عاشور: شراكة قوية في مجالات التعليم والبحث العلمي بين مصر وبريطانيا    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    انخفاض أسعار الدواجن اليوم 26 أبريل    ارتفاع أسعار الذهب مع بداية تعاملات اليوم الجمعة 26 أبريل    مواعيد غلق المحلات بعد عودة التوقيت الصيفي اليوم    الجزار: تنفيذ 24432 وحدة بالمبادرة الرئاسية " سكن لكل المصريين "    كاتب صحفي: الدولة المصرية غيرت شكل الحياة في سيناء بالكامل    إزالة 30 حالة تعد ضمن المرحلة الثالثة للموجة ال22 بالبحيرة    الرئيس الصيني يلتقي وزير الخارجية الأميركي    عودة خدمات الإنترنت الثابت لوسط وجنوب قطاع غزة    احتجاجًا على سياسة بايدن بغزة.. استقالة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا    تشكيل الهلال المتوقع أمام الفتح في الدوري السعودي    المندوه: لاعبو الزمالك في كامل تركيزهم قبل مواجهة دريمز    تواجد مصطفى محمد| تشكيل نانت المتوقع أمام مونبلييه في الدوري الفرنسي    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام سوسيداد في الدوري الإسباني    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    نور الشربيني ل «المصري اليوم»: سعيدة بالتأهل لنهائي الجونة.. وضغط المباريات صعب «فيديو»    حالة الطقس.. أجواء ربيعية ممتعة ونشاط للرياح يلطف الأجواء    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي في الاسكندرية    اقتحموا شقتي.. الداخلية تكشف كواليس «فيديو البيطاش» بالإسكندرية    مأساة في حريق شقة «التجمع الأول».. النيران تلتهم طفلين وتصيب الثالثة (تفاصيل)    ماستر كلاس ل سيد رجب.. فعاليات اليوم الثاني لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    «القومي للمرأة»: «يوميات صفصف» يقدم رسالة وتوعية هادفة للمجتمع    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    موضوع خطبة الجمعة اليوم: تطبيقات حسن الخلق    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    الصحة: فحص مليون و688 ألف شاب وفتاة ضمن مبادرة «المقبلين على الزواج»    تنظيم قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» في بسيون بالغربية    طريقة عمل هريسة الشطة بمكونات بسيطة.. مش هتشتريها تاني    نائب وزير خارجية اليونان يزور تركيا اليوم    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالشرقية    تعاون مرتقب مع كوريا الجنوبية لبناء وحدات بحرية معاونة صديقة للبيئة ومحطة تموين بالغاز الطبيعي    هشام عبدالعزيز خطيبًا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بالعريش    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    أماكن الاحتفال بعيد شم النسيم 2024    جامعة الأقصر تحصل على المركز الأول في التميز العلمي بمهرجان الأنشطة الطلابية    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    وزير الخارجية الصيني يجري مباحثات مع نظيره الأمريكي في بكين    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القدس عاصمة السماء فى أرض العرب

أفردت مجلة ناشيونال چيوجرافيك الأمريكية عددا خاصا فى شهر نوفمبر الحالى عن القدس أطلقت عليها اسم الأرض المقدسة للأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية فى محاولة لرصد كيف لعبت تلك الأرض دورا مهما فى حياة ملايين البشر منذ بدء الخليقة حتى اليوم.. فهى عند المسلمين أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبى عليه الصلاة والسلام، وعند المسيحيين مهد المسيح، وعند اليهود المكان الذى عاش فيه ملكهم وبنى فيه هيكلهم، وإليها سيعود المسيح حتى يقودهم إلى سيادة العالم.. فضلا عن طبيعتها التى تجعل كل من يريد ملكا ومالاً يطمع فيها، لم تحظ مدينة من المدن فى العالم كله بما حظيت به القدس من مكانة عالية فى نفوس البشر، فهى مدينة جمعت آثارًا مقدسة منذ أربعة آلاف سنة، وهذه الآثار كان لكل جنس من الأجناس حكاية مع أثر أو أكثر منها.
القدس من أقدم المدن التاريخية فى العالم، حيث يزيد عمرها على (45 ) قرنًا، وهى مهد الديانات السماوية. وقد عرفت بأسماء عديدة على مر العصور أهمها، يبوس، أورشاليم، إيليا كابتولينا، إيلياء، بيت المقدس، القدس، القدس الشريف.. يبوس هو الاسم الأقدم الذى عرفت به القدس قبل حوالى (4500) سنة، وذلك نسبة لليبوسيين الذين ينحدرون من بطون العرب الأوائل فى الجزيرة العربية، ويعتبر اليبوسيون السكان الأصليين للقدس، فهم أول من سكنها حينما نزحوا إليها مع من نزح من القبائل العربية الكنعانية حوالى سنة (2500 ق.م)، حيث استولوا على التلال المشرفة على المدينة القديمة وبنوا قلعة حصينة على الرابية الجنوبية الشرقية من يبوس عرفت بحصن يبوس الذى يعرف بأقدم بناء فى القدس، وذلك للدفاع عن المدينة وحمايتها من هجمات وغارات العبرانيين والفراعنة.
كما عرفت القدس بأورشالم نسبة إلى الإله (شالم) إله السلام لدى الكنعانيين، حيث ورد ذكرها فى الكتابات المصرية المعروفة بألواح تل العمارنة، والتى يعود تاريخها إلى القرنين التاسع عشر والثامن عشر قبل الميلاد. ظلت يبوس بأيدى اليبوسيين والكنعانيين حتى احتلها النبى داود عليه السلام (1409ق.م)، فأطلق عليها اسم (مدينة داود)، واتخذها عاصمة له، ثم آلت من بعده لابنه الملك سليمان، وازدهرت فى عهده ازدهارًا معماريًا كبيرًا، وفى هذه الحقبة سادت الديانة اليهودية فى المدينة. وفى سنة 586 ق.م دخلت القدس تحت الحكم الفارسى عندما احتلها نبوخذ نصر وقام بتدميرها ونقل السكان اليهود إلى بابل.
بقيت القدس تحت الحكم الفارسى حتى احتلها الإسكندر المقدونى سنة 332 ق.م. وقد امتازت القدس فى العهد اليونانى بعدم الاستقرار خاصة بعد وفاة الإسكندر، حيث تتابعت الأزمات والخلافات بين البطالمة (نسبة إلى القائد بطليموس الذى أخذ مصر وأسس فيها دولة البطالمة) والسلوقيين (نسبة إلى القائد سلوقس الذى أخذ سورية، وأسس فيها دولة السلوقيين)، وحاول كل منهما السيطرة على المدينة وحكمها.
فى سنة 63ق.م احتل الرومان القدس عبر قائدهم بومبى، وفى سنة 135 ميلادية قام الإمبراطور الرومانى هادريانوس بتدمير القدس تدميرًا شاملاً، حيث أقام مكانها مستعمرة رومانية جديدة أسماها (إيليا كابتولينا).. واستمرت القدس باسم إيليا فى العصر البيزنطى (330-636م)، ذلك العصر الذى اعترف فيه بالمسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية البيزنطية، عندما اعتنقها الإمبراطور قسطنطين، وفى عهده قامت أمه الملكة هيلانة ببناء كنيسة القيامة سنة 335 م.. وظلت تحت الحكم البيزنطى حتى الفتح الإسلامى.
ولما كان الإسلام دينًا عالميًا لا يقتصر على العرب، فقد وقع على كاهل العرب والمسلمين نشره فى جميع البلدان، فكانت الفتوحات الإسلامية وكانت فلسطين من أول البلدان التى سارت إليها الجيوش الإسلامية، إذ أنه بعد هزيمة الروم فى معركة اليرموك أصبح الأمر سهلاً بالنسبة للمسلمين للوصول إلى القدس وفتحها، وفى سنة 15 هجرية / 636 ميلادية دخل الخليفة الراشدى عمر بن الخطاب القدس، وأعطى لأهلها الأمان من خلال وثيقته التى عرفت بالعهدة العمرية. وبقدوم المسلمين إلى القدس بدأت حقبة جديدة فى تاريخها، حيث توالت سلالات الخلافة الإسلامية على حكمها تباعًا، فحكمها بعد الخلفاء الراشدين: الأمويون، والعباسيون، والطولونيون، والأخشيديون، والفاطميون، والسلاجقة.
تقول ناشيونال چيوجرافيك إن أكثر من 5,3 مليار من المسيحيين واليهود، والمسلمين يعتبر الأرض المقدسة مكانا ساحرا، لا ينضب من المعجزات التى ارتبطت بالأديان السماوية الثلاثة.
المؤمنون يعتزون بهذا كجزء صغير من الأرض المعروف من العصور القديمة باسم أرض كنعانا واليوم تعريفها بشكل عام بأنها المنطقة التى تشمل إسرائيل والأراضى الفلسطينية ولبنان، وأجزاء من سوريا، والأردن، ومصر، ففى تلك الأرض المقدسة أنزل الله كلمته وفيها دارت الأحداث الدرامية فى العهدين القديم والجديد. فى الواقع، الأديان الثلاثة اقتفت ميراثها من الأرض التى أمر الله كنعان أن يذهب ومعه زوجته سارة، واعدا ب "أمة عظيمة". ففى تلك الأرض دارت الأساطير القديمة والحقيقية والأحداث التاريخية التى طبعت بصماتها العميقة على مصير البشرية. معظم المدن المذكورة فى الفقرات الأولى من الكتاب المقدس، مثل الخليل وبئر السبع وغزة وأريحا، كانت الأماكن الحقيقية التى تزدهر اليوم، والتى يناضل من أجلها المسيحيون واليهود والمسلمين اليوم.
المجلة انتقلت إلى الأديان الثلاثة قائلة أنها مستودعات كبيرة قديمة التوحيد - الأديان من موسى وعيسى ومحمد ورؤاهم وصراع الثقافات فى كثير من الأحيان، وأحيانا بعنف. ومع ذلك فهى لا تخوض فى التعايش المضطرب، ترتبط بها تاريخ مشترك وتقديس للأرض التى تحمل كل منها من بذرة واحدة. كل آثار أصولها إلى قصة شخصية خاصة بالدين، ونموذجا للإيمان الذى تضاعف فى الكتابات المقدسة فى الأديان الثلاثة.
إن الأب المؤسس كان إبراهيم، وهو وفقا للمجلة راع غامض والابن حسن السمعة لصانع الأصنام والذى قام بجمع خيمته وأسرته، وترك وطنه الأصلى فى بلاد ما بين النهرين العليا، طاعة لأمر الله الواحد: "اذهب من منزل والدك إلى الأرض سوف أظهر لك. سأجعل منكم أمة عظيمة، وسأبارككم وسأجعل اسمك عظيما".
فى سن ال 75 ظل إبراهيم وزوجته سارة فى أرض كنعان. وهناك عاشا حياة البدو الرحل، خرجا فى مجموعات، الأولى فى شكيم، وهى مدينة كبيرة مسورة بين جبل عيبال وجبل جرزيم، وبيت إيل فى وقت لاحق، والخليل، وغيرها من المدن فى الجنوب. كان فى شكيم، حسب الكتب العبرية، ظهر الرب للمرة الأولى لإبراهيم ووعده بأن ذريته سوف ترث الأرض من حوله. وإبرهيم نصب مذبحا للتبجيل بأنه ربما يكون قد تعلم من أسلافه 'عبادة نانا، إله القمر العظيم أور، وابنه أوتو إله الشمس. وفى السنوات التالية، بنى إبراهايم مذابح عديد وقدم الكثير من التضحيات لإله واحد إله عرفه باسم ياهويه. على الرغم من وعد الله الذى من شأنه أن يكون إبراهيم أبا لأمة عظيمة، سارة ظلت عاقرا حتى سن السبعين. ودب اليأس فى نفس إبراهيم، وعرضت عليه زوجته سارة أن يتزوج من خادمتها، هاجر، التى أنجبت له ابنا. أسماه إسماعيل.
ووفقا للإسلام فإن إسماعيل سيصبح والد الشعب العربى. ظهر الرب لإبراهيم مرة أخرى، قائلا إن الوعد سيتحقق ولكن ليس عن طريق إسماعيل من خلال ابنه الذى سيولد من سارة ثم غير الله اسم إبرام إلى إبراهيم، وجعله أبا لعدد كبير من القوميات المتعددة، وغير اسم ساراى إلى سارة، ويعنى "الأميرة"، وبعد عام واحد، فى سن ال 90 أنجبت سارة إسحاق.
واستفاضت المجلة الأمريكية بين إسحاق وإسماعيل وأيهما الذى طلب الله من إبراهيم التضحية به، وقالت إنه إسحاق وليس إسماعيل، حيث قالت ناشيونال جيوجرافيك "ووضع الله إبراهيم فى اختبار ليرى قوة إيمانه وأمره بالتضحية بابنه إسحاق وعندما أطاع أمره أوقف يده عن الذبح فى اللحظة الأخيرة.
ثم فرح قلب إبراهيم بابنه اسحاق الذى أنجب يعقوب، والذى أنجب بدوره 12 من الأبناء ليصبحوا أسلاف 12 من القبائل فى إسرائيل. بحثا عن ملاذ من المجاعة، هاجر يعقوب وعشيرته إلى مصر، حيث استقروا فى الجزء الشرقى من منطقة دلتا النيل الخصبة، وتكاثرت ذريتهم ونمت قوية للغاية، بحيث امتلأت الأرض بهم". بعد بضعة أجيال، ضاعت ثرواتهم: وأصبحوا عبيدا للفرعون، الذى "جعل حياتهم مريرة". إلى أن جاء شاب يهودى رقيق عبد للفرعون يدعى موسى كان يعتمد عليه الفرعون فى المنزل وأصبح أميرا لمصر قبل أن يفر إلى البرية بعد أن قتل أحد الحراس هناك ودعا الله موسى وطلب منه أن يذهب إلى فرعون ويطلب منه أن يأخذ أهله من مصر إلى الأرض المقدسة ويقودهم إلى أرض الميعاد.
قاد موسى شعبه للخروج من مصر إلى سيناء، حيث تلقى الوصايا العشر وغيرها من القوانين فى التوراة. بعد أن تجول لمدة 40 عاما، وصل إلى إسرائيل فى نهر الأردن، وعبر الحدود إلى أرض الله التى وعد بها آباءهم.
وبعد حوالى 300 سنة، واجه تهديدا عسكريا متزايدا من الفلسطينيين، وأصحاب العقلية المستقلة من القبائل الإسرائيلية بدأوا فى التوحيد، وفقا للكتاب المقدس، الأولى تحت قيادة شاؤل، وبعد ذلك تحت قيادة ديفيد، اللذين شكلا دولة قوية عاصمتها القدس الشريف .
وقد حقق حكم الملك داود وابنه سليمان مجدا ملحوظا لإسرائيل القديمة، وحوالى 1000 قبل الميلاد إلى 930 قبل الميلاد خلال حكم سليمان، تدفقت ثروة هائلة إلى المملكة، تم بها تمويل المشاريع الإنشائية الضخمة.. كان أروعها معبد ضخم متقن التزين والصرح كان هو بيت الرب.
عندما انتهى حكم سليمان، انتشرت الاضطرابات السياسية والدينية وانقسمت إلى ممالك شمالية وجنوبية. إسرائيل والمملكة الشمالية، وصل إلى نهايته مع السيطرة الآشورية فى 720 قبل الميلاد والمملكة الجنوبية، إلى أن أقال يهوذا الملك البابلى نبوخذ نصر القدس عام 586 قبل الميلاد وحمل الناس إلى الأسر. وبعد أن أطاح الفرس بالبابليين عام 539 قبل الميلاد، عاد الكثير من اليهود إلى ديارهم. زعماؤهم الدينيون قاموا بمجموعة إصلاحات أكدت على دور التوراة فى الحياة اليهودية واقتلعوا من الجذور التأثيرات الثقافية التى قد تعدت على التقاليد اليهودية خلال الأسر.
من منتصف القرن الرابع فصاعدا، أصبحت الأراضى المقدسة تحت سيطرة خلافة الحكام العسكريين، بدءا من الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد وانتهاء بالرومان، الذين حققوا الانتصارات اليهودية فى 63 قبل الميلاد.
عام 66 ميلادية ثار المتعصبون وغيرهم ضد الحماية الرومانية فى القدس. بعد نجاح مبدئى، تم سحق التمرد من جانب القوة العظمى الرومانية، ودمر الهيكل الثانى فى هذا الحدث الذى ختم الاتجاه المستقبلى لليهودية. بدون الهيكل، حزب الصدوقيين لم يعد موجودا، ووصلت ممارسة الذبائح والقرابين الحيوانية إلى نهايته، وأصبح اليهود أطلالا متناثرة فى الشتات.
ورغم الانقسامات المتزايدة، لايزال معظم المؤمنين من اليهود المتدينين. أبناء الطائفة فى القدس والذى كان يرأسه جيمس، شقيق يسوع، وبيتر، تلميذه الأقرب، لتكون بمثابة استمرار للحركة. ولكن بحلول التمرد اليهودى العنيف والرد الرومانى القاسى، تفرق أتباع المسيح إلى سوريا وخارجها، وتغيرت الحركة من الطائفة اليهودية إلى ديانة مستقلة ومتميزة.
بذور هذا التحول تم زرعها من خلال التبشيرى بولس الرسول، وبعد التحويل الجذرى على الطريق إلى دمشق بعد ثلاث سنوات من الصلب، أصبح مقتنعا بأنه كان قد دعا من قبل الله على أن يكون شاهدا "على جميع دول العالم" الأغيار، وكذلك اليهود، وبدأ التبشير رسالة عالمية ان الخلاص "بالنعمة... من خلال الإيمان" وتغير المناخ بشكل كبير فى أوائل القرن الرابع الميلادى عندما قام الإمبراطور قسطنطين وبعد الانتصار العسكرى المذهل أن ينسبه إلى الإله المسيحى، وحظر المضايقات التى يتعرض لها المسيحيون، ورحب بالإيمان، وفى وقت قصير، أصبحت المسيحية الديانة الرسمية لروما. ما قد بدأت كحركة شعبية من الفلاحين اليهودية التبشيرية فى القرى المغبرة فى الجليل كانت فى طريقها إلى أن تصبح ديانة عالمية وقوة ثقافية مهيمنة.
انتقلت المجلة الأمريكية إلى الإسلام بعد ذلك قائلة "وفى كهف غار حراء على قمة الجبال الوعرة فى شبه الجزيرة العربية، حيث النبى محمد تلقى أول وحى إلهى منذ ما يقرب من 300 عام بعد قسطنطين وهى بعيدة كل البعد عن الحدود التقليدية للأراضى المقدسة. ولكن المسافة التى تفصل بين مكة والقدس ستكون قصيرة من قبل حاملى رسالة محمد الجديدة والمتحمسين للإسلام وإلى الله.
صعود الإسلام فى مهد اليهودية والمسيحية جاء بسرعة وبشكل غير متوقع فى منتصف القرن السابع الميلادى. كانت فترة من الشقاق المتنامى داخل العالم المسيحى، الإمبراطورية البيزنطية وجدت نفسها محاصرة من قبل الغزاة الأجانب على حد سواء وفتنة داخلية. أنها حاربت عدوها الإقليمى، والفرس عبدة الإله الزرادشتية، وتركت فراغا فى السلطة. ومع المجتمعات المحلية لليهود والمسيحيين والقبائل الوثنية المنتشرة فى أنحاء الجزيرة العربية وبلاد الشام الجنوبية، والظروف مهيأة لرؤية جديدة لتملأ الفراغ.
الرؤية التى جاءت لمحمد فى التلال المطلة على مكة المكرمة ليلة واحدة فى 610 م وكان الملاك جبريل يعلن أن محمدا رسول "من الله". على مدى السنوات ال 22 المقبلة رسائل محمد كانت تلقى عليه باللغة العربية، ومن آية إلى آية - أصبح القرآن هو الكتاب المقدس للإسلام.
نشأ محمد فى مكة المكرمة، المدينة التجارية المهمة التى كانت أيضا مركزا للوثنية، حيث كان الناس يعبدون الآلهة. وكان كل واحد بها يدعو إله خاص به. ولكن الله لم يعط أيات الكتاب المقدس للعرب ولكن أعطاها إلى محمد، وغير القرآن الكريم العبادة من الوثنية إلى التوحيد: لم يكن هناك إله إلا الله، وكان محمد رسول الله.
ومثل المسيحيين الأوائل جمع محمد أتباعه فى وقت مبكر عندما رأوا أنفسهم فى ابتداء دين جديد. وكانوا يصدقون أن الله كان قد تحدث مع الأنبياء من إبراهيم وموسى لداود وسليمان، ويسوع، ولكن اختلف ذلك على مر السنين، ومحمد قد أرسل إلى استعادتها. وبعد فشل المسيحيين واليهود فى اعتناق تعاليم دين محمد التصحيحية جمع أتباعه ليعتبروا الإسلام دينا منفصلا وإيمانا آخر.
وعلى الرغم من أن الإسلام كانت جذوره الأولى فى الوطن العربى، ومكة المكرمة والمدينة المنورة أصبحتا من أقدس المواقع، ينظر المؤمنون إلى مدينة القدس باعتبارها مقدسة لهم أيضا، بسبب ارتباطها مع الأنبياء فى الكتاب المقدس. جبل موريا، وجبل الهيكل اليهودى، كانا قد شيدا ليكونا بداية لرحلة محمد إلى السماء على ظهر الحصان المجنح. أتباعه فى وقت لاحق أشاروا إلى الجبل بالحرم الشريف، والحرم القدسى الشريف، وبنوا مزارات كبيرة هناك، وقبة الصخرة والمسجد الأقصى.
مجلة ناشيونال چيوجرافيك انتقلت إلى منطقة الشرق الأوسط الآن، وحالة الاضطراب التى لاتزال قائمة فى الأرض المقدسة وتقول إن نصف الشعوب على الأرض اليوم من المسلمين والمسيحيين واليهود، مرتبطون بالأراضى المقدسة، خاصة ركناً صغيراً من مدينة القدس القديمة والتى تعتبر من أقدس المواقع التى تتجمع فى مكان واحد، ولاتوجد مسافة كبيرة تفصل الواحد عن آخر:
حائط المبكى الخاص باليهود، قبة الصخرة الخاصة بالمسلمين، وكنيسة القيامة الخاصة بالمسيحيين.
ويحيط بهذه المنطقة الدينية النضال بين إسرائيل وجيرانها العرب، الأمر الذى أدى إلى التركيز على الخطوط العريضة للأرض المقدسة من الناحية الجيوسياسية على مدى القرن الماضى.
على قطعة من الأرض فى حجم ولاية نيو جيرسى، إسرائيل والأراضى الفلسطينية، واحدة قوية، والأخرى ضعيفة، وهى الأمة التى لم تتحقق، والتى دخلت فى سباقات عديدة من أجل الأرض ومع ذلك لم تصل إلى أى حل وسط، بل والإقرار بحق الآخرين فى الوجود، ويبدو أنه اعتراف بالهزيمة. خلال مفاوضات أوسلو من 1990 على سبيل المثال، قد احتضن المقاتلون على الأمل وحسن النية المتبادل. اتفاقات أوسلو كانت مبنية على ما يبدو حلا واضحا: شعبان يعيشان فى أمن وسلام، والفلسطينيون يتخلون عن حرب العصابات ضد الدولة اليهودية، والإسرائيليون يتخلون عن الأراضى الفلسطينية التى احتلوها فى حرب الأيام الستة عام .1967 كما هو الحال دائما، فكان الشيطان يكمن فى التفاصيل، الحدود، والسيادة على القدس، والوصول إلى الأماكن الدينية، وتقاسم المياه والموارد الأخرى، وتفكيك المستوطنات، ومحنة اللاجئين الفلسطينيين، والضمانات الأمنية لإسرائيل.
وبعد انهيار عملية السلام فى عام 2000 المتشددون من كلا الجانبين لم يصلوا إلى السلطة، واليوم احتمالات التوصل إلى حل الدولتين أصبح قاتماً مما كان عليه فى العقود السابقة. ولا عجب فى أن نفض الغرباء أيديهم وقالوا أن الأرض المقدسة صدع لايمكن إصلاحه، فتقول التوراة أن القبائل القديمة الإسرائيلية هى التى حاربت الكنعانيين والفلسطينيين لحيازة هذه الأرض، واليوم الصراع له جذوره من القرن الماضى، بعد الحربين العالميتين اللتين أعادتا تشكيل المشهد السياسى، مما تسبب فى زلازل فى الأرض المقدسة، وتحويل مسار الأنهار التاريخية.
قبل الحرب العالمية الأولى.. كانت الأراضى الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط كانت أرض الفقراء، ومقاطعة مهملة من الإمبراطورية العثمانية تدار من عواصم بعيدة. فلسطين كانت ميئوساً منها، مثل أرض مكسورة القلب، كما كتب مارك توين الذى زار الأراضى المقدسة فى عام .1867 القليل قد تغير بحلول نهاية القرن العشرين، إلا أن فلسطين كانت قد بدأت تجذب تيارات صغيرة، ولكنها محددة من المهاجرين من الخارج. فى خضم ما يقرب من نصف مليون عربى فلسطينى نما مجتمع من 55000 يهودى، وكثير منهم من المزارعين الفقراء الذين كانوا قد طردوا من روسيا من مذابح الوحشية المعادية للسامية فى ,1880 بعض القادمين الجدد هم من أتباع الحركة الصهيونية من الهنجارى المولد مثل الصحفى تيودور هرتزل (1860-1904)، والتى ترى أن السبيل الوحيد لليهود لكى يكونوا آمنين هو إعادة توطين أوطانهم التوراتية حول جبل صهيون (القدس) فى فلسطين، والتى طردوا منها من قبل الرومان فى القرن الثانى الميلادى.
خلال الحرب لإنهاء كل الحروب، التى قادتها ألمانيا وحلفاؤها العثمانيون ضد تحالف ضم بريطانيا العظمى وفرنسا وروسيا، والولايات المتحدة دخلت القوى الأوروبية فى عدد من الاتفاقات الفوضوية التى ساعدت فى إذكاء الصراع على الأرض المقدسة. فى مقابل دعمهم ضد الأتراك العثمانيين، على سبيل المثال، وعدت بريطانيا سرا العرب فى المنطقة بأمة واسعة خاصة بهم، حتى فى الوقت الذى كانت تتآمر فيه مع فرنسا لتقسيم الأرض نفسها فى مناطق النفوذ الاستعمارى. وكانت بريطانيا مقتنعة فى عام 1917 من دعاة الصهيونية فى الداخل والخارج بإصدار وعد بلفور، تلتزم فيه الحكومة البريطانية بإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين. وكان القرار بمثابة صدمة فى العالم العربى.
ولمست الحركة الصهيونية فرصة تاريخية فى ظل حالة الاضطراب. الهجرة اليهودية إلى فلسطين قبل الحرب، ستصبح مثل الفيضان، مع ما مجموعه 630000 من اليهود الذين يعيشون فى بريطانيا يديرون فلسطين بحلول عام .1947 الذهول جراء تزايد تدفق اللاجئين، كان رد فعل العرب الفلسطينيين مع أعمال الشغب وأعمال عنف متفرقة فى ,1920 وانطلقت على نطاق كامل فى انتفاضة بين أعوام 1936 حتى .1939 زعماء اليهود فى فلسطين كانوا منقسمين حول كيفية التعامل مع العرب. سعى البعض إلى التسوية الإقليمية، فى حين أن آخرين، كانوا منزعجين من صعود النازية ومعاناة اليهود فى أوروبا، بدأ تكديس الأسلحة ومهاجمة كل من العرب الفلسطينيين والسلطات البريطانية. كما ظهر فى العالم ملامح حرب عالمية أخرى، من خطر اندلاع حرب أهلية فى فلسطين بسبب بريطانيا، وتعانى من الكساد العظيم وتستنفد بشكل متزايد من جانب المغامرات الإمبريالية، لبدء البحث عن مخرج.
وجاءت الفرصة فى 1947 عندما كانت الأمم المتحدة تبلغ عامين فقط من عمرها، حيث وافقت على قرار إعفاء بريطانيا من التزاماتها، واقتراح تقسيم فلسطين بين العرب واليهود. والضغوط لتنفيذ ذلك كانت هائلة: مع صور للمحرقة اليهودية تعشش فى ضمير العالم، ومشهد مئات الآلاف من المشردين الناجين من محرقة اليهود يطالبون بالفرار من أراضى الجلادين جعل القضية الأكثر إقناعا والممكنة هو وطن قومى لليهود. بدعم من العديد من السياسيين الأمريكيين، بما فى ذلك الرئيس هارى ترومان، وعلى أيدى الجماعات اليهودية فى الولايات المتحدة، وقادة الصهيونية التى قبلت عموما فكرة التقسيم. والعرب يعارضون ذلك، بحجة أنها كانت تتم لحمايتهم من عملية إبادة جماعية. إنهم يصرون على أن تصبح فلسطين دولة يحكمها العرب مع وجود أقلية يهودية. وفى خطة تقسيم الأمم المتحدة فى نوفمبر 1947 اليهود الذين كانوا يشكلون 30 ٪ من سكان فلسطين أصبحوا 55 ٪ يعيشون على أراضيها. العرب رفضوا الخطة. وعندما غادرت بريطانيا بعد ستة أشهر، وأعلن قادة اليهود فى فلسطين دولة مستقلة فى إسرائيل. على الفور، هاجمت جيوش الدول العربية المحيطة بها. وانتصرت إسرائيل فى الحرب وتوسعت توسعا كبيرا فى أراضيها، وطردت العديد من الفلسطينيين من ديارهم، ودمرت حوالى 400 قرية لمنعهم من العودة. ومع اتفاقات الهدنة لعام 1949 كان اليهود فى حوزتهم حوالى 80٪ من فلسطين والتى لا تشمل قطاع غزة، التى تسيطر عليها مصر، والضفة الغربية والقدس الشرقية، التى يسيطر عليها الأردن. حوالى 750000 من العرب الفلسطينيين أصبحوا لاجئين. وبعد ستين عاما، ولايزال الفلسطينيون يشيرون إلى حرب 1948 والنكبة.
إلا أن هناك نقطة تحول تعتبر كارثة أخرى، أو نقطة اللاعودة، وهى يونيو 1967 عندما قامت إسرائيل، تحسبا لهجوم منسق من قبل الدول العربية المجاورة، وضربت خصومها وهزمتهم فى ستة أيام، واستولت على القدس الشرقية بما فى ذلك البلدة القديمة والجدار الغربى والضفة الغربية من الأردن. كما انتزعت غزة وشبه جزيرة سيناء من مصر، ومرتفعات الجولان من سوريا. بعد ذلك بوقت قصير، تحركت إسرائيل لاستعمار الأراضى المحتلة، لأسباب تتراوح بين المخاوف الأمنية، والوفاء للعهود التوراتية، إلى الرغبة الصهيونية لتوسيع خريطة إسرائيل. وتجاهلت مطالب مجلس الأمن الدولى بالانسحاب، وضمت إسرائيل أكثر من مليون فلسطينى معدمين، بما فى ذلك الآلاف من اللاجئين من حرب عام 1948 فى الأراضى الواقعة تحت سيطرتها العسكرية. على الرغم من أن إسرائيل حققت السلام مع مصر، وانسحبت من سيناء، ابتداء من عام 1979 ومن قطاع غزة فى عام 2005 إلا أن الاستيطان اليهودى فى الضفة الغربية والقدس الشرقية متواصل حتى يومنا هذا.
هناك عقبات كثيرة تعترض سبيل السلام فى الأراضى المقدسة، بما فى ذلك المنظمات السياسية الفلسطينية مثل حماس التى كرست نفسها لتدمير إسرائيل، والإرهابيين الذين حزموا أنفسهم بالتفجيرات وقتل الإسرائيليين الذين يقفون فى الطابور للبيتزا. على الجانب الآخر تقف حركة المستوطنين المسلحين، الأقوياء سياسيا، ونصف مليون قوى الذين هم من بين أكثر المتشددين المعارضين لعملية السلام. ولازال أغلبية الإسرائيليين والفلسطينيين العاديين يعتقدون فى حل الدولتين ورؤيتها من اليهود والعرب يعيشون بسلام جنبا إلى جنب فى الأراضى المقدسة.
بالنسبة لهم، وبالنسبة لجميع الذين يقدرون هذه البقعة الثمينة من الأرض، وهناك أمل فى مستقبل أفضل. وربما يستجيب الله لصلوات الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.