حسن شحاتة يشارك بالاجتماع التنسيقي للمجموعة العربية المشاركة في مؤتمر العمل بجنيف    متحدث الوزراء يزف بشرى سارة بشأن تعيين معلمين جدد    رئيس النيابة الإدارية يشهد حفل تكريم المستشارين المحاضرين بمركز التدريب القضائي    وزير الصحة: نستقبل 233 مولودا جديدا في الساعة    «حياة كريمة» توقع اتفاقية لتوفير علاجات مبتكرة للمواطنين الأكثر احتياجا    اتحاد منتجي الدواجن: الزيادة الحالية في الأسعار أمر معتاد في هذه الصناعة    بعد استشهادها في غزة.. من هي الصحفية علا الدحدوح؟    فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»    مران الزمالك.. مصطفى الزناري ينتظم.. وراحة الرباعي استعدادًا لسيراميكا    نادي الصيد يحصد بطولة كأس مصر لسباحة الزعانف للمسافات الطويلة    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي دوري السوبر لكرة السلة    موعد تظلمات الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة الإسكندرية    تراجع ترامب عن حظره تيك توك.. ونشر أول فيديو خلال بطولة ملاكمة    «في 20 دقيقة».. كيف تتخلص من سم الأسماك الخطيرة قبل انتشاره بالجسم    مدبولى: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز إلى 3541 خلال 2023    جنايات السويس تقضى بإعدام قاتل صديقه.. تسلل إلى منزله وطعنه بسكين    أمير المصري يتعرض لحادث.. وينقل إلى المستشفى    ميرنا نور الدين تحتفل بعيد زواجها الأول | صور    «الأخبار»    مجلس الحرب يشير على طاقم المفاوضات بعدم كشف العرض الإسرائيلي خشية تسريبه    حظك اليوم 3 يونيو 2024 لمواليد برج القوس    "بشيل فلوس من وراء زوجي ينفع أعمل بيها عمرة؟".. أمين الفتوى يرد    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وقتها وأفضل صيغة    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    بشرى وضيوف مهرجان روتردام للفيلم العربي يزورون باخرة اللاجئين    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    فعاليات متنوعة للأطفال بالمكتبة المتنقلة ضمن أنشطة قصور الثقافة ببشاير الخير    فيلم "بنقدر ظروفك" يحتل المركز الرابع في شباك التذاكر    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    طريقة عمل دجاج كنتاكي المقرمشة، أحلى من المطاعم    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    وزيرة التخطيط ل«النواب»: نستهدف إنشاء فصول جديدة لتقليل الكثافة إلى 30 طالبا في 2030    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    غرفة عمليات «طيبة التكنولوجية»: امتحانات نهاية العام دون شكاوى من الطلاب    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان السيد: انكسار موجة الإسلام السياسي
نشر في أخبار مصر يوم 12 - 07 - 2013

بعد فرحة أظهرها تلفزيون "المنار"، وتلفزيون النظام السوري، إزاء التطورات الأخيرة بمصر، أسكتت إيران الجميع بإظهار دعمها للرئيس محمد مرسي، ودعوتها حماس للعودة إلى قواعدها بالتحالف مع إيران وحزب الله، والتصدي لإسرائيل!
والواقع أن الإخوان المسلمين المصريين، ومنهم الرئيس محمد مرسي، ما غيروا موقفهم من إيران، بعد الثورة المصرية في 25 يناير 2011 وإلى اليوم. وقبل ثلاثة أسابيع فقط؛ خطب الرئيس مرسي خطابه الشهير الذي هاجم فيه النظام السوري، وأعلن عن قطع العلاقات الدبلوماسية معه. وقد حدث ذلك تحت الضغط الشديد من جانب جمهور الإسلاميين بمصر، من دون أن يعني ذلك تغير الموقف من إيران وتدخلاتها في المشرق، وفي مصر بالذات. ويختلف الأمر بالطبع بالنسبة لحماس، التي اضطرت منذ أكثر من عام للخروج من سوريا، والإعلان مرارا وتكرارا عن خلافها مع النظام السوري، وعن الجفاء الذي حل في العلاقة بينها وبين إيران، ومن ضمن ذلك تراجع مبالغ الدعم التي تقدمها لها الجمهورية الإسلامية، وسَرَيان هذا الجفاء على العلاقة التحالفية بينها وبين حزب الله في لبنان وغزة.
منذ الثمانينات من القرن الماضي، قامت علاقات ما لبثت أن تطورت وتجذرت بين الإخوان المسلمين المصريين وإيران. بل إن العلائق التحالفية هذه تناولت أيضا بعضَ فصائل وشراذم القوميين واليساريين، وليس في مصر فقط؛ بل وفي عدة بلدان عربية. وكان المبرر لذلك كله، كما سمعتها من إخوان وقوميين في تسعينات القرن الماضي: معارضة سياسات الرئيس مبارك، والعداء للسياسات الأمريكية، وضعف النظام العربي وتهافته وبخاصة بعد غزو الكويت، ثم الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، والاعتماد على الدعم الإيراني في مواجهة إسرائيل، والأنظمة العربية. وقد رأينا عشرات من الإسلاميين والقوميين المصريين ومنذ أواسط التسعينات من القرن الماضي، يأتون إلى بيروت لمقابلة مسؤولي حزب الله، ثم يذهبون من بيروت إلى طهران. وبعد حرب عام 2006، والتي حولت الحزب وأمينه العام إلى أسطورة بطولية، ما تردد أكثر الإخوان والقوميين المصريين والفلسطينيين في مصارحتنا بأنهم مع انفصال حماس بغزة عام 2007، واحتلال بيروت عام 2008، باعتبار أن ذلك كان ضروريا لشن الحرب على إسرائيل، وتوحيد "الجبهة الداخلية" العربية، التي كانت تغص بأصدقاء (منا) لأمريكا وإسرائيل! وهذا الحب اللذيذ والمفيد لإيران سرى أيضا على نظام الرئيس بشار الأسد، والذي كان يستقبل وفودا إسلامية وقومية، قبل خروج الجيش السوري من لبنان وبعد ذلك! وكان حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله (وما يزال) بعد كل واقعة ضد المدن والحكومات والبشر في المنطقة يشيد بدعم "أشراف أهل السنة" له، وعلى رأسهم حماس والجهاد الإسلامي بالطبع، لكنْ من بينهم أيضا إخوان وقوميون وليبراليون مصريون. أما بعد واقعة القصير الأخيرة؛ فإن هؤلاء "الأشراف" اقتصروا على القوميين واليساريين والليبراليين المصريين والعراقيين واللبنانيين، ولا أعرف إخوانيا قال شيئا عَلَنا لصالح الأسد وحزب الله!
ولماذا نذهب بعيدا في تلمس هذه الإشارات؟ فقد انتخب الرئيس محمد مرسي قبل عام رئيسا لمصر، وما عاد عضوا في مكتب الإرشاد للإخوان. لكنه من موقعه هذا، ما غير موقفه من إيران. فقد ذهب إلى هناك وقدم وعودا، وأرسل مستشاره عصام الحداد سبع مرات، واستقبل الرئيس الإيراني وعشرات المسؤولين الإيرانيين الآخرين بمصر، واستمات من أجل عقد اتفاقيات سياحية وغير سياحية مع إيران. ومنذ الأسبوع الثاني لرئاسته، وعندما كانت دول الخليج، ودول الجامعة العربية، ودول في مجلس الأمن، منهمكة في الضغط على النظام السوري بشتى الوسائل للتوقف عن قتل شعبه، أطلق الرئيس مرسي مبادرته لحل الأزمة السورية، وهي تشمل تكوين لجنة من أربع دول هي إيران وتركيا ومصر والسعودية. وغادرت المملكة اللجنة بعد الاجتماع الأول بالقاهرة. في حين أقبل الرئيس مرسي على التأكيد للإيرانيين والأتراك والروس أنه متفق معهم على طريقة حل الأزمة، قبل جنيف وبعدها.
هل كان ذلك كله غرورا ووهما، كما في عدة ملفات أخرى، مثل ملف النيل مع إثيوبيا، والعلاقات بالسودان، والتعاون مع حماس ضد الجهاديين بغزة، وقرض المليارات الخمسة من صندوق النقد الدولي؟ هذا هو الذي تبين في النهاية، أي أنها كانت مقاربات وأفهاما تتسم بالهشاشة والرؤى الشاسعة التي لا أيدي ولا أرجل ولا عقل لها! فقد تصور مكتب الإرشاد أن مصر الإخوانية هي زعيمة الإسلام السني، وطهران هي زعيمة الإسلام الشيعي، وأنه بالوسع تكوين هذا المثلث من دول الإسلام السياسي (مصر وإيران وتركيا) لتحديد مصائر المنطقة في الزمن الجديد للإسلاميين الصاعدين. وما تنبه الإخوان أن لكل من إيران وتركيا استراتيجيتها التي تسير فيها وعليها منذ أكثر من عقد من الزمان، وأن لديهما اتفاقيات وحدودا ومصالح كبرى مشتركة وغير مشتركة، ولهما مناطق نفوذ في المشرق العربي وآسيا الوسطى، وكل ذلك لا تستطيع مصر الإخوانية الدخول فيه، ما دامت سياساتها المراهقة تقوم على تهميش الجامعة العربية، وتجاهل السعودية ودول الخليج الأخرى أو تهديدها بنشر التنظيمات الإخوانية في أرجائها، وهذا فضلا عن التنكر لحقوق ومصالح شعوب منطقة المشرق العربي، تحت يافطة العالمية الإسلامية أو التنظيم العالمي للإخوان!
لقد كنت أرى قبل سنوات (وكتبت ذلك وكررته) أن الإسلام السياسي الجهادي وغير الجهادي إنما هو في معظم ظواهره ومظاهره نتاج الحرب الباردة، ونتاج طغاة الجمهوريات الوراثية الخالدة، وسيزول أو يتضاءل بسقوط الطغاة. ولكن بدا للوهلة الأولى أن هذا النزوع الإحيائي القوي التنظيم – وبخلاف ما توقعت - سيطول ويستعلي. وقد انكسر الآن في أضخم مواطن تمركزه وانتشاره تحت وطأة مد شعبي داخلي هائل. وهناك جدلية إذا صح التعبير بين الفشل في السياسات الداخلية، والغرابة والمفارقات في السياسات الخارجية. ففي الداخل هناك الفشل في الإدارة والاستئثار بالسلطة في شتى النواحي، والفشل الاقتصادي، والاصطدام بالقضاء والإعلام والأزهر والكنيسة القبطية والجيش. وفي السياسة الخارجية وضع مصر في سياق (إسلامي) عماده إيران وتركيا، والإصغاء إلى مصالحهما (حتى بالنسبة لسوريا وبشار الأسد)، والابتعاد عن الجامعة العربية ودول الخليج، والاتفاق مع الولايات المتحدة على مهادنة إسرائيل، وترتيب الأوضاع بينها وبين حماس، والاندراج في سياسات الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة أو في عهد أوباما تجاه إيران وتركيا. وقد بلغ من غرابة تلك السياسات اعتبار بشار الأسد مدخلا للمشرق العربي، والتسليم بتقسيم المنطقة العربية بين إيران وتركيا على أساس السنة والشيعة. تركيا (ومصر) تتوليان أمر السنة، وإيران ولي أمر الشيعة، مع ضمان عدم التحرش بإسرائيل! ولذلك فإن الإخوان والرئيس مرسي اندفعوا حتى باتجاه روسيا والصين ودول البريكس تذاكيا وغرورا، وتركوا "العرب" وشأنهم فيما يشبه التشفي والثأر. وكنا نسمع منهم ومن بعض القوميين العظام أن مبارك ضيع دور مصر لصالح دول الخليج، وأنهم يريدون استعادة الدور بهذه الطريقة، فأوشك أن يضيع كل شيء!
لهذه الأسباب، ما انزعج لسقوط الإخوان بمصر غير الأتراك والإيرانيين، وربما بعض الأمريكيين! لقد انكسرت الموجة الأولى للإسلام السياسي تحت وطأة الفشل في السياسات الداخلية والعربية. وهناك أحد احتمالين الآن: أن يذهبوا باتجاه الجهاديات التي غازلوها طوال السنتين الماضيتين وربما قبل ذلك، أو أن يحاولوا الانضواء في المشهد الجديد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
نقلا عن جريدة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.