نقلا عن / جريدة الاهرام فى 7/9/07 شهر رمضان أمامكم.. المدارس خلفكم.. وارتفاع أسعار كل شيء يحيط بكم. هكذا وجد المواطن المصري نفسه أسيرا لثلاثة كمائن, إذا أفلت من أولها فلن يفلت من ثانيها. اكتشف المواطن أن راتبه زاد بنسبة20% بينما ارتفعت الأسعار بنسبة تترواح30 و50%. وفي هذه الحالة, لن يفيد لطم الخدود ولا شق الجيوب.. لن يفيد إلا حملة شعبية تثبت أن تكافل طبقات هذا الشعب هي الملجأ الأخير حين تقف الحكومة عاجزة أمام معادلة دخول مواطنيها بأسعار أسواقها. وفي الوقت الذي أمر الرئيس مبارك حكومة نظيف باتخاذ اجراءات عاجلة لحماية المواطن البسيط من متغيرات السوق, وفي الوقت الذي اجتمع فيه رئيس مجلس الوزراء مع المحافظين من أجل وقف أي ارتفاع في الأسعار أو انخفاض في المخزون السلعي, كان المهندس صفوان ثابت, رئيس غرفة الصناعات الغذائية بالغرفة التجارية, يعلن مبادرة تثبيت أسعار المواد الغذائية طوال شهررمضان, حتي تظل في متناول المواطن البسيط.. المدهش أن إصحاب الشركات استجابوا وتعهدوا باستمرار المبادرة إلي ما بعد شهررمضان, مادام أن أسعار المواد الخام التي يستخدمونها في عملهم لن ترتفع. هذه المبادرة ساعدت الحكومة كثيرا وفتحت الباب أمام التجار ورجال الأعمال للإسهام في تعميق البعد الاجتماعي لدورهم في المجتمع. شعب مصر في انتظار المزيد من المبادرات من رؤساء الغرف التجارية الأخري, خاصة الذين يتمتعون بإعفاءات ضريبية متعددة, لأن الحكومة وحدها لن تحل المشكلات, وهذا ما يؤكده هذا التحقيق.. في البداية, أكد المهندس صفوان ثابت رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات أن هذه المبادرة تمت بدون أي ضغوط, وهي نابعة باقتناع تام من الشركات بسبب الحرص علي البعد الاجتماعي والرغبة في تثبيت الأسعار خلال شهر رمضان المعظم وعيد الفطر المبارك وبداية العام الدراسي الجديد, وهذه الشركات, وإن كانت اقتصادية في المقام الأول, إلا أنها تضع في الحسبان الجانب الاجتماعي لأنها تعمل في مجال الغذاء الذي يحتاجه كل المواطنين, وأي زيادة في أسعاره تؤثر علي المواطن البسيط, موضحا أن المنتجات الغذائية مثل الألبان والجبن والزبادي ومنتجاتها المختلفة منتجات استراتيجية, والدولة حريصة علي توفيرها بأسعار مناسبة للمواطن البسيط, ونحن نحرص علي أن نخرج المستهلك من أزمة زيادة أسعار الخامات العالمية بنسبة50%, وذلك بالاستغناء عن تلك الخامات وزيادة الإنتاج المحلي منها, وقد نجحنا في زيادة إنتاجية الألبان بنسبة30% هذا العام, وذلك عوض الإنتاج الضعيف العام الماضي, وأدي إلي توفير المنتجات بأسعار مناسبة. وأضاف ثابت أن المبادرة كانت بالتنسيق مع الحكومة وتم إعلانها بعد عقد عدة اجتماعات مع المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة, لأننا جميعا المنتج والمستهلك والحكومة نعمل في مركب واحد, ولابد أن نلتقي في نقطة معينة لا تضر بطرف علي حساب طرف آخر. وطالب بضرورة مساواة المنتجات الغذائية بالمنتجات الأخري مثل السيارات والأخشاب والملابس الجاهزة, التي تتمتع بالإعفاء من ضرائب المبيعات, رغم أنها سلع لا تهم الشريحة الأكبر من الشعب, بعكس الغذاء الذي يتأثر بأسعار كل أفراد الشعب. موضحا أننا نتعاون مع اللجنة المشكلة بوزارة الزراعة لتحديد أسعار اللبن الخام المشتري من المزارع والسعر الإجباري لا يخيفنا طالما أنه سعر عادل للجميع. وحول فرص نجاح المبادرة ومدي التزام الشركات بها, قال إن المبادرة ستنجح, فإنها مبادرة شعبية تمت باقتناع تام من أصحاب الشركات, ولن تحدث أي زيادات في الأسعار طوال هذه الفترة, كما أن هذه الشركات لن تتعرض لأي خسائر نتيجة لهذه المبادرة. من جهته, أكد فتحي كامل, عضو غرفة الصناعات الغذائية أن المواد الخام المستخدمة في الصناعات الغذائية زادت هذا العام بنسبة30% مقارنة بالعام الماضي, وهذا أدي إلي ارتفاع الأسعار بشكل متدرج إلي أن وصل الشهر الماضي إلي نسبة7% وقد اتفقنا في الغرفة علي تثبيت الأسعار عند هذا الحد, وعدم زيادتها مرة أخري, حتي ما بعد الشهر الكريم, وإذا استقرت أسعار الخامات كما هي, فلن تحدث أي زيادات في الأسعار, أما إذا زادت الخامات, فإننا سنضطر لرفع الأسعار. وكشف عن أن كل منتجي الصناعات الغذائية لم يحققوا أي أرباح طوال هذا العام, بل تكبد بعضهم خسائر بسيطة, وان هذه المبادرة جاءت بموافقة كل الشركات الكبيرة التي تتحكم في السوق, وبالتالي فإن فرص زيادة الأسعار ضعيفة جدا, حتي وإن قامت الشركات الصغيرة بزيادة الأسعار, فإنها ستلحق الضرر بنفسها, لأن التجار سيتجهون للشراء بعيدا عنها. واعترف كامل بأن التجار لا يقومون برفع الأسعار من تلقاء أنفسهم, لأن التاجر يضع لنفسه هامش ربح معين, وعندما تزيد الأسعار, فإنها تكون بسبب ندرة البضاعة المعروضة في السوق, وهذه تكون مسئولية المنتج, ولكن طالما البضاعة متوافرة في السوق, فإن معدل الأسعار يكون ثابتا. في حين أكد طارق توفيق, رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية أنه لا أحد يقوم بعمل مبادرة من تلقاء نفسه وبشكل مفاجئ, ولكننا في حوار مستمر مع الحكومة وداخل الغرفة التي أجمع أعضاؤها علي ضرورة عدم زيادة الأسعار خلال هذا الشهر الكريم, خصوصا أننا نتعامل مع كثير من السلع التي تهم المستهلك, موضحا أن آلية الضغط الحكومية غير موجودة,ولكن عملية تثبيت الأسعار قضية أساسية تهتم بها كل الجهات المعنية. وحول إمكانية قيام التجار بزيادة الأسعار وعدم التزام بعض الشركات بالمبادرة, قال إن التجار لا يستطيعون زيادة الأسعار بعد هذه المبادرة التي تم الإعلان عنها بشكل جماعي من كل الشركات. كما أنه لا يوجد احتمال لعدم التزام الشركات بها, لأنها تمت باقتناع تام من الجميع وأنه في حالة زيادة الأسعار, وهذا غير وارد,فوقتها سيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة من قبل كل الجهات والمنظمات المختلفة, مشيرا إلي أن القدرة الشرائية للمستهلك محدودة وزيادة الأسعار بشكل مستمر تحد من حجم المبيعات, وتجعل المستهلك يبحث عن البديل وليس من مصلحة التجار زيادة الأسعار في شهر رمضان, لأن البيع سيقل. من ناحيته, أكد المهندس عمر الدماطي, رئيس شعبة الألبان بغرفة الصناعات الغذائية, أن الدافع للمبادرة هو تواكب شهر رمضان الكريم وفترة العيد مع موسم دخول المدارس وفي فترة الصيف التي يرتفع فيها الطلب علي منتجات الألبان المختلفة مثل الجبن والزبادي وعبوات اللبن, وكذلك فإن زيادة أسعار الخامات المحلية والأجنبية مثل اللبن الخام المحلي الذي زاد بنسبة25% والخامات المستوردة التي تضاعفت أسعارها كل ذلك كان له تأثير علي زيادة الأسعار في الفترة السابقة, ولذلك فقد جمعنا لقاء مع مسئولي وزارة التجارة والصناعة, ووعدناهم بتثبيت الأسعار حتي نهاية العام, وبعد ذلك يتحدد السعر علي حسب الظروف الموجودة, وإن كنا نتعشم في عدم زيادة أسعار الخامات مرة أخري, وبالتالي تستقر الأسعار في حدودها الحالية. وأعرب الدماطي عن ثقته في أن التجار لن يرفعوا الأسعار وسيلتزمون بالمبادرة لأن التاجر والمنتج يعملان معا والمنافسة بين التجارهي التي تحكم والتاجر يضع لنفسه هامش ربح يتراوح بين7 إلي10%, وطالما أن هذه النسبة موجودة, فإنه لا يوجد داعي لزيادتها أكثر من ذلك, موضحا أن الشركات مستعدة لتلبية احتياجات السوق ومواجهة الطلب المرتفع خلال تلك الفترة, وهذه الشركات يوجد بينها التزام أدبي بهذه المبادرة ولن يوجد بينها من لا يلتزم. بينما أكد محمد الصايم, عضو المجلس التصديري للصناعات الغذائية, أن المبادرة ستنجح ولن ترتفع الأسعار خلال شهر رمضان وفترة العيد, بالرغم من أن أسعار منتجات الألبان لم ترتفع منذ فترة, وإذا حدثت بعض الزيادات فإنها ستكون بسبب عادة بعض التجار باستغلال المواسم والأعياد لرفع الأسعار, وفي هذه الحالة لابد أن يكون للمواطن دور لمواجهة هذا الجشع بتقديم البلاغات لجهاز حماية المستهلك والأجهزة الرقابية المختلفة. وأشار إلي أن كل منتجي الصناعات الغذائية أعلنوا التزامهم بهذه المبادرة بصرف النظر عن الزيادات المتتالية في أسعار الخامات العالمية, حيث إن هذه المنتجات تهم كل الأسر المصرية, خصوصا الطبقة الفقيرة التي تستهلك هذه المنتجات بكثرة خلال شهري أغسطس وسبتمبر. وحول رؤية التجار لهذه المبادرة ومدي الالتزام بها ونجاحها, قال المهندس علي موسي, شهبندر تجار القاهرة ورئيس غرفتها التجارية, إن التجار حلقة واحدة داخل المنظومة الاقتصادية, وأن اتهامهم دائما بأنهم السبب في زيادة الأسعار أمر فيه الكثير من التجني والمبالغة, وانه في حالة زيادة الأسعار, فإن ذلك يكون بسبب زيادة سعر المنتج والتاجر سواء كان جملة أو تجزئة ما هو إلا وسيط بين صدر السلعة والمستهلك, وذلك مقابل هامش ربح مناسب, موضحا أن التاجر الشاطر هو الذي يعتمد علي الكم لتحقيق الربح وليس علي نسبة الربح نفسها, وذلك بتقليل هامش الربح, مما يؤدي إلي البيع بكميات كبيرة, فمثلا لو بيعت20 وحدة بهامش ربح نصف جنيه أفضل من بيع5 وحدات بها هامش ربح جنيه واحد, وكذلك فإن وفرة البضاعة في السوق توجد التنافسية التي تؤدي إلي خفض وتثبيت الأسعار, وأن أهم أسباب زيادة الأسعار خلال شهر رمضان هي ارتفاع حجم الطلب, ولكن التزام التجار بميثاق شرف بعدم زيادة الأسعار خلال هذا الشهر الكريم سيؤدي إلي عدم زيادتها وتثبيتها عند السعر الحالي, لكنه توقع أن تزيد الأسعار بعد انتهاء شهر رمضان لأن الأسعار لا يمكن السيطرة عليها لفترة طويلة, وطالب موسي بتسهيل إجراءات دخول البضاعة المستوردة,لأنها تمثل60% من سلة الغذاء المصرية. وأوضح موسي أن روشتة ضبط الأسواق ومقاومة ارتفاع الأسعار لها أربعة محاور: 1 المعلومة, فكلما توافرت المعلومة الصحيحة, فإنها توجد تنافسية وتقلل السعر, فمثلا إذا توافرت معلومة أن أسعار القمح العالمية تتجه للارتفاع, فهنا يجب أن نقوم بشراء كميات كبيرة وتخزينها, حتي لا نضطر للشراء عند ارتفاع الأسعار. 2 العمل علي توفير احتياجات المواطنين دون حدوث أي أزمات, وذلك يستدعي وجود احتياطي استراتيجي من هذه السلع يكفي لفترة طويلة تحسبا لأي تقلبات. 3 التوعية, وتبدأ من المستهلك بتوعيته بعدم الاستهلاك الزائد وتوجيهه بأماكن الشراء ذات الأسعار المنخفضة, وكذلك توعيته بعدم التخزين, أما التاجر فيجب توعيته بمراعاة البعد الاجتماعي وعدم البحث عن المكسب المرتفع, وكذلك بمصادر الشراء وأيضا توعية التجار المستوردين بمواصفات البضاعة وطرق شحنها وتخزينها وإجراءات دخولها. 4 وهو المحور الخاص بدور الأجهزة الرقابية بضرورة أن يكون دورها إيجابيا يحافظ علي المستهلك بمكافحة الغش والتهريب, وألا يكون سلبيا بشن حملات وتحرير محاضر لمخالفات غير موجودة تحكم فيها المحكمة بالبراءة ويتضح في النهاية أن التاجر مظلوم, مما يدفعه لتعويض خسائره علي حساب المستهلك.