أوعية على ظهورهن والسير لمدة قد تتجاوز خمس ساعات من أجل الحصول على المياه لذا فإن كثيراً من دول منبع النيل أو حوض النيل تعانى الجفاف والفقر الشديدين رغم وجود هذه المياه الغزيرة. وفى هذا الصدد يشير الدكتور نبيه البحراوى إلى ضرورة الوقوف على مشاكل هذه البلاد قبل اتهامهم بالغدر والخيانة مؤكداً أن وصول المياه إلى مصر من خلال هذه الدول كاف لمساعدتهم فى حل مشاكلهم خاصة أن فى مقدور مصر إرسال بعثات طبية وهندسية وزراعية وفى كل تخصصات، كما أن كل فرد فى مصر يستطيع أن يخدم بلده من خلال خدمته فى هذه الدول. ويتساءل الدكتور نبيه البحراوى عن الأسباب التى تدفع دول النيل الأزرق لتتحد وتتفق مع دول النيل الأبيض رغم أن كل دولة لها طريق، مشيراً إلى وجود أياد يهودية إسرائيلية فى الموضوع وأن المشكلة مشكلة سياسية بالدرجة الأولى خاصة أن إسرائيل من أكثر الدول المتقدمة فى تكنولوجيا المياه فى المنطقة محذراً فى الوقت نفسه من محاولات بعض الكتاب استثارة المشاعر بين بلاد حوض النيل من خلال بعض المقالات التى تقلل من شأن ما يحدث أو تقلل من شأن هذه الدول. ويتفق د. نبيه البحراوى مع فضيلة الإمام على أن الحل الأمثل فى هذه المشكلة يكمن فى العمل بوصيات الإسلام بالجار وبالتالى فإن الحل يكمن فى التواصل مع جيراننا فى مياه النيل وهذا وحده قادر على إزالة أى مشاعر سلبية بين الجانبين. * أزمة حقيقية
من جهته حذر الدكتور محمد مختار جمعة من التهاون فى إيجاد حلول لهذه المشكلة فالمشكلة ما زالت قائمة وآثارها قد تكون على المدى البعيد ولكن إرهاصاتها قد تكون فى غضون سنوات قليلة مؤكداً أن واقع هذه الدول وواجبنا الدعوى والشرعى يحتم علينا التواصل معهم حتى ولو لم تكن لنا إليهم حاجة فهناك مسئولية شرعية ودينية وأخلاقية نحو هذه البلاد، فإذا كان مسئوليتك الدعوة فكيف تدعو إنساناً وأنت تنظر له نظرة استعلاء ولا تبحث إلا عن مصالحك عنده، فلو لم تكن لنا أى مصلحة على الإطلاق فمن منطلق إنسانى وإغاثى ودعوى وجب علينا أن نمد لهم يد العون. ويؤكد الدكتور مختار جمعة استعداد رجال الأعمال لإقامة مشروعات مجانية فى الدول الأفريقية من منظور وطنى وإسلامى على أرضية صحيحة ومن خلال التنسيق مع الجهات المعنية فى الدولة ومن خلال أرضية صلبة للجمعية الشرعية. وتساءل الدكتور مختار جمعة هل المسلمون أقل غيرة على دينهم وعلى وطنهم ومصالحهم من اليهود؟! مطالباً كل مسلم غيور أن يحمل قضيته العادلة كما يحمل اليهود قضيتهم الباطلة وهم فى سبيل ذلك يعيثون فى الأرض فساداً ويضرون بمصالح المسلمين فى كل مكان مشيراً إلى مقولة الشيخ محمد الغزالى رحمه الله: "الكفر قضية فاشلة يحملها محامون مستميتون والإسلام قضية عادلة يحملها محامون فاشلون".
تعقيبات
وفى تعقيبه أكد فضيلة الإمام أن تشريعات الإسلام متكاملة فالبعد الإيمانى فى هذه المشكلة مطلوب ولكن ليس معنى هذا أن يجلس المؤمن فى المسجد مثلاً يصلى ويصوم ويترك الحل على الله ليرزقه، فقد كان سيدنا عمر بن الخطاب يقول: "وقد علم أحدكم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة". ويحدد فضيلة الإمام واجبات المسلم ودوره فى الحفاظ على مياه نهر النيل فى عدم تلويثها فالنبى [ يقول: "اتقوا الملاعن الثلاث" ومنها: "التبرز فى الماء الجارى" لأن هذا من شأنه الإضرار بالآخرين والإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار. وينهى فضيلته عن الإسراف فى استخدام المياه لترشيد استهلاكها قدر المستطاع فالإسلام يحث على ترشيد استهلاك المياه فأمر ألا يزيد المسلم فى وضوئه فوق ثلاث وإذا وجد الماء شحيحا فيتيمم، ويؤكد فضيلته أن التقطير والإهمال من خلال تلويث المياه والإسراف فى استخدامها يعد ذنباً وكل الذنوب تؤدى إلى هذه النتيجة التى تعيش الأمة تداعياتها الآن. وفى هذا الإطار يشير فضيلته إلى وجود شقين لأسباب المشكلة، الأول: متعلق بالإهمال فى تنفيذ الأوامر، والشق الثانى: فى ارتكاب المنهيات، فلا تأتى أزمة إلا بذنب ولا ترفع إلا بتوبة ولذلك كانت التوبة والاستغفار والدعاء أساساً فى صلاة الاستسقاء. وختاماً لكلمته طالب فضيلة الإمام بعدم الارتكان إلى الحكومات وحدها فى حل مثل هذه الأزمات خاصة أن الحكومات مشدودة إلى الغرب وتغلب عليها النظرة التغريبية فى كل أفكارها، مشيراً إلى الدور الذى من الممكن أن تقوم به منظمات المجتمع المدنى وعدم الاعتماد على السياسات لأن السياسات قد تتعرض لضغوط. وأكد فضيلة الإمام أن الجمعية الشرعية إدراكاً منها لهذه المشكلة وهذا الواجب ومن خلال المجلس الإسلامى العالمى للدعوة والإغاثة فقد أصبح لها وجود فى معظم البلاد الأفريقية وفى النيجر هناك 50 ألف متر أنشأت عليها الجمعية الشرعية مدرسة إسلامية حتى المرحلة الثانوية ومستشفى ومسجداً، وفى أثيوبيا هناك جمعية تسمى "النجاشى" وهناك تنسيق وتعاون وتبادل وفود باستمرار فأثيوبيا هى أول بلد دخل فيه الإسلام قبل المدينة المنورة وذلك من خلال الهجرة الأولى إلى الحبشة، وتبلغ نسبة المسلمين فيها أكثر من 60% من السكان، ولهذا لابد من القيام بواجبنا فى الأخوة والجوار مع هذه البلاد. وفى سؤال فى ختام الندوة عن وجود بحوث تطبيقية متخصصة يمكن تطبيقها فى حدود إمكانياتنا للاستفادة من فاقد المياه فى مصر والجهة المنوط بها تنفيذ هذه البحوث، وهل التشريعات والقوانين المائية الحالية الموجودة فى مصر كافية لحماية ثروتنا المائية من الهدر والتلوث؟ أشار الدكتور محمد نور الدين إلى وجود بحوث ومشروعات كثيرة تطبق ومن هذه المشاريع المزارع واستصلاح الأراضى حيث يتم استخدام القليل من المياه فيها وهذا يعمل على ترشيد المياه فى الزراعة مشيراً إلى تجربة إسرائيل الزراعية حيث تستخدم إسرائيل 3 مليارات م3 من الماء ولكنهم يصدرون أكثر ما تصدره مصر من الزراعات وهم يستخدمون أقل كمية مياه ممكنة مؤكداً وجود العديد من الأبحاث العلمية والمشروعات الممكنة للاستفادة من المياه وترشيدها فى مصر إلا أننا مازلنا نفتقد الإدارة الجيدة. ويؤكد الدكتور نور الدين أن الحكومة مؤخراً وإدراكاً منها لخطورة الإهدار الكبير للمياه قامت بعمل نظام مؤسسى جديد بمشاركة المنتفعين فى إدارة المياه، بمعنى أنه سيكون فى المستقبل لكل ترعة مجلس إدارة بحيث تستطيع كل ترعة أن تستخدم كمية المياه التى تكفيها لزراعات معينة، فمثلاً زراعة محصول الأرز تتكلف حوالى 2م3 لكل 1 كيلو أرز فقط ومن ثم يجب تقنين وترشيد مثل هذه الزراعات. ومن جانبه يرى الدكتور نبيه البحراوى أنه لا يوجد أكثر من الأبحاث الخاصة بالمياه، لأن المياه هى الشغل الشاغل لوزارة الزراعة والرى، وهناك تغييرات جذرية الغرض منها الحفاظ على نقطة المياه. ويشير إلى أن أكثر المشاكل التى تواجه وزارة الزراعة والرى وجود عدد كبير من الناس الذين يأخذون كمية كبيرة من المياه دون علم الدولة، وبالتالى هناك الآلاف من الأمتار المكعبة مهدرة بسبب حفر الآبار وعمل فتحات رى دون علم الوزارة حيث لا يوجد نظام يقنن هذا الأمر وتبلغ كمية المياه المهدرة فى مصر حوالى 6 مليارات م3.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.