كانت سيناء منذ القدم ومازالت معبرًا بريًا بين مصر والمشرق العربى مر بها إبراهيم عليه السلام، ويوسف وإخوته، وموسى وهارون، والعائلة المقدسة، وبنى إسرائيل، وقبل الأنبياء الكرام كانت الجيوش المصرية تعبرها لردع الأعداء شرق سيناء. ومع ظهور الإسلام وانتشاره فى مصر والشام وفارس كثر عدد الحجاج الذين يذهبون للحج برا من مصر ومن كل أقطار المغرب العربى عبر درب الحجاج من السويس لطابا للعقبة للمدينة المنورة. كانت الرحلات عبر سيناء قبل اختراع السيارة عبارة عن قوافل من الإبل تسير فى دروب صحراوية معروفة لا تحيد عنها حتى لا تضل الطريق وتفقد الحياة. كانت القافلة تحمل معها ما يكفيها من الماء طوال الرحلة ولكن الأمر يتطلب أحيانا إعادة التزود بالماء لذلك كانت الآبار الجوفية علامات بارزة على دروب الحركة عبر سيناء. وكانت بعض القبائل الكبيرة أو الصغيرة تعيش بجوار هذه الآبار وتبيع أحيانًا وتشترى من القوافل العابرة مما يساعدها على الحياة فى هذه البيئة الفقيرة. وربما خلال القرن العشرين وليس قبل ذلك بدأ رسم الخرائط الدقيقة لدروب ووديان وجبال وصحارى سيناء ساعدت كلا من الحلفاء والمحور على تحريك القوات والاستيلاء على الهيئات والآبار الهامة. كما حدثت إسرائيل خرائط سيناء أثناء فترة الاحتلال من 1967 حتى 1973. على الساحل الشمالى لسيناء من الشرق للغرب هناك بئر أبوشنار بجوار رفح، وبئر العميد، وبئر مساعيد غرب العريش، ثم بئر الجرارات، ثم بئر المزار، وبئر كسيبة، وبئر القناديل، وبئر جميل، وبئر العبد، وبئر المعين، وناجد، وقاطية، والرمانة، وبئر الجفير، وبئر أبوالعروق، وبئر مدكور. هذه الآبار طمس بعضها وردم، وبعضها مازال حيًا وربما تتغذى كلها حاليا من ترعة السلام، ومياه الأمطار التى تتكاثر على الساحل الشمالى لسيناء. هذه الآبار الجوفية القديمة بخلاف آبار أو خزانات حصر مياه الأمطار التى يقوم بها الأهالى حاليا لاستخدامها أحيانا فى الشرب والزراعة. ولو اتجهنا جنوبًا إلى جنوب ترعة السلام وبحثنا عن المياه الجوفية لوجدناها قريبة ومتوافرة تساعد على الرى والزراعة.. وهناك تجمعات بشرية تعيش حول هذه الآبار مما جعل ساحل سيناء الشمالى مأهولاً بالبشر عن وسطها وجنوبها. وعلى القطاع الأوسط من سيناء وهو الأهم لوجدنا الآبار من الغرب للشرق بئر حبيطة، ثم بئر الجفجافة فى منطقة المليز، ثم روض سالم، ثم بئر الحمة، ثم بئر الحسنة، ثم عين الجديرات على الحدود مباشرة، وهى عين مياه غزيرة ومتدفقة تعيش عليها قرية القسيمة، وعين قديس وهذا القطاع فقير فى الأمطار وليس به ترعة مما يعطى أهمية لهذه الآبار وهو أهم قطاع دفاعى فى سيناء وأحيانًا تكثر به السيول وبه وادى العريش وسد الروافعة. أما درب الحاج فليس عليه آبار مشهورة رغم أهميته لقوافل الحجيج، ويبرز فقط بئر جبل حصن، وبئر تمادا، وبئر التمد.. وبعد حرب أكتوبر حفرت إحدى الشركات بئرًا للبحث عن البترول فى منطقة المليز فتدفق الماء من عمق 1000م وتكلفت البئر عام 1980 حوالى مليون جنيه. مطلوب الآن تكثيف البحث عن المياه الجوفية فى سيناء خاصة فى وسطها وهناك وسائل حديثة جدا لهذا البحث ولو توافرت المياه الجوفية وسط سيناء لأمكن إقامة مجتمعات صغيرة حول كل بئر ثم تنمو بعد ذلك كلما حفرنا المزيد من الآبار أو تم مد فروع من ترعة السلام جنوبا إلى الطريق الأوسط وقد تحتاج لخطوط مياه من غرب القناة لاستخدامها للشرب وللرى بالتنقيط أو التشبع وهى أساليب حديثة سبقنا غيرنا فى استخدامها. إنك على الجانب الآخر من الحدود ترى أشجارًا وخضرة المستوطنات تحثنا على البحث وعمل نفس الشىء فى أرضنا حماية لها ولمستقبل أبنائنا. نريد أن تمتلئ خريطة سيناء بالجديد والكثير من الآبار وحولها قرى مصرية راسخة أساسها أبناء سيناء وإخوانهم أبناء الوادى القديم. وفى جنوبسيناء تكثر الوديان التى تمتلئ بالسيول من جبال جنوبسيناء وهضبة التيه مثل وادى وتير ووادى سدر ووادى فيران هذه السيول يمكن الاستفادة بها بحصر المياه وتخزينها فى خزانات أرضية والاستفادة بها.