نشرت ووكالة يو بى اى UPI الدولية تقريرا حول تصاعد التوتر بين مصر وإثيوبيا حول سد الالفية بشأن اصرار أديس أبابا لبناء السد الذى سيوفر لها 6.000 ميجاواط من الكهرباء و يتكلف مبدئيا نحو 4.2 مليار دولار على رافد رئيسي لنهر النيل و الذى تصر القاهرة على انه سوف يقلل كثيرا من تدفق مياه نهر النيل و هو شريان الحياة في مصر. والتقرير الذى جاء تحت عنوان " احتدام معركة النيل بين مصر و اثيوبيا حول السد العملاق " يؤكد ان الخلاف العميق يتصاعد بين البلدين ، و قد شهد يناير الماضى توترا غير مسبوق بين الدولتين الافريقيتين بعد ان رفضت اثيوبيا طلب مصر بتعليق بناء سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق، وهو الرافد الرئيسي لنهر النيل اطول انهار العالم والذى يمتد بطول 4.130 ميلمن وسط القارة لشمالها ليصب فى البحر المتوسط. ومصر التى تسعى لحماية "حقوقها التاريخية" فى نهر النيل "بأي ثمن" تقول انها قد تفقد 20 في المئة من المياه في حال استكمال السد العملاق في شمال غرب إثيوبيا، ضمن عدة مشاريع كهرومائية تخطط لتنفيذها اثيوبيا للاستفادة من مياة النهر لتوليد الطاقة . محمد علام نصر وهو وزير المياه المصري السابق، اعرب عن أسفه لصحيفة الغارديان اليومية من لندن قائلا ان السد "سيكون كارثة بالنسبة لمصر،" "وسوف يحرم ببساطة مناطق واسعة من البلاد من المياة" . و يقول التقرير انه على الرغم من إعلانات و تهديدات القاهرة الصارمة لأديس أبابا التى تصر على المضي قدما في بناء السد الضخم نافية اى احداث للضرر بمصر ، الا ان احتمال نشوب حرب بين البلدين هو احتمال ضئيل نظرا للمسافة الشاسعة التي تفصل بينهما .. لكن الخلاف اصبح ازمة دبلوماسية كبيرة في افريقيا و هو ما قد يكون له عواقب على القارات الأخرى، حيث ستواجه دول العالم جميعا خطر نقص في المياه في العقود المقبلة. و يقول الخبراء ان السد الاثيوبى المدعوم من الصين إذا اكتمل فانه سينتج كميات وفيرة من الكهرباء التي يمكن أن تحول اقتصادات دول المنطقة الغارقة في الفقر و هو ما اضعف موقف مصر بشدة و تسبب فى ديسمبر الماضى فى انشقاق السودان جارتها الجنوبية وحليفتها منذ فترة طويلة عن الانضمام للقاهرة في النزاع حول الحقوق التاريخية فى مياه النيل مع إثيوبيا والدول الأفريقية الأخرى التى ينبع منها النهر .. و هذا ترك مصر فى وضع لا تحسد عليه امام النزاع المستمر منذ فترة طويلة مع تلك الدول، حول حصتها من مياه النيل وفقا لاتفاقات الحقبة الاستعمارية البريطانية التي أعطت مصر ، والسودان إلى حد ما على نصيب الأسد من مياه النهر. و يقول "حسن حسين" وهو زعيم أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا، "ألاورومو"Oromo ،خلال تحليله للوضع على قناة الجزيرة يوم الخميس 6-2-2104 ان مصر، مع 82 مليون نسمة، تعد الأكثر سكانا و الافضل قدرة عسكرية بين 11 دولة على طول نهر النيل ، و لكن مع تغير موقف السودان الآن " و انضمامها بشكل مباشر لمعسكر اثيوبيا، اصبحت مصر لا تستطيع شن هجوم بري على السد". و يضيف " حسن حسين " لا يوجد الان امام مصر سوى خيار شن غارة جوية على السد الذى يبعد نحو 20 ميلا من الحدود جنوب السودان على النيل الازرق ، و ان كان هذا لا يزال خيارا ممكنا، ولكنه محفوف بالمخاطر".. مشيرا الى صعوبة الازمة حيث يعد " الأمن المائي بالنسبة لمصر يساوي الأمن القومي .. بينما يمثل السد لاثيوبيا ، مصدر فخر واعتزاز وطني" . و يقول التقرير ان " غارة جوية يمكن أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء بالنسبة لوضع السد ، خاصة و ان إثيوبيا تفتقر إلى الوسائل للرد على مثل هذا الهجوم ، لكن مصر ستكون قد خاطرت بكسب توترت وغضب المجتمع الدولي ازاء رؤية علاقاتها مع أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ". يذكر انه بموجب المعاهدات التى وقعت ابان الاستعمار البريطاني في عام 1929 و 1959 تمنح مصر الحق في 87 في المئة من مياه النيل حيث اصبحت تستفيد بحصة تبلغ نحو 55.5 مليار متر مكعب سنويا من معدل تدفق النيل البالغ 84 مليار متر مكعب ، و تكفل للقاهرة حق الفيتو على بناء السدود من قبل دول المنبع .. اما السودان، حليف مصر، فقد حصلت على 18.5 مليار قدم مكعب حيث يتحد النيل الأزرق والنيل الأبيض في الخرطوم، عاصمة السودان، لتتدفق مياة النيل شمالا لتصب فى مياة البحر الأبيض المتوسط. و قد بدات الازمة بين مصر و دول حوض النيل في عام 2010 حينما وقعت إثيوبيا و رواندا وتنزانيا وأوغندا وكينيا اتفاقا والذى يطلق عليه الاتفاق الإطاري التعاوني، للتفاوض على ترتيبات تقاسم المياه بشكل أكثر إنصاف ثم انضم اليهم في وقت لاحق كل من بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإريتريا وجنوب السودان. و الدول الافريقية التى ينبع منها النهر تحاجى بان الاتفاقات التاريخية التى تطالب مصر باستمرارها ، تم توقيعها حينما كانت هذه الدول مستعمرات تابعة للقوى الأوروبية في القرن 19، ويقولون انهم بحاجة أكبر للوصول إلى مياه نهر النيل لتلبية تزايد مطالب السكان الديموجرافية والصناعية من الممر المائي احتضن الحضارات منذ آلاف السنين. و الامر الان لا ينظر اليه على انه خلاف بين دولتين " مصر و اثيوبيا " و لكن نتائج هذا الخلاف اصبح ينظر اليها باعتبارها تمس حياة ما يقدر بنحو 238 مليون شخص يعتمدون على نهر النيل بشكل او باخر .