موضوع الحلقة وضيفها : ظاهرة الانفلات الاخلاقي وما ينبغي على النخبة وجميع فئات المجتمع لمواجهة هذه الظاهرة - خالد عبدالفتاح مدرس علم الاجتماع بجامعة حلوان *************************************************************** أميمة تمام: مصر تدخل مرحلة جديدة لها عناصر عديدة، من ضمنها المنظومة الاخلاقية التي تحتاج لاعادة نظر في السنوات الثلاث الاخيرة فالتغييرات الاخلاقية قد تصاحب اي تغيير يشهده المجتمع في هذه الحلقة نتعامل مع ظاهرة الانفلات الاخلاقي وما ينبغي على النخبة وجميع فئات المجتمع لمواجهة هذه الظاهرة، نريد من سيادتك مقارنة للحالة الاخلاقية ما قبل التغيرات التي شهدها المجتمع في الثلاث سنوات الاخيرة وما نحن عليه الان؟. خالد عبدالفتاح: فترات التحول الثوري الذي شهدته مصر في الثلاث سنوات الاخيرة طبيعي ان يكون هناك تراجع عام في البعد الاخلاقي، وهذا يكون في كل المجتمعات ولكن الخطورة في مصر تكمن في امرين الاول ان ما قبل 2011 كان هناك تدهور في اخلاقيات المجتمع وكثير من الدراسات حذرت من هذا التدهور ولكن الحكومات في تلك الفترة كان لها اولويات اخرى، والبعد الثاني انه كان هناك شبه انهيار للمؤسسة الامنية والمنوط بها عمل حالة الضبط العام أدت إلى الانهيار الاخلاقي. أميمة تمام: سيادتك تتحدث عن الانفلات الاخلاقي قبل ثورة يناير ولكن هل اعراض هذا الانفلات الاخلاقي ما قبل الثورة هي نفس اعراضه بعد الثورة؟. خالد عبدالفتاح: اعراضه ساءت بعد الثورة، وحالة التحلل الذي تكون عليه المؤسسات داخل الدولة بعد الثورات وهي حالة تحلل يعقبها اعادة بناء مرة اخرى، تبيح للناس ان تستبيح المال العام والفضاء العام، وهذا الانفلات كان له بوادر قبل ثورة يناير، والحكومات المتعاقبة بعد الثورة لم تهتم كذلك بالجانب الاجتماعي على الرغم من انه كان احد الاسباب الرئيسية للثورة مثل المناداة بالمساوة الاجتماعية والحرية، فرؤساء الوزراء المتعاقبين كان لهم مستشارين اقتصاديين وأمنيين لكن لم يهتموا بوجود مستشار للشئون الاجتماعية والاخلاقية. أميمة تمام: هل المواطن العربي والمصري في المقام الاول معني بمفاهيم بالكرامة والحريات ام انه معني اولا بلقمة العيش وهل تعتبر هذه المفاهيم رفاهية في ظل شح لقمة العيش؟. خالد عبدالفتاح: الانسان بشكل عام له احتياجات وعندما نتحدث عن هذه الاحتياجات تكون بشكل هرمي فهناك احتياجات اساسية لابد ان تلبى اولا او الحد الادنى منها فمن الطبيعي ان البي حاجة الانسان اولا للعمل والطعام والمسكن قبل ان اتحدث عن الكرامة والحرية، وباب الحرية والكرامة لها اولوية اكيدة ولكن لايمكن ان نهمل الحاجات الاساسية وكذلك العكس. أميمة تمام: كيف يتم ترتيب هذه الاولويات وهل يستطيع الانسان في غياب لقمة العيش يستطيع الوعي بالحاجات المعنوية مثل الحرية والكرامة الانسانية؟ز خالد عبدالفتاح: لابد ان يعي المواطن ان له حقوق اقتصادية وحقوق مدنية وثقافية وسياسية وغيرها، ولا يجب اعطاء احد هذه الحقوق اولوية على الاخرى. أميمة تمام: من المفاهيم الملتبسة على الناس الان بعد الثورات هو مفهوم حقوق الانسان، فكثيرون يروا ان هذه المفهوم مدخل للفوضى والتدخلات الخارجية، فكيف يمكن استعادة مضمون هذا المفهوم؟. خالد عبدالفتاح: هذه القضية غريبة بشكل لاحدود له، فمصر موقعة على اتفاقيات ومعاهدات متعلقة بحقوق الانسان وهذه الاتفاقات والمعاهدات تفرض على مصر مسارات وشروط لابد من الالتزام بها وفقا للقانون، والان لا اتفهم لماذا يتحدث الناس بشكل سلبي عن حقوق الانسان وفوائدها للدولة والانسان المصري. أميمة تمام: هل هناك علاقة بين حقوق الانسان والشعور بالانتماء؟. خالد عبدالفتاح: بكل تأكيد ففكرة حقوق الانسان مبنية على ان المواطن الذي يعيش في دولة عليه واجبات وله حقوق يجب على الدولة ان تلبيها، ومن يضمن هذه الحقوق للمواطن من الدولة؟ هناك اتفاقات ومعاهدات دولية تلزم الدولة بذلك، وهناك حقوق اساسية وعلى الدول في كل العالم ان تلبيه، بينما هناك حقوق اخرى ليست الدولة ملزمة بها فتترك لكل دولة لتلبيتها بحسب امكانياتها، مثل التعليم فليست كل الدول تستطيع ان تلبي التعليم، ولكن الحقوق السياسية هي حقوق اساسية لا ترتبط بالناحية الاقتصادية وعلى الدولة تلبية مثل هذه الحقوق. أميمة تمام: هل يوجد لبس لدى المواطن المصري بين مفهومي الحقوق والواجبات؟. خالد عبدالفتاح: طبعا هذا جوهر مسألة التدهور الاخلاقي الذي نعيشه حاليا، وهي قضية بالغة التعقيد، ولايمكن ان نعفي الحكومات المتعاقبة من مسؤلياتها حول توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، وهناك بعض الامور الذي يعتقد كثير من المواطنين انها حقوقهم منها مثلا ان الدولة عليها توفير مسكن ملائم وعندما تفشل الدولة في توفير هذا المسكن يعتقد المواطن ان من حقه البناء على ارض الدولة وهذا من المفاهيم الخاطئة، وهو ممارسة ما يعتقده الانسان حق له ويضر بالدولة والمجتمع، وعلى نفس المعنى هذا المنطق يبرر لنا ظاهرة الباعة الجائلين والشخص الذي يمشي بسيارته عكس الاتجاه. أميمة تمام: ما هو الدور الذي يمكن ان يقوم به المجتمع المدني الجديد، خاصة دوره في ظل المساحة التي يعطيها له الدستور الجديد، في القضاء على ظاهرة الانفلات الاخلاقي؟. خالد عبدالفتاح: اولا المجتمع المدني بحاجة لرد اعتبار بعد تعرضه لظلم بالغ خلال السنتين الماضيتين، والخاصة بان كل المجتمع المدني يتلقى تمويل خارجي او اتهامات بالعمالة، ثانيا لا يجب ان نغفل ان جانب كبير من الجمعيات المدنية في مصر هي جمعيات دينية وتعمل على اجندتها الخاصة لذلك المجتمع المدني بحاجة لتنقية، بعد ذلك المجتمع المدني يحتاج لدعم خاصة الدعم القانوني، ونريد ان نؤكد ان الانفلات الاخلاقي لن يحل بالخطابة، ولكن لابد ان نعلم ان كثير من المشكلات الاخلاقية التي حدثت لها سياق ثقافي حدثت فيه ويجب ان ندركه ونحلله وله شروط يجب ان نعمل عليها. أميمة تمام: شكرا جزيلا لكم أعزائى المشاهدين وإلى اللقاء