ربما كان عصر الامجاد العلمية الالمانية قد جاد على العالم بعقار الاسبرين، وعلوم الصواريخ، ونظرية الكم في الفيزياء، وايضا محرك الديزل؛ الا ان هذه الامجاد قد ولت منذ زمن بعيد فيما تسعى المانيا الآن لتنشئة جيل جديد من العلماء من امثال اينشتاين. وتعني عقود من الزمن اتسمت بنقص في التمويل ونفور من هيمنة النخبوية؛ وهي النظرية التي روج لها النازي ان ألمانيا- وهي ثالث أكبر اقتصاد في العالم- تتخلف عن منافسيها العالميين، وهو الامر الذي يبعث على القلق لدى قيادات قطاع الاعمال، ويطلق التحذيرات من جانب الهياكل الاقتصادية. وفي قائمة تضم أفضل 100 جامعة على مستوى العالم تهيمن عليها الجامعات الأمريكية، تحتل خمس جامعات ألمانية فقط مراكز افضلها جامعة ميونيخ التي تجيء في المركز الثامن والاربعين، وهو الامر الذي دفع ألمانيا الى تدشين مشروع للمنافسة على التمويل وتأسيس نسخة ألمانية خاصة مما يعرف باسم (الجامعات العريقة في شمال شرقي الولاياتالمتحدة)، وهي جامعات براون، وكولومبيا، وكورنيل، ودارتموث، وهارفارد، وبنسلفانيا، وبريستول وييل. ومنحت جائزة نوبل الشهر الماضي لألمانيين هما عالم في الفيزياء واخر في الكيمياء، وهو ما أنعش مشاعر الفخار في مجال التراث العلمي لالمانيا. وبعث سجل جوائز نوبل في الاونة الاخيرة قدرا من الارتياح اذ انه خلال الفترة بين عامي 1901 و1931، حصلت الجامعات والمؤسسات التعليمية الالمانية على 15 جائزة نوبل في الكيمياء، وعشر جوائز في الفيزياء وهو السجل الاكبر من نوعه بين بلدان العالم. ومنذ عام 1984، اثمرت البحوث في المؤسسات الامريكية عن فوز علماء أمريكيين بالجائزة بعدد يفوق بنحو عشر مرات عدد العلماء الألمان الفائزين بها في مجالي الكيمياء والفيزياء. وتفخر الشركات الالمانية بالدور الذي تلعبه في ترسيخ سمعة المانيا بوصفها قوة علمية. ولايزال التلاميذ الالمان يتلقون دروسا عن الكيميائي فيلكس هوفمان الذي ابتكر عقار الاسبرين في شركة باير عام 1897، وعن جوتليب دايملر وكارل بنز اللذين اسهما في اختراع اول مركبة تعمل بآلة الاحتراق الداخلي، والتي كانت نواة مؤسسة دايملر بنز لصناعة السيارات. وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت حركة مضادة لمباديء النازي الخاصة بنظرية الانتخاب الطبيعي والبقاء للاصلح، وركزت الجامعات على المساواة بدلا من فكرة تفوق الفرد. اما قطاع الاعمال فانه يشعر بالقلق. تقول غرفتا الصناعة والتجارة في المانيا انه مع حلول عام 2010 ستفقد المنشات الصغيرة والمتوسطة 30 الفا من الباحثين. ومن شأن هذا ان يجعل المانيا تخاطر بعدم اللحاق بخطوة مستهدفة من الاتحاد الاوروبي، وهي انفاق ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي على الابحاث والتطوير بحلول عام 2010.